سلطنة عُمان تحقق نقلةً نوعيَّة في القِطاع السِّياحي وموسم استثنائي لخريف ظفار
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
أصبحت صناعة السِّياحة مصدرًا مُهمًّا ورئيسًا للنُّموِّ الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ للدوَل والمُجتمعات المحلِّيَّة الحاضنة لها، لذا تسعى معظم دوَل العالَم ـ وعلى رأسها سلطنة عُمان ـ إلى تمكين أماكن الوجهات السِّياحيَّة المختلفة في البلاد من بناء القدرات والمهارات اللازمة لإحداث النَّقلة السِّياحيَّة المطلوبة، والعمل على تطوير البنية الأساسيَّة العامَّة والسِّياحيَّة اللازمة لِمَا تُمثِّله صناعة السِّياحة من أهمِّية كبرى في سياسات البلاد نَحْوَ الوصول للتنويع الاقتصاديِّ المنشود للاقتصاد الوطنيِّ، بالإضافة إلى ما تُحقِّقه السِّياحة من فرص استثماريَّة لقِطاع المؤسَّسات الصغيرة والمتوسِّطة تفتح فرصًا وظيفيَّة للأيدي العاملة الوطنيَّة في المحافظات المختلفة، حيث تُعدُّ صناعة السِّياحة ـ بما تملكه سلطنة عُمان من مُقوِّمات لها ـ أحَدَ أبرز وأهمِّ القِطاعات التي تُحقِّق عوائد اقتصاديَّة للمحافظات المختلفة وللمُجتمعات المحلِّيَّة، ما يُعزِّز التوجُّه نَحْوَ اللامركزيَّة التنمويَّة.
وانطلاقًا من تلك الأهداف، حققت سلطنة عُمان نقلةً نوعيَّة كبرى في القِطاع السِّياحي، انطلاقًا من استراتيجيَّة واعدة استطاعت في السنوات القليلة الماضية أنْ يكُونَ لها موقع متميِّز في سُوق السِّياحة العالَميَّة، رغم شدَّة المنافسة الإقليميَّة والعالَميَّة، وعملت على إعادة هيكلة قِطاع السِّياحة مع قِطاع التراث بالسَّلطنة في شقَّيْه المادِّيِّ والطبيعيِّ إلى جانب المعارف التقليديَّة المتنوِّعة، وتوجَّهت لتنفيذ عددٍ من برامج ومبادرات الاستراتيجيَّة العُمانيَّة للسِّياحة التي تتضمَّن تطوير العديد من التجمُّعات السِّياحيَّة في مختلف محافظات السَّلطنة، وحرصت في أثناء هذا التطوير أنْ تأخذَ في الحسبان عناصر الاستدامة وتمكين المُجتمعات المحلِّيَّة، وتعزيز دَوْرها في حماية تراثها الثقافي وحماية إرثها وعاداتها من الاندثار.
وتُعدُّ محافظة ظفار من المحافظات التي أوجدت صدًى عالَميًّا في سُوق السِّياحة، وأضحى موسم خريف ظفار من أكثر المواسم السِّياحيَّة التي تشهد نُموًّا وتطويرًا مُطَّردًا في المنطقة والعالَم، فهناك تتناغم الطبيعة البِكْر مع الطَّقْس الاستثنائيِّ، وباتَتْ ملاذًا متفرِّدًا لِمَن يحرص على الهروب من درجات الحرارة المرتفعة جدًّا في فصل الصَّيف، كذلك ما تملكه المحافظة من إرث تراثيٍّ وثقافيٍّ ومواقع أثريَّة فريدة، أضِفْ إلى ذلك العديد من المنتجات السِّياحيَّة مِثل سياحة الشواطئ، وسياحة المغامرات، وغير من الأنواع السِّياحيَّة المتوافرة في المحافظة، التي ازدادت تألقًا مع الاستثمارات الفندقيَّة الكبرى التي مزجت جَمال الطبيعة وعُمق التاريخ، ما أحدث إمكانات الخدمات الفندقيَّة، وما تمَّ بناؤه من بنَى أساسيَّة سياحيَّة متطوِّرة.
فالزِّيادة المستمرَّة في عدد زوَّار خريف ظفار عامًا بعد عام تؤكِّد ما يُبذل من جهود لتطويره، فقَدْ بلغ عدد زوَّار خريف ظفار منذ بداية الموسم وحتَّى الـ31 من أغسطس 2023م نَحْوَ (924) ألفًا و(127) زائرًا بارتفاع نسبته (17) بالمئة مقارنة بالفترة نَفْسِها من عام 2022م، حيث بلغ العدد وقْتَها (792) ألفًا و(980) زائرًا، وذلك وفق ما جاء في الملخَّص التنفيذيِّ لتقديرات أعداد زوَّار خريف ظفار الصادر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: خریف ظفار
إقرأ أيضاً:
الهويات الترويجية.. تسويق أم انتماء؟
جرت أحاديث كثيرة وكُتبت آراء عدة بعد الإعلان عن الهوية الترويجية لمحافظة ظفار، تحت شعار «ظفار أرض التباشير»، وبين الرأي المؤيد والآخر المعترض نطرح رأينا حول الموضوع بحياد وموضوعية. فالآراء المعترضة ترى بأن هوية ظفار الترويجية هي شجرة اللبان نظرا لمكانتها التاريخية والاقتصادية والثقافية، بينما يرى الطرف الآخر أن «التباشير» تحمل دلالة البشائر، بينما معناها في معاجم اللغة تحيل إلى «الطرائق على الأرض من آثار الرياح، وأوائل كل شيء (لا تستعمل إلا جمعا) تباشير الصباح/ التقدم/ المستقبل/ النهضة».
