ستة أيام قضاها زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في روسيا، وزار خلالها منشآت عسكرية ومدنية روسية عدّة، أثارت حفيظة الغرب.

بعد تلك الزيارات توّجه كيم إلى مناقشة عميقة مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، خلصت إلى الاتفاق على تعزيز التعاون العسكري، فاعتُبرت من الطرفين على أنّها "ذروة جديدة" للعلاقات بينهما.



زيارة كيم إلى روسيا ليست الأولى، فقد زارها في العام 2019، لكنّ الفرق بين الزيارتين كبير في الشكل وفي المضمون: خلال الزيارة الأولى كان بوتين على علاقة طيبة مع الغرب نسبياً، وكان اجتماعه بالزعيم الكوري باعتباره "وسيطاً" مهمته "تنفيس احتقان" بين كوريا الشمالية والغرب.

يومها أيضاً، كانت علاقة كيم بالولايات المتحدة تقترب من تنظيم "قواعد الاشتباك"، خصوصاً في ظلّ سياسة الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب.

أمّا اليوم، فتأتي الزيارة على عكس ذلك تماماً.. علاقات روسيا بالغرب معدومة، وتفصلهما الآلاف من العقوبات والقطيعة شبه التامة مع منسوب مرتفع من التوتر والتحدّي، خصوصاً في ظل الإدارة الديمقراطية للرئيس جو بايدن، التي اعتبرت أنّ الزيارة موجه ضدها وتستهدفها في منطقة آسيا.

خلال تلك الزيارة، تفقّد الزعيم الكوري الشمالي:

- القاذفات الاستراتيجية الروسية ذات القدرة النووية.

- الصواريخ فرط الصوتية.

- السفن الحربية.

وأجرى خلالها محادثات مع الزعيم الروسي في قاعدة "فوستوتشني" الفضائي، حيث ناقشا مسائل عسكرية من بينها الحرب في أوكرانيا، التي اعتبرها كيم "معركة مقدسة" من أجل الدفاع عن سيادة موسكو ومصالحها، وكانت تلك إشارة إلى دعم كوريا لروسيا في هذه الحرب.

أمّا بوتين، فأبدى صراحة اهتمام موسكو بمساعدة كوريا الشمالية، برغم العقوبات، في بناء أقمار اصطناعية فشلت في إطلاقها حتى الآن، وكان هذا بدوره كفيلا بالقول للغرب "إن موسكو ستدعم كوريا الشمالية في مواجهتكم".

هذه النتائج شكّلت صدمة كبيرة للغرب، وخصوصاً واشنطن التي عبّرت عن قلقها من أن تُفضي القمة إلى اتفاق بشأن عقد صفقات أسلحة لدعم العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كما حذّرت من أنّ أيّ اتفاق يتعلق بالأسلحة بين البلدين سيؤدي إلى فرض عقوبات.. وكأن العقوبات شيئا جديدا!

من الواضح أنّ الكرملين تعمّد اختيار قاعدة فوستوتشني الفضائية كمكان للقاء الزعيمين، من أجل بعث تلك الرسالة الصريحة إلى الغرب. وقد تُوجّت تلك الرسالة بالفعل بكلام واضح لبوتين الذي قال: "إنّ موسكو ستساعد بيونغ يانغ في إطلاق الأقمار الاصطناعية.. ولهذا السبب جئنا إلى هنا".

هذا في الشكل، أمّا في مضمون الزيارة، فيمكن اختصار نتائجها بالنقاط العشر التالية:

1- عزّزت الزيارة التحالف بين الطرفين في مواجهة الولايات المتحدة ومساعيها من أجل تشكيل "ناتو آسيوي" مع اليابان وكوريا الجنوبية.

2- أعطت دفعاً للتحالف الثلاثي (الصين، روسيا، كوريا الشمالية)، في مواجهة رباعية "كواد" (الهند، الولايات المتحدة، أستراليا، اليابان).

3- أظهرت أنّ الصين وروسيا قادرتان على "لجم" كيم ساعة تشاءان، أو إطلاق العنان له من أجل إثارة الاضطرابات في آسيا والمحيط الهادئ.

4- الزيارة وجهت رسالة قاسية إلى مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة، ومفادها أنّ روسيا قادرة على انتهاك العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ في المجلس المذكور، وأنّ هذا الانتهاك ليس حكراً على الولايات المتحدة حصراً عند الجدّ.

