يمانيون – متابعات
لم تشهد اليمن في تاريخها ثورة كثورة الـ 21 من سبتمبر التي شاركت فيها كل أطياف الشعب اليمني تحت قيادة موحدة وحكيمة متمثلة في السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله – والذي أدار الحراك الثوري بنجاح فائق عبر ثمانية خطابات كان يطل فيها مع كل مرحلة، تصعيد حتى إعلان الانتصار.

ومع كل خطاب يعلن فيه السيد القائد عن مرحلة تصعيد كان الثوار على أهبة الاستعداد لتنفيذها إيماناً منهم بضرورة المضي في طريق الثورة لإنقاذ اليمن، ومستقبل الشعب من سلاسل الهيمنة الخارجية وقيود السفراء ورضوخ واستسلام الحكام، فكان هذا التحول الذي تشهده اليمن اليوم، والذي لا يصنعه إلا قائد وشعب، وهما متلازمتان لا ينفكا عن بعضهما ولن ينفكا حتى تحقيق كامل أهداف الثورة وتحرير كامل تراب الوطن من الغزاة والمحتلين .

التقرير التالي يسلط الضوء على التسلسل الزمني لـثورة الـ 21 من سبتمبر منذ البداية وصولاً إلى إعلان الانتصار.

في مطلع العام 2011م، خرجت جموع الشعب اليمني في ثورة يتقدمها الشباب يرفضون استمرار الفساد والقهر، والارتهان للخارج وفي خضم الثورة ذهب اللقاء المشترك إلى الرياض للتوقيع على المبادرة الخليجية بإشراف السعودية متجاهلاً ثوار الساحات ومحاولاً تهدئة ثورة الشباب المتفجرة.

ورغم ان القوى الخارجية نجحت في احتواء أحزاب اللقاء المشترك لكنها لم تنجح في تطويع الشباب وقوى ثورية أخرى رفضت تكريس النظام الفاسد واستمر حراكهم مفعماً بالإيمان بضرورة التغيير، وهو ما ظهر جلياً في المسيرات التي خرجت لرفض التوقيع على المبادرة الخليجية.

تم تجاهل الرفض للمبادرة الخليجية حيث أصدر هادي بالإنابة في فبراير 2011م، تكليفا لمحمد سالم باسندوه لتشكيل الحكومة، ليتم انتخاب هادي رئيساً للبلاد في الـ24 من فبراير 2012م في انتخابات شكلية لم تحظ بالشعبية الكافية ليدخل اليمن مرحلة جديدة أكثر ارتهاناً للخارج.

لم يمر الوقت طويلاً حتى أعلن هادي في الـ4 من ديسمبر 2012 ، قراراً بتشكيل لجنة عسكرية وأمنية تتولى إعادة هيكلة القوات المسلحة والذي اعتبره البعض اكثر مشاريع القوى الخارجية طموحاً إذ كان لافتاً إعلان مجلس الأمن الدولي في الـ 19 من ديسمبر تأييد هيكلة الجيش.

في العام التالي 2013 أخذ سيلان الدم في الاتساع أكثر حيث ضربت موجة اغتيالات عدداً من كوادر المؤسسة العسكرية، وتعالى منسوب الحوادث المستهدف للسلاح الجوي اليمني كأبرز نتيجة لهيكلة الجيش .
وبالتزامن مع ما كان يجري في الشارع اليمني من تطورات ترأس السفير الأمريكي في الـ 17 ابريل 2012م، اجتماعا للجنة العسكرية، ومعها الفريق العسكري الأمريكي وتسلم الأمريكيون بيانات القوات المسلحة وأرقامها وأنواع السلاح وأسماء القيادات العسكرية ووضعها وهياكلها .

وبعدها بيوم واحد فقط استقبل هادي الضباط الأمريكيين في اجتماع وطلب منهم ان يباشروا هيكلة الجيش وفق أسس حديثة ومهنية حسب تصريحه.

