توسيع التطبيع بأفريقيا.. هل الصومال في دائرة الاهتمام الإسرائيلي؟
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
القدس المحتلة- تسابق الحكومة الإسرائيلية الزمن برئاسة بنيامين نتنياهو، لتوسيع دائرة التطبيع وصولا إلى القارة الأفريقية، ظنا منها أن التطبيع مع العالمين العربي والإسلامي يعدّ البوابة لتسوية القضية الفلسطينية من جهة، ومحاولة -أيضا- لتجاوز الأزمات الداخلية، وتخطي المعارضة الخارجية للحكومة من جهة أخرى.
وانعكس اهتمام إسرائيل بالقارة الأفريقية في هذه الفترة، من خلال كواليس قطار التطبيع المتجه نحو دولة الصومال، حسب ما أفاد الموقع الإخباري "زمان يسرائيل"، الذي أكد أن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، يسعى إلى ضم الصومال إلى دائرة التطبيع مع إسرائيل، ورجح -كذلك- أن كوهين التقى مؤخرا مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، في دولة أفريقية.
لكن توجه كوهين يحظى بمعارضة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي برئاسة تساحي هنغبي، الذي يزعم أن "الصومال أفقر دول بالعالم، ولا توجد لإسرائيل أهمية خاصة بهذه الدولة الأفريقية".
وتتفق تقديرات لمحللين ومختصين ومراكز أبحاث إسرائيلية، على أن تل أبيب حققت نجاحات سابقة في القارة الأفريقية وفتحت سفارات عدة، بيد أن دعم تل أبيب لنظام الفصل العنصري "الأبرتهايد" في جنوب أفريقيا، أحدث انتكاسة للدبلوماسية الإسرائيلية، وأسهم في تراجع حضورها، وتقليل وحسر نفوذها.
لكن تل أبيب عادت خلال العقد الأخير لاستعادة حضورها وتعزيز نفوذها في القارة الأفريقية، حيث أجمعت التقديرات أن إسرائيل أضحت مورّد الأسلحة الرئيس للأنظمة في أفريقيا، إلى جانب تحقيقها غايات اقتصادية إستراتيجية.
شهدت العلاقات بين إسرائيل وأفريقيا صعودا وهبوطا، ويقول الباحث في وحدة العلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس، الدكتور رامي دانيئيل، "بعد فترة من الوجود الإسرائيلي الكبير في أفريقيا، في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، قطعت معظم دول المنطقة علاقاتها مع إسرائيل في أعقاب حرب أكتوبر 1973، لكن إسرائيل عزّزت علاقاتها بشكل كبير مع مختلف البلدان في أفريقيا خلال العقد الأخير".
واستعرض دانيئيل في حديثه للجزيرة نت، الأسباب التي أسهمت بتعزيز الوجود والحضور الإسرائيلي في أفريقيا، التي تمثل ساحة صراعات بين القوى العظمى، مشيرا إلى أن العديد من اللاعبين الاقتصاديين في أفريقيا مهتمين بالتقنية الإسرائيلية، خاصة في مجالات الزراعة والمياه والطاقة والأمن، لكن الطريق لا يزال طويلا أمام تحقيق إمكانات إسرائيل في أفريقيا.
وأوضح دانيئيل أن اهتمام القارة الأفريقية بالمعرفة الأمنية الإسرائيلية، والاستعانة بها لمواجهة العمليات المسلحة، التي تهدد استقرار الأنظمة المختلفة، ساعد إسرائيل بالوجود في كل مكان في أفريقيا، حيث يُنظر إلى إسرائيل -أيضا- على أنها شريك أقل تهديدا، مقارنة بحجمها نسبيا بالدول العظمى.
أما بالنسبة لإسرائيل، فيقول دانيئيل، "تعدّ أفريقيا منطقة مليئة بالفرص، وعليه تكمن أهمية التطبيع مع مختلف الدول ومن ضمنها الصومال، حيث تعدّ هذه القارة سوقا متنامية، يمكن أن تكون وجهة مهمة للصادرات الإسرائيلية، كما أن أفريقيا نقطة حاسمة في طرق التجارة الدولية، التي يستخدمها الاقتصاد الإسرائيلي.
