في كل اختبار وطني او اجتماعي او اقتصادي، تجد المرأة اللبنانية نفسها في مكانة تضعها في المواجهة بمختلف اشكالها، وخصوصا المالية منها، في ظل الاوضاع الصعبة التي يعيشها البلد والجبهات المفتوحة على كل الاحتمالات. فتعود وتصطدم في كل مرحلة بعوائق كثيرة تقيدها بدءا من المنزل الى العمل، ومن هنا كانت انطلاقة حملة توعوية جديدة تحت عنوان "تتكمل إمكانياتنا كلنا"، والتي تهدف بالدرجة الاولى لتعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة ودعمها داخل الأسرة وفي مكان العمل.


 
ترمي الحملة إلى تشجيع النساء على الدخول الى سوق العمل وتُلقي الضوء على أهمية مساندة الرجل للمرأة وخصوصا الأم، ومشاركتها في تحمّل المسؤوليات الأسرية لكي تتمكّن من تحقيق النجاح والمساهمة في تحسين الشروط المعيشية لأسرتها. انطلاقة اسرية تتصل بالتربية وثقافة المنزل وتغيير الوعي داخل المنزل اولا، وصولا الى دفع المؤسسات الحكومية والاقتصادية الى اعتماد سياسات داخلية داعمة ومحفّزة لمشاركة المرأة في القوى العاملة.
 
ثقافة ابوية
وإذ تبدو احيانا الحملات المتعلقة بتمكين المرأة أقرب احيانا الى الحاجة التوعوية لتغيير ثقافة ابوية سائدة، الا انّ التنفيذ على الارض يحتاج احيانا الى تضافر كبير وحلقة متكاملة من المسؤوليات، والا فالسير ضمن دائرة مفرغة سيكون النتيجة الحتمية. وهو ما يدركه تماما العاملون في هذا الشأن، الذين يعترفون بصعوبة التغيير الذهني الكامل للمجتمع تجاه المرأة، ولكن التجربة دائما ما تستحق وخصوصا انّ السنوات الاخيرة أنتجت وعيا زائدا لحقوق المرأة مقارنة بما سبق وخصوصا على مستوى التشريعات والقوانين.
 
مشاركة متكاملة
وبالعودة الى "تتكمل إمكانياتنا كلنا"، فهي حملة أطلقتها "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية" بالتعاون مع البنك الدولي، وبحسب رئيسة الهيئة الوطنية كلودين عون فانّ الحملة تهدف الى تعزيز دور المرأة ومشاركتها بالقوى العاملة ودعمها في الاسرة ومكان العمل.
وفي حديث خاص مع "لبنان 24" تشير عون الى انّ "الحملة تمس بالحياة اليومية لكل اسرة، لانها تشجع الرجل على ان يشارك المرأة بالمسوؤليات الاسرية، ولما لهذا الدور من اهمية كونه يجعل المرأة مرتاحة اكثر ويمكنها من تحقيق ذاتها وبالتالي تحقيق مردود ايجابي معنوي ومالي على الاسرة. فلا يخفى على أحد اليوم انّ السيدة اللبنانية اصبحت مضطرة للنزول الى سوق العمل، مع الصعوبات الاقتصادية الحالية، والرجل بحاجة الى وظيفة المرأة ليتمكنا من اعالة الاسرة بشكل جيد. من هنا نحن نناضل للشراكة والتوزان. والحملة تحمل ابعادا ثقافية وتربوية تبدأ من المنزل قبل الانطلاق الى المجتمع الاوسع".  
 
الجانب القانوني
فكيف يمكن للحملة ان تحقق التكامل المطلوب لدفع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لاعتماد سياسات مشجعة لعمل المرأة؟ تجيب عون: "نتحدث في هذا الاطار على اكثر من مستوى. فاولا نحن عملنا على الحيز القانوني، وسعينا للدفع نحن اقرار قانون يجرم التحرش الجنسي، اقر القانون واليوم نحن نعمل على متابعة تطبيقه ، لتأمين بيئة آمنة للمرأة في مكان العمل. وايضا على مستوى القوانين، نعمل حاليا على الوصول الى قانون لتمديد اجازة الامومة، وتطبيق مبدأ اجازة الابوة على حد سواء".
ولكن هل المسألة بالسهولة التي يمكن الحديث عنها، تقول عون: "لنكن على قدر كبير من الواقع.. لن نحصل على كل ما نريد بين ليلة وضحاها، فنحن اليوم ننتقل من ثقافة مجتمع ابوي، كانت فيها الادوار محددة للرجل والمرأة، ولكن اليوم المجتمع يتغير والحاجات تزيد، والمراة اصبحت مجبرة على المشاركة في العمل لاسباب كثيرة. ولمواكبة هذا التغيير والتطور فنحن نعمل من جهة على زيادة الوعي ومن جهة اخرى على المواكبة بسياسات وقوانين ضامنة و مشجعة".
 
