قرى محاها الزلزال بإقليم تارودانت في المغرب
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
تارودانت- أن يضرب الزلزال منطقة وتميد الأرض تحت أقدام سكانها، ويقتل الآلاف منهم ويخلف مثلهم من الجرحى فتلك مصيبة وكارثة، لكن الكارثة تعظم وتزداد إيلاما عندما تكون أكثر المناطق المتضررة هي قرى جبلية نائية يصعب الوصول إليها في الظروف العادية، فما بالك بعد أن نفضت الأرض في هذه المنطقة كل ما كان على ظهرها.
يبعد إقليم تارودانت عن مركز الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز (جنوب غرب المغرب) ليل الجمعة الماضية بنحو 300 كيلومتر، وعلى الرغم من ذلك فقد محت هذه الكارثة قرى بكاملها في هذا الإقليم المترامي الأطراف، الذي تبلغ مساحته نحو 16 ألفا و500 كيلومتر مربع، أغلبها مناطق جبلية وعرة.
الجزيرة نت شدت الرحال إلى بعض هذه المناطق النائية للوقوف على مأساة أهلها، وكان علينا أن نبدأ مشوارنا نحو بعض هذه القرى من مدينة تارودانت مباشرة بعد الفجر، فبالإضافة إلى بعد المسافة ووعورة المسالك، فقد أغلق الزلزال بعضها أو ضيّق مساحتها بحيث أصبح المرور منها صعبا جدا.
وما أن وصلنا إلى قرية تاجكالت، التي تبعد عن مدينة تارودانت -مركز الإقليم وكبرى مدنه- بنحو 100 كيلومتر، حتى تقاطر علينا المتضررون، كل منهم يحكي معاناته، التي هي في النهاية معاناة جماعية فصولها وأحزانها متشابهة.
تقول فاضمة (تحوير أمازيغي لاسم فاطمة) بلهجة عربية مغربية مكسرة ومتواضعة "لقد ضاع كل شيء منا، أعادنا هذا الزلزال عقودا إلى الوراء، انظر إلى ما نحن فيه، لم يعد لدينا غير هذه الملابس التي على أجسادنا".
ولما عرفت أننا نتحدث الأمازيغية ويمكن أن نحاورها بها، انفرجت أساريرها وانطلق لسانها أكثر واصفا المعاناة، فمضت تقول "لم يسلم ولا بيت واحد من بيوت قريتنا، أنتم ترون كل شيء أمامكم، كيف سيعيش من لم يجد مأوى إلا تحت شجرة، ولا يملك قوت يومه، وينتظر كل يوم ما سيصله من مساعدات".
استيعاب متأخرمحمد متضرر في الـ60 من عمره ولا يزال يسيطر عليه الذهول وهول الكارثة، ولا يزال رأسه وأذنه اليمنى ملفوفين بضماد أبيض عليه بقايا دواء مطهر للجروح، يستذكر في حديث للجزيرة نت ما حدث ليل الجمعة عندما زلزلت الأرض زلزالها، ويقول "تناولت وجبة العشاء أنا وأبي وأمي، وأعطيت أبي دواءه، وهيأت لهما فراش النوم، وبعد لحظات اهتزت الأرض ووقع علينا البيت بكامله".
ويتابع محمد -في حديثه للجزيرة نت- وهو يتحسس بعض مواضع الجروح والرضوض في جسده "أخرجني أخي من تحت الأنقاض، وحاولنا أن ننقذ أمي وأبي بمساعدة أحد أعضاء المجلس القروي وإمام مسجد القرية، لكني تعبت ولم أستطع مواصلة المساعدة".
ويؤكد محمد أنه لم يستوعب ما حصل إلا بعد أن وجد نفسه في سيارة إسعاف نقلته إلى المستشفى الإقليمي في تارودانت، حيث أمضى هناك 24 ساعة تقريبا، وبعدما تحسنت حالته قليلا، كان عليه أن يخلي مكانه لمريض آخر.
