العالم يغلي والأرض تصرخ: أوقفوا الصراعات وتعالوا إلى كلمة سواء
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
الزلازل والفيضانات والكوارث البيئية التي يشهدها العالم اليوم لم تعد حدثا استثنائيا، بل أصبحت متلازمة لحياتنا اليومية تحمل لنا المآسي والآلام، وآلاف الضحايا ومئات آلاف المشردين والدمار والخسائر بمليارات الدولارات ومشاهد غير متوقعة.
وآخر هذه المآسي ما شهدته الدولتان العربيتان المغرب وليبيا، بعد أن كنا شهدنا قبل أشهر قليلة كوارث الزلازل في تركيا وسوريا وبعض دول المشرق العربي.
هذه المآسي والكوارث تتنقل في العالم من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر، وقد وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش ما يجري بأنه ليس مجرد ارتفاع في درجات الحرارة بل هو حالة غليان شاملة للعالم، فالعلم يغلي اليوم وليس فقط من مشكلة البيئة وارتفاع الحرارة وانعكاس كل ذلك على البيئة والحياة البشرية، بل من حجم الصراعات والحروب التي تنتشر في أنحاء العالم والتي أدت للعودة إلى استخدام النفط الأحفوري وزادت من حجم المشاكل البيئية.
العلم يغلي اليوم وليس فقط من مشكلة البيئة وارتفاع الحرارة وانعكاس كل ذلك على البيئة والحياة البشرية، بل من حجم الصراعات والحروب التي تنتشر في أنحاء العالم والتي أدت للعودة إلى استخدام النفط الأحفوري وزادت من حجم المشاكل البيئية
والأرض اليوم تصرخ في وجه سكانها وكل المسؤولين والحاكم: ماذا تفعلون بي وإلى أين تأخذونني وتأخذون أنفسكم؟ وألا يكفيكم ما حل بنا من دمار وآلام وسقوط مئات الآلاف الضحايا، وهل تريدون المزيد كي تدركوا حجم الكوارث والمأساة التي تحل بنا جميعا؟
ما يجري في العالم اليوم ليس جديدا بل تنبّه له العلماء والمفكرون والباحثون في السنوات الأخيرة، وحذروا من المخاطر الكبيرة التي ستصيب البيئة والكون والحياة البشرية، وصدرت عشرات الكتب التي تتحدث عن هذه المخاطر وعُقدت عشرات المؤتمرات الدولية والإقليمية لوضع اسس عالمية مشتركة لمواجهة هذه الكوارث.
ومن الكتب العربية المهمة التي صدرت في السنوات الأخيرة لشرح ما يجري في العالم من مآسٍ بيئية وكوراث؛ كتاب المفكر العربي الأستاذ سعد محيو تحت عنوان: "الخروج من جهنم، انتفاضة وعي بيئي كوني جديد أو الانقراض"، وقد صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية في العام 2018 ونال جائزة أفضل كتاب عربي للعام 2018-2019، وقد أعيدت طباعته مجددا في العام الماضي.
وفي هذا الكتاب يشرح الأستاذ سعد محيو حجم المأساة التي يواجهها العالم اليوم، داعيا إلى انتفاضة كونية وإلا فإننا معرضون جميعا للانقراض، وهي الصرخة نفسها التي أطلقها عشرات العلماء والباحثون والمفكرون في العالم، وأُطلقت بسبب ذلك العديد من الحملات الإعلامية والشعبية لوقف الإساءة للبيئة دون جدوى، كما أُعدت أفلام وثائقية وأفلام روائية خيالية تتحدث عما يجري وتحذر سكان الأرض من الجرائم التي يرتكبونها بحق الكون وبحق أنفسهم، لكن لا حياة لمن تنادي، وها هي الكوارث تزداد وقد كان هذا العام من أكثر الأعوام سخونة والأكثر في حجم الزلازل والفيضانات والكوارث البشرية وتغير المناخ وحصول الجفاف.
