المجلس الرئاسي الليبي .. لماذا وجوده كالعدم؟
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
في الأسابيع الماضية حصلت اشتباكات في طرابلس راح ضحيتها العشرات، ولم يفعل المجلس الرئاسي؛ القائد الأعلى للجيش الليبي، بشأنها شيئا، وهذه الأيام تجري اشتباكات أخرى في مدينة بنغازي في ظل تكتم كامل، وعجز تام للمجلس الرئاسي، وعدم قدرته على فعل أي شيء بشأنها.. فلما هذا العجز؟
عندما كنت عضوا في ملتقى الحوار السياسي الذي عقد بكل من تونس وجنيف، وتمت فيه صياغة "خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية للحل الشامل"، وتم فيه أيضا اختيار "اقتراح" السلطة التنفيذية؛ والتي كان من ضمنها المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، كنت من القلائل الذين نادوا بضرورة دسترة مخرجات الملتقى.
قمت أيضا خلال انعقاد جلسات مجلس النواب في سرت في مارس 2021 بصياغة مقترح بتعديل الإعلان الدستوري، لضمان دسترة المجلس الرئاسي وخارطة الطريق، وأرسلته إلى النائب مصباح دومة (الآن يشغل منصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب)، وكان حينها زميلا بملتقى الحوار السياسي، فقام النائب دومة بدوره، بتسليم المقترح إلى اللجنة التشريعية. في مقترح التعديل هذا قمت باستبعاد دسترة الملتقى، حتى لا يشعر مجلس النواب بأنه تنازل عن جزء من صلاحياته، ومع ذلك رفض مجلس النواب دسترة المخرجات وتبعا لذلك رفض دسترة المجلس الرئاسي.
صار المجلس الرئاسي بدون أي سند دستوري محلي، وصار وجوده بروتوكوليا في المحافل الدولية، يعمل كمركز أبحاث، وعبارة عن مركز صرف، يكلف الخزينة أموالا باهظة، ويحتل أعضاؤه مؤسسات الدولة دون طائل
أما رئيس حكومة الوحدة الوطنية فلقد استفاد من عدم اعتماد المخرجات، من خلال ترشحه لرئاسة الدولة، في الانتخابات التي كان من المفترض إجراؤها في 24 ديسمبر 2021 -بقوانين معيبة- أثارت جدلا واسعا. وعندما تم الطعن في ترشح رئيس الحكومة، رفضت المحكمة الطعن وذكرت في أسباب الحكم أن القانون المعيب، رقم (1) لسنة 2021 م بشأن انتخاب رئيس الدولة، لم يستند في الديباجة على مخرجات الملتقى، وبالتالي يكون التعهد، الذي ضربه السيد عبدالحميد الدبيبة للملتقى، والعدم سواء.
بذلك صار المجلس الرئاسي بدون أي سند دستوري محلي، وصار وجوده بروتوكوليا في المحافل الدولية، يعمل كمركز أبحاث، وعبارة عن مركز صرف، يكلف الخزينة أموالا باهظة، ويحتل أعضاؤه مؤسسات الدولة دون طائل، وأرتاله تملأ طرقات طرابلس ذهابا وإيابا، دون أي نفع لليبيا أو للعاصمة. المجلس لا يُعترف به عمليا بأنه القائد الأعلى للجيش الليبي، أو على أقل تقدير لم يُمَكّن من هذا الدور، ولذلك فهو في الحقيقة لا يحكم لا في شرق البلاد ولا في غربها ولا جنوبها.
مجلس النواب وجه مؤخرا طعنة أخرى لأهم وظيفة كان من المحتمل أن يقوم بها المجلس الرئاسي وهو رئاسة لجنة!!؛ أي اللجنة المالية رفيعة المستوى، والتي اجتمعت استعراضيا في عدة مدن قبل أن يدفنها النواب بتوحيد مصرف ليبيا المركزي، وبإقرار الميزانية وتحذير اللجنة من مغبة المساس بمالية الدولة خارج إطار القانون.
في الملتقى دار نقاش بيني وبين أحد أعضاء الملتقى من الشرق الليبي ومن المعارضين الأشداء لعقيلة صالح ولقائمته بقوة، وحين أُجريت الجولة الثانية لاختيار أحد قائمتين؛ قائمة باشاغا-عقيلة، وقائمة الدبيبة_المنفي، صوت هذا العضو للقائمة الأولى، سألته -وكان قد أسر لي بتصويته- لماذا صوتت لعقيلة صالح وأنت من أشد المعارضين له؟ رد بقوله: المرابطون أهل بركة وليسوا أهل حكم، لا يملكون ولا يحكمون!! استغربت هذا الكلام بشدة. نحن بعدين كل البعد عن الثقافة الديمقراطية؛ بالمال الفاسد وببعض الأعراف الاجتماعية الخاطئة.