لم يمر أكثر من شهرين حتى أصدرت أمريكا في يونيو 2012 م قراراً عبر مجلس الأمن رقم “ 2051” لسنة “2012” دعا : إلى التنفيذ الكامل للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لغرض إنهاء الثورة الشعبية التي انطلقت في مطلع العام 2011م .

وينص القرار على ضرورة: “ (أ) عقد مؤتمر حوار وطني شامل. (ب) إعادة هيكلة القوات الأمنية والمسلحة. (ج) اتخاذ خطوات لمعالجة العدالة الانتقالية (د) الإصلاح الدستوري والانتخابي.

وفي الـ 7 من سبتمبر زار هادي أمريكا وبريطانيا والتقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما .. معيداً التأكيد على التزامات سلفه علي صالح في إباحة الأجواء اليمنية للطائرات الأمريكية وفتح قواعد عسكرية وأمنية ومخابراتية في صنعاء والعند وعدن وحضرموت .

قوات المارينز تصل إلى صنعاء
في سبتمبر 2012م، أكد السفير الأمريكي “ جيرالد فايرستاين “ أن “ قوات من المارينز الأمريكي وصلت صنعاء ، ليعقبه اقتحام فرقة من قوات المارينز لبعض بيوت المواطنين في محافظة لحج في الـ 30 من مايو 2013م.

وفي الشهر التالي يونيو 2013م، يظهر هادي وهو يمتدح ضربات الطائرات الأمريكية ويقول إنها أعجوبة، خلال لقائه بالرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير الدفاع الأمريكي “تشاك هيغل”.

وفي ديسمبر 2013 نفذت طائرة أمريكية بدون طيار غارات بأربعة صواريخ هيلفاير على موكب عرس مكون من 11 سيارة في البيضاء، قتلت الغارة ما لا يقل عن 12 رجلاً وألحقت إصابات بـ 15 آخرين على الأقل.

إنتهاء مؤتمر الحوار
في يناير 2014 انتهى مؤتمر الحوار الوطني بعد عام من استمرار الجلسات في فندق موفمبيك والذي كان بالنسبة للقوى الوطنية الحية ممراً مأمولاً الى مستقبل أفضل، ولكن سرعان ما اتضح انه محطة للتخلص من الاحتقان الشعبي والحالة الثورية التي استقطبت جزءاً من الشارع اليمني .

ومن خلال جلسات مؤتمر الحوار اتضحت محاولات القوى التقليدية لإزاحة بعض الأطراف المشاركة فيه من خلال عمليات الاغتيال.

اليمن تحت الفصل السابع
في الـ25 من فبراير 2014 م أصدر مجلس الأمن قرارا برقم “2140” يضع اليمن تحت الفصل السابع بطلب أمريكي ، وجاء فيه “الحالة في اليمن تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين في المنطقة”، والتهديد بفرض عقوبات على من سيعرقلون عملية الانتقال السياسي “ .

حكومة باسندوة تعلن الجرعة
في 30 يونيو 2014 أقرت حكومة باسندوة الجرعة السعرية الجديدة “القاتلة” برفع الدعم عن اسعار الوقود بنسبة 100 بالمائة خلال إجازة عيد الفطر المبارك .

انطلاق الثورة
ورغم حالة السخط الشعبي من حكومة باسندوة إلا ان هذه الحكومة أكدت عدم إكتراثها بالشعب ومضيها في اتخاذ القرارات التي أدخلت الشعب في مزيد من المعاناة وهو ما دفع بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي الى إنذار هذه الحكومة في خطابه الذي عُرف بخطاب الإنذار الأخير للتراجع عن الجرعة، وتحدث فيه السيد القائد عن الوصاية الأمريكية على البلاد ومخاطرها وتمظهراتها ، ودعا فيه جماهير الشعب للتحرك والخروج في مظاهرات لرفض الجرعة ، معتبراً قرار الجرعة وتوقيته عاملًا من عوامل الاستهداف وليست أبداً في سياق إصلاحات اقتصادية.

وبالفعل استجابت جماهير أبناء الشعب اليمني لدعوات السيد القائد وخرجت في مظاهرات حاشدة في العاصمة صنعاء والمحافظات .

