الخرطوم – نبض السودان
طالعنا تصريحات للسيد مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور، حول مزاعم بشأن الاعتداء على قوافل المساعدات الإنسانية وإزاء ذلك نؤكد على الآتي:
تعمد الفلول الموجودين في بورتسودان سرقة المساعدات الإنسانية وإعاقة وصولها لبعض المناطق في السودان، منها إقليم دارفور، كردفان، النيل الأبيض، والخرطوم وهو مخطط مدروس لمعاقبة سكان تلك المناطق سياسياً، وقد سجل وفدنا في مفاوضات جدة اعتراضه على هذا السلوك الذي يتنافى مع الفطرة السليمة ويتعارض مع القيم الإنسانية وقوانين حقوق الإنسان.
تقدم وفدنا في جدة بطلب للمسهلين والمنظمات الإنسانية بضرورة إيصال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى تلك المناطق، وأكدنا استعدادنا للتعاون لفتح مطارات الفاشر، نيالا، الأبيض، الجنينة، لكن مليشيا البرهان رفضت ذلك بحجج واهية وهذا الموقف مسجل في محاضر المسهلين في جدة.
قوات الدعم السريع ظلت على تواصل وتنسيق مستمر مع جميع الأطراف لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وقد أنشأت وكالة للعون الإنساني خصيصاً لتنسيق العمليات الإنسانية في مناطق سيطرة قواتنا ويجري العمل الآن لبدء عمل الوكالة.
نحذر وبشدة من محاولات الفلول المكشوفة لاستغلال ملف المساعدات الإنسانية لتبرير توسيع دائرة الحرب، ونضع جميع المنظمات الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان والدول المانحة أمام مسؤولياتهم، كما ندعو جميع أهلنا في دارفور وكردفان إلى تفويت الفرصة على المتربصين بأمنهم واستقراراهم.
سنشرع فوراً في تشكيل لجنة مشتركة مع جميع الأطراف بما في ذلك حركات الكفاح المسلح للتنسيق حول ملف المساعدات الإنسانية، وأي أعمال إنسانية أخرى في مناطق سيطرة قواتنا.
ونشير إلى أننا مدركون لحجم المؤامرات التي تسعى إلى توسيع دائرة الحرب في البلاد والتي يقف ورائها المؤتمر الوطني وعناصره في القوات المسلحة وأذرعهم في الاستخبارات العسكرية.
نجدد تأكيدنا للتعاون والتنسيق مع كافة الجهات خاصة المنظمات الإنسانية وحركات الكفاح المسلح لتوفير الحماية اللازمة لجميع القوافل الإنسانية، وندعو الجميع إلى الانتباه لهذا المخطط الذي يقف ورائه الفلول وعناصرهم في القوات المسلحة وعلى رأسهم البرهان رئيس حزب المؤتمر الوطني في المؤسسة العسكرية.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: التمرد على مناوي يرد المساعدات الإنسانیة
إقرأ أيضاً:
حرب السودان تخرج عن السيطرة
يبدو السودان اليوم كأنه يقف عند مفترق طرق خطير بعد التطورات التى شهدتها مدينة الفاشر هذا الأسبوع، فاستيلاء ميليشيا الدعم السريع على عاصمة شمال دارفور لم يكن مجرد انتصار ميدانى، بل تحول إلى مؤشر صادم على دخول البلاد مرحلة جديدة، تعيد إلى الأذهان السيناريو الليبى الذى تجمد سياسياً وعسكرياً طوال خمسة أعوام، وهكذا يجد السودان نفسه منقسماً فعلياً إلى كيانين، شرق يحتفظ بالمدن التاريخية الكبرى تحت سيطرة الجيش، وغرب واسع يضم دارفور وكردفان ويقع بالكامل تحت قبضة ميليشيا باتت تتحكم فى معظم إنتاج الذهب وما تبقى من النفط.
سقوط الفاشر المدينة التى كان يقطنها نحو مليون ونصف المليون إنسان، جاء بعد حصار تجاوز الـ500 يوم، وبسقوطها انتهى وجود الدولة السودانية عملياً فى دارفور، المدينة تعرضت خلال تلك الفترة لعزلة خانقة، منظمات الإغاثة منعت من دخول مخيمات النازحين مثل نيفاشا وزمزم تركت لمصيرها وشهدت الأحياء عمليات قتل وإعدامات ميدانية ودفناً جماعياً، كما طالت الاعتداءات المستشفيات وبيوت العبادة فى مشاهد وثقتها مجموعات تابعة للميليشيا نفسها.
هذه الانتهاكات لم تكن مجرد فوضى حرب بل عكست طبيعة مشروع عسكرى يتوسع بثبات ويستند إلى دعم إقليمى واضح، فسيطرة الميليشيا على غرب السودان لا تقتصر على الجغرافيا بل تمتد إلى ثروات حيوية من معادن وبترول، وتشمل إقليما يلتقى مع حدود جنوب السودان وإفريقيا الوسطى وليبيا وتشاد، وهى مناطق تجرى فيها صراعات نفوذ معقدة، وتشير المعطيات إلى أن تشاد باتت منصة لاستقبال الدعم العسكرى الخارجى، بينما وفرت إحدى الدول الإقليمية أسلحة متقدمة ومقاتلين أجانب لتعزيز قدرات هذه الميليشيا وجاء إعلان قائد الدعم السريع فى أبريل الماضى عن تشكيل حكومة موازية بعد مشاورات استضافتها كينيا ليضيف بعداً سياسياً صريحاً لما يجرى، فالحديث لم يعد عن ميليشيا تتحرك داخل حدود الدولة بل عن كيان يسعى لبناء سلطة موازية تمتلك السلاح والموارد والعلاقات الإقليمية، فى ظروف تعجز فيها الدولة المركزية عن استعادة زمام المبادرة.
وفى ظل هذا المشهد تبدو فرص الحسم العسكرى ضئيلة، وهو ما يدفع البلاد نحو حالة شبيهة بالوضع الليبى، واقع منقسم، وحدود رخوة وهدوء مضطرب يستند إلى موازين قوى وليس إلى حل سياسى، غير أن ما يزيد الصورة تعقيداً هو الطموح الأثيوبى فى استغلال هشاشة السودان بحثاً عن منفذ له على البحر الأحمر، وهو ما قد يجر أطرافاً إقليمية إضافية إلى الصراع، ويحول الوضع السودانى من حرب داخلية إلى مواجهة تتجاوز حدود الدولة.
خلاصة المشهد أن السودان يعيش لحظة إعادة هيكلة، ليس فى الخريطة فحسب بل فى توازنات القوى وعلاقات الإقليم، وبينما تتقدم الميليشيات وتتراجع الدولة يبقى المواطن السودانى هو الطرف الأكثر خسارة، يدفع ثمن حرب تدار فوق أرضه ومن حوله بينما يغيب أفق الحل وتتعاظم المخاطر يوماً بعد يوم.
اللهم احفظ مصر والسودان وليبيا