الخليج الجديد:
2025-07-09@01:49:13 GMT

رسالة إلى اليسار الغربي

تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT

رسالة إلى اليسار الغربي

رسالة إلى اليسار الغربي

لم تُفتح معركة عنوانها تغيير نظام أحاديّ القطبية الرأسمالي الإمبريالي العولمي الأمريكي، على المستوى الشعبي أو اليساري في الغرب.

ينبغي إبقاء النضال من أجل التحرّر الوطني، ومن أجل العدالة الاجتماعية، ومناهضة المظالم الاقتصادية والاجتماعية في صلب تلك الأممية.

ما ليس مفهوما كيف يسقط النضال ضد النظام الرأسمالي الإمبريالي، وبتطوراته الجديدة في زيادة الهوّة الاجتماعية على المستويين الداخلي والعالمي؟

لا مفر من خلال دراسة دقيقة للتناقضات بالعالم أن يُحدد التناقض الرئيس، وهو اليوم أحاديّة القطبية الأمريكية التي تفرض هيمنتها العالمية على كل الدول.

من المفهوم أن يتهاوى تبني "الاشتراكية العالمية" بعد ما حدث للمعسكر الاشتراكي، والدول الاشتراكية، وبعدما أحدثته الصين من تمازج اشتراكي رأسمالي في نظامها!

سؤال محيّر وموجّه إلى اليسار الغربي: لماذا أسقط مشروع النضال ضد الرأسمالية الإمبريالية؟ ولماذا لم يلتفت لنشوء نظام عالمي أحاديّ القطبية الأمريكية، ينفرد بهيمنته المتوحشة؟!

لم يعد هناك مشروع أممي ثوري، كما طويت أعلام حركات التحرر الوطني، بما فيها حركة عدم الانحياز، رغم وجود حركات يسارية بالغرب دون مشروع ثورة عالمية ولا ذكر لـ"الأممية".

اليسار العالمي وقوى المقاومة والحركات الشعبية بالعالم الثالث يجب أن يدخلوا في حوارات معمقة لتشكيل أممية عالمية جديدة تطيح بأحاديّة القطبية الأمريكية لأجل عالم أكثر عدالة.

* * *

هل من أممية جديدة؟

لو أخذنا القرن العشرين، وامتداده إلى العقود الثلاثة الأولى من القرن الواحد والعشرين، أي إلى 2023، وما ساد من مشروع ثورة عالمية، لوجدنا العالم اليوم يفتقر لهذا المشروع، أو في الأدق، لوجدناه يفتقر إلى من يحملون مثل هذا المشروع. فما تفسير ذلك؟ أو ما هي القراءة للتجربة العالمية؟ أين أنتم؟

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومع البيان الشيوعي الذي وقعه كارل ماركس وفريدريك إنجلز، أعلن عن ولادة مشروع الأممية الأولى: الثورة العالمية ضد الرأسمالية، وقد أوكلاها إلى الطبقة العاملة في أوروبا وأمريكا. وقبل أن ينتهي القرن التاسع عشر نشأت الأممية الثانية التي تخلت عن الأولى.

لكن مع ثورة 1917 في روسيا وولادة الاتحاد السوفييتي، تكرست الأممية الثالثة التي عبّر عنها لينين، ثم الكومنترن الشيوعي، ثم وجدت هذه نفسها تطوي أعلامها مع نهاية الحرب العالمية الثانية، بنشوء المعسكر الاشتراكي، وتعزيزه بنجاح الشيوعيين في الصين 1949.

لكن قبل أن تنتهي خمسينيات القرن العشرين، ولدت إلى جانب عالمية، أو أممية، المعسكر الاشتراكي، عالمية حركات التحرر الوطني لشعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وقد ترجمت نفسها بداية من خلال مؤتمر باندونغ 1955، ثم حركة دول عدم الانحياز. وقد سارع الماركسيون إلى إلحاق ثورة التحرّر الوطني، كجزء من الثورة البروليتارية العالمية (الأوروبية الأمريكية أساسا)، ولهذا طبعا حديث آخر.

رغم الانقسام الخطير الذي وقع في صفوف المعسكر الاشتراكي: الانقسام الحاد بين الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو من جهة، والصين من جهة أخرى، وتبعثر مواقف عدد من الدول بينهما؛ كفيتنام وكمبوديا وكوريا الشمالية وكوبا وألبانيا، وذلك مع بداية الستينيات.

