مخطط ترامب في غزة- قراءة في الرؤية الإسرائيلية
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
تحت عنوان "مخطط ترامب – المخاطر والفرص، معايرة البوصلة الاستراتيجية لإسرائيل كيف يمكن استثمار الإمكانات الكامنة في خطة الرئيس الأمريكي ليوم ما بعد الحرب بما يتوافق مع المصالح الإسرائيلية؟" نشر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي تقريرا مفصلًا حول ما يسمى "مخطط ترامب" لمرحلة ما بعد الحرب، مقدمًا رؤية استراتيجية لإسرائيل باعتبارها "طرفًا محايدًا" وقادرًا على إعادة تشكيل الواقع الفلسطيني.
يشير التقرير إلى أن المخطط المؤلف من 20 بندًا نُفذت منه المرحلة الأولى جزئيًا، من خلال إعادة الأسرى الأحياء وبعض القتلى، وتنظيم الجيش الإسرائيلي على طول الخط الأصفر، ويؤكد التقرير أن حماس لا تزال تعرقل التنفيذ، رفضًا لتفكيك السلاح واستمرار السيطرة على المدن، ويقترح إنشاء منطقة حكم فلسطيني بديلة تحت حكومة تكنوقراط مرتبطة بالسلطة الفلسطينية، بدعم دولي وإقليمي، بهدف تقديم نموذج مدني وسياسي بديل لحماس وتعزيز الأمن الإسرائيلي، مع توسيع تأثير اتفاقيات أبراهام.
عند تحليل هذا التقرير، تظهر عدة نقاط جوهرية، أولًا، تصوير حماس كعائق وحيد مستمر أمام السلام ونزع السلاح، مع تجاهل أن الاحتلال الإسرائيلي وسياساته الاقتصادية والأمنية هي العامل الأساسي لاستمرار الأزمة، يعكس قراءة أحادية ومتحيزة، حيث يعيد التقرير إنتاج الرواية التي تتجاهل حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال واستعادة أرضه، وهو ما يشكل أساس الشرعية لأي استراتيجية حقيقية في المنطقة.
ثانيًا، تقدم فكرة إنشاء منطقة حكم فلسطيني بديلة تحت إشراف تكنوقراط نموذجًا مزيفًا للبديل السياسي، وتكرس الهيمنة الخارجية على القرار الفلسطيني، بدلاً من تمكين الفلسطينيين من اختيار قيادتهم، خصوصا مع وضع اسم توني بلير كرئيس لـ"مجلس السلام" في غزة، وهو رئيس الوزراء البريطاني الأسبق الذي قاد بلاده لحرب على العراق، والسمسار ذو العلاقات المشبوهة، كما يعيد التقرير التأكيد على أهمية اتفاقيات أبراهام كأساس لهندسة إقليمية جديدة، وهي الاتفاقيات التي رعتها إدارة ترامب الأولى، لتطبيع العلاقات الإسرائيلية مع دول خليجية، في تجاهل العدالة الإقليمية وحقوق الفلسطينيين، وهو ما يظهر الانحياز الواضح في الرؤية الإسرائيلية.
ثالثًا، يوضح الجانب العسكري في التقرير رغبة إسرائيل في نزع سلاح حماس بالقوة، لكنه يتجاهل أن هذه السياسة لن تؤدي إلى السلام، بل ستزيد الاحتقان وتعزز المقاومة، كما أثبتت سنوات من الحروب والصراعات في القطاع، التركيز على الردع العسكري والسيطرة على السكان بدل معالجة جذور المشكلة – الحصار والاحتلال – يعكس منطقًا أحادي الجانب لا يقدم حلاً مستدامًا.
كما يتضمن التقرير استراتيجيات لخلق نموذج مضاد في المنطقة بين خان يونس ورفح، لإظهار "التنمية والأمان" مقابل دمار مناطق حماس، وهو تصور يعكس محاولة إسرائيلية لإعادة هندسة البيئة الاجتماعية والسياسية في غزة لصالح مصالحها، وليس لصالح الشعب الفلسطيني.
كذلك يتجاهل التقرير تحرك إسرائيل لفرض السيادة على كامل الضفة الغربية، ولم تتضمن بنود خطة ترامب شيئا يوقفها، كما تتحفز لقصف غزة بين الحين والآخر، كما تفعل من 2007، وتتلكأ في الانسحاب الأولي حتى حدود الخط الأصفر، هذا ما يشير إلى أن بنود خطة ترامب ما هي إلا عشرون بندًا هلاميا، تحت عنوان سلام دعائي، لا تضمن حقوقًا للفلسطينيين، بل إنقاذا لما بقي من حكم نتنياهو.
في النهاية، تكشف قراءة التقرير أن "مخطط ترامب" من منظور إسرائيلي ليس سوى محاولة لإعادة ترتيب المنطقة لصالح إسرائيل وإخماد نفوذ حماس، دون أي اعتراف بالحقوق الفلسطينية.
