فلسطين ... بين تحالف صليبي ورماة العرب !
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
الحقيقة التاريخية والذي شاهدها العالم اليوم بمعركة طوفان الاقصى إن اليهود يخشون ويخافون من أهل فلسطين من قديم الأزل كما أثبتها القرآن الكريم في قوله تعالى : ( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) , وقولهم : ( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) .
-التآمر الصليبي
لقد قام هذا الكيان على دعاوى وخرافات كاذبة وادعاءات تاريخية ما أنزل الله بها من سلطان , كلها خداع وأوهام . فكان العدوان سبيلها ومركبات النقص والحقد دافعها , وتحدى غضب الله عليهم بتشتيتهم أن يتجمعوا , ليقيموا بزعمهم هيكل سليمان في أرض الميعاد وهم لا يعلمون أنهم مسخرون لمصيرهم المحتوم .
و إن قمة التآمر على العالم الإسلامي عامة وعلى فلسطين والمسجد الاقصى بدأ سنة 1917م عند دخول الجنرال البريطاني (اللنبي ) مدينة القدس , وقال كلمته المشهورة وهو يتسلم مفتاح المدينة المقدسة : ( اليوم انتهت الحروب الصليبية ) , وعندما دخل الجنرال الفرنسي (جورو) دمشق وعند قبر صلاح الدين قال : ( ها قد عدنا يا صلاح الدين ) , وبدأت الجريمة الكبرى أولى خطواتها بصدور وعد بلفور 2 نوفمبر 1917م للتمكين اليهود بأن يكون لهم وطن قومي في فلسطين .
وبعد 30 سنة في عام 1947م كان قرار التقسيم , ثم حرب 1948م لإتمام جريمة العصر بهذا التحالف الصليبي – الغربي الذي سيظل المسلمين وفلسطين تعانى منه إلى أن يأذن الله بتدبيره المحكم .
والذي نراه اليوم في معركة طوفان الاقصى وقد تم مرحلة تتلوها مرحلة من البذل والفداء والجهاد لإرهاق هذا الكيان الغاصب وحتى يلفظ أنفاسه الأخيرة , فنردد قول الحق تبارك وتعالى : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) الإسراء : 81 واليوم ينبغي تحديد العدو الذي هو وراء كل هذا الغل وهذا الحقد الأسود والبطش , وأول التساؤلات تشير إلى من قال الله سبحانه فيهم : ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ) المائدة : 82 . هم اليهود والذين من ورائهم , إن اليهود والذي كفروا من أهل الكتاب اصبحوا يمثلون العصابة الدولية والمافيا العالمية التي تمكنت واستحوذت على إرادة وعقول الغرب المسيحي الاستعماري بالإغراق الإعلامي والابتزاز المالي والاقتصادي والتصفية الجسدية لكل من يقف ضد مخططاتهم الشيطانية .
وتدفعهم بكل هذه الوسائل لمعاداة الإسلام والمسلمين , وتجدد في نفوس الغرب المسيحي الاستعماري ذكريات الحروب الصليبية , حتى أنها جاءت على لسان الرئيس الامريكي بوش الابن في احداث سبتمبر 2001م .
واليوم ومن خلال العدوان على غزة تقف الولايات المتحدة الامريكية بمساندة الكيان الصهيوني وها هي تجلب اساطيلها وقواتها لتذكرنا اليهودي بالحروب الصليبية وان اختلفت وسائلهم الحربية اليوم لكن العدو واحد والتحالف الصليبي –يتمثل اليوم بما يجري في فلسطين .
وليس بغريب ذلك فأمريكا اعترفت بالكيان الصهيوني بعد 11 دقيقة من اعلان قيامه في 15 مايو 1948م فهو يحتمى بأمريكا ويحارب بسلاحها ويتوارى من ورائها لتغطية جرائمه تحت دعوى أنه الحامي لمصالح امريكا في منطقة المشرق الغربي , بل وتسخير جهاز الأمم المتحدة لتحقيق أهدافه أو عدم إدانته على انتهاكه لكل الحقوق والأعراف الدولية , وذلك بالاستفادة من الفيتو الأمريكي .
