علي جمعة: الكون يسير بأمره سبحانه من غير لا حول ولا قوة
تاريخ النشر: 28th, November 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن هذا الكونُ ملكُ الله تعالى، والذي يرتِّبه ويرسم أحداثَه هو الله، عقيدةٌ مرتبطةٌ بخُلُقَيْ التسليمُ والرِّضا، وهذا يترتَّب عليه الرَّحمة، والهدوءُ النفسي، والتوكُّلُ على الله سبحانه وتعالى، كما يترتَّب عليه أيضًا شكرُ الله سبحانه وتعالى، وتعظيمُ النعمة التي أنعم اللهُ علينا بها، وألَّا تُخالِف إرادتُك إرادةَ الله سبحانه وتعالى.
وأوضح جمعة أن الكون كله من خيرٍ أو شرٍّ، ومن نفعٍ أو ضُرٍّ، يسير تحت مشيئة الله تعالى وسلطانة، بغير حول ولا قوة من الإنسان.
وأدكد أن أساسُ العلاقةِ بيننا وبين اللهِ –عزَّ وجلَّ– قائمٌ على «لا حول ولا قوة إلا بالله»، التي تُفيد حُسنَ التوكُّل على الله، وأنه لا يكون في كونه إلا ما أراد سبحانه، فيحدُث لك تسليمٌ بأمر الله: سواء أكان أمرًا كونيًّا، فلا تهتزُّ أمام المصائب والبلايا، أو أمرًا شرعيًّا، فلابد أن تطيع ربك وأن تُرضِيَه وأن تعود إليه.
أهمية لا حول ولا قوة إلا بالله بالشرع
وأوضح أن العلاقة بين المسلم وبين الله تحتاج إلى تجديدٍ وتغييرٍ على أساس «لا حول ولا قوة إلا بالله»؛ فهي التي تقودك إلى التوكُّل، فالتسليم، فالرضا عن الله سبحانه وتعالى، {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}، فحينئذٍ ينظر الله إليك بنظر التأييد والمعونة والعطاء. اللهُ تعالى خلقك وهو يحبك ويرحمك، وأرسل إليك نبيَّه ﷺ رحمةً للعالمين، فالعلاقة بينك وبينه ليست مخيفة، بل هي مضيئةٌ منيرةٌ جميلةٌ، والرهبةُ من الله تكون من خلال حبِّه وتعظيمِه سبحانه وتعالى، فكن حيثُ أمرك الله.
وأضاف أن الإنسان ينسى، والذِّكرُ هو الذي يقرِّبه من الله، ويجعله مستوعبًا لمعنى «لا حول ولا قوة إلا بالله»، قال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}، فأمرنا الله تعالى بالذكر وبالتذكير، حتى تتذكَّر أن «لا حول ولا قوة إلا بالله»، وأن الأمر ليس بيدك، ولا من علمِك ولا من قدرتك، وإنما هو بالله ومن الله وإلى الله.
لا حول ولا قوة إلا بالله
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ الله ﷺ: «أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ؛ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ». فهذه الكلمة العظيمة تدلُّ على حقيقة وجود الإنسان في الأرض، وحقيقة سعيه فيها، وأنه عبدٌ فقيرٌ لا يقوم بشيءٍ إلا بعون الله وتوفيقه.
وأكد الدكتور علي جمعة أن «لا حول ولا قوة إلا بالله» ليست كلماتٍ تُرصُّ بجوارِ بعضِها بعضًا، بل هي منهجُ حياةٍ ومنهجُ تغيير.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لا حول ولا قوة لا حول ولا قوة إلا بالله لا حول ولا قوة إلا بالله الله سبحانه وتعالى ه سبحانه وتعالى
إقرأ أيضاً:
أجد نفسي في تكرار العمرة فهل آثم على عدم الحج؟.. علي جمعة يجيب
اجاب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر على سؤال يخطر على بال كثير من الناس، مضمونه: لماذا اشتملت الصلاة على القراءة والركوع والسجود والتسبيح والدعاء، لماذا اشتملت على هذا التصنيف؟ ولماذا لم تقتصر على نوع واحد؟
أجد نفسي في تكرار العمرة فهل آثم على عدم الحج؟وقال الدكتور علي جمعة، إن الإجابة على ذلك يوردها بلطف وعمق ابن عطاء الله السكندري: «تنوعت أجناس الأعمال؛ لتنوع واردات الأحوال»، موضحا الإنسان سيجد قلبه في شيء، ويختلف هذا الشيء من شخص إلى آخر، فمنا من يحب القراءة في الصلاة، ومنا من يحب الركوع، ومنا من يحب السجود ويشعر بالخشوع في السجود.