معاناة ومطالب واحدةقصص أخرى كثيرة ومماثلة تحكي المعاناة نفسها، فلكل فرد في هذه الجبال قصص يشيب لها الولدان، وكما توحدوا في المعاناة توحدوا في مطالبهم من السلطات والجمعيات والمنظمات الناشطة في الإغاثة.
فهم وإن كانوا يحتاجون المواد الغذائية والأفرشة والأغطية، فإنهم يطالبون أيضا بخيام ومآوٍ تسترهم، ويعبرون عن قلقهم وهلعهم من أي تغير في الأحوال الجوية، لأنه سيفاقم آلامهم ويزيد الطين بلة.
يصف عبد الله للجزيرة نت حاله وحال جيرانه من سكان القرية بعد الزلزال، فيقول "بعد أن هدأت الأرض من تحت أقدامنا، وقضى منا من قضى وبقي تحت الأنقاض من بقي، تجمع الناجون منا في ساحات عارية بعيدا عن ركام المنازل، وتكتلت الأسر والعائلات، وكذا الجيران فيما بينهم في مساحات صغيرة وضيقة، فبعضنا لجأ إلى بيادر، وبعضنا يقضي يومه وليله تحت الأشجار".
عبد العزيز أمجان، ناشط مع جمعيات إنسانية كثيرة، وأحد الشخصيات السياسية في المنطقة، ورئيس سابق لبلدية أولاد برحيل -أقرب مدينة في الإقليم إلى كثير من المناطق الجبلية- رافق فريق الجزيرة نت في جولة على بعض هذه القرى المتضررة، ويعرف جيدا حاجات سكانها وظروفهم بحكم تردده الكثير عليها ومرافقته المستمرة للجمعيات الإنسانية التي تحمل مساعدات إلى المنكوبين.
يقول أمجان للجزيرة نت إن "الظروف لا تزال الآن متحملة، لكن -لا قدر الله- إذا تساقطت الأمطار في هذه الأيام فإنها ستضاعف الكارثة والمأساة، لذلك نناشد الدولة والمنظمات الإنسانية أن تركز جزءا من جهودها لتوفير الخيام والأغطية البلاستيكية، فهذه أولى الأولويات الآن إذا أردنا أن نستبق أي سوء محتمل في الأحوال الجوية".
ويعتبر عبد العزيز أن ما حل بهذه القرى كارثة لا نظير لها ولا سابقة في المنطقة، وفاجأت الجميع. ويؤكد أن النصف الشمالي من الإقليم (يعرف في المنطقة بتارودانت الشمالية) "هو الأكثر تضررا، وقال إن جل تجمعاته السكنية هي قرى نائية ومتباعدة، وتشكل أكثر من 77% من مساحة الإقليم كله المترامية أطرافه، والتي تفوق مساحة دولة لبنان".
ويضيف في حديثه للجزيرة نت "تضررت على الأقل 24 جماعة قروية (مصطلح محلي يطلق على منطقة جغرافية وإدارية تجمع عدة قرى وبوادي)، وإذا علمنا أن كل جماعة فيها تقريبا 40 قرية صغيرة، فإن عدد القرى المتضررة تقريبا أكثر من 600″، مؤكدا أن ما يزيد على 170 ألف نسمة تضرروا من الزلزال في الإقليم كله.
ويقول عبد العزيز إن أكثر المناطق والقرى المتضررة توجد في جماعة تيزي نتاست، وجماعة تفنكولت، وجماعة تيكوكة، وجماعة تيسراس، وجماعة سيدي عبد الله أسعيد، وجماعة أوناين، وجماعة سيدي واعزيز، وكثير من القرى أيضا في منطقة أساكي.
