ناقد تشكيلي : عز الدين نجيب يتماثل للشفاء .. ويخطط لمعرضه الجديد
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
قال الناقد التشكيلي هشام قنديل مدير أتيليه جدة ورئيس مجلس إدارة أتيليه العرب للثقافة والفنون، إن الفنان والناقد التشكيلي الكبير عز الدين نجيب الذي يرقد الآن بأحد المستشفيات بالقاهرة، يتماثل للشفاء من الأزمة القلبية العارضة التي ألمت به، ومن المنتظر أن يعود لبيته نهاية الأسبوع الجاري ليخطط لمعرضه الجديد المرتقب بجاليري ضي الزمالك.
وأضاف قنديل، في تصريحات صحفية له صباح اليوم الإثنين، إن عز الدين نجيب سيعود من جديد للركض النقدي والتشكيلي، وقد بدأ بالفعل كتابة المقاسات لتلميذه الفنان مصطفي عطية التي يريدها للوحات معرضه الجديد الذي ينظمه ضي الزمالك خلال مايو المقبل، مطمئنا جمهور الفن التشكيلي ومحبي عز الدين نجيب ومؤكدا تماثله للشفاء.
ووصف قنديل الناقد الكبير عز الدين نجيب بالقيمة والقامة والعلامة الفارقة في تاريخ الثقافة المصرية، أديبا وناقدا وتشكيليا وروائيا ومنظرا ومؤرخا، قائلا "استقرت صورة عز الدين نجيب في ذاكرتي منذ رأيتها في صباي الأول، ولم تغادر طوال السنين، تخرج بين الحين والآخر ساطعة ندية كأنني أراها لأول مرة.
كنت فور سماع جرس الشقة 3 الملاصقة للشقة 4 في شارع الجمهورية بكفر الشيخ أهرع سريعا لفتح الباب عله يكون هو، والحق أنني لم أكن أنفر أو أمل من كثرة الانتقال إلي هذه الشقة التي يسكن فيها زوج شقيقتي الكبري ومعلمي الأول شاعرنا الراحل محمد عفيفي مطر، إلى الشقة الملاصقة حيث مجلة سنابل وكيف لي أن أنفر أو أتكاسل في فتح الباب وأنا أصافح هذا الروائي أو الشاعر أو ذلك النحات أو الفنان خاصة أولئك القادمين من القاهرة أو الأسكندرية أو غيرهما من أقاليم مصر العديدة شيئا فشيئا ملأتني بهجة عميقة بالإبداع المكتوب أو المرسوم أو المنحوت وأخذتني إلى عالم آخر مختلف وحياة متدفقة بالأمل".
واستطرد قنديل "لقد كانوا يقرعون باب الإبداع الخلاق والشهرة الواسعة في دينا الفكر والثقافة، لم أنتبه إلى أنني بعد هذه السنين لا استطيع مقاومة الحنين إلى باب الشقة 4 حيث المدخل الوسيع للمواهب الطالعة، وإلى رائحة عز الدين نجيب التي ظلت عالقة حية كخميرة الإبداع الذي يحمله. لم أكن أدرك حينها أن للفن رائحة الجنان وأن للوحة سرا غامضا ككثافة الصمت المعتق بالدخان. مع الانبهار بشخصية عز الدين اكتشفت أنه التحول الجميل من مجرد فتح الباب، باب الأخيلة الطليقة إلى رحلة مذهلة ارتوي فيها أحيانا كل يوم وأحيانا أخرى كل ساعة من هذا النهر المتدفق بالأشعار والرسوم والأشكال والألوان".
وتابع "إنه الشعور الدفين المختلط بالذهول الذي بدأ يعبر عن نفسه كلما سافرت وتقبلت في البلاد وزرت المتاحف والصالونات وغيرها، الآن وبعد هذا المشوار الطويل أكتشف بفضل عز الدين نجيب أن اختلاط الإبداعات وامتزاجها عنده أكسبني أو زودني بذائقة أدبية وفنية ونقدية خاصة،
لقد أبدع عز الدين نجيب في تكوين مساحة بل ساحة فنية كبري لها لوحاتها وقصائدها خيال مبدع وروح فياضة بثراء الأركان والأشكال، وقد اكتشفت مبكرا أنه يرسم من صفاء روحه ويكتب من حرية خياله الطليق بيدين ماهرتين تقطر منهما رائحة القصائد واللوحات، بل أنني اكتشفت مبكرا أن نجيب يتوحد أحيانا بالفن فيصعب التحاور البسيط معه لأنه يتوحد باللون حتي يخفي فيه آلامه وهمومه وما أكثرها في سنوات شبابه، بحيث يمضي أو يتجول تارة في درجات الزرقة وأخرى في السواد حيث يختفي في المعتقل، وثالثة في درجات البياض فإذا شفت ذاته وظهر أمامك وجها لوجه قال لك: هل أعجبتك أنا ما رسمت إلا ما تخيلت وما كتبت إلا ما أحسست، لكنني في الحالتين أتمسك بالفن ثابتا كالشجر ونخيل سيوة الذي عشقه، ومن ثم لا تستميله شهرة أو بريق خادع أو حتي غير خادع. إنه يبتعد صامدا كالحجر لا يتبدل ولا يتغير، مؤثرا أن يمارس أوجاعه وهواه حتي لو داخل المعتقل، مؤمنا طوال الوقت بأنه لن يضل الطريق إلى مشتهاه مهما زاد حمله من الصمت والقهر و الشكوى المدماة".
