أكدت الأمم المتحدة، الخميس، أن انعدام الأمن في الحرب الأهلية في السودان إلى جانب ضآلة التمويل الدولي، يعرقلان الجهود لمساعدة ملايين الأشخاص هناك. 

وقالت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان، كلمنتين نكويتا سلامي، في مؤتمر صحافي في جنيف: "نحن بحاجة للوصول إلى 18 مليون شخص ولن نتخلى عن هذا الهدف، لكن نحن بحاجة إلى مزيد من الدعم الدولي وتحسين الوصول إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلينا وضمان سلامة عملياتنا".

وذكرت المنسقة  أن 19 شخصًا من العاملين في المنظمات الإنسانية قتلوا منذ اندلاع النزاع في منتصف أبريل الماضي، وأصيب 29 آخرون.

وإذ لم توضح إن كان تم استهداف هؤلاء العاملين على وجه التحديد، ذكرت أنه "في الكثير من الحالات، فإن جهودنا يتم إعاقتها".

ويشهد السودان منذ 15 أبريل حربًا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وتتركز المعارك في الخرطوم وإقليم دارفور غرب البلاد.

وقالت نكويتا سلامي، في بيان، الخميس: "أشعر بالغضب إزاء التقارير التي تفيد عن مقتل ستة نازحين وتشريد 2300 آخرين" خلال اشتباكات في 26 سبتمبر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بالقرب من معسكر الحصاحيصا في وسط دارفور".

ومنذ بدء المعارك قُتل نحو 7500 شخص بينهم 435 طفلًا على الأقل حسب "منظمة أكليد" غير الحكومية والأمم المتحدة، في حصيلة يرجح أن تكون أقل بكثير من عدد الضحايا الفعلي للنزاع.

كما اضطر نحو 5 ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو اللجوء إلى دول الجوار.

وقالت نكويتا سلامي: "لقد تمكنا من تقديم المساعدة من خلال آلية عبر الحدود من تشاد إلى دارفور"، بينما كانت مخزونات المساعدات الإنسانية في كثير من الأحيان هدفًا للهجمات أو النهب.

وأضافت "حتى منتصف سبتمبر تم تسليم نحو 3000 طن من الإمدادات الإنسانية بواسطة 66 شاحنة عبر ست ولايات. ولكن يجب أن نكون قادرين على تقديم المزيد "بأمان وبشكل متكرّر وبسرعة".

ويعدّ الوجود الإلزامي للعسكريين أثناء تحميل الشاحنات في بورتسودان، حيث عاودت الأمم المتحدة تشغيل مقرها الرئيسي، والقتال في العاصمة الذي يجعل العمل مستحيلًا، والتأخير في الحصول على تأشيرات الدخول، عقبات إضافية.

من جهة أخرى، أعربت نكويتا سلامي عن قلقها بشأن الكوليرا. وقالت إن "مكافحة تفشي وباء الكوليرا في منطقة حرب أمر صعب، حتى في أفضل الأوقات. ومع تصاعد القتال، قد يكون من المستحيل تقريبًا السيطرة عليه".

وتحقق الأمم المتحدة في ما إذا كانت هذه الآفة قد وصلت إلى الخرطوم وولاية جنوب كردفان.

وفي مواجهة هذه الأزمة الإنسانية المعقدة ذات الأبعاد الهائلة، هناك أيضًا نقص في الأموال.

وأكدت نكويتا سلامي أن "النداء الإنساني بقيمة 2.6 مليار دولار تم تمويل ثلثه فقط".

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الأمم المتحدة السودان الحرب الأهلية في السودان الأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

غزة: وجبات الموت على موائد الإنسانية

من الصعب أن يجد المرء مفردة ملائمة يمكن لها أن تصف وتستوعب هول ما يحدث في غزّة سوى الشر. شرّ مطلق تحرّر حتى من الحد الأدنى من القيود والضوابط والروادع، التي مهما كانت شكلية، فإنها، أحياناً، تنجح في لجم وكبح الشرّ المتوحّش الكامن وتحدّ من تمظهراته.

