يمن مونيتور/قسم الأخبار

يشهد اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم بسبب الصراع الذي استمر لأكثر من تسع سنوات في أعقاب انقلاب الحوثيين في عام 2014، مما عرض مواقعه الثقافية الغنية والتحف للخطر بسبب النهب والتهريب والتدمير. يوجد في اليمن خمسة مواقع للتراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.

ولكن في خضم هذه الأزمة، وبينما تتعامل الحكومة اليمنية مع خسائر كبيرة في الأرواح والدمار الذي لحق بمجتمعاتها والتحديات السياسية التي لا حصر لها، أعطت الأولوية لحماية تراثها – مما يثبت مرة أخرى أهمية الثقافة لهوية الأمة وتاريخها، وكيف يمكن أن يوفر الحفاظ عليها في أوقات النزاع إحساسا بالاستمرارية والأمل في المستقبل.

للاستفادة من الحماية الدولية المتاحة، قام اليمن بسلسلة من الإنجازات الجبارة في عام 2019، بما في ذلك التصديق على اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة.

وإدراكا منه بأن سوق الفن الأمريكي يشكل 45 في المائة من الإجمالي العالمي وغالبا ما يكون بمثابة الوجهة النهائية للآثار المسروقة من اليمن ومناطق النزاع الأخرى، شرع اليمن في عملية معقدة أنشأها القانون واللوائح الأمريكية لمنع التراث الثقافي المسروق من دخول الولايات المتحدة.

وقد أدى ذلك إلى فرض قيود طارئة على الاستيراد – وهو معلم رئيسي وانتصار لليمن – مما أدى إلى إغلاق السوق الأمريكية للآثار المسروقة من البلاد والتي واجهت أيضا تحديات للحفاظ على أغراضها الثقافية من النهب بسبب الجماعات الإرهابية مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية والمسلحين المتطرفين بما في ذلك الحوثيين.

في الوقت الحالي، تفتقر الولايات المتحدة إلى السلطة القانونية للتحرك بسرعة لإغلاق حدودها أمام الآثار المنهوبة من البلدان التي تمر بأزمة. وبدلا من ذلك، يتطلب من الحكومات الأجنبية وضع طلبات مرهقة والتنقل في عملية بيروقراطية متعددة الخطوات يحكمها قانون أمريكي عمره 40 عاما. وفي حين يظهر مثال اليمن أنه يمكن القيام بذلك، فإن هذه العملية تشكل عبئا ثقيلا للغاية على البلدان التي تمر بأزمات ويمكن أن تكون في متناول الدول التي هي في أمس الحاجة إليها.

تظهر الصراعات الأخيرة في أفغانستان وأوكرانيا والسودان والنيجر أنه لا يمكننا دائما التنبؤ بموعد ومكان تعرض الثقافة للتهديد. إن النظام الاستباقي الذي يسمح بالاستجابة السريعة للأزمات أو حالات الطوارئ هو نهج أكثر فعالية للاستجابة للتهديدات المتزايدة للابتزاز الثقافي.

يقول المقال المشترك لـ ” بقلم ديبورا لير ومحمد الحضرمي” في صحيفة ذا هيل: يمكن أن تكون حالة اليمن المتمثلة في استخدام المشاركة الوثيقة مع الحكومة الأمريكية لمكافحة الاتجار بالآثار مثالا يحتذى به في بلدان أخرى حول العالم. وساعدت على تحقيق إعادة 79 من آثارها بنجاح إلى الوطن وتوسيع التعاون مع المؤسسات الثقافية للحفاظ على تراثها الثقافي وعرضه.

والولايات المتحدة هي الوجهة الرئيسية للقطع الأثرية المنهوبة ولا تزال الحاجة حتمية للحد من مثل هذا النشاط غير المشروع لحماية الكنوز الثقافية مثل تلك الموجودة في تاريخ اليمن الغني، والتي نجت لآلاف السنين.

من المسلم به أن المدنيين والتراث اليمني سيظلون تحت التهديد حتى عودة السلام، وهو إنجاز لا يمكن تحقيقه إلا من خلال دعم جهود الأمم المتحدة لإنهاء الصراع وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والمرجعيات المحددة. ومع ذلك، يمكن للحكومة الأمريكية التأكد من أن سوق الفن الأمريكي لا يساهم في مأساة اليمن – أو في إلحاق الضرر بالدول الأخرى التي تجد نفسها في خطر.