تعكس الآراء حالة من التفاعل الإيجابي والحرص على تقديم الأفضل للمحافظة وسكانها وزوارها، فلا أحد يشكك في النوايا ولا الاجتهادات التي تقف خلف الهوية الجديدة ولا المعترضين على التسمية، لهذا يستوجب طرح كافة الآراء على منصات الحوار؛ بهدف التوصل إلى صياغة توفيقية تلبي الرغبات وتحقق الأهداف والغايات. لذلك يتوجب طرح مفهوم الهوية الترويجية للنقاش «ظفار أرض التباشير»، والتي أراها هوية مادية تسويقية لا تمس الهوية الثقافية المعنوية القائمة على قيمتي الولاء والانتماء. إضافة إلى أن الهوية «فكرة اخترعتها الحداثة، مثلما خلقت أيضا مقولات السيادة والإقليم والعلم والوطن، والهوية سيرورة من التحول الدائم» (اليزيد بوعروري، الهوية السائلة في المجتمعات المعاصرة: 2022). ولذا فإن الهوية الترويجية تستهدف الآخر الذي قد يكون سائحا أو مستثمرا، مما يعني أنها هي لا تمس الانتماءات ولا القيم، بل تستثمر الماديات كقوة جذب.
إذا سلّمنا بأن الترويج يحمل فكرة التسويق المعلن للعناصر الثقافية والسياحية بهدف خلق قوة جذب في منطقة تشهد طفرة في استقطاب رؤوس الأموال والبناء والتطوير، فإن اللبان يُعد من أهم عناصر الجذب نظرا لقيمته المادية والروحية، فاللبان منتج تجاري حتى وإن أحيطت به القداسة ورفعته الأسطورة. لذلك يتعين إعادة التفكير في توظيف اللبان باعتباره أهم عنصر ترويجي للمحافظة.
لا ننكر أننا نعيش لحظة من التحولات الكبرى التي تستوجب انتهاج طرق مختلفة في التعامل والتفاعل مع المستجدات الراهنة والمستقبلية، بدلا من لعب دور المستهدف وتمثل شعوره، أو التماهي مع أحجار الوادي التي يُخيل للناظر تماسكها وثباتها إلى أن يجرفها السيل.
إننا جزء من العالم الذي تأثر منذ نهاية القرن الماضي بتأثير العولمة والقرية الكونية القائمة على النزعة الاستهلاكية التي تتطلب منا المزيد من تنويع الخيارات والمرونة في التعامل مع أدوات وشروط السوق المهيمن على قرار المجتمعات. وقد وصفت اللحظة الراهنة بالزمن السائل والتي تحتم على الإنسان التفاعل معها بذهنية المؤثر لا المتأثر. ومثلما أسلفنا بأننا جزء من هذا العالم المتأثر بسياسات اقتصادية، فإن المطلوب من المواطن في أي محافظة من المحافظات، المساهمة والعمل على شحذ العزائم لإيجاد مصادر الدخل، والمشاركة مع المؤسسات المعنية لتجاوز المعوقات التي تعترض سبل التحديث والتطوير، والتخلي عن فكرة الهويات البيئية -الحضر، والجبل، والبادية- والتي قد تمثل عناصر هدم وتقوقع وتثبيط همم.
لهذا نراهن على قيمة المواطنة وقوتها في تشكل الوعي المنسجم مع التغييرات المتسارعة على كافة الأصعدة وفي كل الميادين، ولا يمكن مقاومة التغيير إلا بالعلم والعمل. أخيرا نقر بأنه لا ثبات في الحياة فكل شيء قابل للتغير والتمسك بالماديات رهان بائس في عالم يفرض هيمنته وشروطه على الإنسان أي كان موقعه، ولذلك علينا أن نتجنب مصير (أوخيد) بطل رواية التبر للكاتب والروائي الليبي إبراهيم الكوني، والذي لم يتحمل تعذيب جمله (الأبلق) واستسلم لأعدائه وقتلوه؛ لأن الأعداء عرفوا نقطة ضعف (أوخيد) المتمثلة في تعلقه المادي في (الأبلق) وتخليه عن الروح التي لا يصل إليها أحد ولا تُستغل ضده.