التصعيد الثوري
ونتيجة لعدم استجابة حكومة باسندوة وعدم قيامها بإلغاء قرار الجرعة القى السيد القائد في الـ 13 من اغسطس 2014 ، خطابا هاما أعلن فيه : ان إسقاط: الجرعة ، إسقاط الحكومة، تنفيذ مخرجات الحوار الوطني” هي أهداف للثورة ، وأمهل الحكومة خمسة أيام للتراجع عن الجرعة، ودعا الجماهير إلى الخروج الجماهيري الشعبي الكبير ،، وأكد بعدم التفريط في مطالب الشعب.

وفي الـ 14 من أغسطس ، وحتى الـ 17 من أغسطس شهدت صنعاء والمحافظات مسيرات ومظاهرات جماهيرية ضخمة تطالب بإسقاط الحكومة والجرعة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني .

اعلان الخطوات الثورية الضاغطة
في الـ 17 من أغسطس ألقى قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي خطاباً أعلن فيه خطوات تصعيدية شعبية ضاغطة، بعد انتهاء مهلة الخمسة أيام التي وضعها أمام الحكومة لتنفيذ مطالب الشعب، وتمثلت الخطوات في: في الاحتشاد الجماهيري من كل المحافظات إلى العاصمة صنعاء ونصب الخيام على مداخل العاصمة، وتنظيم مسيرات مكثفة داخل الأمانة.

وفي الـ 18 من اغسطس خرجت مسيرات ضخمة في العاصمة، وبدأت الحشود تتدفق إلى منطقة همدان شمالا وهناك نصبت مخيمات، كما حدث ذلك في الصباحة مدخل العاصمة صنعاء من جهة الغرب، وفي حزيز مدخل العاصمة صنعاء من جهة الجنوب.

وفي الـ 19 أغسطس تدفقت الحشود من الجوف ومارب وحجة والحديدة وذمار وإب ومن كافة المحافظات إلى مخيمات الاعتصام السلمي ، مع استمرار المظاهرات وسط العاصمة .

المرحلة الثانية من التصعيد
في الـ 21 من اغسطس 2014 القى قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي خطابا أكد فيه أن الاعتصامات سلمية وأن الثورة مستمرة حتى تحقيق مطالب الشعب ، ودعا لبدء المرحلة الثانية من التصعيد.

في ذات اليوم، التقى قائد الثورة وفدا سياسيا ورسميا من صنعاء شكله هادي لمناقشة قضايا الثورة وتنفيذها، ولم يسفر ذلك عن اي تحرك من قبل هادي لتنفيذ مطالب الثوار.

وفي الـ 22 من أغسطس أدى الشعب صلاة الجمعة في الساحات ، وخرج بمظاهرات تصعيدية ضخمة في العاصمة صنعاء .

وفي الـ 24 من أغسطس، وصل وفد حزبي ورسمي الى صعدة للقاء قائد الثورة .

المرحلة الثالثة من التصعيد “ جمعة الإنذار “
في يوم الجمعة 31 اغسطس القى قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي خطابا هاما وأعلن عن سلسلة خطوات ثورية تمثلت في : رفع الشعب اليمني الشارات الصفراء خلال صلاة الجمعة وفي المحلات والمتاجر ووسائل النقل تعبيرا عن الإنذار للحكومة، ونصب الخيام أمام وزارات الكهرباء والمواصلات والداخلية والبريد المركزي ، والتي أدت إلى إغلاق شارع المطار ، إضافة الى فتح مخيمات اعتصام في مناطق حساسة بمداخل العاصمة ووسطها ، وبدء مرحلة العصيان المدني الشامل ابتدأت بأربع ساعات في العاصمة صنعاء لتتسع بعدها ساحات الثورة ، وتواصلت مواكب الثوار المتدفقة إلى العاصمة صنعاء، ومواكب المدد والقوافل الشعبية ، واحتشد الناس من كل المناطق إلى المخيمات .

