اختراع جديد في عالم الذكاء الاصطناعي.. الهيومانويد ترعب البشرية
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
بسرعة لا يمكن ضبطها، يقفز عالم الذكاء الاصطناعي الى مرحلة اللاحدود من التطور التقني، وسط كل التخوف من المنافسة الشرسة لهذا العالم المفتوح على القدرات البشرية والوظائف الاجتماعية. وعلى الرغم من الايجابيات الكبيرة لهذا التطور، الا انّ الاكتشافات اليومية في عالم الروبوتات تحديدا، والتي جعلتها في شكل شبيه مع البشر، يطرح الكثير من علامات الاستفهام، وخصوصا انّ تطورا تقنيا برز مؤخرا أوصل هذه الاشكال الصناعية الى مرحلة الادراك الذاتي.
ربما الشيء الأكثر إثارة في عالم الذكاء الاصطناعي والأكثر خطورة على حد سواء، إذا ما استمر تطوره بمعدله الحالي، هو الروبوتات البشرية أو "الهيومانويد". هذه الروبوتات التي تحتل حيزا واسعا من اهتمام العالم أجمع، كونها أصبحت تملك ملامح بشرية أكثر واقعية، بعدما اخترع لها العلماء ما يشبه الحواس مثل اللمس فتحس بالحرارة والبرودة، ولها القدرة احيانا على التعبير بالسعادة او الحزن. كل هذا مقبول لغاية الان، ولكن ما ينقصها كي تصبح بالخطورة التي حذر منها العلماء فهو الادراك الذاتي.
تخوف العلماء
وقد حذر علماء وخبراء من هذا الخوف، مثل عالم "الفيزياء النظرية" ستيفن هوكينغ، وايلون ماسك، وحتى مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس. وأشار هوكينغ قبل وفاته إلى أن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لفناء الجنس البشري، محذرا من قدرة الآلات على إعادة تصميم نفسها ذاتيا. أما ماسك فاعتبر أن الذكاء الاصطناعي من أعظم المخاطر التي تهدد الوجود البشري، كما شبه تطوير الآلات الذكية "باستحضار الشيطان".
ولكن هل تعلمون انّ هذا الخوف من التوصل الى الادراك الذاتي اصبح قريبا جدا، فقد طور باحثون مؤخرا اول خلايا عصبية صناعية متكاملة متعددة الحواس يمكن استخدامها لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي. فالى أين وصلنا مما يشغل بال العالم اجمع؟
يشرح الباحث في الفيزياء وتكنولوجيا النانو الدكتور وسيم جابر في حديث مع "لبنان 24" ما هي هذه الخلايا، مسلطا الضوء على ايجابياتها وسلبياتها ومدى سرعة التقدم التكنولوجي في هذا الاطار.
دمج الاحاسيس
وبحسب جابر فانّ عمل هذه الخلايا أشبه ما يكون للخلايا العصبية الموجودة في دماغ الانسان اذ لديها القدرة على دمج الاحاسيس وخصوصا اللمس والبصر، ما يمكنها من اتخاذ قرار وسلوك أشبه بالسلوك والقرار البشري. وهذه الخلية (innovative bio-inspired artificial multisensory neuron (MN)، مستوحاة من البيولوجيا الانسانية ويمكنها دمج المعلومات البصرية واللمسية، وتختصر باسم "MN".
وعن اهميتها يقول جابر: "يتكون MN من مستعشر لمس كهروحراري متصل بترانزستور ضوئي أحادي الطبقة MoS2. يقوم مستشعر اللمس بتحويل محفزات اللمس إلى نبضات كهربائية. يقوم الترانزستور الضوئي بتحويل المحفزات البصرية إلى تحولات جهد (volt) عبر تأثير التصوير الضوئي في MoS2.".
ويوضح جابر السمات الرئيسية الثلاثة للتكامل البيولوجي المتعدد الحواس، وهي: "الاستجابة الفائقة الاضافة، اضافة الى الفاعلية العكسية، والتطابق الزمني، أي عندما تكون الاستجابة متعددة الحواس الى الحد الاقصى".
احساس طبيعي
فكيف يمكن الاستفادة من هذا التطور، يقول جابر: "يقترح المؤلفون أن هذه المعالجة المتعددة الحواس المستوحاة من الحياة يمكن أن تؤدي إلى تطوير الروبوتات والأطراف الصناعية والحوسبة العصبية. وتشمل التطبيقات المحتملة التنقل الآلي والتلاعب بالأشياء في البيئات المعقدة. كما تتيح ردود الفعل متعددة الحواس تحكمًا أكثر دقة وتجنب المخاطر. ويمكن لهذه التقنية أيضًا أن تمنح الأطراف الصناعية إحساسًا طبيعيًا اكثر".
وبشكل عام، يقدم هذا العمل مساهمة مهمة نحو الأنظمة الإلكترونية التي تحاكي كفاءة المعالجة الحسية البيولوجية وقدرتها على التكيف. وتعد الاستفادة من التفاعلات متعددة الوسائط أمرًا أساسيًا لروبوتات الذكاء الاصطناعي، بحسب جابر الذي يتحدث عن ايجابية ملموسة لهذا التطور. ويتابع: "إنّ دمج اللمس والرؤية يمكن أن يعزز بشكل كبير الإدراك الآلي والبراعة، مما يجعلنا أقرب إلى الآلات التي تنافس المرونة البشرية والاستجابة والوعي الظرفي".
