الإسلاميان: قطب وطه.. من حبائل السياسة إلى حبل المشنقة
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
دراسة الظواهر الإسلامية مهمة لفَهْمِ الوجود الإسلامي، ولفَهْمِ دور المسلمين في الوجود الإنساني، فَهُم ذوو ثقل عالمي في مختلف الأصعدة، في الاقتصاد.. أغلب بلدانهم تمتلك ثروات داخلة في سلسلة الإنتاج وعمليات الاقتصاد عالميًا، وفي مقدمتها النفط والغاز والمعادن الثمينة. وفي الجغرافيا.. تقع المنطقة الإسلامية في قلب العالم، حيث ممراتها المائية شرايين الحركة الدولية.
المقال.. يتطرق لهذين المفكرَين بوصفهما مثالًا لمآل اشتغال المفكر المسلم بالسياسة، ويرى أنهما لو اشتغلا ببلورة فكرهما بعيدًا عن صراعها؛ لكان أفضل لفكرهما وأسلم لهما وأنفع للمسلمين. كان القرن العشرون الميلادي فورة الفكر الإسلامي المعاصر سياسيًا، الذي بدأ التنظير له مع نهاية القرن التاسع عشر، وإذا اعتبرنا شبه القارة الهندية منبعًا لتجديد الفكر الإسلامي؛ فإن مصر هي الأرض التي انساح إليها أولًا، وفيها كانت حواضنه العلمية وحركاته العملية، وأهم مبلور له هو محمد عبده (ت:1905م)، كما أن من أهم محركاته حركة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنّا (ت:1949م) عام 1928م، وفهم هذين المسارين ضروري لتحليل الظاهرة الإسلامية.
سيد قطب ومحمود طه.. من أهم المفكرين الذي اشتغلوا بالإسلام السياسي؛ أخرجهما وادي النيل، وكلاهما كانت السياسة ملعبه، وقد هيمن عليهما الفكر الإسلامي السائد حينها. ولأن الاستعمار جثم على مصر والسودان فإنهما كانا في مواجهة مباشرة مع هيمنته الفكرية والسياسية. فقطب.. الذي بدأ حياته مهادنًا للفكر الليبرالي الغربي، انقلب عليه بعنف في مرحلته الأخيرة. أما طه.. فقد كان معارضًا لهيمنة الفكر الغربي منذ بداية أمره، إلا أنه لم يكن عنيفًا في مواجهته، وإنما عمل على فهمه ونقده والاستفادة منه؛ مع اتخاذ القرآن -وفقَا لفهمه- مرجعََا له في التعامل مع هذا الفكر، فهو أقرب أن يكون ناقدًا له، بخلاف قطب الذي ختم حياته ناقمًا عليه.
سيد قطب.. ولد 1906م بعد عام من وفاة محمد عبده، قضى حوالي ربع قرن من عمره؛ أديبًا ناقدًا، ومنتميًا سياسيًا لحزب الوفد، إلا أنه لم يؤثر له عمل سياسي فاعل، ولم يكتب في السياسة إلا بمقدار العمل الصحفي المعتاد. وفي العشرين سنة الأخيرة من عمره تحوّل باتجاه تيار الإسلام السياسي، ناشطًا في حركة الإخوان المسلمين، وفي بداية مرحلته هذه كان على علاقة جيدة بمجموعة الضباط الأحرار؛ خاصةً مع زعيمها جمال عبدالناصر (ت:1970م)، الذي كان محتاجًا في مشروعه الثوري لمنظِّر بحجم فكر قطب وتأثير قلمه، فوجد فيه بغيته، لاسيما أن قطب أصبح منتميًا لجماعة الإخوان المسلمين، ذات الثقل الكبير بمصر، وكانت تتمدد سراعًا في العالم الإسلامي، مما يمهد الطريق أمام مشروع عبدالناصر التحرري، الذي لم يحسم توجهه السياسي بدايةَ ثورة 1952م، فكان طامحًا أن يقودهم ويقود بهم الجموع الغفيرة المتحمسة للتحرر من الاستعمار، والإخوان أيضًا طامعون فيه لتبني دعوتهم. وربما كان هذا سيتأتى لعبدالناصر بعد رحيل مؤسس الحركة حسن البنّا؛ الذي أبدى آخر عمره مراجعة لتوجهه السياسي، إلا أن التنافس بين الأحزاب السياسية -التي دعا قطب نفسه إلى حلها لتقوم الدولة بفرض رؤيتها، والذي أسفر بعد ذلك عن صراع دامٍ بين نظام عبدالناصر والإخوان- دفع بقطب إلى التنظير الراديكالي للإسلام السياسي، عبر كتابه الموسوعي «في ظلال القرآن» وكتابه المكثف «معالم في الطريق». وقد عرّضه نشاطه السياسي للاعتقال والسجن.