ولفهم الطبيعة الجغرافية القاسية لهذا الإقليم أكثر، يكفي معرفة أن الكثافة السكانية فيه أقل من 50 نسمة في الكيلومتر المربع، ولذلك فكثير من هذه المناطق القروية هي عبارة عن تجمعات سكنية متباعدة فيما بينها قد يحتاج التنقل بين بعضها إلى ساعتين، وبعضها الآخر يستحيل أن تصله سيارة، ولا حل لأهلها إلا أقدامهم أو ما سخره الله لهم من بغال وحمير، والمحظوظون منهم قد يملكون دراجات نارية تسلك بهم مسالك وعرة.
أكواخ بالساحاتعلى طول واد سحيق غير ذي زرع يسمى "أسيف ن أونزال" بالجماعة القروية لتيزي نتاست، يقبع ركام عدة قرى؛ اضطررنا إلى أن نترجل عن سيارتنا في آخر نقطة يمكن الوصول إليها، وأكملنا على أقدامنا لنحو نصف ساعة تقريبا في مرتفعات جبلية وعرة لنصل إلى إحداها وهي قرية "إيخفيس".
أحصت الجزيرة نت 48 قبرا تضم جثامين قتلى الزلزال في هذه القرية المنكوبة، التي كانت تستند إلى سفح جبل يعصمها من ماء الوادي، لكنه لم يحمها من قوة الزلزال فصارت مساكنها أثرا بعد عين، وردم ركامها ذويهم ومواشيهم وحيواناتهم، فأخرجوا جثث البشر، لكن الحيوانات النافقة ظلت تحت الأنقاض وتملأ رائحة تعفنها المكان.
عاينا مع السكان فور وصولنا دفن آخر جثة، وكانت لفتاة في الـ18 من عمرها، وقال أحد أبناء عمومتها للجزيرة نت إنهم حاولوا أكثر من مرة الوصول إليها لكنهم فشلوا، ولم يتمكن فريق إنقاذ مكون من أفراد الجيش والدرك والدفاع المدني من الوصول إليها إلا مساء أمس الثلاثاء.
سكان هذه القرية بدورهم انتشروا تحت الأشجار وفي بعض الساحات الفارغة، وبعضهم حاول بناء أكواخ بما تيسر لهم من قماش أو ما استنقذوه من أغطية من تحت ركام الزلزال.
تضامن شعبيويلخص إبراهيم وزاز، رئيس المجلس القروي لجماعة تيزي نتاست، حجم المعاناة في القرى التابعة لمجلسه قائلا إن كل القرى الصغيرة التي تتكون منها الجماعة تضررت، وكلها دمرت عن آخرها، وعددها 37 قرية، وسكانها يبيتون في العراء منذ ليلة الزلزال.
وأضاف -في تصريح للجزيرة نت- أن عدد القتلى في هذه القرى بلغ 456 قتيلا ومئات الجرحى، وأن العدد الإجمالي لسكان الجماعة يبلغ 5400 نسمة.
وأكد أن هناك تضامنا شعبيا واسعا لمساعدة المتضررين في هذه المناطق، وأن السلطات تبذل جهدها للوصول إلى من لم تصل إليهم بعد.
وقال وزاز "لدينا محطتان لتجميع المساعدات: الأولى في مبنى المجلس القروي، والثانية في منطقة تلبورين، ونعمل على توفير الأفرشة والأغطية والمياه والغذاء والخيام وغيرها".
وتابع أن "هناك جهودا لإجلاء السكان إلى مناطق آمنة وإبعادهم عن مجرى الوادي تجنبا لكارثة لو سقطت الأمطار لا قدر الله"، وأنه بدأت لقاءات منذ الآن مع المصالح المختصة لدراسة سبل إعادة إعمار هذه القرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الوصول إلیها للجزیرة نت هذه القرى فی هذه
إقرأ أيضاً:
القره داغي للجزيرة نت: دعوة إلى تشكيل تحالف إسلامي للدفاع عن القدس وفلسطين
الدوحة – كشف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محيي الدين القره داغي عن مبادرة للاتحاد لتكوين "التحالف الإسلامي الاقتصادي والعدلي" للدفاع عن القدس وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، موضحا أنه قدم مشروعا في هذا الإطار للدول الإسلامية والعربية، وينتظر الالتقاء ببعض الرؤساء لمناقشة المشروع.