هذا شر متحرّر من كل الأطُر والتخريجات، التي تبرّر تبعاته وتعقلنه، وتجد له الأعذار بعد وقوعه. فغالبية المجتمع الإسرائيلي، حسب الاستطلاعات التي نشرت مؤخراً، تؤيّد التطهير العرقي ومحق الفلسطينيين. وهناك عشرات، بل مئات التصريحات والتسجيلات المتاحة التي يظهر فيها ساسة وصحافيون ومواطنون إسرائيليون، يطالبون بتسوية غزة وتحويلها إلى «موقف سيارات» وطرد أهلها، وحتى استخدام السلاح النووي.

65% من الإسرائيليين لا يعتقدون أن هناك «أبرياء» في غزّة، وقد شاهد العالم بأسره منذ بدء حرب الإبادة ما يكفي ويفيض من لقطات سجّلها جنود يتلذذون ويحتفلون بساديّة بجرائمهم. المجتمع الإسرائيلي اليوم في مرحلة متقدمة من الهيجان الإبادي، يهلّل فيها للقتل كما لو كان رياضة، حتى المظاهرات المعارِضة التي تخرج في تل أبيب والتي تكثر وسائل الإعلام العربية، والغربية، من التركيز عليها، ليس جمهورها عموماً ضد الحرب والإبادة بالمطلق، بل تنحصر مطالبها بوقف إطلاق النار لاستعادة الأسرى، ويمكن استئناف الحرب بعد ذلك.

لكن لكل هذا الشر المطلق والجرائم الفظيعة المقترفة يومياً، شُركاء وحلفاء، من أنظمة قريبة، وأخرى بعيدة، ومنظومة شركات أسلحة ومعلومات ومؤسسات أمنية وإعلامية تنتظم وتتضافر في محوره. في خطاب ألقاه في 2002 استخدم الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن مصطلح «محور الشر» لوصف العراق وإيران وكوريا الشمالية، باعتبارها دولاً تدعم الإرهاب آنذاك.

وكان ذلك لتجييش الرأي العام الأمريكي والعالمي لاحتلال العراق. وكان أحد كتبة الإمبراطورية، ديفيد فروم، قد اقترح «محور الكراهية» لكن كاتب خطابات بوش استقرّ على «محور الشر». وأنا أكتب هذه السطور، وقّع 100 من صحافيي هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» رسالة يؤكدون فيها أنهم أُجبروا منذ بدء حرب الإبادة على تقديم خدمات علاقات عامة لإسرائيل.

ومن إنجازات محور الشر ما يسمّى «مؤسسة غزة الإنسانية» التي تقتل العشرات من الغزيّين الجوعى العزّل، الذين يتوجهون إلى مراكز التوزيع الأربعة (أو مصائد الموت) التابعة لها، بحثاً عما يسد رمقهم ورمق أحبتهم من النزر اليسير في مجاعة هي سلاح آخر تطعن به إسرائيل من ينجو من القصف.
«مؤسسة غزة الإنسانية» وصفتها فرانشيسكا آلبانيزي المقررة الأمميّة المعنيّة بحقوق الإنسان في فلسطين، بأنها «فخ موت مصمّم لقتل أو تهجير السكان»
قبل أيام طالبت أكثر من 170 منظمة خيرية وغير حكومية بإيقاف عمل هذه المؤسسة المشبوهة فوراً، لأسباب واضحة، والعودة إلى آليات ومنظمات الأمم المتحدة لتوزيع المعونات في غزة.

وتعود فكرة وجذور هذه المؤسسة إلى الشهور الأولى من حرب الإبادة، حين اجتمع عدد من المسؤولين الإسرائيليين ورجال الأعمال (وهذه نقطة غاية في الأهميّة) لمناقشة آفاق «اليوم التالي» في غزّة، أي إحكام السيطرة على حيوات وحركة الغزّيين باستحداث آليات وهياكل بديلة، بعد تدمير الهياكل الفلسطينية، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وتعطيل أو تحييد مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

واستعان الإسرائيليون بالمدعو فيل رايلي، الذي عمل مع وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي أي» لما يقارب الثلاثة عقود وكان قد ساهم في تدريب الميليشيات اليمينية في نيكاراغوا في الثمانينيات، ثم شغل منصب مدير محطة المخابرات الأمريكية في كابل، بعد الغزو الأمريكي، قبل أن يؤسس شركة أمنية في الولايات المتحدة.