أما محمود طه.. المولود عام 1909م؛ فقد تربى تربية صوفية، أثّرت على أطروحاته الفكرية والسياسية، وبعكس قطب؛ اشتغل في السياسة منذ شبابه، وفي منتصف الأربعينات الميلادية -مرحلة تحوّل قطب- أنشأ طه الحزب الجمهوري، وكالإخوان المسلمين أطلق على أتباعه «الإخوان الجمهوريين»، وظل يناضل وفق رؤيته الإسلامية لأجل وصول حزبه للحكم، وقد تعرّض كذلك للسجن، حتى اعتقل منتصفَ الثمانينات وقدم للمحاكمة، في عهد الحكم العسكري لجعفر النميري، وأدين بالردة عن الإسلام، بخلاف قطب الذي أدين بالإرهاب الديني، وهذا من مفارقات الحياة وأحابيل السياسة.
سيد قطب.. الذي بدأ حياته مهادنًا للفكر الغربي، أصبح رافضًا كل معطيات الحضارة الغربية، ومتبنيًا الفكر الإسلامي بظاهرية نصوصه، يرى فيه خلاص الأمة الإسلامية من أزماتها، وفيه سر نهضتها، كان مشبوب العاطفة في طرحه مما ألهب نفوس المسلمين؛ لاسيما الشباب منهم، فأوقد في تيار الإسلام السياسي جذوة الحماس كتلك التي قرأناها عن رعيل الإسلام الأول، وأمد حركة الإخوان المسلمين بفاعلية منقطعة النظير، بعد أن كادت تموت بموت مؤسسها البنّا. وتحوّل فكره إلى تيار إسلامي شمل المذاهب الإسلامية. ولم أجد مسلمًا سُلِّم له بالطرح الفكري كقطب، ولذلك؛ تحوّل تنظيره إلى فكر شعبي، خاصةً؛ أن أسلوبه ينتمي إلى «الكتابة الشعبية» انظر: «الكتابة الشعبية.. وأثرها السياسي»، جريدة «عمان»، 2/ 8/ 2022م]. لكن طرحه هذا لم يُقبَل في الحقول المنهجية لمعالجة الظاهرة الإسلامية، فقد كان وعظيًا، ولم يعمل على فهم النص الديني نشأةً وتطورًا. فقطب.. كان يكتب بقلبه لا بعقله، ولذلك؛ فإن كثيرًا من المتأثرين بفكره اصطبغوا بالشدة ومارسوا العنف.
محمود طه.. استشعر هيمنة الفكر الغربي على المسلمين؛ فانطلق لمواجهته من النص الديني، لكن طريقته اختلفت عن طريقة قطب، فقد حاول أن يفهم أصل تنزّل القرآن. وإذا كان قطب يرى أن القرآن المكي جاء لتأسيس «الجماعة المؤمنة»، والقرآن المدني هو الصيغة النهاية لبناء هذه الجماعة، عبر إنشاء المجتمع الفاضل والأمة القوية، فإن طه اعتبر القرآن المكي أصل رسالة الوحي، وهو ما ينبغي أن تصير إليه البشرية، في حين أن القرآن المدني هو التطبيق الأول للرسالة الأصل، بما يناسب المجتمع حينذاك، وأن أحكامه ليست ملزِمة لكل الأزمان. فدعا إلى العودة لأصل الدعوة المحمدية، واعتبرها هي السنة النبوية، وأما الأحكام المدنية نسبة للمدينة المنورة فلم تعد قادرة على حل المشكلات المعاصرة.