وأضاف القره داغي في حوار للجزيرة نت، أن ما تشهده غزة والمسجد الأقصى من انتهاكات غير مسبوقة يعكس استغلال الاحتلال الإسرائيلي حالة العجز والصمت الدوليين لتصفية القضية الفلسطينية، وفرض مشروعه للهيمنة على الشرق الأوسط بدعم وتنسيق مباشر مع الولايات المتحدة.
وأكد أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يعتبر هذه المرحلة فرصة ذهبية لإنهاء ملف المقاومة، وإعادة ترتيب المنطقة وفق أجندته، مشيرا إلى أن العدوان المتواصل على غزة منذ ما يقارب السنتين، والتصعيد داخل باحات المسجد الأقصى، يجري وسط صمت عربي ودولي مؤسف، بل وتواطؤ من بعض الأطراف.
وتاليا نص الحوار:
وجدت دولة الاحتلال، برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الفرصة الكاملة للقضاء على القضية الفلسطينية وتنظيم شرق أوسط جديد، حسب ما يراه نتنياهو، الذي أعلن أنه سيسافر إلى واشنطن لأجل ذلك الترتيب.
فمن وجهة نظر نتنياهو، تعد الفرصة مواتية للقضاء على هذه القضية وتحقيق السيطرة الكاملة والهيمنة التامة على الشرق الأوسط، بالتنسيق والتعاون والشراكة مع الولايات المتحدة، لتكون شرطي المنطقة نيابة عن أميركا، وبالتعاون معها، والسبب في ذلك هو العجز العربي الواضح جدا؛ بل إن الأمة العربية –ونتكلم عن الحكومات– بين العجز الكامل والصمت.
إضافة إلى صمت الحكومات الغربية، وحتى الحكومات الشرقية مثل الصين وروسيا، فليس لهم موقف حقيقي قوي، بل مجرد إدانة أو شيء من هذا القبيل. وأمام هذه الحالة الغريبة، من الطبيعي أن تنتهز دولة الاحتلال الفرصة وتصعد كل الانتهاكات.
إعلان جماعات الهيكل، التي تدعمها سلطات الاحتلال، خطت خطوات غير مسبوقة في الأقصى في الفترة الأخيرة، وقد نستيقظ بلا أقصى، فما الموقف حينئذ؟فعلا، شهدت خطط جماعات الهيكل خطوات غير مسبوقة في الفترة الأخيرة، وهناك تخوف شديد من هذا الأمر، وقد نستيقظ يوما ما بلا أقصى. وقد شهدنا، لأول مرة، تعطل صلاة الجمعة حينما ضربت طهران، والمظاهرات والاحتفالات التلمودية على أشدها داخل باحات الأقصى.
كما أن تصريح ذلك الصهيوني المجرم، وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، واضح جدا، إذ قال: "القدس لنا، وليس هناك شيء اسمه تقسيم الأقصى، الكل لنا، وغزة لنا، والشرق الأوسط لنا"، هكذا يقولون.
أما العالم العربي، فهو في حالة صمت. فاليوم، إسرائيل ليست في غزة فقط، بل تدخلت في سوريا واحتلت جزءا آخر منها، وتصول وتجول في سماء لبنان، تقتل من تشاء وتدمر ما تشاء، فهو احتلال كامل.
