عربي21:
2025-10-20@19:14:53 GMT

غزة بين مشهد الفرجة العربي والنفاق الدولي

تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT

من راقب وشاهد واستمع لوقائع ما جرى ويجري في فلسطين، من غزة ومحيط غلافها إلى المستوطنات وصولاً للمدن الإسرائيلية في العمق المحتل عام 48، يُقر بحالة الذهول والصدمة والاندهاش الذي تركته حركة المقاومة الاسلامية "حماس" على المشهد الفلسطيني والعربي والدولي، من أخذ زمام المبادرة بالهجوم المباغت على المواقع الإسرائيلية في محيط غلاف غزة إلى الكثافة النارية بإطلاق الصواريخ والقدرة على أسر عدد كبير من جنود الاحتلال، وإيقاع خسائر صادمة ومؤلمة للمؤسستين الأمنية والعسكرية في إسرائيل، والتي أصبح الحديث فيها عن عملية "طوفان الأقصى" ومقارنتها بكل جولات الصراع العربي الإسرائيلي وحروبه الرسمية مع جيش الاحتلال، بأنها مغايرة وأحدثت فارقاً لا يمكن القفز عنه في النتائج والتبعات السياسية والنفسية والعسكرية، في المعركة التي تخوضها المقاومة مع الاحتلال.



الاعتراف بقدرة المقاومة وشجاعتها في الصحافة الإسرائيلية على إحداث الصدمة الأولى، سبقته بعض تحليلات عربية انضمت لركب الهجوم على المقاومة، وإدانتها رسمياً من بعض الأنظمة التي أعلنت انحيازها الكلي للكيان الصهيوني، لمحاولة فصل ما حدث ويحدث عن سياق القضية الفلسطينية بشكل عام، والتي يتم التعامل معها من النظام العربي كمسألة تخص العلاقة بين "الفلسطينيين وإسرائيل"، وما ينغص على هذه العلاقة وجود المقاومة واستمرارها في الشارع الفلسطيني، فكيف إذا انقلب كل ما يُخطَط له من تطبيع وقفز على الحقوق الفلسطينية، ومحاولات فصل القضية عن ارتباطها العربي قد فشلت بساعات قليلة بعد ما قدمته المقاومة في غزة ومحيطها؟

المقصود بالمقاومة حركة "حماس" التي أعيد تنشيط جرس شيطنتها على مستوى عالٍ من الولايات المتحدة مروراً بدول غربية ووصولاً لبعض عواصم عربية، والسرعة الأمريكية في شحذ الهمم وشد العصب الأمريكي والغربي لحماية إسرائيل، وإرسال حاملة الطائرات الأمريكية "فورد" للمنطقة وتقديم الدعم العسكري والمادي لحكومة بنيامين نتنياهو، وإرسال الذخائر والسلاح لمواصلة العدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف منذ إكمال احتلال بقية فلسطين عام 1967.

المقاومة قضية أساسية ككل القضايا السياسية الأخرى، لا يمكن عزلها في مجتمعٍ يخضع لاحتلال مباشر ولحصار مستمر، وعدوان يومي يُخلف جرائم حرب وضد الانسانية تُنقل على الهواء مباشرة ويراقبها العالم كله، كما في كل جولات العدوان والمذابح التي شُنت على غزة وتتكرر اليوم في مشهد جرائم إبادة لأحياء كاملة وتدمير الأبراج السكنية عقاباً لغزة
وترافق هذا مع كتابات وتحليلات هجومية مشوهة ومزورة في الساعات والأيام القليلة الماضية المترافقة مع حجم المذابح الهائلة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، لتتقاطع مع التزوير الأمريكي والصهيوني لمأساة الشعب الفلسطيني من الاحتلال ومشروعه الاستعماري، باتخاذ موقف ذاتي وعدائي من المقاومة ومعاداة العمل الشعبي المسلح بالتعبير عن التشاؤم منه.

وليس ممكناً هنا مناقشة كل المواقف والأحكام الجائرة والعشوائية بحق المقاومة الفلسطينية، وإعادة التذكير بقائمة الشيطنة الطويلة لحركة حماس وربطها بـ"أجندة إيرانية" ونزع وطنيتها ونفي ارتباطها بقضية شعبها وببعدها العربي والإسلامي، هو تذكير أولاً بالأجندة والأهداف الصهيونية على جبهة النظام الرسمي العربي الذي ينظر بقلق وخطر من المقاومة؛ لما تمثله من إظهار كم العجز والانحطاط والخزي في صورتها لدى الشارع العربي الذي عبّر عن فرح غامر برؤية المقاومة بإمكانيات متواضعة تحقق نجاحات تناقض كلياً بنية أنظمة العسكر العربي المنشغل ببناء الاستبداد والتواصل والتطبيع مع الاحتلال الذي يشكل لب المشكلة، والجوهر فيها مقاومة هذا الاحتلال ومشروعه وسياساته الاستعمارية التي كفلتها كل القوانين والشرائع الدولية.