 

 

 

 

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: التراث الفن اليمن

إقرأ أيضاً:

“الضربات الأمريكية والتهدئة الهشّة”.. تداعيات متشابكة على مستقبل اليمن بين التفاوض والتدمير

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من نواف الحميري

على مدار 52 يومًا، شنّت مقاتلات التحالف الأمريكي ما يزيد عن 1100 غارة جوية على جماعة الحوثي المصنَّفة في قوائم الإرهاب، وذلك بعد استئناف هجماتها على اليمن في 15 مارس/آذار الماضي. جاءت الضربات رغم تحذيرات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للحوثيين بـ”القضاء عليهم” إذا لم يتوقفوا عن استهداف السفن المارة في البحر الأحمر، قبل أن يُعلن عن وقف إطلاق النار بوساطة عُمانية الأربعاء الماضي.

السياق العسكري والسياسي

ينفذ الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيّرات على إسرائيل والسفن المرتبطة بها “دعمًا لغزة” منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ووسّعوا دائرة استهدافهم لتشمل سفنًا أمريكية وبريطانية. وبموجب الاتفاق الأخير، أعلن الحوثيون امتناعهم عن استهداف السفن الأمريكية مقابل توقف الغارات الأمريكية عليهم.

تُفسَّر هذه التهدئة كواحدة من متطلبات تأمين زيارة الرئيس الأمريكي إلى الخليج العربي، وفقًا لخبراء سياسيين، الذين يرون أنها جاءت في سياق المحادثات النووية الأمريكية الإيرانية، ولا تعكس تخلي واشنطن عن خيار القوة، بل إعادة تموضعٍ تمنح إسرائيل “الضوء الأخضر” لمواصلة مهمتها ضد الحوثيين.

تحوّل تكتيكي أم تغيير استراتيجي؟

يُعد قرار الولايات المتحدة بوقف ضرباتها الجوية على الحوثيين تحوّلًا تكتيكيًا يعيد ترتيب الأولويات السياسية والعسكرية، دون أن يُشير إلى تبدّل في الأهداف الاستراتيجية. وقد يُفضي هذا القرار إلى سيناريوهات متعددة، أبرزها عودة الأطراف اليمنية إلى طاولة الحوار.

في هذا التقرير، يناقش “يمن مونيتور” مع محللين سياسيين يمنيين وعرب تداعيات التهدئة الأمريكية على المفاوضات اليمنية، والسيناريوهات المستقبلية، ودور إيران في القرار.

العودة إلى المفاوضات

يرى عادل دشيلة، الباحث في مركز جامعة كولومبيا للدراسات الشرق أوسطية، أن وقف الهجمات الجوية لن يُحدث تغييرًا جذريًا في المفاوضات، موضحًا أن الحوثيين يسعون لفرض مشروعهم عبر القوة العسكرية ويرفضون الشراكة السياسية إلا إذا كانت لصالحهم.

ويشير دشيلة في حديث لـ”يمن مونيتور”، إلى أن السعودية قدّمت خارطة طريق سياسية قوبلت بالرفض الحوثي، رغم تنازلات الحكومة اليمنية والأطراف المنضوية تحتها.

من جانبه، يحذّر د. محمد القباطي، وزير الإعلام السابق، من أن التهدئة منحت الحوثيين فرصة لإعادة التموضع وترسيخ أنفسهم كفاعل إقليمي، مدّعين الانتصار على الولايات المتحدة رغم الخسائر الفادحة.

ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى رفع سقف مطالبهم وتعنتهم في التفاوض، ما يُعقّد احتمالات العودة إلى الحوار.

تداعيات محتملة: بين الأمن النووي والملاحة الدولية

يُرجع د. فارس البيل في حديثه لـ”يمن مونيتورط، قرار التهدئة إلى أسبابٍ أمنية مرتبطة بزيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة، مشيرًا إلى أن الضربات الجوية كانت تهديدًا لسلامة الزيارة. كما يربط القرار بالتقدم في الملف النووي الإيراني، مؤكدًا أن الاتفاق مؤقت ومرهون بنتائج المفاوضات.

بدوره، يرى د. عبد القادر الخلي أن وقف الضربات يُعد مناورة تكتيكية لامتصاص الضغوط الدولية على إدارة ترامب، التي تواجه انتقاداتٍ بسبب فشل التصعيد العسكري في كبح جماح الحوثيين، بل تعقيد الوضع في البحر الأحمر.

ويشير عبد القادر برأيه، إلى أن القرار الأمريكي يهدف إلى تأمين الملاحة البحرية أكثر من كونه خطوة نحو تسوية الأزمة اليمنية.

الدمار المادي وتداعياته السياسية

خلّفت الضربات الأمريكية دمارًا واسعًا في البنية التحتية اليمنية، دون أن تُؤثر بشكل جوهري على القدرات العسكرية للحوثيين.

وفي هذا السياق، يُحذّر دشيلة من أن هذا الدمار يعزز شرعنة الحوثيين كـ”ضحايا عدوان غربي”، مما يرفع شعبيتهم محليًا ويُسهِّل تجنيد المقاتلين.

كما يُعمّق تدمير البنية التحتية الانقسامات المجتمعية، ويدفع اليمن نحو “الصوملة” – أي التفتت إلى كيانات محلية تُدار بأجندات خارجية.

