تارودانت- كثيرة هي قصص المأساة التي خلفها الزلزال الذي ضرب مناطق مختلفة من المغرب ليل الجمعة الثامن من سبتمبر/أيلول الماضي، فالضحايا كلهم يستوون في فقد عزيز أو ممتلكات، لكن بعض القصص تكون معاناة أصحابها أعمق وجرحها أكثر غورا، حتى إنه قد يثير تعاطف وحزن بعض المنكوبين أنفسهم.

خالد جعا (50 عاما) هو واحد من هؤلاء الذين ترك الزلزال في أنفسهم آلاما ستستمر لسنوات أو عقود، لأنه فقد في هذه الكارثة 11 من أفراد أسرته، بينهم نساء وأطفال.

في قرية تاجكالت الجبلية البعيدة عن مدينة تارودانت بنحو 100 كيلومتر، يعيد خالد رسم الصورة في حديث للجزيرة نت، ويقول "تناولنا وجبة العشاء وبدأنا نستعد للنوم، وفجأة شعرنا بالبيت يتحرك ويهتز بشدة، ثم وقع علينا".

خالد مع ابنتيه في إحدى رحلاتهم قبل أن يخطفهما منه الزلزال بإقليم تارودانت (الجزيرة) ظلام وصدمة

ويتابع خالد "أنا كنت في غرفة بقي جزء منها سليما ولم ينهر، وبعد برهة فهمت أن الأمر يتعلق بزلزال، وبدأت أجهر بالشهادتين بأعلى صوتي وبقيت أكررها حتى بحّ صوتي ولم أعد أقوى على الكلام".

قضى في هذا الزلزال أبوه مبارك وأمه خديجة، وكلاهما في الثمانين من عمره، إضافة إلى زوجته (48 سنة) وابنتيه (مريم 17 سنة وجميلة 13 سنة) وأخته (42 سنة) وأخيه (63 سنة) وزوجة أخيه (36 سنة) و3 من أبناء أخيه (محمد 10 سنوات فاطمة 7 سنوات وأختهما الصغرى 3 سنوات).

بعد أن ذهب عنه الروع لحظة الزلزال حاول البحث عن أهله وسط الظلام، ويسترجع تلك اللحظة قائلا "لما هدأت ذهبت أبحث عنهم، أشعلت مصباح هاتفي المحمول لكني لم أكن أرى شيئا من شدة الغبار وكثافته، انتظرت مدة في مكاني حتى انفض الغبار، وبدأت أنادي على بناتي وزوجتي وأبي وأمي، لكن لم أكن أسمع أي رد".

مبارك والد خالد جعا مات في زلزال 8 شتتبر 2023 بإقليم تارودانت (الجزيرة)

بعد جهد كبير حدد خالد -الذي تغلبه دموعه من حين لآخر وهو يحكي قصته للجزيرة نت- مكان أبيه وأمه وسمع أنينا فشعر أن أحدهما لا يزال حيا، لكنه لم يتبين من منهما، وبعد لحظات اختفى الصوت ففهم أنهما قد ماتا.

ويواصل سرد مأساته قائلا "ذهبت بعد ذلك إلى ركن آخر من البيت فيه أخي وزوجته وأولاده وبدأت أناديهم ولا مجيب، وبعدما تيقنت أن كل أهلي ماتوا التفت إلى الاستغاثات الواردة من الجيران وحاولت أن أساعدهم، وقد أنقذنا بعض من استطعنا إنقاذهم".

انتشال الجثث

في صباح السبت التاسع من سبتمبر/أيلول أخرج خالد أباه وأمه من تحت الأنقاض، ويصف تلك اللحظة المؤثرة وهو يبكي ويداه ترتعشان "وجدتهما يمسكان يدي بعضهما، وبعد حضور فرق الإنقاذ رافقتهم ووضحت لهم مكان الباقين فانتشلوا جثثهم، وكنت كلما أخرجوا جثة أذهب وأقبل جبينها، وقد حاولوا إبعادي لكني أصررت ووجدت في ذلك شيئا من السلوان".

