فضل صلاة ركعتين قبل المغرب أمر يبحث عنه الكثيرون خاصة مع دخول ليلة الخميس، ليلة ترفع فيها أعمال العباد، ويغلب الظن فيها أن السنن من الأمور التي تعوض ما قصروا فيه من أمور العبادة والصلاة.

وفي التقرير التالي نوضح فضل صلاة ركعتين قبل المغرب، وهل يجوز التسنن قبل صلاة المغرب؟

فضل صلاة ركعتين قبل المغرب

هل هناك سنة مؤكدة ركعتان تُصَلَّيان قبل صلاة المغرب؟ سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، حيث قالت إن  صلاة ركعتين قبل المغرب بعد دخول وقتها أمرٌ مشروعٌ، ولكنها سنةٌ غير مؤكدة، والأمر فيه سعةٌ؛ فمَن شاء صلاها، ومَن شاء تركها.

وللفقهاء في هذه المسألة مذهبان؛ فمنهم من ذهب إلى منع الركعتين قبل صلاة المغرب، ومنهم من ذهب إلى عدم المنع، وقال: إنَّ إتيانهما سنة كالشافعي، أو مستحب كابن عابدين وصاحب "البحر" من الحنفية إذا أتى بهما المُصَلِّي قبل صلاة المغرب وكانتا خفيفتين بحيث لا تُقَام صلاة المغرب وهو فيهما، وهذا هو الذي نميل إلى الإفتاء به في هذه المسألة.

فمَن صلى ركعتين تحية للمسجد أو متنفلًا بعد أذان المغرب وقبل إقامة صلاتها يكون مقتديًا بقولٍ صحيح له سنده، ومن لمْ يصلِّ فهو مقتدٍ برأي آخر، ولا حرج ولا إثم على واحد منهم.

وقد روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: "كان المُؤَذِّنُ إذا أَذَّن قام ناسٌ مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَبتَدِرُون السَّوارِيَ، حتى يخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء". قال عثمان بن جَبَلةَ وأبو داود عن شعبة: "لم يكن بينهما إلا قليل".

وفي رواية للإمام مسلم يقول أنس رضي الله عنه: "حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَحْسِبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا".
وروى الجماعة إلا أبا داود عن عبد الله بن مُغَفَّل المُزَنِّي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ».

قال الحافظ ابن حَجَرٍ العَسقَلانيُّ في "الفَتح": [قال القرطبي وغيره: ظاهر حديث أنسٍ أن الركعتين بعد المغرب وقبل صلاة المغرب كان أمرًا أقرّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أصحابَه عليه وعملوا به حتى كانوا يستبقون إليه، وهذا يدل على الاستحباب، وكأن أصله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ».

وأما كونه صلى الله عليه وآله وسلم لم يُصَلِّهِمَا فلا ينفي الاستحباب، بل يدل على أنهما ليستا من الرواتب. وإلى استحبابهما ذهب أحمد وإسحاق وأصحاب الحديث، ورُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "ما رأيت أحدًا يصليهما على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم".

حكم صلاة العصر بعد أذان المغرب .. رد حاسم من مجمع البحوث فتاوى وأحكام| حكم صلاة العصر بعد أذان المغرب.. تأجيل الإنجاب لظروف خاصة.. وحكم من أدرك صلاة العصر جماعة ولم يؤد الظهر؟ هل يجوز التسنن قبل صلاة المغرب؟

وعن الخلفاء الأربعة وجماعة من الصحابة: أنهم كانوا لا يصلونهما، وهو قول مالك والشافعي، وادعى بعض المالكية نسخهما؛ فقال: "إنما كان ذلك في أول الأمر حيث نُهِيَ عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، فبيّن لهم بذلك وقت الجواز، ثم ندب إلى المبادرة إلى المغرب في أول وقتها، فلو استمرت المواظبة على الاشتغال بغيرها لكان ذلك ذريعةً إلى مخالفة إدراك أول وقتها".

وتُعُقِّبَ بأنّ دعوى النسخ لا دليل عليها، والمنقول عن ابن عمر رضي الله عنهما رواه أبو داود من طريق طاوس عنه، ورواية أنس رضي الله عنه المثبِتة مقدَّمةٌ على نفيه، والمنقول عن الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم رواه محمد بن نصر وغيره من طريق إبراهيم النخعي عنهم، وهو منقطع، ولو ثبت لم يكن فيه دليلٌ على النسخ ولا الكراهة.