الثورة الشعبية في مواجهة مسلحة
في الـ 7 من سبتمبر 2014م ، تعرضت مخيمات الثوار المعتصمين في خط المطار لاعتداء بالرصاص ومحاولة اقتحام من قبل مليشيات وجنود أمن يتبعون وزارة الداخلية بقرار من الحكومة وسقوط 40 جريحا من الثوار.

وفي الـ 9 من سبتمبر، اتجهت مظاهرات شعبية كبرى إلى رئاسة الوزراء وتعرضت بدورها لقمع مكثف بالقناصات والرشاشات والأسلحة المتوسطة من قبل عناصر الفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن الأحمر ليسقط سبعة شهداء و75 مصاباً بالرصاص و144 بالغازات السامة و50 معتقلاً .

المرحلة الأخيرة للثورة “ جمعة الغضب“
في الـ 12 من سبتمبر، أدى الثوار الصلاة في شارع المطار مطالبين بمحاسبة قتلة الثوار في ساحة رئاسة الوزراء، مؤكدين استمرار التصعيد الثوري حتى تحقيق المطالب ، ورفع الثوار الشارات الحمراء في إشارة إلى المطالبة برحيل الحكومة والقتلة.

وفي الـ 13 من سبتمبر بدأت مليشيات الإصلاح وقوات علي محسن الأحمر بقصف المخيمات بالمدفعية والرشاشات ، واعتدت على المتظاهرين وأعلنت الحرب في مداخل صنعاء.

وفي الـ 17 من سبتمبر نصبت مليشيات الإصلاح وقوات علي محسن الأحمر كميناً غادرا للثوار في منطقة همدان، بعدها طهر الثوار منطقة همدان بالكامل ووصلوا إلى شملان ومذبح شمال غرب العاصمة صنعاء في الـيوم التالي الـ18 من اغسطس.

وفي الـ 19 من سبتمبر دخل المبعوث جمال بن عمر مع وفد حزبي ورسمي إلى لقاء مغلق مع قائد الثورة في محافظة صعدة.

اقتحام الفرقة وجامعة الإيمان
وكرد على الاعتداءات التي كانت تأتي من مقر الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان كسر الثوار الأسوار في عشية الـ20 من سبتمبر في معسكر الفرقة الأولى مدرع وجامعة الإيمان وطهروا التباب المجاورة.

وفي صباح الـ 21 من سبتمبر أقتحم الثوار الفرقة وجامعة الإيمان، وانجزوا عملية التمشيط .

حكومة ياسندوة تقدم استقالتها
في عشية الـ 21 سبتمبر قدمت حكومة باسندوه استقالتها .. فيما أعلنت وزارة الدفاع والأركان العامة والدفاع الجوي والتوجيه المعنوي التأييد لثورة الشعب اليمني ،و انحيازها الكامل للثورة، ليشكل الثوار بعد ذلك لجانا أمنية لحماية الممتلكات العامة والخاصة بعد انسحاب الجيش والشرطة ، وبذلك تمكنوا من فرض استقرار أمني كامل في كل العاصمة صنعاء .

وفي مساء الـ 21 من سبتمبر 2014، عاد جمال بن عمر من لقائه المغلق بقائد الثورة حاملا معه مرسوم اتفاق السلم والشراكة ، داعياً المكونات السياسية والرئيس ورئيس البرلمان إلى توقيع الاتفاق في القصر الجمهوري بصنعاء.

وفي اليوم التالي اجتمعت المكونات السياسية والحزبية لتوقيع اتفاق السلم والشراكة.

قائد الثورة يلقي خطاب النصر
وفي الـ 22 من سبتمبر احتفل الشعب اليمني في ميدان التحرير بالنصر المؤزر الذي حققه الشعب اليمني في ثورته المجيدة وتوجهوا بالشكر إلى الله على تأييده .
والقى قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي خطاب النصر .. مؤكداً أن الثورة اليمنية أنجزت أولى مراحلها، وتبقى أمامها مسيرة طويلة من التحرر والاستقلال .. معتبراً انتصار الثورة انتصار لكل الشعب اليمني، ومكوناته .. مشيراً إلى أنها الثورة الأولى التي أنجزت وأسست لمرحلة جديدة قائمة على الشراكة والتعاون بين الجميع، ومؤكداً على أن الثورة لن تقصي أحدا ولن تنتقم من أحد .

