فى الأدب الساخر العابر للحدود والثقافات
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
لماذا نضحك؟
فى كتابه «الضحك» يشير هنرى بيرغسون (1859-1941)، الفيلسوف الفرنسى، إلى أنه لا توجد فكاهة خارج نطاق ما هو بشرى تمامًا، فنحن لا نضحك عند رؤية باب أو حائط مثلا.
تذكرت قوله عندما جمعتنى الصدفة مؤخرًا ببعض الأصدقاء والمعارف ولم يكن الحديث الضاحك عن البشر بل عن البصل وارتفاع سعره وقيمته وكيف أن هذا التحول يتطلب منا إعادة النظر فى تقديرنا للبصل.
ماذا إذن عن الذين يحترفون الكتابة الساخرة القادمين من بلاد وثقافات مختلفة؟ دعونى أقدم لكم ثلاثة نماذج: على سالم، الكاتب المصرى، بى. جى. وودهاوس (G.P. Wodehouse)، الكاتب الكوميدى البريطانى، وآرت بوكوالد ( (Art Buchwald، الساخر الأمريكى. هؤلاء الثلاثة يقدمون لنا بذكاء وسخرية آراء فريدة فى عالم الفكاهة، وإن اختلفوا فيما يتعلق بالتأثيرات الثقافية والأساليب والموضوعات.
تحمل الفكاهة البريطانية عنصرًا قويًا من السخرية التى تستهدف عبثية الحياة اليومية وتشمل المزاح، والشتائم، وانتقاص الذات( self-deprecation) والمواضيع المحظورة، والتورية، والتلميح، والنظام الطبقى البريطانى. ويعرف بى. جى. وودهاوس بفكاهته البريطانية الرائعة، وغالبًا ما يضعها فى عالم الطبقة العليا فى مجتمعه. معظم أعماله روائية، مثل سلسلة «جيفز و ووستر»، التى تعج بشخصيات غريبة الأطوار، وتتسم بشعور بالحنين إلى عصر ما قبل الحرب العالمية الأولى.
فكاهة بوكوالد أكثر حدة من فكاهة وودهاوس، وتمثل تقاليد السخرية السياسية الأمريكية التى تتعدى حدود اللياقة والحشمة أحيانا. لنتذكر أن بوكوالد جاء من مجتمع جمهورى ثار فى القرن الثامن عشر على التاج البريطانى وتقاليد الملكية وانفصل عنها مؤكدا استقلاله فى كل مناحى الحياة.
أما على سالم، الساخر المصرى، فقد قدم لمواطنيه وقرائه نكهة ثقافية مختلفة للضحك، ومصَّر فى مسرحياته شخصيات معروفة فى الأدب العالمى مثل شخصية «قوالح» فى مسرحية «مأساة أوديب» التى يرمز بها لوزير الداخلية الذى يعذب الناس ويطاردهم، وشخصية مرسى الزناتى فى مسرحية «مدرسة المشاغبين» التى لا يذكر عموم الجمهور لعلى سالم من مسرحياته سواها. وأعماله غالبًا ما تدور حول تحديات الحياة اليومية والغرائب والتناقضات فى المجتمع المصرى، مازجًا السخرية بالتعليقات الاجتماعية العميقة والتلميحات للتابوهات الاجتماعية.
إجمالا، فكاهة بى جى وودهاوس بريطانية بشكل نموذجى، وفكاهة آرت بوكوالد أمريكية بشكل مميز مع تركيز على السخرية السياسية التى تصل إلى حد الصفاقة، أمّا فكاهة على سالم فهى متأثرة بشكل كبير بأصولها المصرية التى تعتمد على الإفيهات والقفشات والتلميحات المسموح بها. هؤلاء الساخرون الثلاثة قدّموا أساليب كوميدية متميزة أسعدت مواطنيهم وأظهرت تنوع الفكاهة عبر مختلف حدود الخرائط وتخوم الثقافات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأدب الساخر الضحك البشر على سالم
إقرأ أيضاً:
إحدى أعظم ألغاز الأدب.. دراسة تستكشف سر وفاة جين أوستن عام 1817
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- على مدى عقود، اعتاد الناس التوقف خارج المنزل رقم 8 في شارع كوليدج، بجوار حرم كلية وينشستر في إنجلترا.