في ظل غيبة العالم العربي والإسلامي عن الاضطلاع بمسؤوليته ورسالته والتقصير الشديد في حشد إمكانياته لمواجهة هذا التآمر والعدوان بل والأدهى من ذلك ان نجد انظمة عربية طبعت مع الكيان ومنها من يسعى للتطبيع .
-الاحقاد والاطماع
ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية اتفق المنتصرون الكبار على فرض هذا الكيان الغريب في فلسطين والاعتراف بهلا.
فهذا الكيان الصهيوني له مطامع وشعار رفعه وهدفه ليس فلسطين فقط فالطمع طبيعتهم فيقولون : ( الحدود حيث تصل الجنود ) فليس لكيانهم حدود وتعلن في صلف وغرور : ( ملكك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل ) حتى علمهم يعلن ذلك في وقاحه : خطان باللون الازرق تعبيرا واشارة للفرات والنيل وبينهما نجمة داوود .
ويستميتون في فرض واقع أساسه اغتصاب الأرض من أصحابها , ويعملون على إحياء لغة ميته , ويصرون على أنهم مازالوا شعب الله المختار , وقد نسخ الله آيات التفضيل التي كانت لهم .
إنهم يريدون إقامة دولة الشيطان التي لا يمكن أن تتعايش مع دولة الإيمان التي تلتزم بمنهج السماء قال تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) آل عمران : 110 .
إنهم لا يمكنهم أن ينسوا هزيمتهم على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وإجلاءهم من يثرب وخيبر نتيجة غدرهم ونقضهم للعود والمواثيق . قال تعالى : ( أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ) البقرة : 100 . حتى أنهم أطلقوا على حرب 5 يونيو 1967م , اسما يهوديا هو ( خيبر ) تذكيرا وانتقاما وثأرا .
-طوفان الأقصى
يصف الله تعالى اليهود بالجبن فيقول اعز من قائل : ( لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم لا يعقلون ) الحشر : 13, 14.
كذلك تثبت الحقيقة التاريخية إن اليهود يخشون ويخافون من أهل فلسطين من قديم الأزل كما أثبتها القرآن الكريم في قوله تعالى : ( قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) المائدة : 22 , وقولهم : ( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) المائدة : 24 . وتصديق لذلك ما شاهده العالم من ابطال المقاومة في معركتهم طوفان الاقصى وجنود اليهود ومواطنيهم يفرون منهم ويستسلمون لهم بالعشرات رغم ما يمتلكون من ترسانة من الاسلحة والمعدات والتفوق العسكري وبذلك سقطت مزاعمهم واسطورتهم الجيش الذي لا يقهر فصدق الله وكذب اليهود.
-رماة العرب
إن العدوان على أي مسلم هو عدوان على المسلمين كافة فما بالك والعدوان على اقدس المقدسات واحتلالها وقتل شعبها المسلم , وعليهم مسؤولية مواجهة العدو مواجهة إسلامية شاملة تصديقا لقوله تعالى : ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين ) التوبة : 36 .
فإذا كان رماه معركة أحد قد خالفوا تعليمات الرسول الأكرم وحدث ما حدث للمسلمين في معركة أحد . فهل يتعض اليوم رماه العرب والمسلمين وهم يشاهدون التكالب والتحالف الصليبي - اليهودي مجتمعا والذي كشفه الله للعرب والمسلمين من خلال دعمهم الصريح سياسيا وعسكريا واقتصاديا واعلاميا للكيان الصهيوني ضد المقاومة الفلسطينية .
فالجهاد لرماه اليوم من العرب والمسلمين ليس الوقوف بمكانهم ورفع شعارات التنديد والشجب والتأييد والمظاهرات ورفع العلم الفلسطيني فهذا اضعف الايمان وهم يشاهدون اولى القبلتين منذ 75 سنه يدنس واليوم شعب فلسطين يتعرض لإبادة جماعية وتدمير ممنهج وحقد من التحالف الصليبي - اليهودي .
فاليوم امام رماه العرب والمسلمين الجهاد الفعلي كونه اصبح فرض عين فالعالم الصليبي قد اظهر عداوته واعلن حربه على المسلمين فالعدوان على مسلم هو عدوان على كل المسلمين عامة .
