الدكتور بنطلحة يكتب: الجزائر.. شر البلية ما يضحك
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء
“شر البلية مايضحك” هي عبارة ومثل عربي مشهور، يتم ترديده حينما يكون هناك موقف مأساوي وتراجيدي يدفع للضحك والسخرية، وتقال أيضا عند مواجهة موقف مضحك في وقت صعب.
ومن هذه الغرائب والعجائب ما يحدث في دولة الكراغلة العظمى من كوارث ومهازل مضحكة تسيء إلى الشعب الجزائري الشقيق.
إن العالم يشهد أن أبواق الكراغلة قد صمت آذاننا، بأن الانضمام إلى منظمة « بريكس » بات أمرا محسوما على حد قول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي أكد على أن عضوية بلاده «تحظى بدعم أغلب دول هذا التكتل، رغم أن كل المعطيات والمؤشرات الاقتصادية كانت تشير إلى أنه من الصعب على الجزائر بنموذجها الاقتصادي الحالي الذي يرتكز حصريا على النفط والغاز أن يظفر بمقعد داخل بريكس، وأن لغة المصالح والواقعية الاستراتيجية هي التي تفتح باب الانخراط، وقد أكد وزير الخارجية الروسي » سيرجي لافروف » أن معايير توسعة مجموعة بريكس تتضمن وزن وهيبة الدولة ومواقفها على الساحة الدولية.
إن هذا الرفض يؤكد بالواضح وزن النظام العسكري الجزائري على المستوى الدولي وانتكاسة دبلوماسية القوة المضروبة رغم العديد من الهلوسات والخرجات والرحلات المكوكية والأموال المبذرة.
ولمحو آثار هذه الانتكاسات، حاول النظام العسكري الجزائري أن يوهم الشعب الشقيق أنه قادر على أن ينبعث من رماده، وأنه قوة إقليمية جبارة، وفاعل أساسي في صنع القرارات على المستوى الإقليمي، حيث أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية مدعومة بالعديد من الأبواق الإعلامية، أن النيجر قبلت رسميا المبادرة التي تقدمت بها الجزائر لعودة النظام الدستوري إلى البلاد، وبادر الرئيس الجزائري بتكليف وزير الخارجية أحمد عطاف بالتوجه إلى نيامي في أقرب وقت ممكن بهدف الشروع في مناقشات تحضيرية مع كافة الأطراف المعنية حول سبل تفعيل المبادرة الجزائرية، لكن من المضحكات المبكيات، أنه مباشرة بعد ذلك، نفت وزارة الخارجية النيجرية الأنباء حول قبول البلاد المبادرة التي تقدمت بها الجزائر لعودة النظام الدستوري في البلاد وحل الأزمة، وبحسب البيان، حدد الجانب النيجري منذ البداية أن مدة الفترة الانتقالية يجب أن تعتمد على نتائج المنتدى الوطني الشامل وكذلك على المبادئ التوجيهية للتغييرات في حكم البلاد وأضاف: » حتى قبل إضفاء الطابع الرسمي على نتائج هذا الاجتماع، فوجئت وزارة الخارجية بأنها لاحظت على شبكات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام بيانا للحكومة الجزائرية يشير إلى أن النيجر قبلت وساطة الجزائر التي عرضت على الجيش ستة خيارات ».
وشدد البيان على أنه » نظرا لما سبق، فإن حكومة جمهورية النيجر ترفض هذه المزاعم وتجدد التأكيد على رغبتها في الحفاظ على روابط الصداقة والأخوة مع الجزائر ».
إن بيان وزارة الخارجية النيجرية ينفي قبول مبادرة الوساطة الجزائرية في الوقت الذي هلل الكراغلة طويلا لما اعتبروه نصرا ديبلوماسيا..!
وهذا الفشل الدبلوماسي يؤكد مرة أخرى حجم القوة المضروبة وعزلتها الإقليمية والدولية زيادة على كونها أصبحت مسخرة للتنكيت في وسائل الإعلام الدولية.
ونجد أن هذا النظام العسكري، فاشل في كل خياراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث استسلم في سباق استضافة كأس إفريقيا 2025 لصالح المملكة المغربية وسحب ترشيحه وهو يجر ذيول الخيبة والهزيمة والمذلة، وهو قرار ترك جدلا في الوسط الرياضي الجزائري، خاصة أن النظام العسكري كان يؤكد مرارا على قوة ملف ترشيحه رغم أن الواقع كان يظهر أن هناك عدة مؤشرات تبين ضعف فرص الجزائر في هذا السياق.