ولكن بقيت ثمة عالمية بخطوط عريضة ضد الرأسمالية والإمبريالية تشمل الدول الاشتراكية، كما تشمل تيارات عرفت باسم قيادات اليسار الجديد، في ستينيات القرن العشرين، وبعضها استمر حتى اليوم، وإن بصيغ أخرى غير تلك التي في الستينيات.

حدث زلزال كبير في العام 1991 قبل نهاية القرن العشرين، فقد انهار المعسكر الاشتراكي من خلال انقلابات رأسمالية مؤمركة. وكانت الصين أيضا، بعد وفاة ماو تسي تونغ، وتسلم دينغ هسياو بينغ قيادتها، قد سحبت من أجندتها مشروع محاربة الرأسمالية العالمية والإمبريالية، أو مشروع الثورة العالمية، وقرينها الآخر ثورة شعوب العالم الثالث، لكن مع اعتبار النظام الصيني نظاما اشتراكيا، وفقا للخصوصية الصينية.

هذا الزلزال على الطرف الآخر، أعاد تشكيل النظام العالمي على أساس أحادية القطبية، المتمثلة بأحادية الهيمنة الأمريكية عسكرياً واقتصاديا وماليا وحضاريا وثقافيا، وطويت أعلام الماركسية- اللينينية السابقة.

ولم يعد هناك من مشروع أممي ثوري، كما طويت أعلام حركات التحرر الوطني، بما فيها أعلام حركة عدم الانحياز، رغم وجود حركات يسارية في الغرب، ولكن من دون مشروع لـ"الثورة العالمية"، ولا حتى لذكر "أممية".

صحيح أن فكرة نشوء دول كبرى متعدّدة بدأت إرهاصاتها تتحرك، بصورة مبكرة، في النصف الثاني من التسعينيات، وردّد صداها جزئيا كل من جاك شيراك (فرنسا)، ويفغيني بريماكوف (رئيس وزراء روسيا 1998)، وأصوات خجولة من الصين.

على أن النظام العالمي أحاديّ القطبية الأمريكية بقي على عرشه مع قليل أو كثير من الإزعاج؛ من إيران وحركات إسلامية مقاوِمة.

المهم هنا، لم تُفتح معركة عنوانها تغيير نظام أحاديّ القطبية الرأسمالي الإمبريالي العولمي الأمريكي، على المستوى الشعبي أو اليساري في الغرب!

هذا إلى جانب جنوح عدد من حركات اليسار لتقاوم من مواقع البيئة، و"الأخضر" أو الخضر، ولكن أيضا باهتزاز مع أول تجربة نجاح برلماني هنا وهناك. وذلك مع التحفظ من التعميم، إذ لا بد من أن يكون هناك مَن أو بعض من لا ينطبق عليه أو عليهم هذا التعميم.

على أن السؤال المحيّر هنا، والموجّه إلى اليسار في الدول الرأسمالية الغربية، لماذا أسقط مشروع النضال ضد الرأسمالية الإمبريالية العالمية عموما؟ ولماذا لم يلتفت إلى نشوء نظام عالمي أحاديّ القطبية الأمريكية، يبسط هيمنته المنفردة النهبية المتوحشة، حتى على البلدان الرأسمالية الأخرى، عسكريا وسياسيا واقتصاديا وماليا. طبعا، فضلا عن هيمنته على العالم كله عموما.

إذا كان من المفهوم أن يتهاوى تبني "الاشتراكية العالمية" بعد الذي حدث للمعسكر الاشتراكي، ولعدد من الدول الاشتراكية، وبعدما أحدثته الصين من تمازج اشتراكي رأسمالي في نظامها، وأدى بالكثيرين إلى اعتباره انحرافا نحو الرأسمالية، من دون أن يلفتهم قيادة حزب شيوعي ماركسي- لينيني- ماوي- بتطوير شيوعي صيني!

لكن ما ليس مفهوما، كيف يمكن أن يسقط النضال ضد النظام الرأسمالي الإمبريالي، وبتطوراته الجديدة في زيادة الهوّة الاجتماعية على المستويين الداخلي والعالمي. وقد أصبح في عهد الأحاديّة الأمريكية يحمل من النقد ما يزيد أضعافا، مما وجّه في السابق للأنظمة الرأسمالية الإمبريالية الغربية.