وتابع: فتنوع مثل هذه الأعمال إنما هو لتنوع واردات الأحوال، حالة الخشوع هذه تختلف من شخص إلى آخر، فتنوعت هذه الأعمال، فمرة يأتيني الخشوع قائمًا، ومرة يأتيني راكعًا، ومرة يأتيني ساجدًا، ومرة يأتيني بالتدبر والتأمل كذلك في أي وقت كان؛ ولذلك هذا التنوع يؤدي إلى أن يستفيد كل الخلق، والإسلام نسق مفتوح عبر الزمان وعبر المكان يخاطب كل الأمم، ويخاطب كل البشر، فلابد أن تتنوع الأعمال.
كذلك تتنوع الأعمال من صلاة إلى صدقة إلى صيام إلى حج، وفي كل نوع من هذه الأنواع تأتي الواردات ؛وواردات الأحوال فتناسب إما في ذات العمل، وإما في مرحلة من مراحل هذا العمل.
وأضاف علي جمعة: كثير من الناس يحج مرة واحدة، ولا يجد قلبه إلا في الصلاة والزكاة والصدقة، ولكن كثير أيضًا من الناس لا يستطيع أن يغيب عن بيت الله الحرام، ويرى نفسه أنه لو غاب عنه لغابت عنه هذه الأحوال والواردات؛ ولذلك يطالبنا بعض الناس أن نقول لجميع الناس: ألَّا تذهبوا مرة ثانية إلى الحج أو العمرة، وأنفقوا ما تنفقونه في هذه الأماكن للناس، هذا لا يتم إلا على سبيل النصيحة، وليس على سبيل الإلزام، هذا لا يتم إلا ونحن نقول له: انظر في قلبك؛ فإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وأن الصدقة لها نفع متعدي؛ ولذلك فانظر إلى هذا النفع المتعدي الذي سوف تنفع به الناس.
أما لماذا علق الله قلبه بالعمرة وتكرارها، أو بالحج وتكراره؟ فهذا أمر تختلف فيه واردات الأحوال بين الناس، وكن حيثما وجدت قلبك.
حكم تكرار العمرة في سفر واحدكشفت دار الإفتاء، عن حكم تكرار العمرة أكثر من مرة في سفر واحد؛ ردًا على سؤال تلقته من أحد الأشخاص يقول فيه: «هل يجوز تكرار العمرة أكثر من مرة في الرحلة الواحدة إلى البيت الحرام؟».
وأكدت الإفتاء، في فتوى رسمية عبر موقعها الإلكتروني، أنه لا مانع شرعًا من تكرار العمرة عدة مرات في رحلة واحدة، شريطة أداء مناسك العمرة في كل مرة من إحرام وطواف وسعي وحلق أو تقصير؛ لأنها سنة محببة وتطوع وقربة إلى الله تعالى، ولقوله تعالى: «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيم»، وقوله تعالى: «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ».
حكم تكرار العمرة للمتمتع
وكانت دار الإفتاء المصرية، قد بينت في فتوى سابقة عبر موقعها الإلكتروني، حكم تكرار العمرة للمتمتع، إذ أكدت أنه يجوز تكرار العمرة أكثر من مرة مطلقًا، بل الإكثارُ منها مستحبٌّ مطلقًا، وهو مذهب السادة الحنفية والسادة الشافعية وجمهور العلماء من السلف والخلف، وممن حكاه عن الجمهور الماوردي والسرخسي والعبدري والنووي، وحكاه ابنُ المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة وعطاء وغيرهم رضي الله عنهم.
تكرار العمرة للمتمتع
وأوضحت دار الإفتاء، أنه يجوز العمرة مطلقًا فيما عدا أيام الحج الخمسة: يوم عرفة والنحر وأيام التشريق الثلاثة هو المروي عن السيدة عائشة وابن عباس رضي الله عنهم، ومقتضاه جواز تكرار اعتمار المتمتع وغيره فيما سوى هذه الأيام، ويجوز ذلك أيضًا لكن مع الكراهة عند السادة المالكية الذين ذهبوا إلى كراهة تكرار العمرة في العام أكثر من مرة.