ممّا لا شك فيه أن منصّات التواصل الإجتماعي فتحت الباب للكثيرين لتحقيق حلم الشهرة، فأصبح لثقافة المشاهيرتأثير كبير على الصحافة والتسّويق والإعلان والأشخاص وحتي القضايا العامة.
وتعدّ وسائل التواصل المحرّك الأكبر لثقافة المشاهير، ومنصّة يتواصلون عبرها مع معجبيهم، لكن عند تحليل تلك العلاقة بين المشاهير والمعجبين ، تظهر نظريات مختلفة بين مؤيد ومعارض ، بما في ذلك نظرية التفاعل الطفيلي، حيث تم تعريف التواصل شبه الإجتماعي على أنه علاقة إجتماعية، لكنها خيالية بين مستخدم وآخر قد تنتهي بضغطة زر.
عادة ما يكون المشاهير على دراية بتأثيرهم على معجبيهم ، ويستخدمون ذلك التأثير للكشف عن حياتهم، حتي ولو كانت بطريقة بعيدة عن الواقع ،فيقومون بتصدير صورة مغايرة للواقع لكسب ثقتهم. وهناك عامل آخر يدفعهم للكذب علي الجمهور أو عن أنفسهم ، وهو الحاجة لزيادة الثقة بأنفسهم ،وكذلك لزيادة تأثير الإعلان عن المنتج على المجموعة أو الفئة المستهدفة. ويمكن أن يكون لمنصّات التواصل الإجتماعي مستويات مختلفة لكيفية تفاعل المعجبين مع الشخصيات العامة.
بالنسبة لمعظم المشاهير، فإن مشاركة محتوى شخصي ، يعمل على زيادة حب الناس ،وتسليط أضواء وسائل الإعلام وزيادة قاعدة المعجبين، وهو ما يتوقون إليه لأنه ضروري لعلاماتهم التجارية أو إعلاناتهم. والإعجابات والتفاعلات التي يحصل عليها المؤثرون، هي قوة دافعة ، خاصة حين يتشاركون مع الجمهور بالآراء أو علاقاتهم مع الأصدقاء أو حياتهم المهنية حتي السياسة. فأثناء مشاركة المؤثر المعلومات ، يشعر المتابع بأنه مرتبط به أكثر ، وبالتالي إتباع سياسته.
لا شك أن مواقع التواصل الإجتماعي تحظى بشعبية خاصة بين المراهقين ،لكن ليس كل مؤثر يجب إتباعه، فأحياناً قد تكون أفكاره ضارة إذا تم إتباعها بشكل خاطئ ، فمن بين الآثار السلبية هي شعور المتابع بأن حياة الآخرين مليئة بالسعادة والسفر والحفلات والقائمة تطول.
عندما ننظر إلى تلك الشخصيات، نحصل على انطباع بأنهم أفضل منا ، ويبدأ تدنّي احترام الذات ، ونصبح عدوانيين لعدم تحقيق أو إمتلاك حياة مثلهم ،والنتيجة أننا نري شيئًا سلبيًا يجعلنا غير راضين عن حياتنا ، فالتحقّق من الإعجابات والمشاهدات بالنسبة للمؤثر، أهم من التحقّق من واجباته الإنسانية ،لأن ذلك هو ما يحقّق له النجاح ،والثقة التي يسعي لإكتسابها لكسب المزيد من المزايا من الشركات أو الأفراد.
على الرغم من أن الإنترنت سهّل الإتصال بين الأصدقاء والعائلة ، وسدّ الفجوة الثقافية ،إلا أن هذه المواقع خلقت أشخاصاً يشعرون بالفشل والحرج الإجتماعي، ويحتضنون علاقات افتراضية مع أشخاص نقوم بالتصرف في حياتنا بناءعلي نظرتهم وثقافتهم ،والتي في أغلب الأحيان تكون لا أساس لها علي أرض الواقع ،فالفرد يتأثر ويتصرف بناء علي رؤية ما هو خطأ أو صحيح بناء علي وجهة نظر شخص آخر حتي ولو تعارض ذلك مع طبيعة الحياة والشخصية.
NevenAbbass@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
6 أسئلة تشرح دعوات سابا سابا في كينيا
تشهد كينيا منذ يونيو/حزيران 2025 موجة احتجاجات شعبية واسعة، بلغت ذروتها اليوم في ذكرى "سابا سابا" التاريخي (7 يوليو/تموز) الذي يُعد رمزا للنضال ضد الحكم الفردي.
فقد خرج آلاف المتظاهرين في مدن مختلفة، تنديدًا بمقتل محتجين وبالوحشية الأمنية والفساد السياسي، وسط انتشار أمني كثيف في العاصمة نيروبي.
1- ماذا يحدث في كينيا؟
في يونيو/حزيران الماضي، دعا ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى اعتبار يوم 25 يونيو/حزيران يوما وطنيا لإحياء ذكرى ضحايا قانون المالية في 2024، إلا أن الحكومة رفضت ذلك، واعتقلت عددا من الناشطين، بينهم ألبرت أوجوانغ الذي لقي حتفه أثناء احتجازه داخل مركز للشرطة.
وعلى الرغم من إعلان السلطات في البداية أنه انتحر، فإن تقرير الطب الشرعي أثبت تعرضه للقتل، مما أجبر الرئيس روتو على الاعتراف بمسؤولية الشرطة.
