"يُعتبر تديين العملية التعليمية ومساحة الخطاب الإسلامي المحافظ داخل حجرات الدراسة من أبرز الانتقادات التي يتم توجيهها لنظام التعليم في مصر"؛ ما حول التعليم إلى "فضاء لصناعة التمييز الديني"، على الرغم من جهود التطوير، بحسب إسحاق إبراهيم في مقال بـ"معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط" (TIMEP).

إبراهيم أردف، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن "السياسات التربوية المتعاقبة لوزارة التربية والتعليم، المشرفة على التعليم ما قبل الجامعي، مهدت الطريق لصبغ المناهج التعليمية والإدارة المدرسية بالتوجهات الإسلامية".

واعتبر أنه "تم إدراج الإسلام في كثير من جوانب التعليم العام، خصوصا مقررات التربية الدينية واللغة العربية والدراسات الاجتماعية، وبطريقة تحتفي بالقيم الإسلامية المحافظة على حساب معايير التعددية أو المعتقدات الدينية الأخرى، ناهيك عن دعم التمييز على أساس الدين".

ومنذ "إزاحة جماعة الإخوان المسلمين من سدة الحكم في 2013 (الإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا)"، تحدثت الحكومة مرارا عن "إدخال إصلاحات في مجال التعليم والبحث العلمي، كأحد آليات مكافحة التطرف الديني، ومنها القيام بحذف بعض الدروس التي تحرض على العنف الديني"، بحسب إبراهيم.

ولفت إلى أنه نظام التعليم العام، غير الأزهر، يدرس الطلاب المسيحيون مادة التربية الدينية المسيحية ويدرس الطلاب المسلمون مادة التربية الدينية الإسلامية، ولا يتم تدريس أي أديان أو معتقدات أخرى.

وأضاف أن "بعض المواد الأخرى، مثل مادتي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية، تتضمن دروسا دينية يتخللها بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، والتاريخ والتراث الإسلامي".

 

وتنص المادة الثانية في الباب الأول من الدستور الحالي (لعام 2014) على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، فيما تنص المادة التالية على أن "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية".

اقرأ أيضاً

أين التعليم والصحة ومستوى المعيشة؟.. أولوية الحكومة المصرية لتأخير سن الزواج تثير السخرية

3 صفات أساسية

وحددت المادة 19 من الدستور أهداف التعليم، والذي جعلته حق لكل مواطن، ومن بينها "إرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز"، كما تابع إبراهيم.

وأردف أن "المقررات الدراسية الحالية تتسم بثلاث صفات أساسية، أولا تضمين المناهج التعليمية في مختلف المراحل الدراسية آيات قرآنية وأحاديث نبوية، يتم إجبار الطلاب من مختلف الأديان على مذاكرتها وحفظها والامتحان فيها، وتتضمن بعض هذه الدروس نصوصا تخالف عقائد غير المسلمين".

و"ثانيا: التأكيد على أن الإسلام هو المصدر الوحيد للفضائل والقيم الإيجابية، على النحو الذي يُظهر الديانات الأخرى وكأنها تحض على ارتكاب الشرور أو على أقل تقدير لا تتضمن ما يؤكد هذه الفضائل"، كما زعم.

أما الصفة الأخيرة، بحسب إيراهيم، فهي "التمييز على أساس الدين والتحريض ضد الآخر، فمثلا في كتاب التربية الدينية الإسلامية للصف الخامس الابتدائي، توجد وحدة بعنوان "جند الله" تتناول في سياقها الحديث عن استخدام الدين لتبرير حب الوطن والحديث عن حرب أكتوبر المجيدة لاسترداد سيناء، وهو أمر مقبول".

واستدرك:"لكن الدرس استند إلى ميراث ديني وتاريخي لليهود أثناء حياة نبي الإسلام محمد، وطردهم من المدينة، ليطلق تحذير من طبيعة اليهود الغادرة، وأوجه الشبه بين يهود المدينة المنورة الذين طردهم الرسول ويهود اليوم".

اقرأ أيضاً

مصر.. برلمانية جديدة تنتقد تمييز المقاهي والمطاعم ضد المحجبات

ممارسات تعليمية 

كما يتضمن المناخ التعليمي، كما زاد إبراهيم، "كثيرا من الممارسات التي تُرسخ التمييز على أساس الدين، من بينها تلاوة الآيات القرآنية في طابور الصباح في بداية اليوم الدراسي، وعدم وجود أماكن مخصصة لحصص الدين المسيحي".

وأضاف أن "الطلاب المسيحيون يجبرون على مغادرة الفصل في حصة الدين إلى فناء المدرسة، كما لا يوجد مدرسين مخصصين للتربية الدينية المسيحية، ويقوم بتدريسها مدرسو المواد الدراسية الأخرى، حيث لا يوجد في كليات التربية قسم لإعداد معلم التربية الدينية المسيحية".

إبراهيم قال إنه "تم إعداد وتأهيل قطاع واسع من المعلمين وتأهليهم من قِبل تيار الإسلام السياسي، الذي خطط منذ عقود لإعداد معلمين منتمين إليه، وتجنيدهم للعمل كمدرسين بمجرد تخرجهم".

واستطرد: "فجماعة الإخوان المسلمين، التي كانت أكثر التيارات نشاطا، كان مؤسسها حسن البنا يعمل مدرسا وأدرك منذ البداية أهمية التعليم في تنشئة الفرد المسلم والمجتمع المسلم، الذي يمهد لهيمنة الجماعة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي"، على حد زعمه.

و"لا يمكن إنكار أن وزارة التربية والتعليم قامت بالكثير من التحسينات على المقررات الدراسية، وحذفت تلك التي تحض بشكل مباشر وصريح على العنف ضد المختلفين دينيا، لكن لا تزال الفلسفة القائمة على وضع المناهج تمييزية وتُعلي من شأن الإسلام وتتجاهل الأديان والمُعتقدات الأخرى"، كما أردف إبراهيم.