والمقاومة قضية أساسية ككل القضايا السياسية الأخرى، لا يمكن عزلها في مجتمعٍ يخضع لاحتلال مباشر ولحصار مستمر، وعدوان يومي يُخلف جرائم حرب وضد الانسانية تُنقل على الهواء مباشرة ويراقبها العالم كله، كما في كل جولات العدوان والمذابح التي شُنت على غزة وتتكرر اليوم في مشهد جرائم إبادة لأحياء كاملة وتدمير الأبراج السكنية عقاباً لغزة ولمقاومتها التي استطاعت كسر هيبة وغطرسة الاحتلال.

وهنا أيضاً تتكشف أبعاد بعض المواقف العربية التي لطالما وجدت في الغطرسة والعنجهية الصهيونية ملاذاً لعجزها ومدخلاً للتخاذل والاستسلام، وتكريسا لهزيمة لم ولن يذعن لها الشعب الفلسطيني منذ قرنٍ وإلى ساعتنا هذه. وما يخيف في هذا الواقع ليس مشهد الفرجة العربي والدولي على جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني فقط، بل في مشهد السحق والإبادة الجماعية وسط صمت دولي وعربي وبضوء أخضر أمريكي لفاشية صهيونية.

هناك اعتراف رسمي أمريكي بدعم الإرهاب الصهيوني، وفي نفس الوقت هناك دعوة وضغوط أمريكية على بعض النظام العربي ليمارس ضغطا على المقاومة، وهناك مواقف عربية تشارك في نصب شراك التضليل الصهيوني والأمريكي بإعلاء صوت الخنوع
أخيراً، هناك اعتراف رسمي أمريكي بدعم الإرهاب الصهيوني، وفي نفس الوقت هناك دعوة وضغوط أمريكية على بعض النظام العربي ليمارس ضغطا على المقاومة، وهناك مواقف عربية تشارك في نصب شراك التضليل الصهيوني والأمريكي بإعلاء صوت الخنوع. وغزة والمقاومة لا تملك إلا أن تقول أن قتالها اليوم وغداً لا بد منه إذا أردنا التحرر من الاحتلال واسترجاع الأرض وتحرير الأسرى والحفاظ على هوية الأرض والمقدسات.

يتم كل ذلك بإعادة البعد العربي للقضية الفلسطينية، وهو ما تم في وجدان الشارع العربي المعبر عن تعاطفه ومساندته لمقاومة مصممة على المسيرة بكل إيمان وإدبار؛ لتبقى فلسطين قضية حرية وعدالة إنسانية، والمقاومة فيها فلسطينية يقتضي الدفاع عنها وعن مكتسبات لازمة في تحقيق أهداف بعيدة عن مشهد الفرجة العربي الرسمي المنضم لحملة تزوير وتصهين وحصة من ردح النفاق الدولي حول إرهاب الدولة والاحتلال والقلق على السلام.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين المقاومة الاحتلال الاستبداد فلسطين الاحتلال المقاومة الاستبداد طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

هل تنهار الهدنة؟

 

 