هذا التساؤل يجب أن يواجه الأجيال القديمة الجديدة، أو الجديدة الجديدة من اليسار الغربي، لكي يُطرح مشروع جديد لعالمية أممية يتصدّى لنظام عالمي أحاديّ القطبية الأمريكية.

وقد أصبح في مصلحة كل شعوب العالم، إسقاطه في سبيل إقامة نظام عالمي جديد، يشمل التعدّدية القطبية العالمية والإقليمية، وبمساواة مع كل شعوب العالم، ويكون أقرب للعدالة والمساواة والحرية، ويمنع استمرار الظلم العالمي الذي مارسته الرأسمالية الإمبريالية على شعوب العالم بمراحلها المختلفة.

ولا سيما مرحلة أحاديّة القطبية التي استفردت دولة رأسمالية كبرى واحدة في اضطهاد كل دول العالم ونهبها، بما فيها الدول الرأسمالية الغربية، واليابان وعشرات الدول الأخرى.

إن الأحاديّة القطبية الأمريكية منذ 1991 حتى اليوم، أخذت تشكل خطرا عسكريا واقتصاديا وماليا وبيئيا ومناخيا، وهي تدفع اليوم الحرب في أوكرانيا إلى حافة الحرب النووية، وذلك بغض النظر عن تفاصيل تلك الحرب، وكيف تقوّم.

صحيح أن ما من دولة كبرى، إلّا وعليها الكثير، وكذلك أكثر دول العالم، ولكن لا يجوز وضعها جميعا في بوتقة واحدة، أو المساواة فيما بينها.

لذا لا مفر من خلال دراسة دقيقة للتناقضات في العالم أن يُحدد التناقض الرئيس، وهو اليوم يتمثل بأحاديّة القطبية الأمريكية التي تفرض هيمنتها العالمية على كل الدول.

وأدخلت العالم في مخاطر بعضها يمسّ الوجود الإنساني نفسه، مما يتوجب أن تتحدّ شعوب العالم، بما في ذلك فئات من الشعب الأمريكي ضد هذه الأحاديّة في سبيل نظام عالمي جديد تتساوى كل دوله في إدارته، ويقوم على أساس الالتزام بالقانون الدولي، وبمبادئ ميثاق هيئة الأمم المتحدة، مع تغيير هيكليتها الظالمة، وتغيير موقعها ليكون في بلد غير الولايات المتحدة.

بالنسبة إلى اليسار العالمي، كما بالنسبة إلى قوى المقاومة والحركات الشعبية في العالم الثالث، يجب أن يدخلوا في حوارات معمقة لتشكل أممية عالمية جديدة، تطيح بأحاديّة القطبية الأمريكية، في سبيل عالم أكثر عدالة لشعوبه كافة، ولدوله كبيرها ومتوسطها وصغيرها.

وذلك مع إبقاء النضال من أجل التحرّر الوطني، ومن أجل العدالة الاجتماعية، ومناهضة المظالم الاقتصادية والاجتماعية في صلب تلك الأممية، فيما كل بلد يسعى للعدالة الاجتماعية، ومن أجل عالم أقل فروقا في المعيش ومستوى الحياة، والخدمات الصحية والاجتماعية، والفرص التعليمية، عالم لا تحتكر قيادته دولة واحدة، ولا حتى قبضة دول.

إن الظاهرة الجديدة في عالمنا على المستوى الجيوسياسي الاستراتيجي هو هيمنة أحاديّة القطبية الأمريكية، على النظام العالمي الراهن، وريث عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، والحرب الباردة ابتداء من 1991. ولا يغيّر من هذه الظاهرة تحالف دول الناتو واليابان وغيرها معه، وذلك رغم هيمنته عليها وتبعيتها له.

أما الظاهرة العالمية الثانية النابعة من الأولى، ومنبثقة عنها، فهو خضوع الرأسماليات العالمية الكبرى لأحاديّة الرأسمالية الأمريكية التي أخضعتها، وجعلت الدولار العملة المسيطرة الأولى في العالم.