المكاسب الإسرائيلية
إلى جانب المسار الدبلوماسي والغايات التجارية، يعتقد الباحث في معهد "مسيغاف" للأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية أشير فريدمان، أن القارة الأفريقية يجب أن تكون في مقدمة اهتمام إسرائيل أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ظل الانقلابات العسكرية الأخيرة في دول منطقة "الساحل" بأفريقيا، التي باتت تقلق إسرائيل المهتمة بتعزيز نفوذها، وتوسيع دائرة التطبيع.
وأوضح فريدمان للجزيرة نت، أن سلسلة الانقلابات تزيد المخاوف الإسرائيلية بتراجع نفوذ الغرب، أمام ازدياد نفوذ المحور الروسي الصيني الإيراني، وبزيادة نشاط التنظيمات المسلحة في القارة الأفريقية، حيث لا يستبعد فريدمان أن "يتخطى هذا النشاط الحدود الأفريقية، ويهدد الأمن القومي الإسرائيلي، وعليه تكمن هنا أهمية التطبيع مع الصومال، وغيرها من الدول الأفريقية".
وكغيرها من دول القارة الأفريقية، توجد الصومال في مركز الاهتمام الإسرائيلي الهادف لتجنيدها إلى جانبه في المحافل الدولية، وهو ما يجعل لها قيمة إضافية بالنسبة لتل أبيب، فيما لو طُبعت العلاقات بين البلدين، عدا عن الأبعاد السياسية التي تتلخص بفرص الاستثمارات، وبفتح إسرائيل المزيد من الأسواق الجديدة لمنتجاتها التقنية، وتجارة الأسلحة على وجه الخصوص.
وفي تعليقه على توجه الحكومة الإسرائيلية نحو تعزيز نفوذ وحضور تل أبيب في القارة الأفريقية، قال الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، إن "التطبيع بالنسبة لحكومة نتنياهو الحالية، هدف إستراتيجي لحسم الصراع في الشرق الأوسط".
واستشهد شلحت للجزيرة نت، بالعقيدة الأمنية التي يروّج لها نتنياهو، التي ترتكز على اعتقاد بأن التطبيع مع الدول العربية والإسلامية سيؤدي في نهاية المطاف إلى تسوية القضية الفلسطينية، دون تقديم تنازلات، وحسب الشروط والإملاءات الإسرائيلية.
وبموجب هذه العقيدة، يعتقد الباحث بالشأن الإسرائيلي أن نتنياهو نجح -وإن كان بشكل محدود- في قلب المعادلة، بحيث يروج أن المصالحة مع العالمين العربي والإسلامي هي البوابة إلى تسوية القضية الفلسطينية وليس العكس، وهو ما حققه من خلال التوقيع على "اتفاقيات أبراهام" التي تتعارض مع طرح "المبادرة العربية للسلام".
وعن الأسباب والدوافع والاهتمام الذي تبديه إسرائيل بتوسيع دائرة التطبيع بالقارة الأفريقية، يقول شلحت، إن "إسرائيل تهتم بمسألة الشرعية الدولية في ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني، إذ تهتم بالحصول على هذه الشرعية من خلال الدول المدافعة عنها في المحافل الدولية، أو امتناعها عن التصويت ضدها بالجمعية العامة، أو المحكمة الجنائية".
صناعة التضليل
وشكّك الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت بحقيقة الخلافات الإسرائيلية حيال التطبيع مع الصومال، مشيرا إلى أن أي خلاف يخرج للعلن في مثل هذه الحالات، يكون في نطاق ما يسمى "صناعة الخلاف"، وهو يضع علامات استفهام عليه، خاصة لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التي تتولى بشكل عام مهام التطبيع.
وعزا ما وصفه بـ "الخلاف المصطنع" بشأن التطبيع مع الصومال إلى التسريبات في الملف الليبي، وهي التسريبات التي تسببت بأذى دبلوماسي لإسرائيل، وهي التي لا تزال تسعى للتقليل من أثره، وتمتنع عن الإفصاح عن كواليس مسار التطبيع مع الصومال.