وأسس رايلي بعد المشاورات مع الإسرائيليين شركة جديدة لتتولى تنفيذ عمليات «مؤسسة غزة الإنسانية»، أي جلب المرتزقة الذين سيطلقون النار على الفلسطينيين! وكان واضحاً منذ البداية أن المؤسسة مشروع إسرائيلي أمريكي، لا يتمتع بأي استقلالية، وقد نددت به المنظمات الإنسانية كافة ورفضت الأمم المتحدة التعاون معه، حتى المدير التنفيذي للمؤسسة جيك وود، استقال في مايو الماضي لاقتناعه باستحالة تنفيذ خطة لتوزيع المساعدات على سكّان قطاع غزة «مع الالتزام الصارم بمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية».

وإذا كان لدى وود بقايا ضمير منعه من الاستمرار في العمل، وتنفيذ مهام في هذه المؤسسة، فإن خلفه القسيس الإنجيلي جوني مور، الذي عين في يونيو، مؤمن بمهمة المؤسسة ولا يكل من الدفاع عنها، وترديد أكاذيب الجيش الإسرائيلي والتشكيك بمنتقديها في الحوارات التي تجرى معه، حتى بعد تراكم التقارير والمشاهد التي توثق القتل اليومي وظهور اللقطات المسربة من المرتزقة الأمريكيين أنفسهم»، ويجسّد مور هذا في مسيرته وتوجهاته وخطابه التقاء مصالح وتوجهات المسيحيين الصهاينة، من الإنجيليين، مع اليمين المحافظ وفاشية ترامب.

فهو رجل دين ورجل أعمال أسّس شركة علاقات عامة. وكان مور قد ترأس المجلس الإنجيلي الاستشاري لحملة ترامب الانتخابية الأولى، وكان من الذين يترددون على البيت الأبيض لحضور اجتماعات سياسية وإقامة صلوات! وهو عضو في المجلس الاستشاري لمؤسسة الزمالة الدولية المسيحية اليهودية التي تشجع على الهجرة اليهودية إلى فلسطين باعتبارها تحقيقاً للنبوءات التوراتية.

وكان لمور، الذي عيّنه ترامب مرتين في اللجنة الأمريكية الحريات الدينية، دور في إبرام اتفاقات السلام الإبراهيمي ونقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، وهو يفخر بعلاقاته الوثيقة مع عدد من الأنظمة العربية وزياراته لقصور الملوك والأمراء. وكان من الذين أثنوا على خطة ترامب لتهجير الغزيين وتحويل غزّة إلى مشروع سياحي. وهذا هو ما تساهم فيه «مؤسسة غزة الإنسانية» التي وصفتها فرانشيسكا آلبانيزي، المقررة الأمميّة المعنيّة بحقوق الإنسان في فلسطين، بأنها «فخ موت مصمّم لقتل أو تهجير السكان».

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: إسرائيل تواصل رفض مبادرات الإغاثة لغزة
  • الفساد يضرب توزيع المساعدات الإنسانية بولاية الخرطوم
  • شمال دارفور.. المرحلة الرابعة من برنامج المساعدات الإنسانية استهدفت 25 مسجدًا بتكلفة 8 ملايين جنيه
  • دعوات بريطانية لمعاقبة مسؤولي مؤسسة غزة الإنسانية.. تحويل الجوع إلى سلاح
  • تحذير أممي من «أثر صحي كارثي» في غزة
  • الهجرة الدولية : القتال دفع أكثر من مليون مواطن للفرار من الفاشر
  • أوبزيرفر: وزارة الخارجية الأمريكية مولت مؤسسة غزة الإنسانية وساهمت بعسكرة المساعدات
  • «الغذاء العالمي»: ثلث سكان غزة لا يحصلون على غذاء لأيام
  • مؤسسة غزة الإنسانية قصة الموت وحكاية الذل (4)
  • غزة: وجبات الموت على موائد الإنسانية