أخفى عنوان ديوانه الجديد لحين خروجه.. جمال فتحي: الشعر تدهسه أقدام العابرين|خاص
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
ينتظر الشاعر والكاتب الصحفي جمال فتحي صدور ديوانه الخامس في مسيرته في شعر العامية بعد عدد من الدواوين التي رسخت اسمه في المشهد منذ سنوات وعبرت تعبير جليا عن صوت شعري أصيل ومتفرد بدأها بديوانه الأول " في السنة أيام زيادة" الصادر عام 2001 عن سلسلة الكتاب الأول – المجلس الأعلى للثقافة.
أصدر جمال فتحي بعده جلد ميت، عنيا بتشوف كويس، لابس مزيكا وهو آخر دواوينه وأحد أبرز دواوين شعر العامية التي لفتت الانتباه لأصالة تجربتها، لفتحي كذلك ديوان فصيح هو "فور العثور على قدمي" صدر عام 2016 عن دار الدار.
كما صدر لـ جمال فتحي عن هيئة الكتاب مجموعته القصصية الأولى " كعب أخيل" في حين كان له إسهامه في الكتابة الساخرة عام 2012 حينما أصدر كتابه" شفاء الموجوع في أحوال دولة المخلوع" ورغم تنوع الأجناس الأدبية التي أبدع فيها جمال فتحي لكنه يقر بأن " شعر العامية" هو مشروعه الأصيل وأن الكتابات الأخرى هى مغامرات رائعة وفواصل للراحة بين محطات شارع العامية الطويل.
وعن تجربته الجديدة التى فرض " السرية" على عنوانها إلى أن تخرج من المطبعة قال فتحي في تصريحات خاصة لموقع "صدى البلد": العمل الجديد هو محاولة مختلفة للقبض على الشعر واستخلاصه وتقطيره من حركة الشارع وحكايات الناس ونداءات الباعة وصخب المترو وأحاول فيه ملامسة روح مصر وتسجيل نبضها وهو يختلف كثيرا عن تجاربي السابقة التي مالت أكثر للذاتية والغوص في الداخل أكثر من محاورة العالم وهى تجربة سعدت جدا بكتابتها بل كنت أتمنى أن تحدث والحمد لله لم يبخل الشعر بها".
وعن رؤيته للمشهد الشعري بشكل عام والمشهد الثقافي لاسيما وهو رئيس القسم الثقافي بجريدة الجمهورية ومشرف الملحق الأسبوعي " أدباء مصر" أكد فتحي أن الشعر بلا مبالغة تدهسه أقدام آلاف العابرين ممن "يلقحون جتتهم" على الكتابة.
ويضيف موضحا نعيش هيصة وفوضى والمهرجانات لم تعد موضة في عالم الغناء فقط بل فى المشهد الأدبي كذلك ، لكن فتحي رغم رأيه هذا أكد في المقابل على وجود أصوات جادة ولافتة وجديرة بالتقدير لكن أصحابها ليس لديهم " كلاحة" الآخرين في الإلحاح والظهور.
يعتقد فتحي أيضا أن المشهد الثقافي والسياسات الثقافية بأكملها تحتاج إلى مراجعة لأنها تخاطب واقعا تجاوز بفعله أفكار الماضي وتصوراته.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سلسلة الكتاب الأول
إقرأ أيضاً:
شعر التفعيلة والنثر في النص الشعبي
(1)
قديما كان الشاعر هو كل شخص «مفوّه» يلتزم بعمود القصيدة، وبحرها، ووزنها، وقافـيتها. كان تعريف الشعر محددا، وواضحا، ومقيّدا، وغير قابل للتأويل. ثم جاءت القصيدة الحرة، أو قصيدة التفعيلة، فتخففت من القافـية، وحافظت على تفعيلة النص، وأبحر الشعراء فـيها ضمن قوانين، وشروط جديدة، لم تكن قائمة ذات يوم. ثم جاءت قصيدة النثر، فأصبح تعريف الشاعر، والنص، أكثر صعوبة، ومسؤولية، غير أن ذلك أتاح لكل ناثر أن يكون شاعرا، وفاتحا لقلعة الشعر، فضاعت ملامح القصيدة والشاعر معا، واختلطت الخاطرة بالشعر، واستحال التفريق بينهما؛ لأنك لا تملك مفاتيح خاصة لمعرفة ماهية ما تكتبه، أو يكتبه غيرك..فساح الماء على الماء.
(2)
ولذلك تجد اليوم من يلتزم بالعمود التقليدي للقصيدة الفصحى، ولكنه لا يقدم شيئا يُذكر، وقد تجد من يلتزم بالتفعيلة، ولكنه لا يأتي بما تعتقد أنه فضاء فسيح من الخيال، وقد يأتي كاتب جيد، أو ناثر سيء، يكتب قصيدة النثر، ويعرّف نفسه باسم «شاعر»، ولا تستطيع أن تسلبه حقه فـي ذلك؛ لأنه يلعب فـي نفس مساحة التعريف الهلامية، والواسعة التي لا يمكن إدراكها، ولكنه يفتقر لأبسط قواعد اللغة، أو النحو، أو حتى الشعرية المتدفقة فـي النص، وهذا يحتاج إلى ناقد مثقف، واعٍ، ذي حساسية مفرطة لمعرفة الشاعر من المتطفل على الشعر.
(3)
ولم تسلم القصيدة الشعبية من عبث النثر، ولكنها ظلت ـ رغم كل شيء ـ متمسكة بتقليديتها، وكينونتها، وشكلها المستقل. ولم يعترف بقصيدة النثر كنص حقيقي إلا القليل من الشعراء ذوي الخيالات الخصبة، والتجارب العميقة، والثقافة البعيدة. وفـي كل الأحوال لم يُتقبّل هذا النوع من الشعر فـي البيئات المختلفة؛ بسبب تمسك أفراد هذه المجتمعات بالتقاليد الشعرية المتوارثة، والتي لا يمكن أن تتجاهلها، أو تغض الطرف عنها، فحافظت القصيدة على تلك الملامح القديمة، وظل التجديد محصورا، وضيقا إلى حد بعيد، إلا فـي إطار المحيط التقليدي العمودي القديم، أو إلى درجة ما فـي نصوص التفعيلة التي دخلت بطريقة قيصرية صعبة على يد بعض الشعراء المجددين، وفـي مقدمتهم الشاعر الراحل بدر بن عبد المحسن.
(4)
إن محاولات بعض الأشخاص - سواء شعراء، أو أشباه الشعراء - كسر حدة التقاليد الشعرية فـي الشعر العمودي الشعبي لن يكون سهلا بالمرة، ولن يمر دون تضحيات كبيرة، ودروب حياتية كثيرة، وطويلة. وستبقى القصيدة الكلاسيكية هي القصيدة المهيمنة لفترات أبعد من النظر، والخيال؛ لذلك يبقى المدخل الوحيد للتجديد فـي القصيدة النبطية سواء ذلك المرتبط بالصورة الشعرية، أو الشكل التقليدي يمر عبر القصيدة العمودية، وقبل ذلك عبر الذائقة الشعبية العامة، وهذا أمر بالغ الصعوبة، والمخاطرة.