الأسواق تواجه التشديد النقدي لفترة أطول مما تتوقع.. كيف ستتأثر؟
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
لم يكن اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي، من وجهة نظر السوق، يدور حول نوايا جيروم باول بشأن معدلات الفائدة لشهر سبتمبر، أو حتى لبقية عام 2023 أو عام 2024، في هذا الشأن.
ما نقله البنك المركزي حقًا، وما ركزت عليه الأسواق، هو نيته أنه بغض النظر عما إذا كان سيرفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام أو سيخفضها عدة مرات في العام المقبل، فإن مسار أسعار الفائدة في المدى الطويل يعتبر أعلى مما كان يتوقعه المستثمرون حيث أنها الأعلى في ما يقرب من عقدين من الزمن.
تعتبر الأسعار مهمة للأسواق لأنها ترتبط مباشرة بتكلفة رأس المال. كما ومن المتوقع أن تسيطر حالة عدم اليقين على السوق وسط الغموض بشأن مستقبل الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
يقول المؤسس المشارك لشركة "DataTrek Research" نيكولاس كولاس، وفقا لـ تقرير نشرته شبكة "CNBC" الأميركية: "هذه التوقعات أزعجت أسواق رأس المال بشكل واضح".
وأضاف: "إعادة ضبط توقعات السوق بشأن أسعار الفائدة الحقيقية كانت مهمة "الفيدرالي" الرئيسية".
منذ ذروة الأزمة المالية في الفترة 2008-2009، كانت عملية اقتراض الأموال رخيصة للغاية، ما أدى إلى ازدهار "وول ستريت" في الأغلب. استخدمت الشركات أسعار الفائدة المنخفضة لتمويل النمو، وإعادة شراء الأسهم، وإبقاء نسبة مرتفعة من السيولة.
لكن اجتماع هذا الأسبوع أشار إلى أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي يتوقعون أن تظل أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
أحد الأسباب هو أن صناع السياسات يعتقدون أنهم بحاجة إلى زيادة تكلفة الأموال لإبطاء ذلك النوع من النمو الاقتصادي الذي يغذي التضخم. والسبب الآخر هو أنهم يشعرون ببساطة أنهم قادرون على القيام بذلك، حيث تظهر التوقعات الاقتصادية الأخيرة أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي يتوقعون أن تظل البطالة منخفضة وأن يتراجع التضخم ببطء إلى مستهدفهم البالغ 2% مع القليل من التباطؤ للنمو الاقتصادي.
وقال رئيس السياسة العالمية واستراتيجية البنك المركزي في "Evercore ISI" كريشنا جوها، إن الموقف الأخير يمثل "تحولًا جذريًا إلى الهبوط الناعم".
وأشار ملخص التوقعات الاقتصادية للفيدرالي إلى ارتفاع معدل البطالة من معدله الحالي 3.8% إلى 4.1% خلال العامين التاليين. وهذا يتجنب ما يسمى بقاعدة "سام"، على اسم خبيرة الاقتصاد في بنك الاحتياطي الفيدرالي كلوديا سام. وتشير القاعدة إلى أن الاقتصاد يدخل في حالة ركود إذا ارتفع متوسط معدل البطالة لمدة ثلاثة أشهر بنسبة 0.5 نقطة مئوية عن أدنى مستوى له خلال دورة معينة.
وجاءت توقعات معدل البطالة في الوقت الذي ضاعف فيه مسؤولو اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، ما يشير إلى أنهم يستطيعون إبقاء أسعار الفائدة أعلى دون التسبب في الركود.
من منظور السوق، يعتقد جوها أن "higher-for-much-longer rate path" وهي عبارة تعني "معدل أعلى من الفائدة لفترة أطول بكثير من التوقعات" سيكون مفيدًا للأسهم الدورية والدولار الأميركي، ولكنه يمثل تحديا لسوق الأسهم الأوسع وخاصة أسهم التكنولوجيا التي لعبت دورًا كبيرًا في رالي 2023.
