المسلة المعلقة بالمتحف الكبير.. إبداع معماري ورمز ديني ارتبط بفكر المصري القديم
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
علق الدكتور علاء شاهين، عميد كلية الآثار جامعة القاهرة سابقًا، ورئيس اللجنة العلمية لاختيار القطع الأثرية للمتحف المصري الكبير في الفترة من 2006 وحتى 2011، على المسلة المعلقة التي وضعت أمام المدخل الرئيسي للمتحف المصري الكبير في ميدان يبلغ مساحته 30 ألف متر مربع، بأن طريقة عرضها يعد ابتكارًا معماريًا معاصرًا، حيث تم رفعها عن مستوى الأرض قليلًا لإتاحة الفرصة للزائرين لمشاهدتها من جميع الزوايا، مع استخدام نظام إضاءة فني يُبرز تفاصيلها وجمالها، مما يعكس إبداع المصمم المعماري لذلك لمشروع القومي العملاق.
وقال شاهين، إن فكرة المسلة تعد من أروع الإبداعات المعمارية في الحضارة المصرية القديمة، فهي ليست مجرد كتلة حجرية ضخمة، بل رمز ديني وفلسفي ارتبط بفكر المصري القديم حول نشأة الكون، ففي إحدى نظريات الخلق المصرية القديمة، كان يُعتقد أن العالم بدأ من محيط لا نهائي من المياه، ومنه بزغ أول نتوء أرضي على شكل مثلث يُعرف باسم البنبن، وهو الجزء العلوي من المسلة الذي يأخذ شكل الهرم الصغير، ويرمز إلى لحظة انبثاق الحياة وخلق الإله لنفسه ثم للكون من بعده.
وأضاف أن المسلة كانت تجسيدًا معماريًا لعقيدة دينية، ارتبطت بشكل خاص بعقيدة الشمس التي ظهرت في الأسرة الخامسة، حيث أصبح الإله رع مركز العبادة، وبرز دور كهنة الشمس في تلك الفترة، ومنذ ذلك الحين، أصبحت المسلات جزءًا أساسيًا من العمارة الدينية، تُقام أمام مداخل المعابد لتُرمز إلى الأفق الذي تشرق منه الشمس، أي إلى الحياة والبداية الجديدة.
وجدير بالذكر، أن المسلة الموضوعة أمام مداخل المتحف المصري الكبير تقوم على قاعدة من الفولاذ بتصميم فريد يسمح للزوار برؤية اسم الملك رمسيس الثاني مكتوبًا داخل خرطوش ملكي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المسلة المعلقة المصري القديم الحضارة المصرية القديمة المتحف المصري الكبير
إقرأ أيضاً:
بقلم محمد عبد اللطيف: المتحف المصري الكبير صرح حضاري يجسد عبقرية المصري القديم وإلهاماً لأجيال المستقبل
يمثل افتتاح المتحف المصري الكبير حدثاً تاريخياً واستثنائياً في مسيرة الدولة المصرية الحديثة، ورسالة إلى العالم تؤكد أن مصر لا تكتفي بصون تاريخها، بل تُعيد إحياءه برؤية معاصرة تمزج بين الأصالة والتقدم.
هذا الصرح الحضاري العملاق، الذي شُيّد على مقربة من أهرامات الجيزة الخالدة، لا يمثل مجرد متحف يضم آثاراً فرعونية نادرة، بل هو منارة علمية وثقافية وتعليمية، تفتح آفاقاً جديدة أمام طلابنا وباحثينا لفهم جذور الهوية المصرية والتعمق في علوم الآثار والتراث والحضارة.
ويأتي افتتاح المتحف المصري الكبير تتويجاً لجهود الدولة بقيادة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في بناء الجمهورية الجديدة التي تستمد قوتها من تاريخها العريق وتضع التعليم والثقافة في مقدمة أولوياتها، فالحضارة المصرية القديمة كانت أول من رفع شعار “العلم سبيل الخلود”، واليوم نُعيد تأكيد هذا المعنى من خلال الربط بين المتاحف والمدارس، وبين التعليم والتنوير.
ومن هذا المنطلق، تؤكد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني حرصها على إدماج هذا الصرح العظيم في العملية التعليمية، من خلال تنظيم زيارات ميدانية وبرامج توعوية لطلاب المدارس لتعزيز ارتباطهم بالحضارة المصرية، وغرس قيم الانتماء والفخر الوطني في نفوسهم، بما يواكب رؤية مصر 2030 التي تجعل من الهوية الثقافية محوراً أساسياً للتنمية المستدامة.
إن المتحف المصري الكبير ليس فقط بوابة نحو الماضي، بل هو جسر نحو المستقبل، يُلهم أبناءنا لاستكشاف العلوم والفنون والهندسة والإبداع، تماماً كما فعل أجدادهم منذ آلاف السنين، فهو شاهد على أن مصر كانت، وستظل، مهد الحضارة، وصاحبة الريادة في التعليم والثقافة والفكر الإنساني.
تحية تقدير لكل من ساهم في هذا الإنجاز العظيم، وتحية فخر لشعب مصر العظيم الذي يحمل شعلة الحضارة جيلاً بعد جيل.