وإذا كان فكر قطب سرى بين الناس بكونه طرحًا شعبيًا قريبًا إلى نفوسهم، فإن فكر طه أثر على المشتغلين بالمنهج؛ مثل: العراقي عالم سبيط النيلي (ت:2000م) والسوداني أبو القاسم حاج حمد (ت:2004م) والعراقي طه جابر علواني (ت:2016م) والسوري محمد شحرور (ت:2019م) والسعودي عبدالحميد أبو سليمان (ت:2021م). وإذا كان فكر قطب بدأ يضعف مع انحسار الإسلام السياسي؛ فإن فكر طه بدأ يخرج من قوقعة المنهج إلى الساحة الشعبية؛ مع ظهور نوافذ التواصل الاجتماعي.
قطب وطه.. صاحبا مبدأ صادقان، ناضلا لأجل مبادئهما، لكن السياسة دربها وعر وعاقبتها وخيمة، فقد أوصلتهما إلى حبل المشنقة، حيث أعدم الأول على يد النظام العسكري بمصر عام 1966م، وأعدم الثاني على يد النظام العسكري بالسودان عام 1985م.
ختامًا؛ على المفكر أن يضع بينه وبين السياسة سدًا منيعًا، ولا أقصد أن عليه ألا يفكر فيها، بل عليه أن يدرسها، فهي من أهم العوامل المؤثرة في حياة الناس، وإنما أقصد بأن عليه ألا يشتغل بالعمل السياسي، لا من موقع السلطة، ولا من خندق المعارضة، فما أن يدخل المفكر معترك السياسة حتى تُفسِد فكره وفكره يُفسِدها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الإخوان المسلمین الإسلام السیاسی الفکر الإسلامی سید قطب
إقرأ أيضاً:
تصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.. نهاية للحرب أم تصعيد للصراع في السودان؟
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإدراج الإخوان المسلمين “الحركة الإسلامية” في السودان ضمن قائمة المنظمات الإرهابية موجة من الجدل والتساؤلات حول تأثيره على الوضع السياسي والاجتماعي في السودان. فهل سيكون هذا القرار بداية لنهاية الحركة الإسلامية في السودان، أم سيزيد من تعقيد الأوضاع في البلاد؟
تقرير: التغيير
طلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من وزيري الخارجية ماركو روبيو والخزانة سكوت بيسنت بدء بحث تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين بالإرهابيين، في خطوة من شأنها التمهيد لفرض عقوبات على الفروع المستهدفة.
وذكر البيت الأبيض في نص بيان الأمر التنفيذي، أن ترامب أمر ببدء “عملية يتم بموجبها اعتبار بعض أقسام الجماعة منظمات إرهابية أجنبية”، مع الإشارة خصوصا إلى فروعها في لبنان ومصر وتونس والأردن. ووجّه روبيو وبيسنت بتقديم تقرير عمّا إذا كان سيتم تصنيف أي من فروع الجماعة، كما طلب منهما المضي قدما في تطبيق أي تصنيفات في غضون 45 يوما من صدور التقرير.
حاكم تكساسوقبل إجازة القرار بشكل رسمي سارع حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت، بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) رسميًا كمنظمة إرهابية أجنبية ومنظمة إجرامية عابرة للحدود الوطنية.
ويمنع هذا التصنيفُ الجماعةَ من شراء أو امتلاك الأراضي في تكساس، ويمنح المدعي العام في تكساس سلطة اتخاذ إجراءات قانونية لإغلاقهما.
كما تستمر الجهود الأوروبية للحد من نفوذ جماعة الإخوان في القارة، مع ارتفاع الوعي بخطر انتشار التطرف داخل المجتمعات، وفي خطوة غير مسبوقة، شهدت مدن مثل فيينا وبراج ولندن وباريس وبرلين وبروكسل وسويسرا، وصولًا إلى هولندا وأيرلندا، تجمعات احتجاجية طالبت بتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، وفرض عقوبات دولية على شبكاتها المالية ووقف مصادر تمويل الإرهاب المرتبطة بها.