واختتم قنديل "هكذا ظل عزالدين نجيب قبضة من تراب مصر، عشق هائم كالسحاب وكارتحال الأزاهير في العطر واللون، لقد ظل عز الدين نجيب في فترة من فترات عمره يحاول أن يرسم أو يتوسم حقولا من الورد والياسمين لكنه لم يجد غير شوك وطين، يحاول أن يقرب بين ريشته والنهر فلا يجد غير حفنة ماء يقرب ما بين عينيه، والوطن الحلم فلا يجد غير ظل يتهاوي علي جسد من دماء. الآن وبعد هذا العمر أدركت السر، سر التصاق عز الدين نجيب بعفيفي مطر وسر عشق مطر لأعمال نجيب وبقشيش ومطاوع. لقد كان عز الدين ولايزال يدرك طوال الوقت أنه برؤيته النقدية الثاقبة هو الظهير الكامن للفنانين والشعراء و الكتاب".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العرب للثقافة والفنون الفن التشكيلي عز الدین نجیب
إقرأ أيضاً:
لم إختفى الفريق شمس الدين كباشي وياسر العطا من المشهد ؟
#*هذا ما حدث ظهر الجمعة في بابنوسةالقمير*
#*سقطت المليشيا في أخلاق الحرب والبرهان مطالب بهذا القرار*
#*لم إختفى الفريق شمس الدين كباشي وياسر العطا من المشهد*؟
١
ظهر الجمعة، العشرين من يونيو 2025، سيخلد في سجلات التاريخ العسكري السوداني كأحد أعظم أيام البطولة والانتصار، حين تجلت الإرادة الإلهية وعزيمة الرجال في معركة بابنوسة القمير. وقد تحققت في رجال الفرقة 22 قوله تعالى: “كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله”. صبر الفرسان وصمدوا أمام موجات السيل البشري المدعوم بسلاح وعتاد إماراتي، وحشود من المقاتلين تم استجلابهم من الفاشر ونيالا والمجلد والضعين والدبيبات، وتم إغراء المليشيا بالمال ووعدهم بالغنائم. المليشيا شنت الهجوم مع فجر الجمعة بما يقارب خمسمائة عربة مسلحة، وعلى ظهر كل عربة عشرة مسلحين مدججين بمختلف أنواع الرشاشات والمدافع.
لكن الفرقة 22 كانت قد استنبطت مدرسة خاصة في صيد الجنجويد، ووضعت خطة دقيقة، وفتحت أمام المليشيا أبواب المنطقة التي تحولت إلى أطلال، إذ قضت المليشيا على المدينة كحياة نابضة، وبقيت رمزية الفرقة صامدة، رغم البروباغندا المصورة التي نشرتها المليشيا عن “سقوط” الفرقة. هذه المرة دعت المليشيا اللصوص والباحثين عن المال الحرام للدخول لجمع الغنائم، فتدفق سيل بشري من المشاة وراكبي الدواب والعربات المدنية والكارو، في مشهد فوضوي نحو الفرقة. لكن جنودها كانوا في الخنادق، مستعدين. واندلعت معركة بين الكثرة والشجاعة، بين الحق والطمع، بين أبناء المسيرية وبقية السودانيين في مواجهة الجنجويد ومقاتلين من دارفور وكردفان وتشاد.