وعن عُقبةَ بنَ عامِرٍ رضي الله عنه أنه سُئل عن الركعتين قبل المغرب فقال: "كنا نفعلهما على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم"، قيل له: فما يمنعك الآن؟ قال: "الشغل". فلعل غيره أيضًا منعه الشغل.

وقد روى محمد بن نصر، وغيره من طرق قوية عن عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأُبَيّ بن كعب وأبي الدرداء وأبي موسى رضي الله عنهم وغيرهم أنهم كانوا يواظبون عليهما.

وأما قول أبي بكر بن العربي: اختلف فيه الصحابة ولم يفعلها أحد بعدهم؛ فمردودٌ بقول محمد بن نصر: "وقد رُوِّينا عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون الركعتين قبل المغرب"، ثم أخرج ذلك بأسانيد متعددة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الله بن بُرَيدة ويحيى بن عقيل والأعرج وعامر بن عبد الله بن الزبير وعِراك بن مالك، ومن طريق الحسن البصري أنه سُئل عنهما فقال: "حسنتين واللهِ لِمَنْ أراد اللهَ بهما".

وعن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: "حقٌّ على كل مؤمن إذا أذن المؤذن أن يركع ركعتين". وعن مالكٍ قولٌ آخر باستحبابهما. وعند الشافعية وجهٌ رجحه الإمام النوويُّ ومَن تَبِعَه، وقال في "شرح مسلم": [قول مَن قال إنّ فِعلَهما يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها خيالٌ فاسدٌ منابِذٌ للسنة، ومع ذلك فزمنهما زمنٌ يسيرٌ لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها.

قلت: ومجموع الأدلة يرشد إلى استحباب تخفيفهما كما في ركعتي الفجر. قيل: والحكمة في الندب إليهما رجاء إجابة الدعاء؛ لأن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُرَدّ، وكلما كان الوقتُ أشرفَ كان ثوابُ العبادة فيه أكثرَ] اهـ.

وشددت الإفتاء عليه: فصلاة ركعتين قبل المغرب أمرٌ مشروعٌ، ولكنها سنةٌ غير مؤكدة. وعلى كلٍّ فالأمر كما سبق يظهر منه الخلاف القائم بين العلماء في مشروعيتها، وهذا يجعل الأمر فيه سعةٌ؛ فمَن شاء صلاها، ومَن شاء تركها، ولا يَعتِب هذا على ذاك، ولا يَعتِب ذاك على هذا؛ فمِن القواعد الفقهية المقررة: "لا يُنكَر المُختَلَف فيه". فلا يَصح أن تكون هذه المسألة وأمثالها من مسائل الفروع الفقهية سببًا للشقاق بين المصلين في المسجد الواحد، ومدعاةً لتفريق كلمتهم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلاة صلاة المغرب الصلاة دار الإفتاء النبی صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه أ ذ ان ی ن

إقرأ أيضاً:

خالد الجندي: اللي عليه دين وناوي يطلع يحج مينفعش يروح إلا في حالتين

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن من رحمة الله وحكمته أن الشريعة قدمت مصلحة الإنسان حين تجتمع مع مصلحة العبادة، مشيرًا إلى أن هذا مبدأ أصيل في الفقه الإسلامي، وأكده العلماء وعلى رأسهم الإمام ابن القيم.

وأوضح عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الإثنين، أن قوله تعالى: "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله"، بدأ بالمنافع قبل الذكر، مضيفًا:"ربما العقل البشري كان يتصور إن الذكر يسبق، لكن ربنا قدّم المصلحة الإنسانية، عشان كده الإمام ابن القيم قال: إذا اجتمعت مصلحة الأديان ومصلحة الإنسان، قُدّمت مصلحة الإنسان، وده فقه عظيم".