صحيفة الثورة / محمد الروحاني

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الـ 21 من سبتمبر العاصمة صنعاء الشعب الیمنی السید القائد فی العاصمة من اغسطس من أغسطس وفی الـ فی الـ

إقرأ أيضاً:

القضية الفلسطينية في ضمير ووجدان السيد القائد!!

يمانيون | يحيى الربيعي
تحتل القضية الفلسطينية الركيزة الأساسية في الوجدان اليمني، وهي تتجسد برسوخ أعمق في خطابات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، يحفظه الله، كقضية مركزية تتجاوز الأبعاد السياسية لتلامس عمق الضمير الإيماني والأخلاقي. إن موقفه هو تعبير عن التزام راسخ، يتجذر في المبادئ الدينية والإنسانية، ويُترجم إلى مواقف عملية وإجراءات عسكرية ملموسة.

يرى السيد القائد أن دعم فلسطين واجب لا يمكن التنازل عنه، وهو ما يتضح جلياً في كل كلمة يلقيها، مؤكداً على أن هذا الدعم هو “إيماني مبدئي جهادي شجاع وحر وإنساني وأخلاقي.”

الأساس الإيماني والأخلاقي للموقف اليمني
يؤكد السيد القائد باستمرار على أن دعم الشعب الفلسطيني هو واجب ديني وأخلاقي لا يمكن إنكاره على الشعب اليمني والأمة الإسلامية جمعاء. هذا الموقف الثابت لا يتزعزع “مهما كانت ردة الفعل من قبل العدو الإسرائيلي”، ويظل راسخاً رغم العدوان الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، والحصار الاقتصادي، والحملات الدعائية.

وفي خطابات تطغى عليها مشاعر التضامن والوقوف مع حقوق الشعب الفلسطيني، يُدين السيد القائد بشدة الأعمال الإسرائيلية الإجرامية، معرفاً إياها بـ”الإبادة الجماعية”، و”جرائم الحرب”، و”الجرائم ضد الإنسانية”. حيث يركز على استهداف الأطفال، والنساء، والمدنيين الأبرياء، كدليل واضح على القتل الممنهج والعمد، الذي يكشف بوضوح أن العدوان الإسرائيلي يسعى إلى القضاء على هذا الشعب بطريقة ممنهجة وإجرامية.

ويشير السيد القائد إلى أن “الإبادة الشاملة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تمثل هدفاً واضحاً للعدو الإسرائيلي، وسلوكه الإجرامي اليومي يفضح هذه الحقيقة المرة”. فضلاً عن ذلك، يربط الموقف اليمني بالتأطير الديني والأخلاقي، بهدف إضفاء الشرعية على مواقفها وإجراءاتها، بحيث تكرس اليمن كمنارة للمقاومة في مواجهة الظلم العالمي، وتصب في خدمة قضية عادلة تتطلب الوقوف بجانب المستضعفين وسحق ظلام المحتل وطغيانه.

إدانة التطبيع والتقاعس العربي والدولي
لا يتوقف خطاب السيد القائد عند نقطة دعم المقاومة، وإنما يمتد ليشمل نقداً لاذعاً للمواقف العربية والدولية. يصف الموقف العربي بأنه “ضعيف، عشوائي، غير مدروس، والذي سرعان ما انحدر إلى مستوى التطبيع الفاضح المخزي”. ويشدد على أن “التطبيع ليس مجرد علاقة طبيعية مع محتلٍّ مجرم، بل هو تعاونٌ مع عدوٍّ للأمة في دينها ودنياها”.

كما ينتقد السيد القائد “التخاذل العربي والإسلامي تجاه غزة”، معتبراً إياه “وصمة عار وتواطؤ مكشوف مع العدو الصهيوني”. ويشير إلى أن الشعب الفلسطيني يشعر “بالخذلان العربي وخذلان المسلمين بشكل عام قبل غيرهم لأن المسؤولية عليهم قبل غيرهم”.