مناهج تربوية
وتتحدث عون عن دائرة متكاملة، وتقول:"ايجاد بيئة آمنة للرجل والمرأة على حد سواء، سيخفف من حدة والضغط والتشنج في الاسرة، وبالتالي وضع حد للجرائم الاسرية والعنف الاسري الذي نسمع عنه كل يوم. وحقيقة نحن نلمس اليوم وعيا كبيرا لدى المجتمع، ويمكن ان تلاحظوا التطور الكبير بمواجهة ثقافة العنف، ولكن هذا حتما يحتاج الى وقت طويل بالممارسة، ويحتاج الى ايجاد مناهج تربوية جديدة نحن بصدد العمل عليها لتربية اجيال واعية، وحملة تتكمل امكانياتنا كلنا هي جزء اليوم من هذا المشروع الكبير".
وللمرأة دوما التوجه الاكبر، لكي تؤمن بنفسها اولا وبامكانياتها وبقدرتها على العطاء والانتاج في حلقة متكاملة تقف فيها جنبا الى جنب مع الرجل من اجل اعالة اسرة وجيل يؤمن بالحقوق والواجبات. وتؤكد عون انّ اصداء الحملة ايجابية والوعي اصبح زائدا وهذا ما نلمسه من عملنا على الارض، ونتمنى يوما ما انّ تتغير العقلية لجهة التوزان فالرجل والمرأة يكملان بعضهما البعض". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: النبي مؤسس لدولة قائمة على الرحمة والعدالة والقانون

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن النبي قدّم أرقى نموذج في التعامل مع الظلم والاعتداء، حين جاءه أحد الصحابة يطلب منه الإذن بالقتال، فقال له: "استعرض بنا الوادي، كفاية ظلم بقى، نقاتلهم بقى!"، فتمعر وجه النبي غضبًا، أي تغير وجهه رفضًا وغضبًا من هذا الفهم الخاطئ.

لماذا حذر النبي من النوم بعد الفجر؟.. لـ9 أسباب فانتبهيسري جبر: النبي أول خلق الله من جهة نوره وروحه وليس جسده

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال تصريح تليفزيوني: "النبي غضب لأنه جاء برسالة، لا كميليشيا، ولا جماعة، ولا فوضى، وإنما جاء كنبي ورسولٍ حاملٍ لقيم الحق والعدل، ومؤسس لدولة قائمة على الرحمة والعدالة والقانون".

وأضاف: "قال له النبي: "ألا إني رسول الله، ولا ينصرن الله هذا الدين حتى تسير الضعينة من مكة إلى الحيرة لا تخاف إلا الله والذئب على غنمها"... يعني الأمن الحقيقي مش في الانتقام، لكن في نشر السلام والأمان، دا كان هدف الإسلام".

وشدد الدكتور علي جمعة على أن: "القتال في الإسلام ليس وسيلة للهجوم أو للانتقام، وإنما هو دفاعٌ عن النفس والوطن والعقيدة، ويديره جيش ودولة، لا جماعة ولا أفراد، ولا يُترك للعاطفة أو للانتقام الشخصي".

وأشار إلى أن النبي ﷺ ربّى أصحابه على الصبر والثبات وعدم العدوان، قائلاً: "إن الرجل من قبلكم كان يؤتى به فيوضع المنشار في مفرق رأسه فيُنشر ما بين لحمه وعظمه، لا يضره ذلك في الله شيئًا"… يعني كان الصحابة يُبتلون في دينهم أشد البلاء، وما تزعزعوا، لأنهم فهموا أن الرسالة أعظم من مجرد ردّ فعل عنيف".

وتابع: "منهج الإسلام الأصيل يرفض العنف والميليشيات، ويرسّخ للدولة القانونية التي تحمي الحقوق وتنشر القيم، وهذا ما فعله رسول الله ﷺ حين أسس دولة المدينة".

طباعة شارك علي جمعة الدكتور علي جمعة الرحمة القانون سيدنا النبي

مقالات مشابهة

  • المملكة تدعو إلى تكاتف الجهود الدولية لتعزيز الشراكات والقدرة على مواجهة الجفاف حول العالم
  • برلمانية: احتياطات الدولة جسدت رؤية استباقية لمواجهة التحديات الدولية الراهنة
  • نشرة المرأة والمنوعات| تحذيرات من تريند الكركم بالسوشيال ميديا.. العمل من المنزل يقلل التوتر ويزيد الإنتاجية.. مشروب يساعد على التركيز لطلاب الثانوية العامة
  • أسعار مخفضة وجودة عالية.. مواصلة فعاليات مبادرة «كلنا واحد»
  • تجارية سوهاج: لجنة الأزمات تجسد استعداد الدولة لمواجهة التحديات العالمية
  • علي جمعة: النبي مؤسس لدولة قائمة على الرحمة والعدالة والقانون
  • للخريجات والموظفات.. جامعة نورة تطرح 11 برنامج دبلوم لتمكين المرأة
  • استراتيجيات الموارد البشرية لمواجهة الأزمات
  • تقرير: المعلومات المضللة تؤخر العمل لمواجهة تغير المناخ
  • احتفال بالثقافة العربية في برلين