لقد أصبحت المهازل مقترنة بهذا النظام العسكري، حيث وصلت حد أن الرئيس عبد المجيد تبون، صرح من داخل هيئة الأمم المتحدة، أن الجزائر ستقوم بتحلية مياه البحر بما يعادل مليار و300 مليون متر مكعب من المياه يوميا، علما أن إنتاج العالم من تحلية مياه البحر لا يزيد عن 95مليون متر مكعب يوميا.
لقد أثار هذا التصريح سخرية عارمة في وسائل الإعلام الدولية ومواقع التواصل الاجتماعي، وذهبت الكثير من التعاليق الساخرة إلى أن بلوغ هذا الرقم الخيالي يتطلب تجفيف مياه البحر الأبيض المتوسط، واعتبره آخرون أنه حين بلوغ هذا الرقم لن يكون هناك داع لاجتياز البحر للوصول إلى أوربا.
وفي إطار الانتقال من الاقتصاد المبني على المعرفة إلى الاقتصاد القائم على الذكاء، خرج وزير السياحة الجزائري مختار ديدوش بتصريح أثار سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي من خلال المعطيات الخاطئة التي قدمها حول عدد السياح الذين استقبلتهم الجزائر وكذلك حين دعا المواطنين الجزائريين للتخلي عن مساكنهم لفائدة السياح، حتى ينتعش هذا القطاع بالبلاد، وأكد أن الحكومة بصدد إخراج مشروع قانون » يفرض » على الجزائريين ترك منازلهم للسياح مع » إلزامية تقديم جل الخدمات لهؤلاء الزوار الأجانب.. »!!.علما أنه ليست المرة الأولى التي يخرج فيها وزير السياحة بتصريحات » غريبة » فقد سبق للوزير الأسبق ياسين حمادي أن قال بأن شواطئ بلاده استقبلت في صيف2022 أزيد من 120مليون مصطاف، وهو رقم اعتبره العديدون مبالغا فيه..
هكذا أصبح النظام العسكري يتلاعب بالأرقام بشكل مضحك مما جعله مسخرة عند العالمين.
نظام يسوق صورة سلبية لبلد تسوده الارتجالية في اتخاذ القرارات سواء على المستوى الوطني أو الدولي، حيث بات الشعب المغلوب على أمره يقاسي الويلات من هذا النظام، بينما انبرى الرئيس عبد المجيد تبون في لقائه الأخير مع تلفزيون بلاده يتوعد التجار المضاربين في العدس والفاصوليا والأرز حيث قال: « المواطن الجزائري من بين المغاربة بصفة عامة هو اللي يستهلك أكثر العدس واللوبيا » ، وتابع متوعدا: « اللي يخلق لي مشكل في اللوبيا والروز والعدس، أقسم بالله اللي حكمتو يندم على النهار اللي تزاد فيه ».
إنه عوض الحديث عن إجراءات تحمي المواطن الجزائري البسيط من جشع المضاربين، بدأ يستحضر أصناف البقوليات دون تقديم حلول عملية لمواجهة هذه الأزمة وياللأسف رغم الثروات البترولية التي ذهبت جراء الوهم أدراج الرياح.
ولأن الإبداع لا حدود له، وفي إطار تسجيل السبق والريادة إقليميا ودوليا، نجد أن القوة المضروبة تتهيأ للدخول إلى كتاب » غينيس » نظرا لقدرة الجنرالات وهذا ما يسجله التاريخ لهم، على إعادة إحياء طوابير الفقراء التي انقرضت بعد الحرب العالمية الثانية، لأنه وبعد طوابير الحليب والزيت والماء والبطاطا، هناك الآن طوابير العدس والفاصوليا ..والقادم أسوأ..
نعم شر البلية ما يضحك، وكم ذا ببلاد العسكر من المضحكات، ولكنه ضحك كالبكاء…
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: النظام العسکری وزارة الخارجیة
إقرأ أيضاً:
تونس: افتتاح أشغال المنتدى الاقتصادي الجزائري-التونسي
أكد الوزير الأول سيفي غريب خلال افتتاحه أشغال المنتدى الاقتصادي الجزائري- التونسي انه تجمعنا بالشعب التونسي الشقيق أخوة وتضامن متجذّران ومحطّات تاريخية مجيدة.
وقال غريب إن انعقاد دورة المنتدى الاقتصادي الجزائري-التّونسي اليوم، يعتبر موعداً نقف فيه معاً على التّقدّم الّذي سجّله التّعاون الاقتصاديّ بين بلدينا.
