التغيرات المناخية ستخفي جزر الكاريبي (فيديو)
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
يشكل ارتفاع مستويات سطح البحر خطرا جسيما على جميع أنواع المعالم الطبيعية، بما في ذلك الجزر، وعلى الرغم من أنها قد تبدو وكأنها عملية بطيئة، إلا أنها قد تتسبب في اختفاء العديد من الجزر في جميع أنحاء العالم بالكامل قبل نهاية القرن الحادي والعشرين.
وارتفاع المياه هو مجرد واحد من العديد من الأشياء المخيفة التي يمكن أن تحدث إذا استمرت الأنهار الجليدية في الذوبان.
ومن أبرز الجزر المعرضة للغرق، جزر سليمان، وهي مجموعة تضم ما يقرب من 1000 جزيرة وجزيرة مرجانية في جنوب المحيط الهادئ، يجري الاستيلاء عليها ببطء عن طريق البحر.
ويرتفع مستوى سطح البحر بنحو 8 ملليمترات سنويا منذ عام 1993. وهو يرتفع بسرعة كبيرة حتى أن عاصمة مقاطعة تشويسيول لا يتجاوز ارتفاعها 6.6 قدم عن مستوى سطح البحر، ويجري بناء مدينة جديدة ليتمكن السكان من الانتقال إلى أماكن أخرى.
وفقًا لورقة بحثية نُشرت عام 2016 في مجلة “Environmental Research Letters”، اختفت بالفعل خمس جزر مرجانية، ودُمرت عدة قرى كانت قائمة منذ عام 1935 في جزر أخرى مع انحسار الشواطئ. ومن المؤسف أن الشعاب المرجانية هي أيضًا أماكن خلابة تحتاج إلى زيارتها قبل أن تختفي.
وجزر المالديف الشهيرة والجميلة، وهي أرخبيل في المحيط الهندي يضم العديد من المنتجعات الخضراء وحتى مجموعة متنوعة من الفنادق تحت الماء، يغطيها المحيط ببطء أيضًا. ووفقا لوكالة المخابرات المركزية، فإن الارتفاع المنخفض للجزر يجعلها حساسة لارتفاع مستوى سطح البحر.
ويقول البنك الدولي إنه في ظل التوقعات الحالية لارتفاع مستوى سطح البحر، فإن البلاد بالكامل قد تغرق تحت الماء بحلول عام 2100. وفي عام 2009، عقد رئيس البلاد اجتماعاً تحت الماء في محاولة للفت الانتباه إلى الكارثة الوشيكة.
مخطار ذوبان الجليدذوبان الجليد يشكل تحديات ومخاطر جسيمة على المستويات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، أبرزها
ارتفاع مستوى البحار: يؤدي ذوبان الجليد في المناطق القطبية والأنهار المتجمدة إلى زيادة مستوى البحار. وهذا يهدد المناطق الساحلية والجزر المنخفضة بالغرق تحت المياه وتفاقم الفيضانات الساحلية.
تغير المناخ: يعتبر ذوبان الجليد علامة مهمة على تغير المناخ العالمي. وبما أن الجليد يعكس الأشعة الشمسية ويساهم في تبريد الأرض، ففقدان الجليد يؤدي إلى امتصاص مزيد من الحرارة وارتفاع درجة الحرارة العالمية.
تهديد الحياة البرية: يتأثر الحياة البرية في المناطق القطبية والمناطق المتجمدة بشكل كبير بذوبان الجليد. يعتمد الكثير من الحيوانات، مثل الدببة القطبية والفقمات، على الجليد كموطن ومصدر للغذاء والتكاثر. ففقدان الجليد يهدد بانقراض الكثير من هذه الأنواع الحيوانية.
توفر المياه العذبة: الجليد المتجمد يشكل مصدرًا هامًا للمياه العذبة في العالم. وعندما يذوب الجليد، فإنه يؤدي إلى نقص المياه العذبة المتاحة للاستخدام في الشرب والزراعة والصناعة.
تأثير على التوازن البيئي: يعمل الجليد على تنظيم درجة حرارة الكوكب وتوازن المناخ العالمي، وعندما يذوب الجليد بوتيرة سريعة، فإنه يؤثر على تلك العمليات الحيوية ويسهم في تغيرات بيئية غير متوقعة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جزر جزر سليمان سطح البحر الوفد بوابة الوفد مستوى سطح البحر
إقرأ أيضاً:
دور التمويل الإسلامي في تعزيز المرونة المناخية
في وقت حيث يجتمع وزراء يمثلون 57 دولة عضوا في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في الجزائر العاصمة لحضور الاجتماع السنوي الحادي والخمسين للبنك الإسلامي للتنمية، من الواضح أن تجاهل الآثار المدمرة المترتبة على تغير المناخ بات في حكم المستحيل. فحرائق الغابات تلتهم مجتمعات بأكملها، والفيضانات تشرد ملايين البشر، وموجات الحر تودي بحياة مئات الآلاف. لم تعد مثل هذه الظواهر الجوية القاسية تشكل اختلالات شاذة؛ بل تحولت إلى الوضع المعتاد الجديد الذي يهدد الأرواح وسبل العيش في أكثر مناطق العالم عرضة للتأثيرات المترتبة على تغير المناخ ــ وخاصة في الجنوب العالمي.