اخوان السودان
في السودان، طالبت كيانات سياسية بتصنيف الحركة الإسلامية كتنظيم إرهابي، من بينها تحالف صمود برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك، وتحالف تأسيس برئاسة قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”. ويأتي هذا المطلب بهدف تقليص دور الإخوان المسلمين في السودان، خاصة الحركة الإسلامية بزعامة علي كرتي، التي يتم اتهامها بإشعال حرب منتصف أبريل 2023.
ويرى مراقبون أن تصنيف الحركة الإسلامية كجماعة إرهابية قد يعقد الأزمة في السودان ويطيل أمد الحرب، خاصة وأن الحركة لديها مقاتلون إلى جانب الجيش في حربه ضد الدعم السريع، التي تقترب من دخولها عامها الرابع، والتي خلفت أكبر أزمة إنسانية في العالم وفقًا للأمم المتحدة.
تأخر القرارويرى السياسي والمفكر السوداني دكتور النور حمد، أن تصنيف جماعة الإخوان المسلمين من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تأخر كثيرًا جدًا. وقال النور حمد لـ(التغيير) إن كل من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأخيرا المملكة الأردنية، صنفت هذه الجماعة جماعة إرهابية، منذ سنوات.
وأضاف أن كل العنف والاضطراب والزعازع التي تحدث في العالمين العربي والإسلامي، وحتى في الدول الغربية، تقف وراءها هذه الجماعة.
وتابع: لقد نشأت هذه الجماعة في عشرينات القرن الماضي وتقارب الآن أن تكمل قرنا كاملا. ولا بد من ملاحظة أن هذه الجماعة أخطبوطية متعددة الرؤوس. وهذا التعدد في الرؤوس جزء من خطتها لإرباك الحكومات العربية والإسلامية والقوى الدولية بصورة تجعل محاصرتها أمرًا صعبا.
وأشار إلى أن كل عمل إرهابي حدث في العقود الأخيرة وقفت وراءه هذه الجماعة المتطرفة المعسكرة. ولذلك، لا أرى أي فرق بين جماعة الإخوان المسلمين في السودان، أو في مصر، أو في تونس، أو في الأردن، أو في اليمن، أو في باكستان، وبين جماعة بوكو حرام، أو القاعدة، أو الشباب الصومالي، أو داعش، وغيرها.
وأوضح أن كل هذه المسميات التي تتكاثر كما يتكاثر الفطر في البرية تضمها مظلة واحدة ماكرة. فهي جميعها جماعات عنفية تؤمن بالوصول إلى السلطة عن طريق العنف وتؤمن بأن من حقها إخراس أي صوت غيرها صوتها.
وقال حمد لقد سبق أن استخدمت المخابرات الأمريكية هذا التيار في مقاومة المد اليساري الشيوعي في العالم العربي في خمسينات وستينات القرن الماضي. كما استخدمتها في محاربة الغزو السوفيتي لأفغانستان في السبعينات. وأضاف وقد جرى ذلك من قبل المخابرات الأمريكية بمساعدة المملكة العربية السعودية والمؤسسة الدينية الوهابية حين كانت مهيمنة على الخطاب الديني في المملكة العربية السعودية.
وتابع لكن، لقد اكتوت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية بنار ذلك الدعم الذي قدمتاه للمتطرفين. فقد جرى نسف مباني الأمريكيين في الخبر في المملكة العربية السعودية، وجرى نسف السفارات الأمريكية في شرق أفريقيا، كما جرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وغير ذلك. وكما جاء في الشعر العربي: (ومن يجعل الضرعام بازًا لصيده تصيَّده الضرغام فيما تصيدا).
وأردف: فمن يستخدم المتطرفين لخدمة أجندة تكتيكية سيجيء يوم ينقلب فيه عليه أولئك المتطرفون. وفق تعبيره.
