بقلم: سمير داود حنوش ..

في ساحة الاحتفالات وتحت أقواس النصر القريبة من المنطقة الخضراء التي تضم الآلاف من الخوذ التي جُمعت من الشهداء العراقيين الذين نزفت دماؤهم لتروي أرض هذا الوطن بحروبه المستعرة التي لم تنته، وعلى مساحة تلك الأرض شاهد العراقيون ولسنوات عديدة جيشهم بكافة صنوفه وتشكيلاته في استعراضات عسكرية بمناسبات كان أهمها عيد تأسيس الجيش العراقي.

وعلى هذه الأرض انقلب الميزان، واختل التوازن ليسجل ضياعاً جديداً لعنوان من عناوين الوطن حين تشابكت ألوان العُري وفضحت ملابس التعري أجساد الفاشينيستات والبلوكرات إلى جانب سياسيين، وفُرشت السجادة الحمراء وصدح صوت الفنانة شذى حسون لترتيل النشيد الوطني، لكن بدل أن تقول “هل أراك سالماً مُنعّماً وغانماً مُكرماً” نست أو تناست المطربة العراقية كلمات النشيد الوطني لتكون بديلها “ناعماً مُنعماً” وسط تمايل الأجساد وطرب الحاضرين.

لا تستغربوا مما حدث في ساحة الاحتفالات، فأنتم في العراق بلد المتناقضات والغرائب.

سلطة تفتح خزائنها لهدر الملايين أو المليارات من أجل حفلات المحتوى الهابط، في حين تستكثر على الفقير أن تُشبع جوعه، وتلك هي نكتة أخرى غير مضحكة في العراق.

لم يبعد الزمن عن هذا الحدث سوى أيام قلائل كان العراق يعيش حِداداً على فاجعة الحمدانية التي راح ضحيتها أكثر من 120 جثة محترقة قضت نحبها حرقاً في قاعة للأعراس، لم يُعرف أو يُحاكم الفاعل، لا تسخروا، فقد جَعَلنا الزمن الرديء نعيش في عالمين متناقضين، فلا غرابة من مزدوجي الشخصية بعد أن حكمنا مزدوجو الجنسية.
في ذكرى احتفال العراق بعيده الوطني وتحت أقواس النصر تمايلت الراقصات وصدحت أصوات العاريات وفنانات الذوق الهابط وكأنك في حفل لتوزيع جوائز الأوسكار، أو عالم لا يعيش أكثر من ثلث سكانه تحت خط الفقر؛ عالم مثالي في التعليم والتربية والسعادة، بلد لا يعشش فيه الفساد ويتكدس على أرضه اللصوص والسُرّاق، وطن لا يأكل البعض من أبنائه من فضلات القمامة.

سقطت كلمات النشيد الوطني عندما تمايلت على ألحانه البلوكرات والفاشينيستات يتلذذن بكلماته المعطوبة وهي تتكرر على لسان المطربة، حتى لم نعد ندرك حقيقة الكلمات الحقيقية للنشيد الوطني العراقي أو نُفرّق بين “ناعماً منعماً” أو “سالماً منعماً” مع ضرورة التدقيق في معاني الكلمات ومقصدها الذي يوحي بمعنى آخر.

هل كل ما يحدث في العراق هو صدفة أم بفعل فاعل؟ تمعّنوا في السيرة السلطوية واستنتجوا خواتيم الحكاية.

في إحدى حكايات علي الوردي عالم الاجتماع العراقي التي يرويها يقول “إن أحد رجال الدين نُوّم ذات مرة تنويماً مغناطيسياً وأوحي إليه أثناء النوم أنه إذا سمع دق الساعة بعد استيقاظه فإنه يجب أن يُلقي عند ذاك خطبة رنانة في مدح الكفر والزندقة، فلما استيقظ هذا الرجل المتزمت جلس يتحدث كعادته ولكنه لم يكد يسمع دقات الساعة حتى انتفض واقفاً وأخذ يُلقي خطاباً حماسياً في مدح الكفر كما أوحي إليه أثناء النوم، وبعد الانتهاء من إلقاء كلمته، سأله أحد الحاضرين عن مصائب ما شوهد فيه من تناقض، أخذ الرجل المسكين يأتي بالحجج والبراهين القاطعة أنه لم يناقض نفسه وإن عمله كان الصواب ولم يقصد من ذلك الفعل سوى الخير واستشهد لأقواله كعادته بِنُتف من الحديث وما تيسّر من القرآن الكريم”.

ستجدون التبرير جاهزا من سلطة الإسلام السياسي بوصف تلك الأحداث بالعفوية؛ لم يقصد منها غير الفرح والابتهاج بالعيد الوطني العراقي المشكوك في تاريخه، والمختلف على موعده، فهو في كل الأحوال مجرد نشيد وطني ضائع لبلد منهوب يستقر في قعر الضلال والانهيار والفوضى. لكن الغرابة في الموضوع أنه لا يزال هناك من يريد الحفر أكثر في ذلك القاع.

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

السويد تحتج لدى العراق بسبب حكم إعدام

استدعت السويد، الخميس، القائم بالأعمال العراقي في ستوكهولم للاحتجاج على حكم بإعدام مواطن سويدي في العراق. وقالت وزارة الخارجية إن "السلطات العراقية أكدت أن مواطنا سويديا حُكم عليه بالإعدام وأنها تلقت أيضا معلومات تفيد بأن مواطنا آخر أو اثنين صدر عليهما الحكم نفسه".

وقال وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم في بيان: "استُدعي القائم بالأعمال العراقي على وجه السرعة إلى وزارة الخارجية اليوم".

وأضاف: "نُقل، في الاجتماع، احتجاج السويد على أحكام بإعدام سويديين في العراق، ومطالبة العراق بعدم تنفيذ هذه الأحكام".

وقال بيلستروم إن السويد تعارض عقوبة الإعدام "دائما وفي كل مكان وبغض النظر عن الظروف".

ولم تقدم وزارة الخارجية معلومات أخرى.

وذكرت صحيفة أفتونبلاديت أن الرجال متهمون بالتورط في إطلاق النار على مواطن سويدي آخر في العراق في كانون الثاني.

مقالات مشابهة

  • في ذكرى ميلاد سعد عبدالوهاب.. عمل بالإذاعة وألّف السلام الوطني لدولة الإمارات
  • مؤيد اللامي : الحضور المهيب للمهنئين بالعيد الوطني للصحافة العراقية دليل تقدير لجهود الصحفيين
  • راضي:الفريق النسوي العراقي سيشارك في بطولات 2025
  • قفزة بأسعار الذهب قبيل العيد في الأسواق العراقية
  • عيد بلا أضاحٍ في العراق.. وفتوى بجواز إرسال ثمنها إلى غزة لإغاثة سكان القطاع
  • تعرف على الدول التي يستطيع حاملو جواز السفر العراقي دخولها بدون تأشيرة
  • مكتبة محمد بن راشد.. إنجازات استثنائية في الذكرى الثانية لافتتاحها
  • هل سيطبق قانون جهاز الأمن الوطني في الإقليم؟.. خبير أمني يوضح
  • هل سيطبق قانون جهاز الأمن الوطني في الإقليم؟.. خبير أمني يوضح- عاجل
  • السويد تحتج لدى العراق بسبب حكم إعدام