كنا صغار نرسم على الرمل والريح بأصابعنا أو بأعواد متيبسة من أغصان الأشجار، عبرنا الدروب، خِضنا البحر المدرع بالفضة وهرولنا إلى الحشائش والبساتين، كبرنا ونحن تحت (الصَرْمْ) و(العوان)،أغلب أوقاتنا حفاة. من قريتنا الصغيرة النائمة ننطلق في ظهيرة مسحورة إلى قرية ريفية رملتها صفراء وجزء منها بلون القهوة.
بالقرب من تلك الدروب نمر على العديد من الأشجار ذات اللون الأخضر المصفر بفعل شح المياه، من بين تلك الأشجار شجرة بمعزل قليلا عن بقية الأشجار وتعد شجرة معمرة ذات جذع مجعد، ضخمة وارفة الظلال.
عبق أشجار الغاف، الهرم، طائر (المطيطوة) الغاطس في الهواء، أوراق أشجار الغاف تلمع لجمال لونها الأخضر العشبي المصفر، كانت ثمة بيوت من العريش، تهب عليها نسائم الهواء الباردة و الساخنة. كانت الدروب مسورة بالأخضر البراق وسماء زرقاء مخملية، أيام صيف لن تتكرر مرة أخرى..
يُحكى أنه في تلك الشجرة المعمرة، يسكن مخلوق أسطوري ، كائن ليس معروف، إن كان إنسي أم أتى من بعد آخر غير أن ما نعرفه من حديث الأمهات والأخوة الكبار، يخرج في حر الظهيرة، وفي قتامة الليل، ولديه العديد من السناسل… مخلوق غرائبي نتصوره ضخم البنية، أسود البشرة، بشعر ذو جدائل طويلة كأنها أطراف عنكبوت… قد يكون آت من فراغ أزلي.. عمره عمر الدهر، كأنه (فاوست) وهو أسطورة الساحر في القرون الوسطى، يبيع نفسه للشيطان ليمنحه القوة والمعرفة، يملاؤنا الفزع منه حين المرور بالقرب من تلك الشجرة، نخاله ذو جبين مشقوق ويدين شبيهتين بالجذور. كنا حين نسمع حفيف الشجر أو تمر علينا نسائم من الهواء مختلطة بهديل الحمام أو تغريد العصافير، ننصت وندقق بعمق إن كان هناك ما يخالط هذه الأصوات صوت آخر، صوت معدني يُسحب.. قريب من صوت السناسل التي أخذت جل تفكيرنا، نتخيلها ذات شكل مدور به أقماع مدببة في كل اتجاه موصولة بسلاسل، كنا نسابق الريح حين المرور من هناك، خوفا من أن يشاهدنا ويلتقطنا ليلتهمنا أو نكون عبيدا له إلى آخر الزمان، وفي يوم من الأيام أراد الصبية أن يقتربوا من تلك الشجرة ليتأكدوا من تواجد هذا المخلوق هناك، أخذوا يمشون الهوينة ويقتربون من المكان سمعوا بعدها بصوت السناسل تسحب شيئا فشيئا، بعدها رفعت عن الأرض وكأنها بيد هذا الكائن يحلق بها في الهواء على شكل لولبي، وصل صوتها بفعل حركتها مع الريح، وكأنه يريد أن يهوي بها على كل من يقترب من مخبئة، فهرب الصبية دون هدى، ولم يعودوا مجددا إلى ذلك المكان..
فتحية الفجرية
كاتبة عمانية
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
ترامب ينعي الضحايا الأمريكان في حادث سوريا.. و يهدد: سيكون هناك رد على داعش
نعى دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي ببالغ الحزن والأسى، فقدان ثلاث أمريكيين في سوريا، بينهم جنديان ومترجم مدني، مشيرًا إلى أنهم لقوا حتفهم في هجوم شنه تنظيم داعش في منطقة خطرة خارج سيطرة القوات الأمريكية بالكامل.
ترامب: سيكون هناك رد على داعش
و أضاف الرئيس الأمريكي، أنه سيكون هناك رد على تنظيم داعش الإرهابي، مضيفا أنه إذا هوجمت قواتنا في سوريا مجددا سنرد.
ووصف ترامب الهجوم بأنه عمل إرهابي يستهدف الولايات المتحدة والقوات السورية على حد سواء، مؤكدًا خطورة المنطقة التي وقع فيها الحادث.
و أعلن البنتاغون، اليوم السبت 13 ديسمبر، مقتل جنديين أميركيين ومترجم مدني، وإصابة ثلاثة آخرين، في هجوم وقع بمدينة تدمر وسط سوريا.
أدان توم براك، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا ما وصفه بـ"الكمين الارهابي الجبان" الذي استهدف دورية أمريكية سورية مشتركة في وسط البلاد، مضيفا :"نؤكد التزامنا بمواصلة هزيمة الإرهاب مع شركائنا السوريين".
و أفادت القيادة الوسطى الأميركية في بيان لها، بأن الهجوم نفذه "مسلح منفرد" من تنظيم "داعش"، مشيرة الى أنه جرى الاشتباك مع المهاجم وقتله.
ولفتت الى أن هويات عناصر القوات المسلحة ستُحجب لمدة 24 ساعة، احتراما لعائلات الضحايا ووفقا لسياسة وزارة الحرب، على أن يتم تزويد الاعلام بالتحديثات فور توفرها.
من جهته، أعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث القضاء على "الارهابي" الذي نفذ الهجوم في وسط سوريا على يد "قوات شريكة"، مؤكدا أن "من يستهدف الاميركيين في أي مكان في العالم سيتم ملاحقته وقتله دون رحمة".