ثلاث ساعات من القتال الصلب كانت كافية لتحويل بابنوسة إلى مقبرة، حيث سقط أكثر من ألف قتيل من المليشيا، وغنمت القوات المسلحة 22 عربة إماراتية، ودمرت المدفعية 20 أخرى أمام خطوط دفاع نمور غرب كردفان. وكانت المعركة بمثابة تأكيد على أن الإيمان بالقضية ينتصر على كثرة العدد، وأن مزاعم دعم المسيرية للمليشيا محض كذبة إعلامية. أبناء المسيرية يمثلون أكثر من 70% من الفرقة 22، بقيادة اللواء معاوية، أحد أعمدة الصمود العسكري. وباسم الشعب السوداني، نطالب الفريق أول عبد الفتاح البرهان بالمصادقة الفورية على ترقية جميع منسوبي الفرقة 22، ومنسوبي الفرقة السادسة في الفاشر، ليترقى اللواء معاوية إلى رتبة فريق، والعميد حسن درمود إلى لواء، والصول عثمان صباحي إلى ملازم، والوكيل عريق هارون موسى إلى عريف، عرفاناً لما قدموه في معركة ستظل خالدة في ذاكرة السودان.
٢
تتزايد التساؤلات في الشارع السوداني حول غياب اثنين من أبرز رموز المؤسسة العسكرية، الفريق ياسر العطا، والفريق شمس الدين كباشي. كلا الرجلين كانا جزءاً من المشهد منذ سقوط نظام الإنقاذ، ولعبا أدواراً رئيسية في المعركة الوطنية ضد التمرد. الفريق ياسر العطا، الذي اشتهر بصراحته ومواقفه الواضحة، اختفى من الإعلام منذ شهرين، ويقال إنه في رحلة علاجية لابنه بعد الانتصار في معركة الخرطوم، التي خاضها ببسالة. لكن غيابه المفاجئ عن أم درمان التي يحبها وتحبه، وغيابه عن المشهد السياسي والعسكري، يطرح علامات استفهام كبرى، خاصة حول مصير التحالف السياسي الذي كان يُخطط له لجمع القوى الوطنية التي خاضت معركة الكرامة.
أما الفريق شمس الدين كباشي، الذي كان ممسكاً بملف الخدمة المدنية وإدارة شؤون الدولة، فقد توارى عن الأنظار منذ تعيين الدكتور كامل إدريس رئيساً للحكومة الانتقالية. استقبله بحفاوة، في موقف يعكس ارتياحه لاختياره، لكن ابتعاده بعد ذلك يثير تساؤلات عن موقفه من العملية السياسية الجارية. هل ابتعد بمحض إرادته لإفساح المجال؟ أم أنه يتحضر لدور جديد في العمليات العسكرية المرتقبة بكردفان ودارفور؟ شمس الدين كباشي عرف بالمكر العسكري، والتخطيط، وله قاعدة شعبية بين الجنود والضباط، وكان إشرافه على عمليات الفاو وسنار فألاً حسناً. فهل يستعد فعلاً للإقلاع نحو عروس الرمال لقيادة معركة الحسم؟ اختفاء الرجلين في وقت حساس كهذا، حيث تقترب البلاد من مرحلة الحسم العسكري قبل موسم الخريف، لا بد أن يفسر بشكل أو بآخر، إذ لا يجوز أن يغيب القادة في لحظة مفصلية من عمر الوطن.
٣
في ظل المعادلات الجديدة، لم يعد مهماً من سيُعينه الدكتور كامل إدريس في مناصب الداخلية أو الدفاع أو التربية، بل الأهم هو أن يلتزم بشكل قاطع باتفاقية جوبا، ويكمل تنفيذها حتى نهاية الفترة الانتقالية، كما نصت بنود الاتفاق. لا بد لرئيس الوزراء أن يقدم برنامجاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً واضحاً، لأن أي حكومة بدون برنامج محكوم عليها بالفشل، كما فشلت حكومة حمدوك. ينبغي أن يختلي الدكتور كامل إدريس بنفسه لمدة أسبوع في منطقة أركويت، بعيداً عن ضجيج بورتسودان، ويكتب خطة حكومته بعد أن تحدث واستمع إلى الناس، ثم يعرضها أولاً على مجلس السيادة، الذي بدوره يجب أن يعيد ترتيب اجتماعاته الدورية ليشعر المواطنون بوجوده.
بعد ذلك، يمكن لكامل إدريس أن يقدم البرنامج لمجلس الوزراء، الذي يتحمل معه المسؤولية التضامنية. وفي ظل غياب البرلمان، يمكن اعتبار الاجتماع المشترك بين مجلس السيادة والوزراء بمثابة برلمان مؤقت، كما تنص الوثيقة الدستورية التي بقي منها نصفها فقط. بهذا الشكل، وبهذا الطريق، يمكن أن يقال بحق: لدينا رئيس وزراء لديه رؤية، ومسؤولية، وإرادة قادرة على إخراج السودان من النفق الذي يمر به.
????* يوسف عبدالمنان*