مع ثبوت عدم كفاية الاستجابات التقليدية في التصدي لهذا التهديد المتصاعد، يجب أن يحتل التمويل المبتكر الـخَـلّاق مركز الصدارة. وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يعيش حاليا ما يصل إلى 3.6 مليار إنسان في مناطق معرضة بشدة لتغير المناخ.
بين عامي 2010 و2020، كانت الوفيات الناجمة عن الفيضانات، وموجات الجفاف، والعواصف في هذه المناطق أكثر تواترا بنحو 15 مرة مقارنة بالمناطق الأقل عرضة للخطر، وهذا يؤكد على الخسائر الفادحة وغير المتكافئة التي تخلفها أزمة المناخ.
وفقا للمعتقد التقليدي السائد، يُـعَـد العمل المناخي بالنسبة للاقتصادات التي تعتمد على الموارد مسألة بقاء اقتصادي، بينما يوفر للاقتصادات النامية مسارا إلى النمو والتنمية المستدامة. لكن اقتصادات عديدة تندرج ضمن الفئتين ــ النامية والمعتمدة على الموارد ــ وهذا يضاعف من صعوبة التحدي المتمثل في تصميم وتنفيذ استراتيجيات مناخية فعالة.
في حين تشكل الاستراتيجية الشاملة لبناء القدرة على التأقلم مع المناخ ضرورة أساسية لتعزيز قدرة الاقتصادات النامية على تحمل الصدمات، فإن جهود تعزيز المرونة والقدرة على التكيف يجب أن يسيرا يدا بيد. في البلدان المعرضة للخطر، قد ينطوي ذلك على تعزيز البنية الأساسية للحماية من الفيضانات، والاستثمار في المحاصيل المقاوِمة للجفاف، وتنويع مصادر الدخل لتقليل الاعتماد على القطاعات الحساسة للمناخ.
إلا أن الأنماط التقليدية لتمويل القدرة على الصمود لا تزال مقيدة، سواء من حيث المصادر أو آليات التسليم. ونتيجة لهذا، تخضع الضمانات الاجتماعية الحيوية ونظم الدعم غالبا لنقص التمويل أو عدم كفايته. وتتفاقم المشكلة بفعل حالة انعدام اليقين المتنامية بشأن توافر التمويل الميسر من جانب البلدان المتقدمة.
بالنظر إلى هذا الواقع، يجب أن يصبح الإبداع المالي ركيزة أساسية في القدرة على التكيف مع تغير المناخ. لتحقيق هذه الغاية، يتعين على المؤسسات المالية، والحكومات، وغير ذلك من أصحاب المصلحة العمل معا لتطوير آليات تمويل جديدة تهدف إلى حماية المناطق المعرضة لتغير المناخ.
ما يبعث على التفاؤل ظهور عدد كبير من صناديق وآليات التمويل المبتكرة لدعم جهود المرونة والتكيف. وتشمل هذه الأدوات صندوق المناخ الأخضر، الذي يقدم المساعدة المالية للبلدان النامية؛ ومبادرة سندات المناخ، التي تشجع نمو سوق سندات المناخ؛ والتأمين المناخي الذي يساعد على إدارة وتقليص المخاطر المرتبط بالمناخ؛ والتكيف المجتمعي، الذي يعمل على تمكين المجتمعات المحلية من تصميم وتنفيذ استراتيجيات التكيف التي تخصها؛ والحلول القائمة على الطبيعة، التي تركز على استعادة وحماية النظم الإيكولوجية الطبيعية. ومع ذلك، يظل هذا التمويل أقل كثيرا من الطلب.
تضطلع بنوك التنمية المتعددة الأطراف بدور محوري في توفير التمويل اللازم للبلدان المعرضة للخطر لخفض الانبعاثات والاستثمار في مشاريع التكيف. وفقًا لأحدث تقرير مشترك حول التمويل المناخي من جانب بنوك التنمية المتعددة الأطراف، قدمت بنوك التنمية المتعددة الأطراف رقما قياسيا قدره 125 مليار دولار أميركي في هيئة تمويل عام للعمل المناخي في عام 2023. الجدير بالذكر أن 60% من هذا الإجمالي ــ 74.7 مليار دولار ــ كان موجها إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وهذا يسلط الضوء على التزام بنوك التنمية المتعددة الأطراف بدعم البلدان الأكثر عُـرضة لمخاطر المناخ.