وقال جوها في مذكرة للعملاء: "سنكون قلقين للغاية إذا اعتقدنا أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يلتزم بشكل صارم بسياساته الجديدة المرتفعة لفترة أطول بكثير". "لحسن الحظ، نعتقد أن باول سيكون واقعيا مع مرور الوقت."
حاليا، الاعتماد على عدم التزام بنك الاحتياطي الفيدرالي باستراتيجية محددة والاعتماد على البيانات هو ما يغذي بعض الأحاديث الأكثر تشاؤمًا في وول ستريت.
ركزت بعض التصريحات من قبل المحللين في وول ستريت يومي الأربعاء والخميس على التزام باول في المؤتمر على السياسة النقدية التي تكلم عنها. بينما يشير التفكير السائد في وول ستريت هو أنه إذا تحرك التضخم نحو الانخفاض، فلن يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة الاسمية مرتفعة لأن أسعار الفائدة الحقيقية سترتفع.
على سبيل المثال، تمسك بنك "مورغان ستانلي" بتوقعاته بأن الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة في هذه الدورة وسيبدأ في الواقع في خفض أسعار الفائدة في أقرب وقت في مارس 2024، مع ثلاثة تخفيضات أخرى تليها.
اقرأ المزيد:
بنوك مركزية خليجية تثبت أسعار الفائدة مواكبة لتحركات الفيدرالي "الفيدرالي" الأميركي يشير لرفع جديد للفائدة هذا العام وتخفيضات أقل في 2024 ماذا تعني بيانات الاقتصاد الأميركي لقرارات الفيدرالي؟ومع ذلك، أشار صناع السياسات، في توقعاتهم "dot plot"، إلى أنهم يرون الآن تخفيضات بمقدار 50 نقطة أساس فقط، أو ربع نقطة مئوية، بحلول نهاية عام 2024. وهذا أقل من أربعة انخفاضات كما هو موضح في التحديث الأخير في يونيو.
إن التخفيض الأقل عدوانية يتماشى أكثر مع توقعات بنك "غولدمان ساكس"، حيث لا يتطلع الاقتصاديون إلى خفض سعر الفائدة حتى الربع الأخير من العام المقبل. والتفكير السائد هو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يفضل إبقاء أسعار الفائدة أعلى، خاصة إذا صمد النمو بينما انخفض التضخم، وهو السيناريو الذي تعتقد الشركة أنه مرجح.
وبحسب "CNBC" الأميركية، قال الاقتصادي في "غولدمان ساكس" ديفيد ميريكل، في مذكرة: "إذا تحرك المشاركون في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة نحو وجهة نظرنا بأن التخفيضات ليست ضرورية، فقد يستنتجون العام المقبل أنه إذا ظل النمو قويًا وظل سوق العمل متشددًا، فإن تخفيضات أسعار الفائدة لا تستحق المخاطرة".
بنك غولدمان ساكس" لا يتوقع أي زيادات أخرى قادمة أيضًا. ومع اعتقاد ميريكل أن توقعات الفيدرالي تشير إلى زيادة واحدة هذا العام، فمن المحتمل أن يكون ذلك مجرد وسيلة لإبقاء خياراته مفتوحة إذا لم تتعاون البيانات مع مستهدفاته.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News الفائدة الفيدرالي اقتصاد أميركي وول ستريتالمصدر: العربية
كلمات دلالية: الفائدة الفيدرالي اقتصاد أميركي وول ستريت بنک الاحتیاطی الفیدرالی أسعار الفائدة لفترة أطول هذا العام وول ستریت إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترامب يصعّد هجومه على باول ويطالب المجلس الاحتياطي بخفض الفائدة
صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومه على رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، مطالبا المجلس بتولي زمام الأمور في حال واصل باول رفضه خفض أسعار الفائدة.