كاتب وشاعر، صحفي حر، أكاديمي، مُدرس الأدب العبري الحديث والدراسات الإسرائيلية، كلية الآداب، جامعة المنصورة، مصر
https://www.facebook.com/MoHendam
https://x.com/MoHendam
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كاتب وشاعر اكاديمى كلية الآداب جامعة المنصورة مصر مخطط ترامب خطة الرئيس الأمريكي المصالح الإسرائيلية مخطط ترامب
إقرأ أيضاً:
حماس ترفض تقرير العفو الدولية وتتهمه بتبني الرواية الإسرائيلية
رفضت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الخميس، تقرير منظمة العفو الدولية الذي صدر في وقت سابق الخميس واتهم فصائل فلسطينية مسلحة بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" خلال هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
واعتبرت الحركة أن التقرير يستند إلى رواية الاحتلال الإسرائيلي ويتضمن مغالطات وتناقضات جوهرية، في وقت يواصل فيه الاحتلال التغطية على جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.
حماس: تقرير العفو "مغلوط ومشبوه"
قالت حماس في بيان رسمي إنها ترفض "بشدة" ما ورد في تقرير منظمة العفو الدولية، معتبرة أنه "يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم خلال عملية طوفان الأقصى"، وأنه يتجاهل الحقائق التي وثقتها منظمات حقوقية، بعضها إسرائيلية.
وأكدت الحركة أن التقرير "مغرض ومشبوه" ويحتوي على "مغالطات وتناقضات" تتناقض مع ما أثبتته تسجيلات ووثائق وتحقيقات ميدانية.
وأشارت الحركة إلى أن بعض مزاعم العفو الدولية، مثل "تدمير مئات المنازل والمنشآت"، ثبت أنها وقعت بفعل القوات الإسرائيلية نفسها عبر القصف الجوي والبري.
كما أوضحت أن "الادعاء بقتل المدنيين" يناقض تقارير عدة أكدت أن جيش الاحتلال هو من قتلهم في إطار تطبيقه "بروتوكول هانيبال" الذي يجيز إطلاق النار على الإسرائيليين لمنع أسرهم.
اتهامات بالاستناد إلى رواية الاحتلال
ورأت الحركة أن ترديد التقرير "أكاذيب الاحتلال" حول العنف الجنسي والاغتصاب وسوء معاملة الأسرى يؤكد أن الهدف الحقيقي هو "التحريض وتشويه المقاومة"، مشيرة إلى أن "العديد من التحقيقات الدولية" سبق أن فندت تلك الادعاءات.
وشددت حماس على أن "تبني منظمة العفو لهذه المزاعم يضعها في موقع المتواطئ مع الاحتلال، ومحاولاته شيطنة الشعب الفلسطيني ومقاومته الشرعية".
وطالبت الحركة المنظمة الدولية بالتراجع عن التقرير "غير المهني" ورفض الانجرار خلف الرواية الإسرائيلية الهادفة – بحسب البيان – إلى طمس حقيقة جرائم الإبادة الجماعية التي تحقق فيها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
غياب المنظمات الدولية عن غزة
وأكدت حماس أن حكومة الاحتلال منعت منذ الأيام الأولى للحرب دخول المنظمات الدولية وفرق الأمم المتحدة إلى قطاع غزة، كما حظرت وصول فرق التحقيق المستقلة إلى مسرح الأحداث.
وأوضحت أن "الحصار المفروض على الشهود والأدلة" يجعل أي تقارير تصدر عن جهات خارج القطاع "غير مكتملة ومنقوصة"، ويحول دون الوصول إلى تحقيق مهني يعتمد على الحقائق الميدانية.
تقرير العفو الدولية
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت في وقت سابق الخميس تقريرا موسعا من 173 صفحة، اتهمت فيه فصائل فلسطينية – وفي مقدمتها حماس – بارتكاب "انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، خلال هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر أو ما تلاه من احتجاز وإساءة معاملة للرهائن.
وجاء في التقرير أن الفصائل الفلسطينية "واصلت ارتكاب الانتهاكات" عبر احتجاز الرهائن وسوء معاملتهم، واحتجاز جثامين تم الاستيلاء عليها، مشيرا إلى أن "قتل أكثر من 1221 شخصا في إسرائيل" – وفق تصنيف المنظمة – يرقى إلى "جريمة إبادة ضد الإنسانية".
كما تضمن التقرير اتهامات بالاغتصاب والعنف الجنسي، رغم أن المنظمة أقرت بأنها لم تتمكن من توثيق سوى "حالة واحدة فقط"، الأمر الذي حال دون تقدير حجم الانتهاكات المزعومة بدقة.
إبادة إسرائيلية في غزة
وفي المقابل، تجاهل تقرير العفو الدولية – بحسب حماس – حجم الجرائم التي ارتكبها الاحتلال منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حين شن حرب إبادة جماعية على قطاع غزة خلفت أكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني، وما يزيد على 171 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب تدمير 90 بالمئة من البنية التحتية المدنية وتهجير معظم سكان القطاع قسرا.
وأفرجت حماس خلال مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء لديها، إضافة إلى تسليم جثامين المتوفين، باستثناء أسير واحد قالت إنها ما تزال تبحث عنه.