ويعتقد شلحت أن التكتم الإسرائيلي على حقيقة "سيناريو" التطبيع مع الصومال محاولة للتضليل، ويعود بالأصل إلى الأهمية التي توليها تل أبيب للحفاظ على نفوذها بالقارة الأفريقية، والتقليل من تداعيات عدم الإبقاء عليها عضوا مراقبا في الاتحاد الأفريقي، والسعي للعودة لمنصبها مجددا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی القارة الأفریقیة فی أفریقیا تل أبیب
إقرأ أيضاً:
وزير الزراعة يشهد حفل تخرج متدربين صوماليين ضمن برنامج إدارة التربة
شهد علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، حفل تخرج وتسليم الشهادات لـ 10 متدربين من جمهورية الصومال الفيدرالية، والذين أتموا البرنامج التدريبي حول الممارسات الجيدة لإدارة التربة ومياه الري والمحاصيل بالمركز الدولي للزراعة التابع للعلاقات الزراعية الخارجية.
وأشار وزير الزراعة إلى التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، جمهورية مصر العربية وجمهورية الصومال الفيدرالية، وتوجيهات القيادة السياسية بتقديم كافة أوجه الدعم الفني وبناء قدرات العاملين في قطاع الزراعة للأشقاء من دول القارة السمراء، في جميع المجالات وعلى رأسها القطاع الزراعي.
وأوضح الوزير أن هذا البرنامج التدريبي المتكامل في مجال الممارسات الجيدة لإدارة التربة ومياه الري والمحاصيل، والذي استمرت فعالياته لمدة أسبوعين، جاء استجابة لما تم الاتفاق عليه خلال اللقاء الذي جرى في فبراير الماضي مع الدكتور أسد عبد الرازق، وزير الدولة بوزارة الزراعة والري بجمهورية الصومال الفيدرالية، على هامش اجتماع المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتنمية الزراعية، ورغبته في دعم تدريب عدد من الكوادر الزراعية الصومالية، بهدف تعزيز قدراتهم الفنية ونقل التكنولوجيا الزراعية الحديثة إلى الصومال، بما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي للشعب الصومالي.
وأكد "فاروق" أن هذا البرنامج يعد باكورة سلسلة من البرامج التدريبية المستقبلية التي تهدف إلى بناء القدرات ورفع كفاءة الأشقاء في جمهورية الصومال الفيدرالية في مختلف مجالات الزراعة، والثروة الحيوانية، والسمكية، دعمًا لمسيرة التنمية الشاملة في الصومال وتعزيزًا لأواصر التعاون الإفريقي.
وأشاد وزير الزراعة بجهود العاملين بالعلاقات الزراعية الخارجية، والمركز المصري الدولي للزراعة، حيث يعد الذراع الأساسية للتدريب الزراعي للكوادر الأجنبية في مصر، وذلك بالتعاون مع الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية المصرية.
من جهته، قال الدكتور سعد موسى، المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية، إن البرنامج التدريبي الذي نحتفل اليوم باختتامه، لعشرة متدربين من كوادر وزارة الزراعة الصومالية، قد شهد تدريبًا مكثفًا على يد نخبة من الخبراء المصريين في مجالات حيوية تتعلق بإدارة التربة والري والمحاصيل.
وأوضح أن الشق النظري للبرنامج قد تضمن مبادئ إدارة التربة والتسميد، واختبار التربة والعلاقة المتبادلة بين التربة والمياه، فضلًا عن إدارة الموارد المائية، ونظم الري الحديثة، وأفضل الممارسات في إدارة المحاصيل، إضافة إلى المكافحة المتكاملة للآفات، والتغيرات المناخية وتأثيرها على الأمن الغذائي.
وأضاف أن الشق العملي للبرنامج قد تضمن أيضًا زيارات ميدانية لمشروعات زراعية ومراكز بحثية مثل مشروع شباب الخريجين، ومركز بحوث وتدريب الأرز بسخا، ومحطات رفع المياه وتطبيقات نظم الري الحديث، والتعرف على طرق المكافحة الحيوية والمعاملات الزراعية لمحاصيل الخضر والفاكهة، كما تضمن البرنامج عددًا من الزيارات الثقافية والسياحية إلى محافظتي الجيزة والإسكندرية، للتعرف على المعالم التاريخية والأثرية.
وحضر الحفل: ممدوح ربيع ممثلا عن الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، و أحمد كيسا جوري سكرتير ثاني السفارة الصومالية بالقاهرة، ويوسف حسن مستشار أول السفارة، فضلا عن المهندسة سهير الحفني مدير عام المركز الدولي الزراعة، ومنسقي البرامج من المركز والعلاقات الزراعية الخارجية.