الخطر الأكبر أن العديد من الدول التي تشهد زلازل وكوراث طبيعية تعاني أيضا من صراعات سياسية، سواء داخل هذه الدول كما هو الحال في ليبيا وسوريا، أو مع الدول المحيطة كما هو الحال بين المغرب والجزائر، وبدلا من أن تشكّل الكوارث والأزمات الطبيعية دافعا للتعاون ووقف الصراعات بين هذه الدول، نجد أن هذه الكوارث تكشف وجوها جديدة من الأزمات والصراعات
لكن إضافة إلى البعد البيئي فيما يجري، فإن الأخطر من ذلك انتشار الصراعات والحروب في العالم، وهذه الحروب تزيد من حجم المآسي والكوارث وتؤدي لاستخدام النفط الأحفوري وتنعكس سلبا على ثروات العالم الطبيعية، مما ينعكس على حجم وجود المواد الأولية والغذاء وتوفر الحياة العادية.
وآخر هذه الحروب المستمرة إلى اليوم هي الحرب الأوكرانية التي تحولت إلى حرب عالمية، فيما هناك مخاوف كبيرة من اندلاع حرب جديدة بين أمريكا والصين في شرقي آسيا، كما أن الصراعات والتنافس الدولي يمتد إلى دول العالم، والعالم العربي والإسلامي له نصيب كبير من هذه الحروب والصراعات، كما بدأت هذه الحروب تصل إلى القارة الأفريقية.
والخطر الأكبر أن العديد من الدول التي تشهد زلازل وكوراث طبيعية تعاني أيضا من صراعات سياسية، سواء داخل هذه الدول كما هو الحال في ليبيا وسوريا، أو مع الدول المحيطة كما هو الحال بين المغرب والجزائر، وبدلا من أن تشكّل الكوارث والأزمات الطبيعية دافعا للتعاون ووقف الصراعات بين هذه الدول، نجد أن هذه الكوارث تكشف وجوها جديدة من الأزمات والصراعات، رغم أننا أحيانا نشهد بعض وجوه التعاطف الإنساني والتعاون الدولي والإقليمي والمحلي لمواجهة آثار الكوارث.
لكننا اليوم أمام خطر وجودي والعالم يتجه نحو الانقراض والغليان والكون يتعرض لأسوأ كوارث طبيعية، وكل ذلك يفرض على سكان العالم وكل المسؤولين والحكام والمؤسسات الدولية والإقليمية أن ترفع الصوت نحو الجميع: أوقفوا الصراعات والحروب وتعالوا إلى كلمة سواء كي نتعاون في مواجهة الأزمات والكوارث، بدلا من صرف آلاف مليارات الدولارات على الحروب وشراء الأسلحة.
نحن بحاجة إلى حركة عالمية إنسانية تدعو إلى وقف الحروب والصراعات وللتعاون من أجل إنقاذ الإنسان والكون من كل هذه المآسي، والعالم العربي والإسلامي أولى من غيره بالدعوة إلى مثل هذه الحركة، وعلينا أن نبدأ بانفسنا بوقف الصراعات والحروب فيما بيننا ونذهب إلى كلمة سواء
العالم اليوم يحتاج إلى رؤية جديدة تنقذه من هذه الأزمات والصراعات، ولا يكفي فقط التعاطف الإنساني والمساعدات المحدودة (وإن كان ذلك ضروريا ومطلوبا من كل سكان العالم تجاه الشعوب والدول التي تعاني من الكوارث)، لكن الأهم كيف ننقذ العالم من هذه الكارثة الكبرى، وكيف ننقذ العالم من هذه المجموعات من الحكام التي تأخذنا إلى الحروب والصراعات والمزيد من القتل والدمار والموت.
في السنوات العشر الأخيرة تعاون العالم لمواجهة التطرف والعنف وتشكلت التحالفات الدولية والإقليمية وصدرت الوثائق المشتركة وعقدت المؤتمرات، واليوم نحن بحاجة إلى حركة عالمية إنسانية تدعو إلى وقف الحروب والصراعات وللتعاون من أجل إنقاذ الإنسان والكون من كل هذه المآسي، والعالم العربي والإسلامي أولى من غيره بالدعوة إلى مثل هذه الحركة، وعلينا أن نبدأ بانفسنا بوقف الصراعات والحروب فيما بيننا ونذهب إلى كلمة سواء.