من الأمثلة البارزة على ذلك البنك الإسلامي للتنمية. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وافق البنك الإسلامي للتنمية على تمويل بقيمة 1.15 مليار دولار أميركي لتعزيز الأمن الغذائي والمائي في كازاخستان من خلال ري 350 ألف هكتار من الأراضي بطرق مستدامة. يهدف المشروع إلى زيادة متوسط غلة المحاصيل بنسبة 30%، وبالتالي تعزيز قدرة المجتمع على الصمود في مواجهة الكوارث المرتبطة بالمناخ وتحسين الرفاهة الاقتصادية لنحو 1.3 مليون شخص من الفئات المستضعفة.
كغيره من بنوك التنمية المتعددة الأطراف، يواجه البنك الإسلامي للتنمية التحدي المتمثل في تعزيز القدرة على التأقلم مع المناخ في بلدانه الأعضاء (57 دولة)، والتي يعتبر أكثر من نصفها أكثر عرضة لتغير المناخ من المتوسط العالمي. تتطلب معالجة نقاط الضعف هذه ما يقدر بنحو 75-90 مليار دولار سنويا حتى عام 2030 لتمويل مشاريع الزراعة المستدامة، والمياه، والبنية الأساسية. تبلغ التدفقات المالية المرتبطة بجهود التكيف إلى هذه البلدان 23.9 مليار دولار سنويا في المتوسط، وهذا يخلف فجوة تمويلية بنسبة 68% يعمل البنك الإسلامي للتنمية بنشاط لسدها.
يوضح المعروض المتزايد من تمويل التكيف المساهمة التي لا غنى عنها من جانب بنوك التنمية المتعددة الأطراف في الجهود العالمية المرتبطة بالمناخ. ولكن لا ينبغي أن يقاس النجاح فقط بحجم الأموال المصروفة؛ بل يجب الحكم عليه من خلال النتائج الملموسة والواقعية. فعلى الرغم من تنامي التمويل المناخي، فإن فعاليته تتوقف على الرصد الدقيق وتقييم الأثر.
وعلى هذا فإن إنشاء أطر قوية لإعداد التقارير أمر بالغ الأهمية لبناء ثقة أصحاب المصلحة وتوجيه مزيد من التمويل نحو مشاريع التكيف. لتعزيز تأثيرها، ينبغي لبنوك التنمية المتعددة الأطراف أن تتبنى أيضا نماذج تمويل موجهة قائمة على النتائج والسياسات.
إلى جانب تعزيز قدرة المقترضين المؤسسية وتوسيع نطاق التمويل الموجه، تحظى بنوك التنمية المتعددة الأطراف أيضا بالفرصة لتعزيز حشد الموارد من خلال اجتذاب رؤوس الأموال من مصادر غير تقليدية. ويُعد إطار الاستدامة الذي يتبناه البنك الإسلامي للتنمية مثالا رئيسيا على ذلك. بموجب هذا البرنامج، قام البنك الإسلامي للتنمية بحشد أكثر من 6 مليارات دولار أميركي عن طريق إصدار سندات إسلامية (صكوك)، ليجتذب المستثمرين المسلمين وغير المسلمين.
الواقع أن التمويل الإسلامي الذي يضرب بجذوره في دعم الأصول وتقاسم المخاطر يتماشى مع مبادئ الاستدامة. في السنوات الأخيرة، برزت أدوات مثل التأمين التعاوني (التكافل)، والأوقاف الخيرية (الوقف)، ومنصات التمويل الجماعي القائمة على الإيمان كمصادر بديلة للتمويل المناخي في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
إدراكا منه للحاجة إلى حلول موجهة للتمويل المناخي، عمل البنك الإسلامي للتنمية بنشاط على تعزيز هذه الآليات ودعمها. بالاستفادة من صناعة التمويل الإسلامي التي تبلغ قيمتها 4.5 تريليون دولار أميركي وتَـبَـنّي نموذجها المدعوم بالأصول وتقاسم المخاطر، يصبح بوسع بنوك التنمية الأخرى المتعددة الأطراف توسيع وتنويع مصادر تمويلها، على النحو الذي يمكنها من دعم مبادرات التكيف والتخفيف في أكثر مناطق العالم عُـرضة للخطر.
لكن زمن المشاريع التجريبية والتدخلات المجزأة ولى وفات. لبناء مستقبل مستدام وقادر على التكيف مع المناخ، يتعين على بنوك التنمية المتعددة الأطراف أن تسارع إلى توسيع نطاق الحلول العالية الأثر، واحتضان الإبداع المالي، وتعزيز التعاون العالمي. واعتمادا على أكثر من نصف قرن من الخبرة، أصبح البنك الإسلامي للتنمية جاهزا للاضطلاع بدوره.