هل يتناسب التحرك العلمائي والشعبي والرسمي لنصرة الأقصى مع تلك الخطوات المتصاعدة من جماعات الهيكل وسلطات الاحتلال؟التحرك الشعبي في العالم العربي ضعيف جدا، ليس على مستوى غزة، ولا على مستوى الأقصى، ولا على مستوى الانتهاكات الخطِرة لدولة الاحتلال. أما التحرك الرسمي في الأمة العربية من هذا الجانب، فعلى ثلاثة مستويات: فهناك دول تسعى بقدر جهدها، ولكنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً، وهناك دول صامتة، وهذا هو الغالب، وهناك دول داعمة. هذه هي المواقف الرسمية –مع الأسف الشديد– لنصرة الأقصى، في ظل الخطوات المتسارعة من جماعات الهيكل وسلطات الاحتلال.
أما الموقف الشعبي العالمي، فهو أفضل بألف مرة من موقفنا نحن المسلمين، ولكن الحكومات الغربية، وحتى غير الغربية، لا تزال ليست على المستوى المطلوب. أما الأمم المتحدة، فقد انتهت تقريبا، وأهملها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولا تستطيع أن تحمي مؤسساتها مثل "أونروا"، فما الذي نتوقعه؟
أما دور العلماء، فالعلماء أيضا على ثلاثة أنواع: علماء أصحاب العمائم واللحى، يعبّرون عما تريده دولة الاحتلال، ويحمّلون حماس المسؤولية، وهو نفس كلام نتنياهو، وهناك علماء ربانيون يدافعون عن القضية بكل صدق، وهناك علماء ساكتون يحافظون على مصالحهم.
نحن، في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من النوع الذي يسعى بكل جهده، ومنذ "طوفان الأقصى" إلى الآن، لم يتوقف الاتحاد عن المبادرات القولية، والبيانات، والفتاوى، وقد التفت حول الاتحاد جمعيات علمائية في إندونيسيا، وماليزيا، وباكستان، وتركيا، وفي كل العالم الإسلامي.
فنحن لسنا جهة سياسية، ولا عسكرية، ولا دبلوماسية، نحن جهة علمائية شعبية، وفي نظري، إن الاتحاد العالمي، بقدر إمكانياته، بذل كل جهده. ولا شك، لو كان هناك تعاون مع بعض الدول، لاستطعنا فعل المزيد. وقد قدمنا تسعة مقترحات للدول الإسلامية والعربية، ولم يُسمع لنا، بل إنه ليس لنا الحركة المطلوبة المسموح بها في بعض الدول العربية.
ما الدور الذي يجب أن يضطلع به العلماء في الدفاع عن المسجد الأقصى ونصرته؟العلماء يجب عليهم أن يضطلعوا بتحريك الشعب، وبالتوعية والتعبئة. وكما قلت، العلماء على ثلاثة أنواع: منهم مطبّعون، ومنهم صامتون، ومنهم متحرّكون. وإن شاء الله، نحن في الاتحاد العالمي ضمن هذا الجزء، بقدر استطاعتنا.
إعلان كيف نتدارك الإهمال والتقصير تجاه المسجد الأقصى؟هذا ما اقترحته، حقيقة، منذ 9 يناير/كانون الثاني 2024، حيث قدمت مقترحا إلى العالم الإسلامي والعالم كله، لما سميته بـ"حلف الفضول"، وهو شبيه بمنظمة دول عدم الانحياز، وقدمت هذا المشروع إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، وإلى رئيس وزراء ماليزيا، وغيرهما، ويهدف إلى تشكيل حلف من ممثلي 120 أو 140 دولة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وذلك قبل أكثر من عام ونصف عام، ولكن إلى الآن، لا مجيب، مع الأسف الشديد.
وقبل فترة وجيزة، قمت بتطوير هذا المطلب، وطلبت تكوين "تحالف إسلامي اقتصادي وعدلي"، وقدمت مشروعا في هذا المجال أيضا. وإن شاء الله، الآن ننتظر أن نلتقي ببعض الرؤساء في هذا المشروع.
الآن، اليد الطولى فعلاً لدولة الاحتلال، تصل إلى كل مكان، وتدمر من لم يستجب لها. فقد قدمنا هذا المشروع، وهو المشروع الوحيد الذي ينقذ الأمة، ومشكلتنا في تفرقنا، وفي عجزنا.