فعلى كل الرماة ومن أوطانهم القيام بجهادهم فرماه اليمن قيامهم بإغلاق مضيق باب المندب ، ورماه مصر أرض الكنانة وخير جيوش الأرض اغلاق قناه السويس وفتح الحدود بموازره رماه السودان ، ورماه الخليج بشقيه اغلاق مضيق هرمز .
فيما يتولى رماه العراق و سوريا ولبنان والاردن ضرب العدو من خلفه وتدمير انابيب النفط التي تمر بأراضيهم وكل المصالح الاقتصادية التي تتعلق بالتحالف الصليبي - اليهودي على المسلمين ومهاجمه قواعدهم العسكرية .
ورماه الجزائر وليبيا وتونس والمغرب بزرع البحر المتوسط اعاقه اساطيل التحالف الصليبي في البحر المتوسط وبمحاولة تعطيل او اغلاق مضيق جبل طارق ان امكن .
ولا ننسى رماه الدول الاسلامية فهم يملكون من الرماح والسهام الاقتصادية والبشرية وغيرها. انه نداء السماء ومن يناديك هو رب العالمين فالوعد من الله والبشارة بالنصر منه بقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) محمد : 7.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: هذا الکیان
إقرأ أيضاً:
مسؤولية الرجل عن صلاة أهل بيته من زوجة وأولاد.. الإفتاء توضح
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ماذا يفعل الزوج والأب مع زوجته وأبنائه الذين لا يُصَلُّون حتى بعد تقديم النُّصْح لهم؟ وهل يحقُّ له ضربهم على تركها؟".؟
لترد دار الإفتاء موضحة: أنه على رَبِّ الأسرة النصحُ لمن هُم تحت رعايته من الزوجة والأولاد وغيرهم بالمحافظة على الصلاة، واتخاذ كافة الوسائل المعنوية المشروعة في حثِّهم عليها، فإن أصرّوا على تركها فلا يلحقه من ذلك إثمٌ، مع مراعاة المداومة على النُّصح والإرشاد، والدعاء لهم بصلاح الحال.
وأما الضَّربُ الوارد في الحديث النبوي الشريف؛ كصورةٍ من صور التأديب على التهاون في أداء الصلاة، فالمراد به: الخفيف غير المبرح الذي يكون من جنس الضرب بالسواك ونحوه مما لا يُعَدُّ أصالةً للضرب والإيلام؛ لأن المقصود من ذلك هو التربية والتأديب النفسي بإظهار العتاب واللوم وعدم الرضا عن التقصير في امتثال أمر الله سبحانه وتعالى بإقام الصلاة، واللجوء إليه ليس بواجبٍ، وإنما هو مندوبٌ إليه في حقِّ الولد المميِّز إذا تعيَّن وسيلةً لتأديبه، بخلاف الزوجة والولد البالغ والصغير غير المميِّز؛ فلا يجوز ضربهم على ترك الصلاة.
بيان وجوب تنشئة الأولاد على المحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها
حَثَّ الإسلامُ على الزواجِ وتكوينِ الأسرة؛ لتكون نواةً وبِيئةً جيدةً لتنشئة أفرادٍ صالحين نافعين لأنفسهم ولمجتمعهم، وجعل للأسرة شخصًا مسئولًا عنها يكون مُنْفِقًا ومُرْشِدًا ومقوِّمًا لسائر أفرادها؛ فروى الإمام البخاري -واللفظ له- والإمام مسلمٌ في "صحيحيهما" عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ في أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا».
وكما يتعلَّق الإرشاد والتقويم بالأمور الدنيوية؛ يتعلَّق أيضًا بالأمور الدينية، ومن أهمها: المحافظة على أداء الصلوات الخمس المكتوبات؛ فلا يجوز للمسلم البالغ العاقل ترك الصلاة المكتوبة؛ لِأَمْرِ الله تعالى بإقامتها، ونَهْيِهِ عزَّ وجَلَّ عن إضاعتها؛ ولأنها عمادُ الدينِ وركنُهُ الأولُ بعد الشهادتين، وهي أولُ ما يُحاسَبُ عليه العبدُ يوم القيامة؛ قال الله تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238]، وقال عزَّ وجَلَّ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَن تَرَكَ صَلَاةً مكتوبةً مُتَعَمِّدًا فَقَد بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ» رواه أحمد.