وأثارت حادثة مقتله موجة احتجاجات جديدة، تخللها انتشار فيديو يُظهر مقتل مواطن أعزل برصاص الشرطة، فعزز ذلك الغضب الشعبي ودفع الآلاف إلى الخروج في 25 يونيو/حزيران، لتسفر الاحتجاجات مجددا عن مقتل 19 شخصا، حسب منظمات حقوقية.
ومع اقتراب ذكرى "سابا سابا"، دعت قوى شبابية إلى التظاهر مجددا في 7 يوليو/تموز، وهو التاريخ الذي يُحيي ذكرى مظاهرات عام 1990 ضد نظام الحزب الواحد، والتي واجهتها السلطات بالقمع وأسفرت عن سقوط ضحايا.
وردا على هذه الدعوات، أغلقت السلطات الطرق الرئيسية في نيروبي، واستنفرت قوات الجيش والشرطة تحسبا لمواجهات مشابهة.
2- ما خلفيات ما يحدث؟
بدأت الأزمة في أغسطس/آب 2022 حين أعلنت هيئة الانتخابات فوز وليام روتو برئاسة البلاد بفارق ضئيل على منافسه رايلا أودينغا الذي رفض النتائج وقاد سلسلة مظاهرات طوال عام 2023 احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة ومطالبا بإعادة فرز الأصوات.
إعلانلكن روتو نجح مطلع 2024 في احتواء أودينغا سياسيا بعد إعلان دعمه لترشحه لرئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي في انتخابات فبراير/شباط 2025.
أدى ذلك إلى تراجع أودينغا عن معارضته، مما أثار استياء أنصاره، خصوصا شباب "الجيل زد" الذين قرروا التحرك من دون غطاء سياسي أو حزبي، مستعينين بمنصات التواصل الاجتماعي.
في 25 يونيو/حزيران 2024، دعا هؤلاء الشباب إلى احتجاجات أمام البرلمان لرفض قانون المالية الجديد الذي يتضمن زيادات ضريبية على سلع أساسية كالمحروقات والخبز وتكاليف امتلاك السيارات.
وأسفرت الاحتجاجات حينها عن مقتل أكثر من 50 مواطنا، وفقا لمصادر حقوقية.
3- ما الجهات التي تقف وراء الحراك؟ومنذ ذلك الوقت، برز شباب "الجيل زد"، خصوصا من مواليد ما بعد عام 2000، في مقدمة مشاهد الاحتجاجات، مستعينين بمنصات التواصل الاجتماعي لتنظيم التحركات وقيادة الحملات الإعلامية، مستخدمين وسوما مثل #OccupyParliament و#RutoMustGo، وغيرهما.
وقد أقر الرئيس وليام روتو في يوليو/تموز الماضي بأن هذا الشباب أصبح رقما صعبا وفاعلا مؤثرا في الساحة الكينية، خارج الطبقة السياسية التقليدية، مما أجبره على إطلاق حوار مفتوح معهم مباشرة على منصات التواصل الاجتماعي.
4- ما موقف حكومة الرئيس وليام روتو؟
أجبرت أحداث 25 يونيو/حزيران 2024 الرئيس وليام روتو على إلغاء البنود الضريبية المثيرة للجدل، وأقال حكومته بالكامل، مشكّلا حكومة جديدة تضم شخصيات من المعارضة، في خطورة اعتُبرت محاولة لاحتواء الغضب الشعبي.
كما أظهرت تصدعا بينه وبين نائبه ريغاثي غاتشاغوا، أدت لاحقا إلى إقالة غاتشاغوا من منصبه.
في المقابل، اتهم وزير الداخلية المحتجين في مظاهرات يونيو/حزيران 2025 بالسعي إلى "انقلاب غير دستوري"، مشيرا إلى محاولات لاقتحام منشآت حكومية، ودعم سياسي داخلي وراء الحراك.
كما رفض روتو مؤخرا الدعوات لرحيله معلنا أن السبيل الوحيد لإزاحته من السلطة هو صندوق الاقتراع الذي أوصله إليها.
5- ما موقف القوى السياسية مما يحدث؟
بينما دعمت المعارضة السياسية الاحتجاجات في البداية، شارك بعض رموزها لاحقا في الحكومة الجديدة، مما دفع إلى انقسامات داخل صفوفها.
كذلك كان لإصرار منظمي الاحتجاجات من "شباب جيل زاد" على الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي، من دون أي غطاء سياسي، دور في تهميش صوت القوى المعارضة في كينيا.
وفي ظل الاحتقان المتصاعد، يرى مراقبون أن كينيا تقف أمام مفترق طرق بالغ الحساسية.
فالتصعيد الأمني، بما فيه احتمال فرض حالة الطوارئ، يهدد بتقييد الحريات وتوسيع الهوة بين الحكومة والمحتجين.
في المقابل، قد يشكّل الحوار الوطني خيارا لتخفيف التوتر، إذا تم إشراك القوى الشبابية والمجتمع المدني في نقاشات جادة تعالج جذور الأزمة.
أما السيناريو الثالث، فيتمثل في احتمال انزلاق البلاد نحو مزيد من الفوضى إذا استمرت الانتهاكات، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2027، مما يُنذر بتحديات أمنية وسياسية على المدى القريب.
إعلان