خالد جعا مع ابنته الصغرى قبل أن تقضي في الزلزال بإقليم تارودانت (الجزيرة)

لم ينج من الأسرة إلا خالد وأختان له تعيشان في قرية أخرى بالمنطقة تسمى أيت إعزة، وقد حضرتا بعد الكارثة، ولا تزالان تعانيان الصدمة وتقاسمان أخاهما وأهل القرية ما تبقى فيها من ركام.

"لا شيء بيدي أفعله -يقول خالد- اختارهم الله إلى جواره، ولا خيار لي سوى الصبر والإيمان بالله، بكينا بما فيه الكفاية، وبصدق جفت دموعي ولم تعد تخرج، أبكي بكاء جافا، وعزائي الوحيد أنهم إن شاء الله شهداء مضوا إلى ربهم".

ويختم الخمسيني المكلوم حديثه للجزيرة نت قائلا "بعد هذه الفاجعة أدعو الناس إلى المحبة والتسامح والتغافر والتعاون، هذه الدنيا لا قيمة لها، ويمكن في أي لحظة أن تصعد أرواحنا إلى السماء".

ويضيف "لا قيمة لهذه الدنيا إلا بما فيها من خير، نحن كلنا إخوة وفي نهاية المطاف سنموت، ولست الوحيد المتضرر، وليست فقط قريتنا هي التي دمرت، ونرجو ممن استطاع أن يعين المنكوبين بشيء فليبادر، فهم الآن في العراء، ويؤرقهم مصيرهم المجهول".

وقد قضى في قرية تجكالت أكثر من 40 شخصا، بينهم أفراد أسرة خالد، وكانت تقطن في هذه القرية النائية نحو 80 أسرة دمرت منازلها بالكامل.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

«محمد بن راشد للإسكان» تستأنف منصاتها التسويقية

دبي (الاتحاد)

أعلنت مؤسسة محمد بن راشد للإسكان استئناف منصاتها التسويقية من خلال فعالية «صيفنا سعادة» التي أقيمت في مركز العربي سنتر التجاري، وذلك بعد توقف مؤقت استمر شهرين. واستمرت الفعالية ثلاثة أيام متتالية، وشهدت تفاعلاً ملحوظاً من الزوار.
وتهدف هذه المبادرة إلى تعزيز التواصل المباشر مع أفراد المجتمع، وتعريفهم بخدمات المؤسسة ومشاريعها الإسكانية، إلى جانب الرد على استفسارات المتعاملين، وتقديم الدعم اللازم بشأن الإجراءات والطلبات.
كما حرصت المؤسسة على أن تتضمن الفعالية أنشطة موجهة لجميع أفراد الأسرة، بما يعكس التزامها بدعم الاستقرار الأسري.

أخبار ذات صلة «مشدّ دبي» يدعم ازدهار الحياة البحرية والمنظومة البيئية في مياه الإمارة إطلاق مشروع «تطوير دروس المساجد»

مقالات مشابهة

  • تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة الفنان لطفي لبيب ورد فعل أسرته
  • بالصور: تصليح العملات في غزة: محمد عدوان يعيل أسرته وسط الأزمات المتزايدة
  • ميليشيات الحوثي تحرق منزل مواطن في الجوف بعد نهب ممتلكاته وتهجير أسرته بالقوة
  • مجرد تحرك .. خالد الغندور يكشف حقيقة محاولات الزمالك استعادة إمام عاشور
  • ترامب: أسعى إلى تسوية النزاع في قطاع غزة
  • «محمد بن راشد للإسكان» تستأنف منصاتها التسويقية
  • رغم محاولات إنقاذه... أفعى سامة تقتل صبيا بنواحي تارودانت (مسؤول يوضح)
  • يمني يبيد أسرته بثلاث قنابل في لحج
  • رجل يقتل زوجته ونجله ويصيب والديه بقنابل يدوية في اليمن
  • حضرموت: اعتقال الصحفي عبد الجبار باجبير واقتياده إلى جهة مجهولة