*منير شفيق سياسي ومفكر فلسطيني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا اليسار تحالفات الهيمنة الغرب الصين الأممية الرأسمالية الإمبريالية النظام العالمي الثورة العالمية القرن العشرین ة الاجتماعیة شعوب العالم ة الأمریکیة إلى الیسار نظام عالمی النضال ضد ر الوطنی من خلال من أجل بما فی

إقرأ أيضاً:

السعودية تقترب من استضافة مونديال الأندية 2029.. "فيفا" يستعد لإعلان الدولة المنظمة بعد النسخة الأمريكية

أفادت تقارير صحفية نُشرت اليوم الأحد بأن المملكة العربية السعودية باتت الأقرب لحسم سباق استضافة بطولة كأس العالم للأندية 2029، متفوقة على ملفات خمس دول أخرى تقدمت بطلب رسمي لاستضافة الحدث الكروي الأبرز على مستوى الأندية عالميًا.

الدول المنافسة على استضافة كأس العالم للأندية 2025

وذكرت صحيفة "الاقتصادية" السعودية، نقلًا عن مصادر مطلعة داخل أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أن المنافسة على تنظيم نسخة 2029 تُعرف داخل دوائر القرار بـ "سباق الإثارة"، إلا أن المؤشرات الحالية ترجّح بشكل واضح تفوق الملف السعودي، في ظل قدرته اللوجستية والتنظيمية وامتلاكه لبنية تحتية متكاملة ومرافق رياضية حديثة.

ووفقًا للمصادر، فإن الدول الخمس المنافسة للمملكة على استضافة البطولة هي:

قطرالبرازيلالبرتغالإسبانياإندونيسيا التشكيل المثالي لربع نهائي كأس العالم للأندية 2025.. غياب لاعبي الهلال كهرباء الإسماعيلية يتعاقد مع المغربي محمد أوناجم في ثالث صفقاته استعدادًا للدوري الممتاز

ومع ذلك، ترى العديد من التحليلات الدولية أن هذه الملفات تفتقر إلى بعض المعايير التي يتطلبها "فيفا"، لا سيما على مستوى التكامل التنظيمي، ما يمنح السعودية أفضلية واضحة في هذا السباق.

الإعلان الرسمي بعد نهاية نسخة 2025

وبحسب التقارير ذاتها، من المنتظر أن يُصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم بيانًا رسميًا يُعلن من خلاله عن هوية الدولة المضيفة لبطولة كأس العالم للأندية 2029، وذلك عقب انتهاء النسخة الحالية من البطولة المقامة في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويتوقّع متابعون أن يُرافق هذا الإعلان عرض شامل لرؤية "فيفا" لتطوير البطولة في نسخها المقبلة، تماشيًا مع النظام الجديد الذي بدأ تطبيقه في نسخة 2025، بمشاركة 32 فريقًا من مختلف قارات العالم.

استعدادًا لاستضافة مونديال 2034

وتعتبر المملكة استضافة نسخة 2029 من كأس العالم للأندية فرصة استراتيجية مهمة في إطار التحضيرات الجارية لاستضافة كأس العالم للمنتخبات عام 2034، والتي ستشهد مشاركة 48 منتخبًا لأول مرة في تاريخ البطولة.

ويُنظر إلى تنظيم مونديال الأندية كـ "بروفة كبرى" لاختبار قدرات المملكة على صعيد البنية التحتية، وإدارة الفعاليات العالمية، ورفع كفاءة الكوادر التنظيمية، تمهيدًا لاستقبال الحدث العالمي الأضخم بعد خمس سنوات.

مقالات مشابهة

  • نبيل فهمي: حرب غزة أثرت سلبا على التأييد الغربي لإسرائيل بشكل ملحوظ
  • هل كشفت غزة حقيقة اليسار الفرنسي؟
  • العراق يستعد لعرض تشغيل ميناء فاو الكبير على الشركات العالمية
  • خبير اقتصادي: تأجيل الرسوم الأمريكية يخفف الضغوط على الأسواق العالمية
  • الأحادية القطبية وسلام الشرق الأوسط
  • أكبر نجم في العالم.. وفاء عامر توجه رسالة للزعيم عادل إمام |خاص
  • السعودية تقترب من استضافة مونديال الأندية 2029.. "فيفا" يستعد لإعلان الدولة المنظمة بعد النسخة الأمريكية
  • وزير الإعلام: نسعى لأن تكون سوريا مقراً للصناعة الإعلامية وإيجاد البنية التحتية اللازمة لذلك، ونشجع وسائل الإعلام العالمية على فتح مكاتب لها في سوريا
  • إيلون ماسك يهز السياسة الأمريكية بإعلان تأسيس “حزب أمريكا”!
  • الصحة العالمية: الوحدة تودي بحياة 100 شخص كل ساعة حول العالم