5- جاءت الزيارة كردّ فعل على زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لفيتنام التي استفزت الصين، خصوصاً أن فيتنام لا تريد أن تكون جزءاً من مبادرة "الحزام والطريق"، وتطمح لأن تكون جزءاً من "الممر الاقتصادي" الذي أعلنت عنه واشنطن والرياض ونيودلهي وأبو ظبي في قمة مجموعة العشرين الأخيرة في الهند.

6- الزيارة خلقت للرئيس بوتين "وضعاً مريحاً"، جعله يخاطب الغرب بلسان يقول: إذا أردتم تجنّب الاضطراب والمتاعب من دولة قوية ومزاجية وربّما نووية، تعالوا إلينا في روسيا والصين.

7- الزيارة ستكون طبقاً دسماً على مائدة المفاوضات التي ستجمع بوتين بالرئيس الصيني شي جينبينغ بين 27 و29 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وذلك خلال احتفالية السنوات العشر على انطلاق مبادرة "الحزام والطريق".

8- الزيارة انطوت على اتفاق تقوم بموجبه كوريا بتزويد روسيا بالأسلحة، وهي عبارة عن ذخائر خفيفة وملايين القذائف المدفعية السوفييتية التي تمتلك منها كوريا الشمالية كميات هائلة وتحتاجها موسكو الآن، في حين تعفي نفسها موسكو من أعباء تصنيع أسلحة بسيطة كهذه وتلتفت إلى الصناعات العسكرية الأكثر ثقلاً وأهمية.

9- تعهدت روسيا بتطوير جيش كوريا الشمالية وتحديث صناعاتها العسكرية ، خصوصاً الأقمار الصناعية الخاصة بالتجسّس والغواصات النووية، وتكنولوجيا الصواريخ والوقود الدافع الصلب للمقذوفات الباليستية العابرة للقارات، إلى جانب مساعدته في التغلّب على أزمة الغذاء ونقص الإمدادات نتيجة العقوبات.

10- ردت موسكو على عزلة الغرب لها، بفك عزلة أكبر خطر قد يهدّدها، ويهدّد خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في آسيا، ومن خلال "استراتيجية مواجهة" جديدة تقفز من فوق قرارات الأمم المتحدة، التي بدت في بعض المواقف غير محايدة ومنحازة إلى المحور الغربي.. وهذا في نظر موسكو الخطوة الأولى في طريق "النظام العالم الجديد".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه كوريا روسيا بوتين علاقات روسيا كوريا علاقات بوتين كيم جونغ اون مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة کوریا الشمالیة من أجل

إقرأ أيضاً:

الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”

يقول مسؤولون بريطانيون إن صور الأقمار الاصطناعية من الفاشر تُظهر تجمُّعات لجثث، وأرضاً مُخضّبة بالدماء، ومقابر جماعية يُشتبه بوجودها – وذلك في سياق ما تصفه المملكة المتحدة بأنه “حملة ممنهجة” لبثّ الرُعب والسيطرة على المدينة عبر الإرهاب.

التغيير: وكالات

فرضت المملكة المتحدة عقوبات على قادة في قوات الدعم السريع شبه العسكرية السودانية مُتّهمين بارتكاب عمليات قتل جماعي، وعنف جنسي وهجمات متعمَّدة ضد المدنيين في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد.

وأكدت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر أن “الجرائم الشنيعة… لا يمكن أنْ تمرّ من دون عقاب”.

وأُعلن عن هذه العقوبات يوم الخميس، وهي تستهدف أربع شخصيات في قوات الدعم السريع، بينهم عبد الرحيم دقلو، نائب قائد القوات وشقيق قائدها محمد حمدان دقلو الشهير بـ “حميدتي”.

وبموجب هذه العقوبات، باتت الشخصيات الأربعة تواجه تجميداً لأصولهم وحظراً على السفر.

ويقول مسؤولون بريطانيون إن صور الأقمار الاصطناعية من الفاشر تُظهر تجمُّعات لجثث، وأرضاً مُخضّبة بالدماء، ومقابر جماعية يُشتبه بوجودها – وذلك في سياق ما تصفه المملكة المتحدة بأنه “حملة ممنهجة” لبثّ الرُعب والسيطرة على المدينة عبر الإرهاب.

وقالت إيفيت كوبر إن الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”، متهمةً قوات الدعم السريع بالتورط في عمليات إعدام جماعية، واستخدام التجويع كسلاح، و”الاستخدام الممنهج والمخطط له سلفاً” للاغتصاب كأداة حرب.

وأكدت وزيرة الخارجية البريطانية أن “العقوبات التي فُرضت اليوم على قادة الدعم السريع تستهدف بشكل مباشر أولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء، فيما ستقدّم حزمة المساعدات المعزَّزة لدينا دعماً منقذاً للحياة لمن يعانون”.