أما على الصعيد الدولي، فيرى السيد القائد أن الإبادة الجماعية في غزة هي “هدف إسرائيلي أمريكي مشترك”. وينتقد الولايات المتحدة لتزويد إسرائيل بـ “شحنات لا تتوقف” من القنابل المدمرة، وتقديم “دعم مفتوح وتبنٍ كامل” لجرائم إسرائيل. ويأسف لأن “الأموال العربية هي من أهم مصادر تمويل تلك القنابل” من خلال الاستثمارات في الولايات المتحدة. كما يصف الدور الأمريكي بأنه “شراكة متكاملة” في التخطيط والمعلومات والعتاد العسكري والسلاح والغطاء السياسي، حتى في مجلس الأمن.

التعبئة الشعبية والدعوة للجهاد
تُعد التعبئة الشعبية أحد الركائز الأساسية للموقف اليمني، حيث يظل السيد القائد يدعو بشكل دائم إلى تنظيم “مسيرات مليونية” سواء في صنعاء أو في المحافظات الأخرى، لتكون رسالة واضحة للعدو الإسرائيلي وللعالم بأسره.

وهو يثمن عالياً زخم الحضور الجماهيري وتفاعل الشعب اليمني مع هذه الفعاليات، معتبراً إياها “واجباً إيمانياً” لا يجوز التفريط فيه، ويميزها بـ “طابع غير مسبوق”، خاصة في ظل “التخاذل العربي المخزي” الذي يعم الساحة الإسلامية، حيث لم تتمكن أغلب الدول من تقديم أي من أنواع سواء الدعم المادي أو المعنوي المطلوب للقضية الفلسطينية.

وتأتي هذه المسيرات لتؤكد للعدو الإسرائيلي أن الشعب اليمني “لا يرهبه أي عدوان مهما بلغت قوته”، وأن إيمانه المبدئي الجهادي، وحرصه على المبادئ الإنسانية والأخلاقية، لن يتزعزع أمام أي تهديد، بل سيظل متمسكاً بمواقفه الجريئة والصلبة، في دعم القضية الفلسطينية والذود عنها بكل قوة، مدافعاً عن الحق والعدل، ومبيناً أن الشعب اليمني هو صوت المقاومة والجهاد المقدس في وجه جرائم الإبادة والتجويع والتهجير التي يتعرض لها أبناء غزة، وأنه الصوت الذي سيظل مرفوعاً ومدوياً حتى إنهاء الجرائم الصهيونية وإنهاء الاحتلال.

وسيبقى السيد القائد يحث- مراراً وتكراراً- أنظمة الدول التي تفصل اليمن جغرافياً عن فلسطين المحتلة على “فتح منافذ لعبور شعبنا الذي سيتحرك بمئات الآلاف لنصرة الشعب الفلسطيني”.

وقد أعرب عن أمله الشديد في تحقيق ذلك، مؤكداً: “نحن كنا نتمنى أننا بالجوار من فلسطين، وكنا- لو تهيَّأ لنا ذلك- لبادر شعبنا بمئات الآلاف من المجاهدين للمشاركة المباشرة مع الشعب الفلسطيني… ولكن مهما كانت العوائق، لن نتردد في فعل كل ما نستطيع، أن نفعل كل الممكن، كل ما بأيدينا أن نفعله”. ويعلن صراحة أن “هذا هو وقت الجهاد أكثر من أي وقت مضى وفي ميدان واضح، وقضية واضحة وضد عدو صريح للإسلام والمسلمين وفي قضية عادلة”.

الانخراط العسكري المباشر.. أرقام وشواهد
لم يقتصر الموقف اليمني على الخطاب، بل ترجم إلى انخراط عسكري مباشر وفاعل، ضمن ما يعرفه السيد القائد بـ”محور الجهاد والمقاومة”. فعل مستوى العمليات البحرية في البحر الأحمر والعربي وخليج عدن وباب المندب والمحيط الهندي، يؤكد السيد القائد استمرار “الحظر البحري على العدو الإسرائيلي”، مشيراً إلى أن ميناء أم الرشراش (إيلات) قد عاد إلى “الإغلاق التام”. مشيراً إلى أن العمليات اليمنية تمتد عبر “البحر الأحمر والبحر العربي وصولاً إلى المحيط الهندي”، وتشمل خليج عدن وباب المندب. مشدداً على حقيقة أن الحصار يستهدف بشكل خاص السفن المتجهة من وإلى “موانئ فلسطين المحتلة”، بينما يُسمح لما دون ذلك من سفن بالمرور الآمن دون اعتراض إذا لم تكن متجهة إلى هذه الموانئ.