وزاد ولذلك، أرجو أن يكون التصنيف الذي جرى من قبل الإداراة الأمريكية، حتى الآن، لبعض الجماعات، في بعض الأقطار، مقدمة لكي يصبح هذا التصنيف شاملاً لكل الجماعات التي تنشط في العالمين العربي والإسلامي، بل وفي في أوروبا.
وقد اتضح للأوربيين أن هذه الجماعة تعمل على بث روح التطرف وسط أبناء المسلمين في الدول الغربية بل كانت وراء إرسالهم إلى دول الشرق الأوسط ليحاربوا مع المتطرفين. وقال إن في السودان بلغوا حد إرسال طالبات الجماعات إلى مناطق حروب المتطرفين ليسهموا بما أسموه (جهاد النكاح) فهذه الجماعة متعددة الرؤوس تتخفَّى خلف مختلف المسمَّيات ومختلف الأنشطة الخيرية الخبيثة.
باختصار، هذه أكبر من أعاق العالمين العربي والإفريقي من الإمساك مبادئ الحداثة المتمثلة في الحرية والديمقراطية. فهي جماعة تعمل، بطبيعتها، ضد السلام، وضد الاستقرار، وضد الديمقراطية، وضد التقدم، وتستخدم العنف لتحقق رؤيتها القروسطية الفاشية هذه.
تمرير القانونبدوره، يرى الصحفي والمحلل السياسي ماهر أبو الجوخ أن تأثير القرار الأمريكي الذي أجازته لجنة العلاقات الخارجية في انتظار اجازته من الكونغرس “مجلس النواب” ومجلس الشيوخ ليصبح قانونًا بعد توقيع الرئيس ترامب عليه فعليًا.
وقال أبو الجوخ لـ(التغيير) إن هذا الإجراء تجاوز المرحلة الأولى ولا يتوقع أن يجد معارضة باعتباره تشريع مقترح من ترامب المسنود بالاغلبية الجمهورية في كل من مجلسي النواب والشيوخ ولذلك فلا يتوقع أن يجابه القانون أي عقبات لتمرير القانون شكلاً.
وأشار إلى أن تأثير هذا القرار سيكون مرتكز بشكل أساسي على الرباعية بداية لكون الدول المشكلة لها بعد هذا القانون كلها قد أصدرت قوانين صنفت جماعة الاخوان المسلمين “تنظيمًا إرهابيًا” حيث سبق لكل من مصر والامارات والسعودية هذا التصنيف وهو ما يعزز بيان 12 سبتمبر الصادر عن الرباعية الذي ينص على ابعاد الاخوان المسلمين والحزب المحلول والمجموعات الارهابية عن تدابير المستقبل للسودان وهذا يغلق كوة الضوء التي يحاول الحزب المحلول التسلل من خلالها بطرح نفسه في المشهد السياسي مجددًا.
تصعيد الصراعوفي المقابل، يرى المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد ميرغني، أن تصنيف الإخوان المسلمين أو الحركة الإسلامية في السودان كجماعة إرهابية قد يؤدي إلى تصعيد الصراع. حيث قد ترى الحركة الإسلامية أنها مستهدفة من المجتمع الدولي وتزيد من مقاومتها. كما قد يؤدي إلى زيادة التوترات بين الحكومة السودانية والمجتمع الدولي، مما قد يعيق الجهود الرامية إلى تحقيق السلام.
وقال ميرغني لـ(التغيير) إن قيادات الحركة لن ترضخ لهذا القرار وستحاول مقاومته بجميع الوسائل، خاصة بعد أن فقدت خيرة شبابها في الحرب الحالية. وأضاف أن الحركة الإسلامية لن تتخلى عن خيار الحرب وتحقيق السلام في السودان إلا إذا وجدت ضمانات من المجتمع الدولي بعدم تعرض مصالحها وقياداتها لمحاكمات مستقبلية.