والتفصيل الوحيد في واجهة المبنى المبني من الطوب المطلي الذي يكشف عن أهميته، لوحة بيضاوية فوق المدخل كُتب عليها: "في هذا المنزل عاشت جين أوستن أيامها الأخيرة وتوفيت في 18 يوليو/تموز 1817". لكن بالنسبة لمحبي جين أوستن، يمثل هذا المكان أكثر فصول حياة أوستن القصيرة لغزًا.
عاشت الروائية البريطانية وشقيقتها كاساندرا أوستن في الطبقة الأولى من المبنى لمدة ثمانية أسابيع بينما كانت جين تسعى لتلقي العلاج من مرض غامض استمر قرابة عام. وبعدما بدا أنها تتحسّن على فترات متقطعة، توفيت الكاتبة عن عمر يناهز 41 عامًا من دون أن تتلقى يومًا تشخيصًا واضحًا معروفًا حتى اليوم.
ومع اقتراب الذكرى الـ250 لميلادها في 16 ديسمبر/كانون الأول، لا يزال الباحثون يناقشون سبب وفاتها، محاولين إعادة تركيب صورة عن حالتها الصحية استنادًا إلى أوصاف الأعراض الواردة في كلمات أوستن نفسها.
وقالت ديفوني لوزر، أستاذة اللغة الإنجليزية في جامعة ولاية أريزونا: "لا يوجد حتى الآن إجابة واضحة بشأن ما تسبّب بوفاة جين أوستن عن عمر 41 عامًا. إن تشخيصاتنا الافتراضية تستند إلى الأوصاف الموجزة لأعراضها الواردة في الرسائل التي بقيت محفوظة".
ومع قلة الأدلة البيولوجية المتاحة للدراسة، وفّرت مراسلات أوستن ورواياتها للباحثين خريطة غنية لاكتشاف دلائل من أيامها الأخيرة، كاشفة عن جوانب من حالتها الصحية لم تكن معروفة سابقًا، وتساهم في الوقت ذاته في استنباط تفسيرات جديدة محتملة لآخر أعمالها مثل رواية "Persuasion" (إقناع).
خلصت ورقة بحثية نُشرت العام 1964 لزكاري كوب، وكانت أول مقال يقترح سببًا محتملًا لوفاة أوستن، إلى أن الكاتبة توفيت بسبب داء أديسون، وهو مرض مزمن نادر لا تُنتج فيه الغدد الكظرية في الجسم كميات كافية من بعض الهرمونات.
لاحقًا، اقترحت فرضيات أخرى أنها ربما قضت بسبب سرطان المعدة، أو السل، أو لمفومة هودجكين، على التوالي.
ورغم أن هذه الحالات تختلف اختلافًا كبيرًا، فإن هذه التشخيصات المحتملة وفق الدكتورة داسيا بويس، طبيبة الأمراض الباطنية لدى مركز كارل آر. دارنال الطبي العسكري في فورت هود بولاية تكساس، تشترك في أعراض مثل:
الإرهاق،وفقدان الوزن،وضعف الشهية،واحتمال ارتفاع الحرارة على نحو متقطع،أو القشعريرة،أو التعرّق ليلي.وقالت لوزر، مؤلفة كتاب "Wild for Austen: A Rebellious, Subversive, and Untamed Jane": "لا يزال داء أديسون هو الإجابة الأكثر شيوعًا، ربما لأن هذه النظرية تكرّرت كثيرًا".
وأضافت: "هناك نظرية أخرى طُرحت في وقت أحدث تفيد بأن أوستن ربما توفيت بسرطان بطيء النمو، مثل اللمفوما".
لكن أياً من هذه التفسيرات لم يبدُ أنه يشرح حالتها بالكامل، ما ترك مجالًا لظهور مزيد من النظريات.