ومما أثنى به اللهُ تعالى على نبيه إسماعيل عليه السلامُ: حِرصُهُ على تقويم أهل بيته وأَمْرِهِ إيَّاهُم بالصلاة والزكاة؛ فقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ۞ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾ [مريم: 54-55].
ومن هنا كان على ربِّ الأسرة أَنْ يعمل على تنشئة أولاده على المحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها، والالتزام بأركان الإسلام، والتَّحلِّي بالأخلاق الكريمة، فضلًا عن تعاهده زوجتَه وأولادَه البالغين والمميّزِين بأداء الصلاة وملازمتِها بمداومة النُّصح لهُم والصبر على ذلك؛ امتثالًا لأمر الله تعالى في قوله: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: 132]، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ» رواه النسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وعليه أَنْ يتَلطف في النَّصيحة ويسوقها برفق؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ في شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» رواه مسلم.
حكم ضرب الرجل أهله عند تركهم الصلاةإذا تهاونت زوجته فلم تحافظ على أداء صلواتها ولم يُؤثِّر نصحه فيها فلا ييأسَنَّ من ذلك، بل يستمر في نصحها وحثِّها على الصلاة؛ بالترغيب في ثوابها تارةً، والتحذير من عقوبة تركها تارةً أخرى، وله منعُها من بعض المباحات التي يجوز له أن يمنعها منها، أو العكس؛ بأن يجعل التَّوسِعَة عليها وسيلةً للحَثِّ على الصلاح والالتزام بالصلاة، على ألَّا يُخِلَّ بحقِّها في النَّفقة وسائر حقوقِها الزوجية، ولا يجوز له ضربُها لتركها الصلاة بحالٍ من الأحوال؛ قال الإمام الرملي في "نهاية المحتاج" (1/ 393، ط. دار الفكر): [وليس للزوج ضرب زوجته على ترك الصلاة ونحوها] اهـ.
وكذلك لا يجوز له أن يضرب ولده البالغ على ترك الصلاة؛ لأنه أصبح مُكَلَّفًا بالصلاة أمام الله تعالى ومسئولًا عنها، ولا ولاية لأبيه عليه في ذلك سوى النُّصح والتوجيه؛ قال العلامة ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (4/ 78، ط. دار الفكر): [قوله: والأب يُعَزِّرُ -يؤدب- الابن عليه؛ أي على ترك الصلاة.. والظاهر أن الوصي كذلك، وأن المراد بالابن: الصغير؛ بقرينة ما بعده، أما الكبير فكالأجنبي] اهـ.
والولد الصغير غير المميِّز لا يجوز ضربه على ترك الصلاة بحالٍ أيضًا؛ لأنه لم يعقِل بَعْدُ، وإنما يعلمه طريقة الصلاة وأحكامها حتى يشبَّ عليها ويستأنس بها ويعتاد المحافظة على طاعة أوامر الله تعالى؛ يقول الشيخ محمد بن عمر نووي الجاوي في "نهاية الزين" (ص: 11 ط. دار الفكر): [ويؤمر صبيٌّ؛ ذكر وأنثى مميز، بأن يصير أهلًا لأن يأكل وحده ويشرب ويستنجي كذلك، بها؛ أي الصلاة.. لسبعٍ من السنين؛ أي بعد استكمالِها؛ فلا يجب الأمر قبل اجتماع السبع والتمييز] اهـ.
فإن وصل الولد إلى سن التمييز وقارب البلوغ ضُرِبَ على تركه الصلاةَ؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ» رواه أبو داود.
بيان المراد بالضرب الذي أمر به النبي للصبي الذي يترك الصلاة
المراد بالضرب هنا: الخفيفُ غير المبرح، الذي يكون من جنس الضرب بالسواك ونحوه، مما لا يُعَدُّ أصالةً للضرب والإيلام؛ لأن المقصود هو التربية والتأديب النفسي بإظهار العتاب واللوم وعدم الرضا عن التقصير في امتثال أمر الله سبحانه وتعالى بإقام الصلاة؛ يدل على هذا ما رواه مسلمٌ من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ".