أما على مستوى استهداف العمق الصهيوني في الأراضي المحتلة، ففي عمليات القصف لأهداف استراتيجية وتابعة للعدو الإسرائيلي في أم الرشراش، يافا، أسدود وغيرها من المواقع الحيوية، يؤكد السيد القائد أن هذه الأهداف تعرضت “للهجوم في أكثر من مناسبة”، وأن عملية إغراق السفينتين التابعتين لشركات انتهكت الحظر اليمني على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، قد أدت إلى إعادة الإغلاق التام لميناء أم الرشراش، وهو ما يمثل رسالة ردع واضحة وفعالة.

وبلغة الواثق من قدراته، أصبح إعلان القوات المسلحة اليمنية عن فرض “حصار جوي شامل” على “إسرائيل” أكثر من مجرد تعبير عن التضامن مع غزة، بل تحوّل إلى ترجمة عملية لفهم جديد لمعادلة الردع الإقليمي. اليمن، اليوم، يُعد لاعبًا استراتيجيًا لا يُمكن تجاهله، ويُظهر أن قدرة الردع تعد أداة حاسمة في مواجهة العدوان.

بل إن العمليات اليمنية وباعترافات العدو نفسه، قد جاءت لتسحب البساط من رواية تفوق القوة التكنولوجية الغربية، وتُظهر محدودية قدراتها في مواجهة الإرادة اليمنية الصلبة المدعومة بصواريخ فرط صوتية محلية الصنع، تنطلق من جبال اليمن لتخترق أعتى أنظمة الدفاعات الجوية، فتصيب عمق الكيان المحتل بقوة دقة.

كما أن الحقيقة الثابتة تكمن في أن مشهد القوة التكنولوجية الأميركية، التي تتباهى بـ”بطاريات باتريوت”، و”ثاد”، و”القبة الحديدية”؛ قد أظهر عجزها أمام إرادة اليمن الصلبة، وإصراره على مبادئه، وتوجيه ضربة نوعية تزلزل معادلات الردع التقليدية، وتؤكد أن اليمن قادر على أن يُغير موازين القوى ويكتب تاريخًا جديدًا في المنطقة برصيده من القوة والإيمان.

منذ إعلان الموقف اليمني الداعم لقضية غزة في أكتوبر 2023، وحتى الرابع والعشرين من يوليو 2025، سجلت قوات اليمن المسلحة وشعبه الباسل نجاحات نوعية ومؤثرة، تعبر عن إرادة التحدي والصمود، وتؤكد على حجم الانخراط اليمني المتواصل في معركة الدفاع عن الأمة، ضمن السردية الوطنية والثوابت الراسخة لموقف اليمن المبدئي.

ففي المجال العملياتي، أُجريت 1679 عملية عسكرية نوعية، تنوعت بين إطلاق الصواريخ، والطائرات المسيرة، والزوارق الحربية، بهدف تصعيد الضغط على العدو الإسرائيلي، وتوجيه رسائل ردع قوية ومتتالية.

أما على مستوى العمليات البحرية، فقد استهدفت بالدرجة الأولى 90 سفينة تابعة للولايات المتحدة وبريطانيا، بالإضافة إلى سفن كانت في طريقها نحو العدو الإسرائيلي في البحر الأحمر، والبحر العربي، والمحيط الهندي. وخلال شهر واحد قبل 17 يوليو 2025، تم استخدام أكثر من 124 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة، الأمر الذي أدى إلى إعادة إغلاق ميناء أم الرشراش (إيلات) بشكل كامل، بعد محاولاتٍ متكررة من قبل العدو لإعادة تشغيله، في رسالة واضحة على قدرة اليمن على تعطيل أي مسعى عدائي.

