الخليج الجديد:
2025-12-15@05:51:48 GMT

تكريس صور العرب والإسلام النمطية في الغرب

تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT

تكريس صور العرب والإسلام النمطية في الغرب

تكريس صور العرب والإسلام النمطية فى الغرب

الانحياز ازدادت حدته بعد حرب أكتوبر وحظر النفط عن أمريكا وهولندا، إذ صار كل ما هو عربى «يمثل تهديدًا».

العنصرية ضد العرب اليوم تستخدم المفردات نفسها التى كانت تُستخدم يومًا ضد اليهود، بما فيها الأنف المعقوف فى الكاريكاتير!

تاريخ البشر يصنعه البشر، «ولأن الصراع من أجل الهيمنة على الأرض جزء من التاريخ، فإنه يمثل أيضًا صراعًا حول إنتاج المعنى التاريخى والاجتماعى».

كتاب إدوارد سعيد دراسة نقدية للسلطة والقوة التى تستخدم المعرفة لتحقيق مصالحها وتأثير الاستشراق المباشر على صناع القرار بالغرب والمواطن الغربى.

قدم سعيد الأدلة على أن الاستشراق كان قائمًا، لا على مجرد السرد والوصف، وإنما على اعتبار «الإسلام» هو التجسيد الأكثر خطرًا لما يسمى بـ«الشرق».

يحلل سعيد نفوذ "الاستشراق" الواسع فبات منطلق كل الدراسات الغربية عن العرب والإسلام. وتمدد نفوذه وانتقل خارج حدود الغرب فغدا مستخدمًا بذات التعميمات المُخلة!

اليوم تُستخدم مفردات فريدة لوصف الإسلام والمسلمين، إذ «لا توجد جماعة اثنية أو دينية أخرى يجرؤ أحد فى الغرب أن يقول أو يكتب عنها ما يقال ويكتب عن العرب والمسلمين».

* * *

مازلتُ أقدم أهم ما جاء فى كتاب «الاستشراق» لإدوارد سعيد. وتعرضتُ فى المقال السابق لشرحه لثبات العلاقة بين الأكاديميا «والمعانى المُتخيلة» عن الشرق منذ القرن الثامن عشر.

وكتاب إدوارد سعيد، الذى صدرت طبعته الأولى أواخر السبعينيات، يشير لمتغير جديد وقتها، إذ يشير إلى أن الانحياز ازدادت حدته بعد حرب أكتوبر وحظر النفط، إذ صار كل ما هو عربى «يمثل تهديدًا».

وبعد أن يعرض باستفاضة الصور النمطية للعرب فى الغرب، يقول بحق إن المفردات التى تُستخدم اليوم لوصف الإسلام والمسلمين فريدة من نوعها، إذ «لا توجد جماعة اثنية أو دينية أخرى يجرؤ أحد فى الغرب أن يقول أو يكتب عنها ما يقال ويكتب عن العرب والمسلمين»، مشيرًا لملاحظة بالغة الأهمية، وهى أن العنصرية ضد العرب اليوم تستخدم المفردات نفسها التى كانت تُستخدم يومًا ضد اليهود، بما فيها الأنف المعقوف فى الكاريكاتير!

ولابد من الإشارة إلى أن إدوارد سعيد تعرض لهجوم قاسٍ بعد نشر الكتاب، واتُّهم بالعداء «للغرب» بل وبأنه يجعل الغرب «عدوًا للعالمين العربى والإسلامى».

وعند آخرين، كان الاتهام لإدوارد سعيد أنه يقدم صورة ناصعة للحضارة الإسلامية وكأنها بلا أخطاء، وهو ما لم يقله «سعيد» ولم يهدف له. فهذا الهجوم وذاك، يعتبر الغرب والمستشرقين، أى من يدرسون الشرق منهم، شيئًا واحدًا، ويتجاهل أن الرجل رفض منذ البداية التصنيفات القائمة على التعميم المُخل، من نوع «شرق» مقابل «غرب».

وكيف يمكن لـ«سعيد» أن يقدم صورة ناصعة للحضارة الإسلامية رغم أنه رفض صراحة أن يقدم «أى صورة»، يعتبرها «الحقيقية» لتلك الحضارة! كل ما قاله «سعيد» وقدم عليه الأدلة كان أن الاستشراق كان قائمًا- لا على مجرد السرد والوصف- وإنما على اعتبار «الإسلام» هو التجسيد الأكثر خطرًا لما يسمى بـ«الشرق».

وجوهر أطروحته كان أن تاريخ البشر يصنعه البشر، «ولأن الصراع من أجل الهيمنة على الأرض جزء من التاريخ، فإنه يمثل أيضًا صراعًا حول إنتاج المعنى التاريخى والاجتماعى».

وعليه فإن مهمة الباحث هى ألا يفصل الصراع على الأرض عن الصراع على المعنى. ويقول «سعيد» إن الهوية تقوم على المقارنة بالآخر. لكن كل عصر وكل مجتمع يعيد خلق ذلك «الآخر» من جديد.

معنى ذلك أن الهوية نفسها عبارة عن عملية تاريخية وفكرية وسياسية واجتماعية مستمرة تتولاها المؤسسات والأفراد فى كل المجتمعات دون قدرة أحدهم بمفرده على احتكار تعريف الهوية.