منافسة
هو عرض استطاع ان يبهر العالم اجمع، وسط الترقب من مخاوف هذا التطور وخصوصا لناحية إزاحة الوظائف البشرية لملصحة الروبوتات، وهو ما بات يشكل قلقا لعدد كبير من الوظائف التي اعتقد الناس لفترة طويلة انّها محصورة بالبشر، وها هم اليوم الروبوتات يملكون احساسا مشابها للناس.
ويؤكد جابر انّ هذا التطور هو أول عرض لـ MN اصطناعي يكرر كل جوانب التكامل البيولوجي المتعدد الحواس، ما معناه وجود حواس متعددة في شريحة واحدة تنتج قرارا عصبيا، أي عملية أشبه ما تكون لتحليل العقل البشري معتمدة على قوة الإشارات البصرية واللمسية.
ربما لا يمكن ببساطة استيعاب هذا التطور الحسي اللمسي، وقد يكون كل ما سبق شرحه وكأنه من ضروب الخيال، ولكنه اصبح الواقع في طفرة التقنية المفتوحة على فضاء واسع واحتمالات ممكن أن تكون ايجابية ولها ان تحمل كل الخطورة التي يتوقعها او لا يتوقعها العقل البشري. ويبقى العالم منتظرا، ولكم أن تتخيلوا الى اين قد يصل الابداع العقلي في عالم الذكاء الاصطناعي، بدون حسيب او رقيب. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: عالم الذکاء الاصطناعی هذا التطور فی عالم
إقرأ أيضاً:
“هيوماين” ومستقبل الذكاء الاصطناعي
يمثل الإعلان عن خطط “هيوماين” السعودية، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، بتدشين صندوق “Humain Ventures” برأس مالٍ جريء يُقدر بـ10 مليارات دولار، إلى جانب سعيها الحثيث لجذب كبار مستثمري التكنولوجيا الأميركيين، نقطة تحولٍ فارقة في مسيرة التحولات المؤسسية والرقمية الهائلة التي تشهدها المملكة العربية السعودية. هذه المبادرة ليست مجرد استثمار مالي ضخم، بل هي تجسيدٌ عميقٌ لرؤية استراتيجية طموحة تهدف إلى وضع المملكة في صدارة المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي، وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والتقنية.إن جوهر استراتيجية “هيوماين” يكمن في بناء شراكات استراتيجية عميقة ومستدامة مع أبرز اللاعبين في قطاع التكنولوجيا العالمي. المحادثات الجارية مع شركات بحجم “OpenAI”، و”xAI” التابعة لإيلون ماسك، وشركة رأس المال الجريء العملاقة “Andreessen Horowitz”، لا تعكس طموحاً في الاستحواذ على حصص سوقية فحسب،
بل تُشير إلى رغبة المملكة في استقطاب المعرفة، الخبرة، والتقنيات المتقدمة إلى داخل نسيجها الاقتصادي. تُشكل الاتفاقيات الموقعة مع “إنفيديا” لتوريد رقائق GB300 المتطورة، ومع “AMD” لبناء بنية تحتية حاسوبية ضخمة بقدرة 500 ميغاواط، دليلاً واضحاً على الأولوية القصوى التي تُوليها المملكة لتأسيس بنية رقمية متقدمة تُعد حجر الزاوية لاقتصاد المعرفة. هذه الاستثمارات لا تضمن قدرة المملكة على تطوير حلول الذكاء الاصطناعي، بل تُشكل أيضاً مُحفزاً رئيسياً للابتكار في قطاعات متعددة.تتجاوز خطط “هيوماين” البعد التقني البحت لتُلامس جوهر الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لرؤية 2030. التوقعات بأن تُثمر هذه الاتفاقيات عن توفير أكثر من 22 ألف وظيفة نوعية في المملكة، ومساهمة مباشرة بـ 24 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، تُبرز الأثر الاقتصادي الهائل لهذه المبادرات. هذا يُعزز من استدامة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة التقلبات المستقبلية. من خلال صندوق “Humain Ventures” الذي يستهدف شركات ناشئة عالمياً، تضمن المملكة ليس فقط عوائد مالية، بل أيضاً نقل الخبرات، جذب الكفاءات، وتوسيع شبكة علاقاتها في منظومة الابتكار العالمية. وهذا يُعزز من دورها كلاعب رئيسي في المشهد التقني الدولي.في الختام، ما تقوم به المملكة العربية السعودية، من خلال مبادرات “هيوماين” وشراكاتها واستثماراتها الضخمة في الذكاء الاصطناعي، يُعد مثالاً ساطعاً على كيفية تحويل الرؤى الطموحة إلى واقع ملموس. إنه رهان استراتيجي على المستقبل، يُمهد الطريق لتحقيق أهداف رؤية 2030 التنموية الشاملة.
د. بجاد بن خلف البديري – جريدة المدينة
إنضم لقناة النيلين على واتساب