وفي العمق المحتل، قامت القوات المسلحة اليمنية باستهداف أهداف إسرائيلية في يافا، والنقب، وأم الرشراش، مستخدمة أحدث أنواع الصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيرة، في وقتٍ أعلنت فيه عن وصول سلاح جديد إلى أهدافه بشكل دقيق، مما يعكس تطور القدرات العسكرية اليمنية وارتفاع وتيرة الردع الاستراتيجي.

وفي إطار التعبئة الشعبية، تستمر مسيرات الجموع الجماهيرية “المليونية” في صنعاء وبقية المحافظات، كل يوم جمعة، وتُعدّ هذه الفعاليات نوعاً من العطاء الإيماني والواجب الوطني، الذي يعبر عن إصرار الشعب اليمني على الثبات والوقوف في وجه العدوان، وعدم الرهبة من أي تهديد. وخلال أسبوع واحد قبل 17 يوليو 2025، شارك نحو 1229 مظاهرة ووقفة شعبية، تعبيراً عن وحدة الموقف ورسوخ الإرادة.

وفي حديثه المستمر، يؤكد السيد القائد على أن الجهود مستمرة لتطوير القدرات العسكرية، لجعلها أكثر فاعلية في مهاجمة العدو الإسرائيلي، وترسيخ مبدأ أن تكنولوجيا المقاومة لن تكون عائقاً أمام الإرادة الصلبة، إذ أن اليمن، باستخدام سلاحه المتقدم من الصواريخ الفرط صوتية والطائرات المسيرة، يفرض واقعا جديدا من المعادلات، يهدف إلى إلحاق تكاليف غير متناسبة بالعدو، وتوجيه رسائل ردع غير مسبوقة في تاريخه.

خلاصة القول:
إن القضية الفلسطينية في ضمير ووجدان السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي هي قضية وجودية، تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة. يتجلى هذا الالتزام في خطاباته، يحفظه الله، والتي تجمع بين العمق الإيماني، والنقد اللاذع للمتقاعسين، والدعوة الصريحة للجهاد، وصولاً إلى الانخراط العسكري المباشر والفاعل.

إن الأرقام والإحصائيات التي يقدمها حول العمليات اليمنية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن وباب المندب وفي العمق الصهيوني، هي شواهد على إرادة قوية لا تلين، وتصميم على نصرة الشعب الفلسطيني، مهما كانت التحديات والتضحيات. هذا الموقف يضع اليمن كفاعل رئيسي ضمن “محور المقاومة”، ويعكس طموحاً جيوسياسياً أوسع لتحدي الديناميكيات الإقليمية القائمة وإعادة تشكيلها. وسيظل الموقف اليمني من القضية الفلسطينية قوة دافعة رئيسية في سياسات اليمن، مما يؤثر على الافعال ولغة الخطاب، ويضع اليمن كلاعب ثابت ومؤثر في المشهد الجيوسياسي الإقليمي.

مقالات مشابهة

  • نص كلمة قائد الثورة حول آخر مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية
  • تنظيم التصحيح الشعبي الناصري يؤكد تأييده الكامل لخطاب قائد الثورة
  • بيان لـ الغرفة التجارية بالعاصمة صنعاء
  • اللقاء المشترك يؤيد مضامين خطاب السيد القائد ويدعو للمشاركة الواسعة في مسيرات الغد
  • السيد القائد يدعو الشعب اليمني للخروج الواسع غدًا الجمعة في العاصمة صنعاء والمحافظات
  • الرئيس الإيراني عن أزمة المياه: السدود قد تجف بحلول سبتمبر
  • حين يصارحنا القائد
  • جامعة صنعاء تعاهد قائد الثورة بالمضي في نصرة غزة وتبارك مرحلة التصعيد الجديدة
  • القضية الفلسطينية في ضمير ووجدان السيد القائد!!
  • وقفات طلابية تضامنية في حجة مع الشعب الفلسطيني