بعبارة أخرى، الهوية مسألة ليست جامدة وثابتة وإنما تتسم بالسيولة وتتغير من زمن لآخر وفق احتياجات المجتمع، بل يتم بناؤها وإعادة بنائها.

أكثر من ذلك، ففى كل كتبه يؤكد «سعيد» أن تلك الحتميات الموجودة لدى المستشرقين يوجد مثلها لدينا نحن أيضًا، وإن كان موضوع كتابه الحتميات التى انطوى عليها الاستشراق. ولأن المستشرقين ينظرون للشرق «من الخارج» و«من أعلى» فلا يمكنهم رؤية السيولة والتحولات الجوهرية، بل وتخفى نظرتهم تلك وراءها مصالحهم.

باختصار كتاب إدوارد سعيد دراسة نقدية للسلطة والقوة التى تستخدم المعرفة لتحقيق مصالحها. وهو يشرح التأثير المباشر للاستشراق على صناع القرار الغربيين بل وعلى المواطن الغربى العادى.

ويحلل النفوذ الواسع له حتى بات الأرضية التى تنطلق منها كل الدراسات الغربية عن العرب والإسلام. غير أن الأهم من هذا وذاك أن نفوذ الاستشراق تمدد حتى انتقل لما وراء حدود الغرب، فغدا منهجه مستخدمًا خارجه بالتعميمات المُخلة ذاتها!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الشرق الغرب الاستشراق المستشرق العرب الإسلام العنصرية الصور النمطية إدوارد سعيد حظر النفط الصراع على الأرض إدوارد سعید فى الغرب عن العرب ت ستخدم ستخدم ا الیوم ت التى ت

إقرأ أيضاً:

لافروف: الغرب يحاول خصخصة عملية التسوية في البوسنة والهرسك

الثورة نت/وكالات قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن الغرب يحاول خصخصة عملية التسوية في البوسنة والهرسك، والعمل على إنشاء صيغ رقابية بديلة خارج إطار الأمم المتحدة لمتابعة الوضع هناك. وأضاف لافروف في مقال بعنوان “نص وروح اتفاق دايتون: مفتاح السلام والاستقرار في البوسنة والهرسك”، نُشر في صحيفة “بوليتيكا” الصربية ، اليوم الأحد ، “يحاول الغرب بلا كلل خصخصة قضية التسوية، وإنشاء صيغ بديلة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمراقبة الوضع، بحيث لا تُسمع الأصوات المخالفة”. وفي المقال ، أشار الوزير الروسي إلى أن “ما يجري في البوسنة والهرسك، ليس سوى مثال واحد من بين أمثلة عديدة على تجاهل القانون الدولي”. واعتبر أن ذلك “يشمل إخفاق نظام كييف ومشرفيه الأوروبيين، برلين وباريس، في تنفيذ حزمة إجراءات مينسك، التي أقرها مجلس الأمن الدولي”، لافتًا إلى أنه “لا سبيل لتحقيق مصالحة عرقية دائمة في البوسنة والهرسك، وضمان الاستقرار في منطقة البلقان ككل إلا من خلال المنصة القانونية الدولية، أي اتفاقية دايتون”. وشدد لافروف على أن “أي تغييرات على اتفاقية دايتون، لا يمكن تنفيذها إلا على أساس قرارات توافقية يتم اعتمادها بشكل مستقل من قبل جميع شعوب البوسنة والهرسك، من خلال حوار قائم على الاحترام المتبادل، دون تدخل خارجي، ووفقًا للإجراءات الدستورية المعمول بها”. وأضاف أن “روسيا، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن ومشاركًا مسؤولًا في تسوية البوسنة، تدعم بشكل أساسي ومستمر اتفاقية دايتون ومبادئها الأساسية المتمثلة في المساواة بالحقوق للشعوب الثلاثة المكونة لها، والكيانين اللذين يتمتعان بصلاحيات عملية واسعة”. ودعا لافروف: “المجتمع الدولي والأطراف البوسنية أنفسهم إلى القيام بذلك من أجل التنمية الناجحة والمستدامة للبوسنة والهرسك، وكياناتها، وازدهار ورفاهية جميع مواطني البلاد، والأمن الموثوق في منطقة البلقان”. وجا مقال لافروف، بمناسبة الذكرى الثلاثين لتوقيع اتفاق “دايتون” للسلام، الذي وضع حدًا للحرب في البوسنة والهرسك.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. مواجهتان مصيريتان في نصف نهائي كأس العرب
  • أمير عزمي مجاهد يهاجم جون إدوارد: الزمالك نادٍ بطولات وليس مشاريع
  • لافروف: الغرب يحاول خصخصة عملية التسوية في البوسنة والهرسك
  • الغرب يعالج مشاكله... على حساب الآخرين!
  • شاهد / جديد المبدع عيسى الليث .. مساعي الغرب
  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب
  • «فخ» كأس العرب
  • تواكُلُ المعارضة التونسية على الغرب.. إعادة إنتاج العجز في خطاب جديد
  • الزمالك يقترب من حسم صفقة حامد حمدان الشتوية