مراكش الان:
2025-05-22@07:23:05 GMT

الدكتور بنطلحة يكتب: كارثة الحوز والقرار السيادي

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

الدكتور بنطلحة يكتب: كارثة الحوز والقرار السيادي

د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء 

إن مفهوم السيادة يمثل أحد المبادئ الرئيسية التي يقوم عليها النظام الدولي، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بنشأة الدولة الحديثة. إنه يتجلى في حرية الدولة في تصريف شؤونها الداخلية وتنظيم حكومتها ومرافقها العامة فضلا عن حقها في فرض سلطانها على كل ما يوجد على إقليمها من أفراد أو أشياء، كما أن للدولة الحق في التعامل مع الدول الأخرى دونما خضوع في ذلك لأي سلطة دولية، مع ضرورة قيام العلاقات بين تلك الدول على أساس المساواة في السيادة، والتي هي غير قابلة للتجزئة داخل الدولة الواحدة، حيث لكل دولة شخصيتها الدولية.

إن صيرورة مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مبدأ قانوني عام، وقد تضمن ذلك في نصوص المادة الثانية من الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، ومن ناحية أخرى حرصت الأمم المتحدة منذ إنشاءها عام 1945على تأكيد مبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.

في هذا الإطار، نتكلم عن القرار السيادي، والذي منبعه المصلحة العليا للوطن التي يحددها صانعو القرار فيه من خلال رؤية شمولية تستند إلى العديد من المحددات والوقائع التي تفرضها الاعتبارات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وكذا موازين القوى الإقليمية والدولية.

ويفترض أن الدولة تملك القرار السيادي على إقليمها وشعبها فقط، كما أن الدولة لا ترهن بقاءها ووجودها بمصالح الآخرين وأهدافهم غير المعلنة.

إننا نُقرّ بأنه لا يوجد تعريف متفق عليه بالمطلق للقرار السيادي ولكن توجد قرارات تؤشر للسيادة منبعها المصلحة العليا للوطن، وبالتالي تعتبر القرارات السيادية من الأعمال والقرارات التي يشار  إليها في فقه القانون العام بعبارة «الأعمال السيادية» أو «الأعمال الحكومية»، وهي تلك التي تتخذها السلطة التنفيذية بصفتها سلطة حكم لا سلطة إدارة، مما يكسبها الحصانة من الخضوع لأي رقابة قضائية وفق ما درج عليه القضاء الإداري منذ زمن بعيد.

وفي العادة لا تتضمن المنظومة القانونية في أي بلد قائمة محددة للأعمال الحكومية أو القرارات السيادية كما لا نعرف معيارا مانعا جامعا لتمييزها، إلا أن المقاربات القضائية والفقهية تعرف هذه الأعمال بأنها تلك التي تتصل بالسياسة العليا للدولة والإجراءات التي تتخذها الحكومة بما لها من سلطة للمحافظة على سيادة الدولة وكيانها في الداخل والخارج.

وعليه، فإن امتناع المغرب عن قبول مساعدات عرضتها عليه بعض الدول إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز في المملكة هو قرار سيادي، انطلاقا من أن المقاربة التي اعتمد عليها المغرب في التعاطي مع عروض المساعدات هي مقاربة تقنية بالدرجة الأولى وليس لديه أي خصاص على هذا المستوى، كما أن المملكة المغربية لم تتعامل بصيغة انتقائية سلبية مع عروض المساعدات، وإنما قاربتها من زاوية احتياجاتها على المستوى التقني، ذلك أن الأدوية والأغذية تمكنت السلطات بمعية المجتمع المدني من توفير ما يلزم منها، علما أنه وفي إطار مقاربة تتوافق مع المعايير الدولية في مثل هذه الظروف أجرت المملكة المغربية تقييما دقيقا للاحتياجات في الميدان آخذة بعين الاعتبار أن عدم التنسيق في مثل هذه الحالات سيؤدي إلى نتائج عكسية.

والملاحظ أن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، وفي تصرف يحن إلى الماضي البائد وبنظرة استعلائية مرضية لم تستسغ هذا القرار السيادي المغربي حيث انخرطت جوقة الإعلام الفرنسي في ترديد أسطوانة مشروخة، كون استثناء فرنسا من تقديم المساعدات على أنه «إهانة» لدولة فرنسا وعمدوا إلى شن حملة شرسة على المغرب ورموزه، ووصل الأمر برئيسهم إلى ارتكاب خطأ قاتل يدوس على جميع الأعراف الدبلوماسية عندما سمح لنفسه بمخاطبة المغاربة مباشرة، مع العلم أنه ليس مقبولا إطلاقا من رئيس دولة أجنبية أن يوجه  خطابا لشعب دولة أخرى ذات سيادة.

والملاحظ أن المغرب تلقى عروضا من عشرات الدول، ومن بينها التي ترتبط بعلاقات وطيدة مع المغرب كالولايات المتحدة الأمريكية، ورغم ذلك لم تتعامل الأخيرة مع الأمر بحساسية، حيث تركت المجال للسلطات المغربية كي تقرر في الأمر لأن ذلك يبقى قرارا سياديا.