وتعهّدت إيفيت: “المملكة المتحدة لن تدير ظهرها، وسنظل دائماً إلى جانب الشعب السوداني”.

تمويل إنساني إضافي

وإلى جانب العقوبات، أعلنت المملكة المتحدة عن تقديم ما قيمته 21 مليون جنيه إسترليني إضافية كمساعدات إنسانية للمجتمعات المتضررة من النزاع.

وستموّل هذه الحزمة توفير الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية والحماية للنساء والأطفال في المناطق الأكثر تضرراً من العنف.

وبحسب وزارة الخارجية البريطانية، ستدعم هذه المساعدة الجديدة 150 ألف شخص على صعيد الرعاية الطبية والمأوى، إضافة إلى المساهمة في إبقاء المستشفيات قادرة على العمل.

وترفع هذه المساهمة إجمالي الدعم الإنساني البريطاني للسودان هذا العام إلى 146 مليون جنيه إسترليني.

وتؤكد المملكة المتحدة أن الوضع الإنساني في السودان هو الآن الأسوأ في العالم؛ إذ يحتاج حوالي 30 مليون شخص إلى المساعدة، بينما شُرّد داخلياً نحو 12 مليون شخص، وفرّ ما يقرب من خمسة ملايين إلى دول الجوار.

ورفعت لندن مستوى ضغطها الدبلوماسي خلال الأشهر الماضية؛ ففي نوفمبر/تشرين الثاني، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً تقوده المملكة المتحدة يكلّف بفتح تحقيق عاجل في فظائع الفاشر.

كما قدّمت المملكة المتحدة دعماً فنياً لآليات العدالة الدولية، واستثمرت 1.5 مليون جنيه إسترليني في مشروع “سودان ويتنس” لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الهجمات على المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة.

ويقول مسؤولون إن عقوبات إضافية قيد النظر، في إطار الجهود المبذولة لـ”إنهاء الإفلات من العقاب”.

وحثّت الحكومة البريطانية جميع أطراف النزاع – بما في ذلك قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية – على السماح بوصول غير مقيّد للعاملين في مجال الإغاثة، وضمان سلامة المدنيين المحاصرين جرّاء القتال.

مَن هم الذين شملتهم العقوبات؟

عبد الرحيم حمدان دقلو: نائب وشقيق قائد قوات الدعم السريع، “حميدتي”؛ يُشتبه بتورّطه في عمليات قتل جماعي، وإعدامات تستهدف مجموعات إثنية، وعنف جنسي ممنهج، واختطاف مقابل الفدية، وهجمات على مرافق صحية وعاملين في مجال الإغاثة. جدّو حمدان أحمد: قائد قوات الدعم السريع في شمال دارفور؛ يُشتبه بضلوعه في عمليات قتل جماعي، وعنف جنسي، واختطاف وهجمات على طواقم طبية وإنسانية. الفاتح عبد الله إدريس: عميد في قوات الدعم السريع؛ يُشتبه بأنه أشرف على أعمال عنف تقوم على أساس إثني وديني ونفّذ هجمات ضد المدنيين. تيجاني إبراهيم موسى محمد: قائد ميداني في قوات الدعم السريع؛ يُشتبه بمسؤوليته عن الاستهداف المتعمّد للمدنيين في الفاشر.

المصدر: BBC عربي

الوسومالعنف الجنسي المملكة المتحدة حرب الجيش والدعم السريع حقوق إنسان عقوبات على الدعم السريع

مقالات مشابهة

  • تصعيد جوي بين روسيا وأوكرانيا وكييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية
  • الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”
  • جوتيريش: الهجمات التي تستهدف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان ترقى إلى جرائم حرب
  • كانديس أوينز.. اليمينية السوداء التي ناصرت فلسطين وعادت الصهيونية
  • روسيا تختبر طائرة مسيرة جديدة متعددة الاستخدامات
  • الجوازات: يمكن تحويل تأشيرة الزيارة إلى إقامة لأطفال حاملي الإقامة النظامية
  • اعتراف نادر.. كيم جونج أون يكشف المهمة السرية لقوات كوريا الشمالية في روسيا
  • قوة متعددة الجنسيات في قطاع غزة.. الولايات المتحدة تكشف التفاصيل
  • الناتو يحذر من حرب مع موسكو
  • ألمانيا تتهم روسيا بتهمتين تعودان لصيف 2024 وتستدعي سفير موسكو