وشدد على أنه "من الضروري الحد من تديين المناهج وتقليل الخطاب الديني بها (...) وأن لا يتم اختصار مكافحة التطرف في حذف بعض الدروس، بل يجب أن تمتد إلى الإدارة والمعلمين والمناخ التعليمي".

واعتبر أنه لتحقيق هذا الوضع المأمول يجب "أن يكون ترسيخ ثقافة التعددية وقبول الآخر الديني من ضمن فلسلفة التعليم، وقد يكون إشراك المجتمع المدني في عملية الإصلاح أحد الحلول الناجعة".

اقرأ أيضاً

تزايد العنصرية ضد المحجبات في شواطئ مصر

المصدر | إسحاق إبراهيم/ معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر تعليم مدارس دين الإسلام تمييز التربیة الدینیة على أن

إقرأ أيضاً:

"120 عامًا من الريادة.. مدبولي يفتتح قصر غرناطة بعد تطويره ويؤكد: تراث مصر الجديدة ركيزة لهويتنا ومستقبلنا"

تحت شعار "مصر الجديدة.. تراث خالد ومستقبل واعد"، شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، احتفالية مرور 120 عامًا على تأسيس شركة "مصر الجديدة للإسكان والتعمير"، إحدى أقدم شركات التطوير العقاري في مصر والشرق الأوسط، والتي أُنشئت على يد البارون إمبان عام 1905.

أقيمت الاحتفالية في قصر "غرناطة" التاريخي بحي مصر الجديدة، بعد انتهاء أعمال ترميمه وإعادة تأهيله، ليُعاد افتتاحه رسميًا كمركز ثقافي وسياحي متكامل بالشراكة مع شركة متخصصة في إدارة الأصول التراثية، ما يمثل نقلة نوعية في توظيف التراث لخدمة التنمية المستدامة.

قصر غرناطة يعود للحياة مركزًا ثقافيًا وسياحيًا في احتفالية 120 عامًا على تأسيس "مصر الجديدة للإسكان"

وأكد رئيس الوزراء خلال كلمته أن إحياء قصر غرناطة ليس مجرد حدث رمزي، بل تجسيد لرؤية الدولة في دمج الهوية الثقافية والتاريخية مع خطط التنمية المستقبلية، مشيرًا إلى أن "مصر الجديدة" لم تكن فقط حيًا سكنيًا، بل نموذجًا متقدمًا للتخطيط الحضري منذ نشأته، ويستمر حتى اليوم كمصدر إلهام لتطوير العمران المصري الحديث.

كما شدد مدبولي على دعم الحكومة الكامل لمبادرات استغلال الأصول التراثية اقتصاديًا وسياحيًا، في إطار "رؤية مصر 2030"، عبر تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، وخلق فرص استثمارية تحقق عوائد مستدامة.

وخلال الاحتفالية، عُرض فيلم وثائقي استعرض تاريخ وإنجازات شركة "مصر الجديدة"، كما تم الإعلان عن الهوية المؤسسية الجديدة للشركة، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من التطوير والتوسع.

وفي كلمته، أكد المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، أن شركة "مصر الجديدة" تمثل ركيزة أساسية في خطة الوزارة لتعظيم العائد من الأصول المملوكة للدولة، موضحًا أن افتتاح قصر غرناطة يمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون بين الدولة والقطاع الخاص لإعادة إحياء الأصول التاريخية وتحويلها إلى وجهات تنموية.

من جانبه، أوضح الدكتور سامح السيد، العضو المنتدب لشركة "مصر الجديدة"، أن الشركة تستعد لإطلاق مشروع تطوير ذاتي على مساحة 600 فدان بمدينة "نيو هليوبوليس"، إلى جانب مشروعات جديدة في "حدائق العاصمة" على مساحة 766 فدانًا، في إطار توسع عمراني يستند إلى مبادئ الاستدامة والتخطيط الذكي.

كما أشار السيد شكري أسمر، رئيس مجلس أمناء "تراث مصر الجديدة"، إلى أن هذه الاحتفالية تأتي ضمن فعاليات "أسبوع مصر الجديدة" الذي يشهد أنشطة مجتمعية وثقافية متعددة، بهدف بناء رؤية تشاركية لمستقبل الحي العريق.

مقالات مشابهة

  • إلغاء حكم الإعدام بحق قيادي في الجماعة الإسلامية ببنغلاديش
  • "120 عامًا من الريادة.. مدبولي يفتتح قصر غرناطة بعد تطويره ويؤكد: تراث مصر الجديدة ركيزة لهويتنا ومستقبلنا"
  • رئيس الوزراء يتابع جهود لجنة إدارة الدين العام الخارجي وتنظيم الاقتراض
  • هكذا نجا قيادي بالجماعة الإسلامية في بنغلادش من الإعدام.. نُفذ بحق 5 من رفاقه
  • الطيب: حملات الإعلام الغربي تهدف لتدمير الأسرة والقيم الإسلامية والتشكيك في الحضارة الشرقية
  • وزارة التربية تطلق خطة الاستجابة السريعة والمسار الإستراتيجي لمستقبل التعليم في سوريا
  • المسلمون في فرنسا بين مبادئ العلمانية وسياسات التمييز
  • وزارة التربية: لدعم دولي مستدام ومرن لتعزيز نموذج التعليم الشامل
  • «التربية» تعتمد جدول امتحانات نهاية العام «الفترة الثانية» لطلبة «التعليم المستمر»
  • التربية النيابية تتعاون مع وزارة التربية لتعزيز جودة التعليم في العراق