كيف نُفعّل الوعي الشعبي تجاه ما يتعرض له الأقصى؟يجب علينا أن نقوم بتفعيل الوعي الشعبي، من خلال الجانب الديني، ومن خلال ما ذكره القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ثم ما قاله علماؤنا وقادتنا السابقون من خطورة هذا الوضع. وإذا بقينا على هذا الحال، سننتهي تمامًا، ولن تبقى لنا قوة ولا قدرة، حتى على إدارة أموالنا، وستُفرض علينا إتاوات تحت أي اسم آخر. فلذلك، يجب أن نفعّل هذا الوعي الشعبي، بل نوصل هذا الوعي إلى قادة الأمة الإسلامية والعربية، ونستثمر هذه الجهود، إضافة إلى التاريخ، والواقع.
ما الخطوات العملية التي يمكن أن يقوم بها المسلمون في مختلف أنحاء العالم نصرة للأقصى؟الخطوات العملية –في نظري– تقسم وفق مكونات الأمة الإسلامية، فبالنسبة لما يخص الدول، يجب اتخاذ خطوات عملية لتحقيق التحالف. أما بالنسبة للعلماء، فالمطلوب هو وحدة العلماء المسلمين وتفعيل دور الجمعيات العلمائية. وبالنسبة للشعوب، ينبغي تطوير وتقوية أدوات الضغط، من خلال المظاهرات المنظمة والفعالة، والضغط على الحكومات والسفارات، وكل ذلك يمكن أن يُوضع في إطار خطة إستراتيجية واضحة وموزعة المهام.
كيف يمكن توجيه الدعم الشعبي والمؤسساتي لخدمة قضيته؟لا شك أن توجيه الدعم الشعبي والمؤسساتي لخدمة القضية ممكن، من خلال خطة إستراتيجية شاملة، تغطي مختلف أنواع الدعم، مثل الدعم السياسي، والدبلوماسي، والاقتصادي، والخيري، والتعليمي، والدعم المظاهراتي، وغيرها من أشكال الدعم، ونحن بحاجة حقيقية إلى توسيع دائرة الدعم.
ما الكلمة التي توجهونها للأمة الإسلامية والعلماء والمؤسسات الدينية عن المسجد الأقصى في هذه المرحلة الحرجة؟كلمتي هي، إننا نقف اليوم أمام خطر وجودي، لا سيما في فلسطين. فيا أمة الإسلام، هل تقبلون بأن تنتهي هذه القضية؟ هل تقبلون بأن تنتزع منكم قبلتكم الأولى التي حررها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأخذ فيها العهد، ووقع الاتفاقية مع المسيحيين، ثم حررها بعده صلاح الدين الأيوبي، بدماء عشرات الآلاف من خيار الناس من العلماء والقادة والمجاهدين؟ فهل تقبلون أن تُسلَّم قبلتكم الأولى لهؤلاء المحتلين النازيين المجرمين؟ هذا هو الجانب الأول.
أما الجانب الثاني: فأين إحساسكم الإسلامي؟ كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". فبيننا وبين فلسطين، وبيننا وبين غزة، علاقة الجسد الواحد.
ثم أوجه كلمتي إلى قادة أمتنا الإسلامية: فوالذي نفسي بيده، إن لم تتحركوا، وإن لم تدافعوا، وإن لم تتوحدوا وتتحالفوا تحالفا حقيقيًا، عسكريا واقتصاديا، فوالله ستتغير فعليا معالم الشرق الأوسط، وستكونون أول الضحايا لهذا التغيير، على يد أولئك المجرمين الذين لا يعرفون حقا ولا ذمة. هؤلاء يبدؤون بالمعارضين، ثم بالصامتين، ثم حتى بالمؤيدين. فهم لا يقبلون بوجود دولة ولا قوة يمكن أن تقف في وجوههم.
إعلان