ولعل التفاهم السعودي- الإيراني والتعاون التركي- العربي يكون مدخلا إلى مثل هذا النوع من التعاون، وقد شهدنا مؤخرا دورا مهما لكل من دولتي قطر وسلطنة عمان من أجل عقد اتفاق لتبادل الرهائن والمعتقلين بين أمريكا وإيران والإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة، فلماذا لا نطلق جميعا صرخة عربية إسلامية مسحية إنسانية لوقف كل تلك الصراعات والحروب ونجلس على طاولة المفاوضات ونجتمع على كلمة سواء أرسلها لنا رب العالمين؟
twitter.com/kassirkassem
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المغرب كوارث ليبيا المناخ ليبيا المغرب كوارث المناخ الإنسانية مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحروب والصراعات العالم الیوم هذه الحروب فی العالم العالم من هذه الدول ما یجری من هذه من حجم
إقرأ أيضاً:
أيمن عطالله: الرسوم القضائية تهدد العدالة وتُضعف مناخ الاستثمار.. والنقابة فقدت تأثيرها بسبب الصراعات الداخلية
انتقد الدكتور أيمن عطالله، المحامي بالنقض والمرشح السابق لعضوية مجلس نقابة المحامين، السياسات الأخيرة المتعلقة بالرسوم القضائية، مؤكدًا أنها لم تعد مجرد عبء مالي، بل أصبحت تمس صميم منظومة العدالة وتؤثر سلبًا على مناخ الاستثمار في البلاد.
وقال عطالله، في تصريحات صحفية بالتزامن مع إضراب محامي الاستئناف اليوم، إن الرقمنة التي أدخلتها وزارة العدل، والتي استُخدمت مبررًا لفرض رسوم إضافية، فشلت في تحقيق أهدافها الأساسية، مضيفًا: "80% من الغايات المعلنة لمنظومة التحول الرقمي لم تُحقق، بل زادت الإجراءات تعقيدًا وكلفة".
وأوضح أن المفترض في الرقمنة أن تُوفر الوقت والجهد وتُخفض التكاليف، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك، حيث أصبحت بعض المعاملات – مثل استخراج شهادة بسيطة – تستغرق وقتًا أطول وتتطلب رسومًا أعلى، ما يشكل عبئًا إضافيًا على المتقاضين والمحامين على حد سواء.
وحذر عطالله من مخاطر ارتفاع كلفة التقاضي، مشيرًا إلى أن ذلك قد يدفع بعض المواطنين إلى اللجوء لوسائل غير قانونية لتحصيل حقوقهم، عبر ما يُعرف بـ "مكاتب تخليص الحقوق" أو حتى عبر أساليب العنف، مما يُهدد بدائل غير آمنة لمنظومة العدالة ويقوض الاستقرار المجتمعي.
وعلى صعيد الاستثمار، شدد عطالله على أن القضاء يُعد أحد العوامل الحاسمة في قرارات المستثمرين، قائلًا: "إذا أصبحت العدالة مكلفة وبطيئة، فإن ثقة المستثمر تتراجع، ما ينعكس سلبًا على تدفق رؤوس الأموال".
أما فيما يتعلق بدور نقابة المحامين، فقد وصفه عطالله بالضعيف، مشيرًا إلى أن الإضراب لم يعد يُشكل ورقة ضغط حقيقية على الدولة، بسبب التراجع في قوة النقابة وتشرذم صفوفها. وأضاف: "منذ عام 2000، تعاني النقابة من صراعات داخلية مزمنة، أضعفت تأثيرها أمام مؤسسات الدولة وأفقدتها ثقة قاعدتها النقابية".
وأشار إلى أن بعض المحاكم تجاهلت الإضراب وشطبت دعاوى، كما أن عددًا من المحامين لم يلتزموا به، نتيجة خلافاتهم مع النقيب العام، ما يعكس هشاشة الصف النقابي في وقت بالغ الحساسية.
واختتم عطالله تصريحاته بالتأكيد على ضرورة مراجعة الأدوات التي تمتلكها النقابة في مواجهة أزمة الرسوم القضائية، داعيًا إلى استعادة روح العمل النقابي الحقيقي وضمان استقلال المهنة.