الحوثي وإيران: علاقة المصالح المشتركة

في السياق، يكشف مصطفى النعيمي، الباحث في الشأن الإيراني، أن طهران تستخدم الحوثيين كورقة ضغط في المفاوضات النووية، وتُسرب لهم تفاهماتٍ مع واشنطن لضمان التزامهم بالتوجيهات.

ويشير النعيمي، إلى أن إيران قد تُصعّد عبر الحوثيين إذا تعرّضت مصالحها للتهديد، خاصة في المناطق القريبة من المنشآت النفطية والنووية.

من ناحيته، يوضح أمين بشير، المحلل السياسي اللبناني، أن النفوذ الإيراني على الحوثيين لا يعتمد على الأوامر المباشرة، بل على الدعم التكنولوجي والعسكري الذي يسمح بإدارة مستوى التصعيد. وتستفيد إيران من التهدئة لتخفيف الضغوط الأمريكية في الملف النووي، مع الحفاظ على وجودها الإقليمي.

مسقط واللعبة الإيرانية

في جولة التفاوض الحالية بمسقط، تحاول طهران تسويق نفسها للغرب كـ”ضابطة لسلوك حلفائها” دون تقديم تنازلات ملموسة، وفقًا للمحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي، الذي يصف التفاهم بـ”صفقة صمت” غير مكتوبة: الحوثيون يخففون هجماتهم مقابل تخفيف الضغط الأمريكي، بينما تحتفظ إيران بالحق في إعادة تفعيلهم كورقة ضغط مستقبلية.

ويُضيف الفاتكي أن طهران تسعى إلى “إعادة تعريف دور الحوثيين” ليبقوا أداةً مرنة في مفاوضاتها مع القوى الكبرى، خاصةً في ظل غياب مشروع عربي موحد قادر على مواجهة النفوذ الإيراني المتنامي.

السيناريوهات المستقبلية

يطرح  عبد القادر الخلي ثلاثة سيناريوهات محتملة هي استمرار التهدئة، عبر التزامات متبادلة، لكنها تبقى هشّة دون إجراءات اقتصادية ملموسة ، والتصعيد المتجدد، في حال استئناف الحوثيين هجماتهم البحرية، ما قد يُعيد الضربات الأمريكية ويُدولّن الصراع، وسيناريو ثالث متمثل في الجمود العسكري، عبر تحوّل الصراع إلى حرب استنزاف سياسية واقتصادية، وهو السيناريو الأرجح على المدى القريب.

في الختام، يشكك المحلل السياسي مصطفى النعيمي في استمرار التهدئة، مستندًا إلى تاريخ الحوثيين في نقض الاتفاقات، ما لم تُبرم صفقة جذرية مع إيران – اللاعب الرئيسي القادر على كبح جماحهم، لان الولايات المتحدة الأمريكية لا تنظر للحوثي الا أداة بيد طهران.

يخلص التقرير إلى أن التطورات الأخيرة تُظهِر أن الأزمة اليمنية باتت رهينة حسابات القوى الإقليمية والدولية، حيث تتداخل الملفات النووية والأمن البحري مع الصراع المحلي، مما يُعقّد آفاق الحل ويُبقي اليمن على حافة الانهيار.

 

مقالات مشابهة

  • متخصص: يجب فهم الكتالوج الخاص بك لمعرفة الأشياء التي يمكن التحدث عنها ..فيديو
  • تهديد لمقاتلة F-35 الأمريكية التي تكلّف مليارات الدولارات! صواريخ اثارت ذعر واشنطن
  • روسيا تفجر مفاجأة وتكشف الأسباب الحقيقية التي دفعت ’’ترامب’’ للاتفاق مع اليمن (تفاصيل خطيرة)
  • عادل إمام.. الزعيم الذي كتب تاريخ الفن بضحك ودهاء
  • ماهي الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها الإعلام في السودان في فترة ما بعد الحرب
  • “الضربات الأمريكية والتهدئة الهشّة”.. تداعيات متشابكة على مستقبل اليمن بين التفاوض والتدمير
  • ما الذي قاله السفير الأمريكي في “إسرائيل” بعد خروجه من الملجأ
  • الإمارات تغلق مسجد الشيخ زايد لاستقبال الرئيس الأمريكي.. وترامب يعلق «هذه هي المرة الأولى التي يُغلقون فيها المسجد ليوم واحد إنه شرفٌ للولايات المتحدة
  • ما هو اختبار sat لطلبة الدبلومات الأمريكية؟.. اعرف كيفية الاستعداد له
  • السيد القائد: العدوان الهمجي الوحشي الإجرامي الذي يقوم به العدو الإسرائيلي على قطاع غزة يعتمد على الدعم الأمريكي والغربي (إنفوجرافيك)