خالد الجندي: الصفح الجميل أرفع مراتب العفو .. والطلاق الجميل خلق قرآني نفتقدهخالد الجندي: لا يصح انتهاء العِشرة والحياة الزوجية بالفضائح والانهيارخالد الجندي: القرآن علمنا درسا بليغا في آيات أصحاب الكهفهل الكلب طاهر أم نجس؟.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل

وأضاف الشيخ خالد الجندي "شوف الآية اللي بتقول: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع)، يعني في حالتك كنت في بيع، وربنا قالك سيب البيع وتعال للذكر، وبعدين لما تخلص الصلاة، (فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله)، يعني ارجع تاني لمصلحة حياتك ورزقك".

وتابع الشيخ خالد الجندي "حتى في آيات المواريث، تلاقي الوصية، وهي أمر يخص إرادة الإنسان، بتيجي قبل الميراث، اللي هو أمر رباني محدد، وده لأن الشريعة تراعي مصلحة البشر وتقدمها".

وشدد الشيخ خالد الجندي على أن "اللي عليه دين وناوي يطلع يحج، ما ينفعش يروح إلا لما يسدد الدين أو يستأذن صاحب الدين، لأن مراعاة مصالح الناس أولى، بل ده الحج نفسه مشروط بالاستطاعة، والاستطاعة مش بس مادية وبدنية، لأ.. كمان استطاعة أمنية وإدارية، زي الحصول على التأشيرة والالتزام بالترتيبات الرسمية، ودي بقت جزء من شروط الاستطاعة النهارده".

وتابع: "القرآن بيقول (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله)، يبقى ترتيب ربنا واضح، مصلحة الإنسان مقدمة، وده من رحمة ربنا بنا، ومن مقاصد ديننا العظيم".

الشيخ خالد الجندي يحذر من بدع الحجيج

وكان الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، قال إن الاستمتاع بنعم الله وتيسير العبادة على النفس ليس فيه أي خطأ أو عيب، مشددًا على أن التيسير من مقاصد الشريعة.

وأضاف عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، "ما فيش عيب ولا خطأ إن ربنا يمن على حد بنعمة المال فييسر على نفسه في أمر الطاعة، في ناس في الحج، وإحنا في عرفة بيكون في مخيمات فيها تكييفات، والناس قاعدة تتضرع إلى الله، ييجي واحد يقولك: هو ده حج؟ أنا عايز أطلع في الشمس، هو ده التعب!".

وأكد أن المشقة المقصودة ليست مطلوبة لذاتها، بل تتنافى مع مقصد الشريعة، مشيرًا إلى أن هناك من يصر على صعود جبل الرحمة رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرفة كلها موقف"، مضيفًا: "يبقى تطلع الجبل ليه؟ وتعرض حياتك للخطر ونفسك للشمس؟".

وأوضح الجندي أن قوله تعالى: "يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر" في القرآن جاء على سبيل التمثيل لا الحصر، وأن من استطاع أن يحج وهو في راحة وسعادة فله ذلك، مستشهدًا بقوله تعالى في سورة النحل:"والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، ويخلق ما لا تعلمون"، قائلاً: "القرآن ما سابش حاجة، وقال بعدها (ويخلق ما لا تعلمون)، يعني التطور والراحة مش ممنوعة".

وتابع: "المشقة نوعان: مشقة مقصودة ومشقة غير مقصودة، المشقة المقصودة تقلل الأجر، أما المشقة غير المقصودة فتضاعف الأجر".

طباعة شارك الشيخ خالد الجندي خالد الجندي المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشريعة قدمت مصلحة الإنسان الشريعة مقاصد الشريعة الحج

مقالات مشابهة

  • أدعية يوم التروية المستحبة.. فضائل عظيمة وحكم الصيام فيه
  • دعاء يوم عرفة للمريض.. إحرص عليه حتى غروب الشمس
  • موعد أذان المغرب.. مواقيت الصلاة اليوم 7 ذي الحجة
  • فضل صوم يوم عرفة وحكم الأكل أو الشرب ناسيا أثناء الصيام
  • بالقاهرة والمحافظات.. مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 3-6-2025
  • خالد الجندي: اللي عليه دين وناوي يطلع يحج مينفعش يروح إلا في حالتين
  • بالقاهرة والمحافظات.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 2-6-2025
  • من أنوار الصلاة والسلام على سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم
  • أورتاغوس قريباً في لبنان... وهذا ما ستُركّز عليه
  • مواقيت الصلاة اليوم الأحد 1 يونيو 2025 في المدن والعواصم العربية