وجاءت تصريحات ترامب -بحسب ما أوردت رويترز- في منشور عبر منصته "تروث سوشيال" غداة قرار البنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
وقال ترامب في منشوره -وفق ما نقلته منصة "إنفستنغ دوت كوم"- "يجب على جيروم "المتأخر للغاية الأحمق العنيد أن يخفض أسعار الفائدة بشكل كبير الآن، وإذا واصل الرفض فإن على المجلس أن يتدخل ويفعل ما يعرف الجميع أنه لا بد من فعله".
تصويت منقسم داخل الاحتياطيقرار الإبقاء على الفائدة -بحسب رويترز- تراوح بين 4.25 و4.5%، وقد تم تبنيه بأغلبية 9 أصوات مقابل صوتين، في انقسام نادر داخل اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة، وهي الهيئة المسؤولة عن قرارات السياسة النقدية.
وتشير الوكالة إلى أن هذه أول مرة منذ أكثر من 30 عاما يُسجل فيها اعتراض اثنين من أعضاء مجلس المحافظين على القرار النقدي، في مؤشر على وجود توتر داخلي بشأن توجهات السياسة النقدية.
يشار إلى أن الرئيس الأميركي هو من يرشح أعضاء مجلس محافظي البنك المركزي السبعة، ويصدّق مجلس الشيوخ على ترشيحهم، مما يمنح الرئيس تأثيرا غير مباشر على تركيبة المجلس، كما تذكر رويترز.
هجوم لفظي متكرروفي منشور آخر أمس الخميس، وصف ترامب باول بلقب "المتأخر جدا"، ووصفه بـ"الخاسر التام"، مضيفا "بلدنا يدفع الثمن"، وفق ما نقلت "إنفستنغ دوت كوم".
وأشارت المنصة إلى أن هذا الهجوم ليس الأول من نوعه، إذ سبق لترامب أن وجّه انتقادات متكررة إلى سياسات باول، خاصة فيما يتعلق بتأخره -حسب تعبيره- في خفض أسعار الفائدة رغم تباطؤ التضخم وتزايد المؤشرات على ضعف النشاط الاقتصادي.
إعلانويرى مراقبون تحدثت إليهم "إنفستنغ دوت كوم" أن ترامب يسعى من خلال الضغط العلني إلى إعادة توجيه السياسة النقدية نحو تيسير أكثر حدة، في إطار ما يعتبره ضروريا لتحفيز النمو الاقتصادي وضمان الاستقرار المالي، خاصة مع اقتراب موسم الانتخابات الرئاسية.
تباين داخل الأسواققرار الفدرالي بالإبقاء على الفائدة جاء -وفق رويترز- مخالفا لتوقعات بعض المحللين الذين رجّحوا بداية خفض تدريجي اعتبارا من سبتمبر/أيلول المقبل، لكن تصريحات باول بعد الاجتماع قللت احتمال حدوث ذلك، مما أثار امتعاض ترامب.
وتضيف الوكالة أن الإبقاء على الفائدة يعكس حذرا داخل البنك المركزي في مواجهة إشارات متضاربة من الأسواق، حيث لا يزال التضخم فوق المستهدف رغم التباطؤ النسبي في بعض المؤشرات الاقتصادية.
ويبدو أن العلاقة بين ترامب وباول مرشحة لمزيد من التصعيد، خاصة في ظل ما وصفته رويترز بأنه "أول مطالبة مباشرة من رئيس أميركي بأن يتجاوز مجلس الاحتياطي رئيسه، ويتولى تنفيذ السياسة النقدية بشكل مستقل".
وبحسب مراقبين اقتصاديين تحدثوا لـ"إنفستنغ دوت كوم"، فإن هذه الدعوة تمثل تجاوزا غير مسبوق لمبدأ استقلالية البنك المركزي، مما قد يفتح الباب أمام جدل دستوري وسياسي في حال قرر المجلس التحرك فعليا بناء على هذه الضغوط.