ورأى أن المخرج من الأزمة الحالية هو جلوس جميع السودانيين في حوار جامع لا يستثني أحدًا، يتم فيه تناسي مرارات الماضي إذا أردنا سودانًا واحدًا موحدًا.
التضييق في تركياوراجت أنباء في الأيام الماضية عن بدء تركيا التضيق على الإسلاميين السودانيين بعد القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأيام الماضية بتصنيف الاخوان المسلمين كجماعة إرهابية.
ويقول النور حمد إن ما يتردد حول أن تركيا بدأت إجراءات صد المقينين لديها من الإخوان المسلمين فلا توجد معلومات مركدة حوا هذا الامر.
وأضاف لكن كلفت الإدارة الأمربكية وكالتها للاستخبارات CIA بمراقبة تدفق السلاح على السودان وتدفق الأموال إضافة إلى صادرات الذهب وذلك لتجفيف المعينات التي تساعد على استمرار الحرب. وهذه خطوة جيدة نحو أنهاء الحرب.
من جهته، يقول ماهر أبو الجوخ معلوم أن التصنيف الأمريكي للجماعة وواجهاته يعد قانونًا وطنيًا وبالتالي فإن نطاق سريانه ينطبق على الدولة الصادر عنها ولا ينتقل أثره بشكل إلزامي على غيرها من الدول ما لم يتضمن تنفيذه وسريانه اتفاق مشترك ومثل هذا الاجراء ملزم في حال صدوره من مجلس الأمن الدولي.
وأشار إلى أن هذا التباين لا يخلق تناقضًا في العلاقات ما بين الدول إذا ما اختلفت تقديراتها والدليل على ذلك علاقات انقرة مع الدول الثلاثة الأخرى بالرباعية التي تصنف الجماعة “كياناً إرهابياً” ولكن النقطة ذات التأثير هي المرتبطة بعدم السماح باطلاق انشطة يمكن أن تفسر بأنها عدائية تجاه اي من الدول الصديقة وهذه الانشطة نفسها يرتبط تفسير وتعريف “عدوانيتها” من طرف وقبل الدولة الأخرى.
وعليه فإن أمر وقف الانشطة سواء كانت إقتصادية أو إعلامية محكوم بأمرين مقدار الضرر والاعتراضات على تلك الانشطة وثانيها علاقة الطرف المتضرر بأنقرة نفسها واقناعها بضرورة وقف تلك الأنشطة.
واوضح أن هذا يجعل مسألة الالتزام في ظل التباين من الموقف من “إرهابية” جماعة الاخوان أو عدمه قائم على اساس مستوي العلاقات والتفاهمات بين الحكومات وفي هذه الحالة سيكون مقدار التفاهم مع أنقرة.
وتابع: من المؤكد أن التوجه التركي الحالي لن يتخلي عن الاخوان عمومًا وتنظيم الحزب المحلول على وجه الخصوص المتواجد في أراضيهم لكن إذا وجدوا أنفسهم أمام طلبات أمريكية أو إقليمية أو من الرباعية قد يحجموا أنشطتهم السياسية والاعلامية والاقتصادية إذا طُلب منهم ذلك.
واستدرك قائلًا: لكن حتى اللحظة على المستوي المنظور لا توجد مؤشرات على اللجوء لهذا التوجه والخيار لا على مستوي الرباعية أو الادارة الامريكية نفسها في ما يتصل بوضعية تنظيم اخوان السودان والحزب المحلول.
اختلاف الآراءفي الختام، يظل تصنيف الحركة الإسلامية كجماعة إرهابية محل جدل وتساؤل حول تأثيره على الحرب في السودان. بينما يرى بعض الخبراء أن هذا التصنيف قد يضعف قدرة الحركة على مواصلة الحرب، يعتقد آخرون أنه قد يؤدي إلى تصعيد الصراع. وفي كل الأحوال، يبقى الأهم هو أن يكون هذا التصنيف جزءًا من خطة شاملة لتحقيق السلام والاستقرار في السودان، وليس وسيلة لزيادة تأجيج الأزمة.
الوسومالإخوان المسلمين الإرهاب الولايات المتحدة الأمريكية