لم تتوقف التهديدات الإسرائيلية باستئناف القتال منذ بداية الهدنة التي جرى الاحتفاء بإنجازها في شرم الشيخ، والتي اعتبرها الموقعون عليها حدثًا تاريخيًا هندسه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
بعد استلام الأسرى الإسرائيليين الأحياء، ارتفعت وتيرة التهديدات باستئناف القتال، ورافقت هذه التهديدات غارات وقصف وإطلاق نار أدى إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين، من بينهم أطفال.
الحجة هي “التأخر والمماطلة في تسليم جثث الأسرى الإسرائيليين”، علمًا أن الأمر كان واضحًا ويعرفه الوسطاء والعالم، وهو أن المقاومة تحتاج إلى وقت طويل لمعرفة مكان دفن كل جثة، ومن ثم رفع الأنقاض لإخراجها، ربما من أماكن على عمق كبير داخل أنفاق جرى تفجيرها، وتحتاج إلى عتاد ثقيل. حتى ترامب نفسه أعلن أن هذا قد يستغرق وقتًا.
بلا شكّ أن المقاومة معنيّة أكثر من الاحتلال باستمرار وقف إطلاق النار، وذلك نتيجة لاختلال توازن القوى الهائل في العتاد والدعم الخارجي.
فالمقاومة ليس لديها أي دعم خارجي من أي طرف معلن، وهي محاصرة منذ سنوات، بينما يحظى الاحتلال بدعم غير محدود بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، إضافة إلى سلاح التجويع المحرّم بحسب القانون الدولي، الذي استخدم وما زال يُستخدم للضغط على الجماهير المحاصَرة، لتحريضها وتثويرها على المقاومة.
يشعر نتنياهو بأنه لم يحقق الأهداف المعلنة وغير المعلنة للحرب، رغم الدمار الهائل وجرائم الإبادة التي مارسها الاحتلال، فهو يطمح إلى أكثر من ذلك. أما الاحتفال في شرم الشيخ الذي لم يحضره، وقيل إن رجب طيب أردوغان هدّد بعدم الحضور إذا حضر نتنياهو، فالأرجح أن نتنياهو نفسه لم يُرِد الحضور كي لا يظهر ضعيفًا ينفّذ إملاءات ترامب أمام الجمهور اليميني المتطرف.
من ناحيته، هدّد ترامب المقاومة بأنه يمتلك معلومات تفيد بأن حماس تستعد لمهاجمة فلسطينيين مدنيين في قطاع غزة، وبأنه لن يسمح لهذا الأمر أن يحدث، وسيردّ عليه.
يقصد بهذا عملاء الاحتلال الذين سلّحهم الاحتلال بهدف زعزعة النظام العام، وإحداث الفوضى في قطاع غزة، ونهب المساعدات قبل وصولها إلى مستحقيها، وبالتالي زيادة الضغط على المقاومة وإرباكها والتربّح على حساب الجياع.
تصريح ترامب يعني أن المخطط المرسوم هو أن تتسلّم تصريف الأمور في قطاع غزة قوى عميلة لإسرائيل بعد نزع سلاح المقاومة، وهذا كما يبدو باتفاق أطراف عربية، وهو تمهيد للموافقة على استئناف القتال في حال رفضت حماس نزع سلاحها.
إلا أن استئناف القتال لن يكون على صورة الحرب الشاملة كما كانت، بل يسعى نتنياهو لأن يجعلها على نموذج الهجمات في جنوب لبنان، حيث تجري عمليات اغتيال انتقائية من خلال الغارات أو التوغلات المحدودة وإقامة نقاط تمركز جديدة. بمعنى أنه لن يتيح للمقاومة أن تعيد بناء قوتها وقبضتها على القطاع كما كانت قبل الحرب، وفي الوقت ذاته يريد أن يبدو ملتزمًا – ولو شكليًا – بوقف القتال، خصوصًا بعد المظاهرات التي اجتاحت العالم ضد الحرب، وأعادت فلسطين، رغم أنفه، إلى جدول الأعمال العالمي بعدما ظنّ أنها فرصته لإنهائها إلى الأبد، إضافة إلى مظاهرات في أقطار عربية مثل المغرب باتت تهدّد استقرار أنظمة التطبيع وما يسمى باتفاقات أبراهام.
نتنياهو يريد أن يربح الدارين: أن يواصل حربه على المقاومة حتى استسلامها ونزع سلاحها وتدمير ما لم يُدمّر بعد، وأن ينصّب عملاء لإدارة القطاع، وفي الوقت ذاته يريد الظهور أمام العالم، وخصوصًا الحلفاء الواضحين مثل نظام السيسي، والمتخفّين وراء الأقنعة والمطبّعين، ودول صديقة مثل فرنسا وبريطانيا، بأنه لم يبادر إلى خرق الاتفاق الذي احتفوا به كإنجاز تاريخي عظيم.
لن تكون هدنة بالمعنى التقليدي الذي يعني وقف إطلاق نار شامل حتى النهاية، بل يريدها هدنة من طرف واحد؛ أن ينفّذ عمليات اغتيال، ويواصل التحكّم بالمعابر والمساعدات، وفي الوقت نفسه يظهر كملتزم برغبة ترامب وحلفائه العرب بعدم استئناف الحرب الشاملة. يأمل من خلال تلاعبه هذا أن يخفّف من الحملات الدولية المؤيدة لفلسطين، وأن يوقف الزحف الأممي الذي تجلّى في “أساطيل الحرية والصمود” لكسر الحصار على قطاع غزة، وأن يحقّق حالة من الاسترخاء ووقف الموجة العظيمة من التضامن الأممي مع الشعب الفلسطيني.
إلا أن المقاومة لن تستطيع تحمّل الاعتداءات بلا نهاية، رغم محاولتها المداراة، ومن المرجّح أنها ستضطر إلى الرد على الاعتداءات لتحفيز الوسطاء على القيام بدورهم في إلزام الاحتلال بوقف اعتداءاته، وهذا ما يبقي الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات.
كاتب فلسطيني

مقالات مشابهة

  • مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يعلن عن 8 ورش بدورته الـ3
  • استشهاد 44 فلسطينيا بنيران الاحتلال الصهيوني بغزة
  • وفد من مجلس النواب يشارك في قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي بالقاهرة
  • هل تنهار الهدنة؟
  • المقاومة الفلسطينية: ملتزمون باتفاق وقف إطلاق النار
  • “حماس”:استهداف العدو الصهيوني في الضفة تأكيد بأن المقاومة لن تنكسر أو تخمد
  • "حماس": العملية التي استهدفت قوة للاحتلال بعبوة ناسفة تؤكد صمود المقاومة بالضفة
  • العدو الصهيوني يخشى ذكاء المقاومة أكثر من سلاحها
  • “الأورومتوسطي” يطالب بفتح تحقيق حول الأصول الأوروبية التي دمرها الكيان الصهيوني في غزة
  • العربي للدراسات: غياب الردع الدولي جعل إسرائيل "تسيء الأدب مع محيطها"