"خيارنا السلام، وسبيلنا التنمية، ووجهتنا المستقبل"، عبارة اختزلت من خلالها دولة الإمارات رؤيتها، وحددت أهدافها، وأوضحت مسؤولياتها تجاه أجيال الحاضر والمستقبل، أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 78، مؤكدة أن نهجها الراسخ في العمل الجماعي والتعاون، الأداة الرئيسة الأهم لمواجهة التحديات والأزمات العالمية المتصاعدة.
ورؤية الإمارات للتنمية، تقوم على تعزيز الترابط الاقتصادي وإبرام الشراكات بين الدول، وإيجاد حلول مبتكرة لأزمات المناخ والغذاء وأمن الطاقة والمياه، وتوفير جميع العناصر لخلق واقع جديد من التكامل، من شأنه إحلال الاستقرار والازدهار الإقليمي والدولي.
أما رؤية الإمارات للمستقبل، فعمادها الشباب، حيث ترى في الشباب إمكانيات قيادية جديدة، تبشر بجيل واعد يبني على الإنجازات التي تحققت، ويُكرِّم الأجيال السابقة التي لم تألُ جهداً للنهوض بالأمم وتنميتها، والحرص على أن تحيا في بيئات آمنة ومزدهرة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
مدن المستقبل.. الإنسان والهوية والاستدامة
بقلم: الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي
لطالما كانت المدن مرآةً لحضارات الأمم، فهي فضاءات حيّة تعكس طموحات الشعوب، وتترجم قدرتها على تحويل الأفكار إلى أنماط عيش ومعايير جودة حياة، واليوم، في عالم تتسارع فيه التحولات البيئية والرقمية والاجتماعية، تتجدد أمامنا أسئلة مصيرية: أي مدن سنورثها للأجيال المقبلة؟ وبأي نموذج سنصوغ مستقبلها؟ الإجابة عن هذه الأسئلة تجعلنا نسير بخطى أكثر ثباتاً، وتجعل الرؤية أمامنا أكثر وضوحاً، فمعيارنا لقياس مدن الغد ليس أنماط العمران وحجمها، وإنما قدرة المدن نفسها على أن تكون أكثر إنصافاً للإنسان، وأعمق التزاماً بالاستدامة، وأقدر على صون الهوية الأصيلة للمجتمعات وهي تنفتح على كل ثقافات العالم، وتستجيب لاقتصاد المعرفة والتحولات التي تفرضها ذهنية الابتكار.
ما يجعل تصوّر المستقبل ضرورة هو التحديات التي نواجهها اليوم، فهنا يمكن القول: إن المستقبل يحتاج إلى مدن تجعل البيئة جزءاً من بنيتها، حيث تشكّل الطاقة النظيفة وإعادة التدوير والتخطيط البيئي الذكي مكونات أساسية للنمو، فمن خلال هذا الوعي البيئي، تتحول التنمية إلى استثمار طويل الأمد يحمي الموارد الطبيعية ويعزز تنافسية الاقتصادات المحلية.
غير أن المستقبل لا يكتمل من دون الثقافة، فالمدن التي تحتفظ بذاكرتها، وتغذيها بالمعرفة والفنون، تبني لنفسها قيمة مضاعفة، إذ تصبح الثقافة قوة اقتصادية واجتماعية تعزز ثقة المجتمع، وتستقطب الاستثمار والسياحة والإبداع، وعندما يتحول التراث إلى رافعة للتنمية، ويكتسب الحاضر أصالة فريدة، ويجد المستقبل جذوراً يتكئ عليها.
إلى جانب ذلك، لا يمكن فصل مشهد مدن المستقبل عن الابتكار والتقنيات الناشئة، لأننا نعيش متطلبات هذه التقنية اليوم، ونرى كيف أصبح الذكاء الاصطناعي، والتقنيات النظيفة، والتحولات الرقمية، محركات رئيسية لإعادة تشكيل العمران والاقتصاد، لذلك ينبغي التأكيد على أهمية أن تفتح المدن مساحاتها للبحث العلمي، وريادة الأعمال لتمنح نفسها قدرة أكبر على المرونة والاستعداد لمواجهة تحديات الغد، وتستثمر في الفرص.
ومع كل هذه الأبعاد، يبقى الإنسان البوصلة التي تحدد الاتجاه، إذ هل يمكن للتنمية أن تثبت نجاحها بما حققته من نتائج رأس المال واتساع في العمران؟ حتماً الإجابة ليست بنعم، فالتنمية الحقيقية تقاس بمدى قدرتها على تحسين نوعية الحياة، وتوسيع الخيارات أمام الأفراد، وتمكينهم من التعلم والعمل والإبداع.
لقد اخترنا في الشارقة أن نستلهم هذه الرؤية في مشاريعنا التنموية، حيث حرصنا على أن تكون مشاريع هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) وسيلة لبناء صلة أوثق بين الماضي والمستقبل، بين الأصالة والطموح، ومن خلال مبادراتنا الاستثمارية، سعينا إلى صياغة نموذج يربط الاقتصاد بالثقافة، والعمران بالبيئة، والاستثمار بالإنسان، ليبقى جوهر التنمية مرتبطاً بما يحقق التوازن والاستدامة.
إن مدن المستقبل لا تُشيَّد بالإسمنت وحده، بل تُبنى بالفكر والرؤية والإرادة، وما نطمح إليه هو أن تكون الشارقة، ومعها مدن منطقتنا، نموذجاً عالمياً يبرهن أن التنمية يمكن أن تحافظ على استدامتها، وأن الاستثمار يمكن أن يبقى إنسانياً، وأن الهوية قادرة على التجدد من دون أن تفقد أصالتها، ففي هذا يكمن التحدي الأكبر، ومن هنا تنبثق الفرصة الأعظم.
رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)