فكرة المجلس الرئاسي فاشلة. في المرحلة الانتقالية القادمة التي يرجى أن تنتهي بإجراء الانتخابات -أرجو أن تتأخر الانتخابات فترة من الزمن إلى أن تتحقق جملة من الاشتراطات التي تهيئ الأرضية الضرورية لإجرائها- يجب أن نستبعد فكرة المجلس الرئاسي ونكتفي بمنح كل الصلاحيات التنفيذية لرئيس الحكومة أو يتم اختيار رئيس دولة مؤقت.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المجلس الرئاسي ليبيا ليبيا المجلس الرئاسي بلا فائدة مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجلس الرئاسی مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
البعثة الأممية تعلق على انتخاب تكالة رئيسا للمجلس الأعلى الليبي
علقت البعثة الأممية للدعم في ليبيا، اليوم الثلاثاء، على انتخاب محمد تكالة رئيسا للمجلس الأعلى للدولة، وذلك في جلسة أثارت جدلا واسعا وانتقادات من واسعة من خالد المشري الذي ترأس المجلس بين عامي 2018 و2022.
ورحبت البعثة الأممية بانتخاب تكالة، وقالت إنّ "التصويت جرى في ظروف طبيعية وشفافة"، مؤكدة أن "حضور ثلثي أعضاء المجلس يعكس توافقاً واسعاً بين الأعضاء على تجاوز الانقسام، الذي أعاق قدرة المجلس على الاضطلاع بمسؤولياته خلال العام الماضي".
وأعربت عن تطلعاتها لـ"انخراط جميع أعضاء المجلس لكسر الجمود السياسي، والدفع قُدماً بالعملية السياسية"، داعية "أعضاء المجلس إلى الوفاء بواجباتهم الوطنية، والارتقاء إلى مستوى توقعات الشعب الليبي، من خلال دعم عملية سياسية يقودها ويملك زمامها الليبيون بتيسير من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا".
وفي أغسطس/ آب 2024، وقع خلاف داخل مجلس الدولة خلال جلسة انتخاب، حيث حصل خالد المشري على 69 صوتا مقابل 68 لمحمد تكالة، بينما وقع جدل بشأن قانونية تصويت أحد الأعضاء، ما أسفر عن عقد جلسة الأخرى الأحد، أفضت إلى انتخاب تكالة، وهو ما رفضه المشري.
ومنذ ذلك التاريخ حتى جلسة الأحد، اعتبر كل من تكالة والمشري نفسه رئيسا للمجلس الأعلى، ما فاقم حدة الانقسام الداخلي.
تعقيب المشري
وفي تعقيبه على بيان البعثة الأممية، قال المشري، إنه تابع "باستغراب شديد بيان البعثة الأممية الذي يفتقر إلى الدقة ويجافي الحقيقة والواقع"، وفق قوله.
وأضاف، في بيان، أن "الجلسة لم تحظ بشرعية قانونية أو توافق فعلي، في ظل مقاطعة أكثر من خمسة وأربعين عضوا لها، ومخالفتها الصريحة لأحكام النظام الداخلي للمجلس"، معربا عن رفضه لما أسماه "تدخل البعثة في نزاع قضائي جار".
ورأى موقفها "تجاوزا غير مبرر يمس باستقلال القضاء وانحيازا لطرف دون آخر"، مؤكدا أن "شرعية المؤسسات تُستمد من القانون والإجراءات السليمة، لا من بيانات خارجية"، وطالب "الجميع باحترام السيادة الوطنية، وعدم التدخل في مسارات العدالة".
ويعتبر تكالة حاليا، رئيس المجلس الأعلى للدولة ما لم يسع المشري إلى استصدار قرار من القضاء يلغي رئاسته، وهو ما لم يحدث حتى اليوم.
فوز تكالة بالمرة الأولى
في 6 أغسطس/ آب 2023، فاز تكالة للمرة الأولى برئاسة المجلس الأعلى للدولة، إثر حصوله على 67 صوتا مقابل 62 صوتا لخالد المشري.
وهذه هي الدورة العاشرة لانتخابات المجلس الأعلى للدولة، وتبلغ مدة ولاية أعضاء المكتب الرئاسي عاما واحدا، تبدأ من تاريخ انتخابهم.
وتقود البعثة الأممية لدي ليبيا جهودا تهدف لإيصال ليبيا إلى انتخابات تحل أزمة صراع بين حكومتين إحداهما عينها مجلس النواب مطلع 2022 برئاسة أسامة حماد ومقرها بنغازي (شرق) التي تدير منها كامل شرق البلاد ومعظم مدن الجنوب.
والأخرى حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس (غرب)، التي تدير منها كامل غرب البلاد.
ويأمل الليبيون أن تؤدي الانتخابات التي طال انتظارها إلى وضع حد للصراعات السياسية والمسلحة وإنهاء الفترات الانتقالية المتواصلة منذ الإطاحة بنظام حكم معمر القذافي (1969-2011).