أما دولة الكراغلة «العظمى»، فقد حاولت الركوب على أهوال هذه المأساة، وأخذت في تسييس ملف المساعدات عبر مسرحية بئيسة وفاشلة هزيلة الإخراج مفضوحة المحتوى، حيث سعت إلى المتاجرة بهذه الظروف الإنسانية وبدأت في الرقص والتباكي الخبيث على الجرح المغربي عبر تغطية إعلامية واسعة انخرط فيها الدجالون وسماسرة الكلام والطبالون ونافخو الكير خدمة لأجندة مسطرة تروم إقناع الداخل والخارج بأن «المغرب يرفض اليد الممدودة إليه»، وأن الكراغلة القوة المضروبة والتي لا توفر لمواطنيها حتى وجبات العدس، تملك الحل السحري لهذه الكارثة علما أنها تعجز حتى عن شراء طائرات إطفاء لشعبها الذي طالما تركته قربانا للنار، وتجدر الإشارة إلى أن تصريحات الكراغلة الخبيثة والمنافقة تزامنت ومحاولة القصف الانتحاري لمرتزقة البوليساريو على الأراضي المغربية تزامنا مع مأساة زلزال الحوز بإيعاز وتمويل جزائري!

إن القانون الدولي يطرح معايير يجب أن تحترم عند تقديم المساعدات للدول، احتراما كاملا وفقا لميثاق الأمم المتحدة، ومن حيث المبدأ على أساس نداء يوجهه للبلد المتضرر بعيدا عن الحسابات السياسية ومنطق الابتزاز والمساومة والعبث الأخلاقي.

وإلى كل أبواق المخادعين والماكرين وتجار المآسي والمتلهفين لإخافة هذا البلد الأمين، نقول لكم إننا لسنا دولة فاشلة كما تتوهمون، المغرب قد تعرض لمجموعة من الأحداث والهزات عبر تاريخه الطويل، وقد خرج منها دائما منتصرا. إنه المغرب الدولة الأمة، راجعوا كتب التاريخ إن نسيتم لعلكم تتذكرون…

المصدر: مراكش الان

إقرأ أيضاً:

دولة عربية تصبح ثاني أكبر مستهلكي الشاي عالمياً

أصبح الشاي ثاني أكثر المشروبات استهلاكا في العالم في 2023، بقيمة سوقية بلغت نحو 50 مليار دولار، ويعد مصدرا مهما من مصادر الدخل في العديد من الدول الفقيرة.

ويحتفل العالم الأربعاء باليوم العالمي للشاي الذي يوافق 21 مايو/ أيار من كل عام، وهو ما يسلط الضوء على أكبر المستهلكين، حسب إحصائيات نشره موقع “ستاتيستا” بهذه المناسبة.

وتظهر الإحصائيات أن المغرب احتل المرتبة الثانية عالميا بين أكبر مستهلكي الشاي، حيث أكد 77 في المئة من المشاركين في الدراسة التي أعدها الموقع أنهم يشربونه بصورة منتظمة.
أما المرتبة الأولى فقد احتلتها تركيا، التي يحرص 84 في المئة من سكانها على شرب الشاي، بينما احتلت بريطانيا المرتبة الثالثة عالميا بـ 59 في المئة، وجاءت ألمانيا في المرتبة الـ 4 بـ 52 في المئة ثم المكسيك في المرتبة الـ 5 بـ 49 في المئة من السكان يشربونه بانتظام.
وتظهر البيانات أن نسبة كبيرة من المغاربة يستهلكون الشاي بانتظام، مما يعكس مكانة هذا المشروب الثقافية والاجتماعية العميقة في البلاد.

ويعتبر تقديم الشاي الأخضر بالنعناع طقسا يوميا يجمع العائلات والأصدقاء ورمزا من رموز كرم الضيافة في المغرب.
وتظهر تلك الإحصائيات أن المغرب تفوق على دول أخرى كانت تشتهر بشرب الشاي على نطاق واسع مثل الصين والهند.

وكالة سبوتنيك

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • دولة عربية تصبح ثاني أكبر مستهلكي الشاي عالمياً
  • البنتاغون يقبل رسميا الطائرة التي أهدتها قطر للرئيس ترامب
  • أردوغان: أهالي غزة يعيشون الجحيم وسط أشد كارثة إنسانية بالعصر الحديث
  • معهد أمريكي يحذر من كارثة إنسانية في اليمن إذا تقلص تمويل المساعدات الدولية
  • صحيفة بريطانية تكشف طبيعة المنظمة الغامضة التي ستسيطر على المساعدات في غزة
  • الدكتور الربيعة: المملكة في طليعة الدول الداعمة للعمل الإغاثي والمشاركة الفعالة في حل الأزمات الإنسانية
  • 116 منظمة تدق ناقوس الخطر: اليمن على شفا كارثة إنسانية غير مسبوقة
  • الصادق الرزيقي يكتب: 4 تحديات مصيرية تواجه رئيس وزراء السودان الجديد
  • الأمم المتحدة: المساعدات التي دخلت إلى غزة قطرة في محيط
  • المغرب يعتمد المعادلة التلقائية للشواهد الجامعية مع 18 دولة