وهذا منذ دورته السّابقة الّتي عُقدت بالجزائر، شهر جويلية 2023، وفرصةً للمؤسّسات الاقتصاديّة ورجال الأعمال من الجانبين، من أجل بحث الفرص الكبيرة والمتعددة للشراكة الثنائية. لاسيما في ضوء المستوى الاستثنائي من الانسجام والتّوافق الذي بلغته العلاقات الثنائية على المستوى السّياسي.
وأضاف الوزير الاول أن هذا المستوى تحقّق بفضل التوجيهات السديدة لقائديْ بلدينا الشّقيقين، رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وأخيه قيس سعيد.
وعزمهما القوي، على إحداث نَقلة نوعية في التعاون الجزائري-التونسي في شتى مجالاته، والعمل على ترقيته إلى مستوى استراتيجي وفق مقاربة تشاركية وتكاملية.
وأشار غريب في كلمته إلى أن مستوى التّعاون الاقتصادي بين بلدينا في السّنوات الأخيرة عرف تقدّما يبعث على التّفاؤل.
وقد حيث بلغ حجم مبادلاتنا التجارية البينية خلال سنة 2024، أكثر من 2.3 مليار دولار بارتفاع يقدر بنسبة 12 % مقارنة بالسنة السابقة.
ووأضاف غريب أن تونس أصبحت بهذا المؤشر تونس أحد أهم شركاء الجزائر التجاريين، من خلال التموين بالمنتجات نصف المصنعة من الفوسفات، والمواد الزجاجية، والمنتجات المصنوعة من الألمنيوم والمركبات والعربات والمقطورات. كما تحتل المرتبة التاسعة في قائمة زبائنها، خصوصا ما تعلّق بالغاز ومشتقات المواد البترولية والكهرباء، بالإضافة إلى السكر والمواد الغذائية والاسمنت والكلينكر.
في حين سجلت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار إلى غاية نهاية أكتوبر2025، ستة وستين مشروعاً استثمارياً بالجزائر. ويشارك فيه متعاملون اقتصاديون تونسيون، بقيمة تقارب 353 مليون دولار.
ويستحوذ قطاع الصناعة فيها على نسبة 90%، خاصة في فروع في الصناعات الصيدلانية والكهربائية، في الوقت الّذي أحصى فيه المركز الجزائريّ للسجلّ التجاري إلى غاية نهاية 2023، قرابة 750 مؤسسة تونسية تنشط في مجالات عديدة، وهو ما يمثل أكثر من 9% من إجمالي الشركات الأجنبية المتواجدة بالجزائر.
وفي السياق ذاته أكد الوزير الاول أن هذه المعطيات تستحق التّثمين وتبعث على التفاؤل في ظل النمو المطرد والسريع لحجم ونوعية المبادلات والاستثمارات.
وبالمناسبة قال غريب أنه يمكن إدراج هذه المشاريع والمبادرات في إطار التعاون الثلاثي بين الجزائر وتونس وليبيا. وذلك بما يتماشى مع ما تشتركُ فيه دُوَلُنَا الثلاث من اهتمامات ومقومات تكامل.
ويأتي هذا تجسيدا للرؤية التي وضعها قادة الدول الثلاث في القمة التشاورية المنعقدة بتونس في 22 أفريل 2024.
وتابع الوزير الأول إلى أنّ التعاون بين مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الذي سيتدعم اليوم بالتوقيع على اتفاقية تعاون للمساهمة في تحفيز الشراكة بين البلدين، يمكن أن يشكل لبنة أساسيّة لتطوير التواصل والتفاعل وتبادل المعلومات وبناء الشراكات بين المؤسسات الاقتصادية الجزائرية والتونسية، خصوصاً عبر برمجة نشاطات منسقة تشمل تنظيم بعثات اقتصادية بين الجانبين والمشاركة الفعالة في المعارض والصالونات المنظمة في كلا البلدين، والعمل على تنظيم فعاليات اقتصادية مشتركة على المستوى الإفريقيّ.
كما أن الشراكات التي سيتم إبرامها اليوم بين متعاملين جزائريين وتونسيين في مجالات مختلفة، وهم مشكورون على ذلك، تعكس مدى حرصِنا المشترك على ترقية الشراكة الاقتصادية، وتُبرز إمكانيات وفُرص التعاون بين البلدين، التي يتعين استغلالها على النحو الذي يُمكِّن من توظيفها في خدمة أهداف الشراكة والتكامل والاندماج التي نصبو إليها جميعا.