قال الإمام الطبري في تفسيره "جامع البيان" (8/ 315، ط. مؤسسة الرسالة): [عن عطاءٍ قال: قلتُ لابن عباسٍ: ما الضرب غير المبرح؟ قال: بالسواك ونحوه] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 303، ط. دار المعرفة): [إن كان ولا بد فليكن التأديب بالضرب اليسير] اهـ.
وإذا صَلُحَ الضربُ على صورته هذه وسيلةً للتربية في بعض البيئات، فإنَّ ذلك لا يعني صلاحيتَه لكل البيئات والعصور، ولا لكل الأحوال والأشخاص؛ فكما قيل:
العبدُ يُقْرَعُ بالعصا ... والحرُّ تكفيه الإشارة
قال الإمام ابن الحاج المالكي في "المدخل" (2/ 316 ط. دار التراث): [فَرُبَّ صبيٍّ يكفيه عبوسة وجهه عليه، وآخر لا يرتدع إلا بالكلام الغليظ والتهديد، وآخر لا ينزجر إلا بالضرب والإهانة؛ كُلٌّ على قَدر حاله] اهـ.
والأمر الشرعي به في هذا المقام إنما هو على جهة الندب والاستحباب لمن ينفع معه هذا الأسلوب للتأديب، لا على جهة الإلزام والإيجاب، فلا يُلزَم الوالد بضرب ولده على تقصيره في أداء الصلاة؛ قال الإمام الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 414، ط. دار الفكر): [إذا قلنا: إن الأولياء هم المأمورون، أو الأمر لهم وللصبيان؛ فهل الوليُّ مأمورٌ على سبيل الوجوب أو الندب؟ قولان: المشهور: الندب، وأنه لا يأثم بترك الأمر؛ كما قاله الجزولي والشيخ يوسف بن عمر والأقفهسي وغيرهم] اهـ، بل إن خرج عن معانيه التربوية فأصبح وسيلةً للعقاب البدني المبرح أو الإهانة أو مؤديًا لخلاف مقصوده بوجهٍ عامٍّ؛ فهو في هذه الحالة مُحَرَّمٌ بلا خلاف؛ ومن ذلك: أنْ يغلب على الظَّنِّ أنَّ عقاب الولد بالضرب يؤثر فيه سلبًا أو يؤدي إلى بلوغه وقد ضعفت شخصيته بين أقرانه ونحو ذلك مما نبَّه عليه أطباء علم النفس؛ فإنه يتعين في هذه الحالة عدم الضرب، مع متابعة النُّصحِ والإرشادِ وغير ذلك من الوسائل المشروعة.
الخلاصة
بناءً على ما سبق: فعلى رَبِّ الأسرة النصحُ لمن هُم تحت رعايته من الزوجة والأولاد وغيرهم بالمحافظة على الصلاة، واتخاذ كافة الوسائل المعنوية المشروعة في حثِّهم عليها، فإن أصرّوا على تركها فلا يلحقه من ذلك إثمٌ، مع مراعاة المداومة على النُّصح والإرشاد، والدعاء لهم بصلاح الحال.
وأما الضَّربُ الوارد في الحديث النبوي الشريف؛ كصورةٍ من صور التأديب على التهاون في أداء الصلاة، فالمراد به: الخفيف غير المبرح الذي يكون من جنس الضرب بالسواك ونحوه مما لا يُعَدُّ أصالةً للضرب والإيلام؛ لأن المقصود من ذلك هو التربية والتأديب النفسي بإظهار العتاب واللوم وعدم الرضا عن التقصير في امتثال أمر الله سبحانه وتعالى بإقام الصلاة، واللجوء إليه ليس بواجبٍ، وإنما هو مندوبٌ إليه في حقِّ الولد المميِّز إذا تعيَّن وسيلةً لتأديبه، بخلاف الزوجة والولد البالغ والصغير غير المميِّز؛ فلا يجوز ضربهم على ترك الصلاة.