تأكيدات نيابية على مراقبة سوق العقار ومحاسبة المضاربين
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
أكد عضو مجلس النواب وليد السهلاني أن الشرط الأساسي للسيطرة على سوق العقار هو الحد من المال السائب ومتابعته، مبيناً أن الدولار هو المحرك الأساسي لجميع المفاصل الاقتصادية في العراق بما فيها سوق العقار.
وقال السهلاني في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” إن “جميع تعاملات العراق الاقتصادية مبنية على الدولار، بما في ذلك العقارات والسيارات وجميع المستلزمات التي يستوردها من الخارج”، مبدياً “استغرابه من تحديد أسعار العقارات في العاصمة بغداد بالدولار الأمريكي (الشراء أو الإيجار)”.
وأضاف أن “ارتفاع أسعار العقارات في بعض مناطق بغداد وصل إلى أرقام خيالية على الرغم من افتقار أغلب المناطق للخدمات”، لافتًا إلى “وصول سعر المتر الواحد إلى 10 إلى 15 ألف دولار وهذه الأرقام مهولة”.
وأشار إلى أن “هذا الارتفاع يعتمد على محددات، منها العرض والطلب، فهناك أموال سائبة موجودة في داخل أروقة العمل العقاري تحتاج إلى تشخيص دقيق من قبل جهاز الوقاية في هيئة النزاهة من أجل الحد من شراء العقارات والأراضي بمبالغ طائلة”، كاشفًا عن “توقف البيع والشراء في بعض مناطق بغداد بسبب وصول الأسعار فيها إلى أرقام خيالية لا توجد في أرقى بلدان العالم”.
وللسيطرة على أسعار سوق العقارات، لفت السهلاني إلى أنّ “هذه الخطوة تحتاج جهدًا حكوميًا من قبل الأجهزة الاستخبارية وليس العسكرية. فعند العمل على استقرار البلد وواقعه الاقتصادي، فلا بد من وجود عملية تنمية اقتصادية، ومسألة معالجة مشكلة السكن يجب أن تكون حقيقية وليست تسليم أراضٍ لبعض الأشخاص المدعومين من قبل جهاتٍ أو شخصيات سياسية”.
وبيّن أنّ “الإجراءات الرامية للسيطرة على أسعار سوق العقارات ليست هدفها تقييد حرية المواطنين، خاصةً أن الدستور العراقي يكفل حرية التعامل، ولكن وفقاً للسياقات السليمة الصحيحة التي لا تؤثر على حياة الناس واستقرارهم”.
المصدر: وكالة تقدم الاخبارية
إقرأ أيضاً:
لذة لا تُباع ولا تُشترى
ريم الحامدية
لم يعد السؤال اليوم: ماذا تحب؟ بل أصبح كيف ستحوِّل ما تحب وتسعد به إلى مشروع؟
لم تعد لحظات السعادة والمتعة كافية بذاتها، ولا يكفي الشغف وحده لتبرير الوقت الذي ينفق في الهوايات، ولم تعد الهواية مساحة برئية خارج دوائر الجدوى والربح، ففي زمن تغلب عليه ثقافة الانتاج الدائم، صار كل شي مطالبا بأن يثمر وكل موهبة مطالبة بأن تتحول؛ بل إن لحظة من المتعة باتت تحتاج إلى مبرر اقتصادي.
صوتك جميل.. لماذا لا تُطلق بودكاست؟ طبخك لذيذ.. لماذا لا تفتح مطعمًا؟
تصويرك ملفت؟ لماذا لا تجعل حسابك عامًا؟ خواطرك عميقة؟ لماذا لا تكتب كتابًا؟
أسئلة تبدو في ظاهرها دعمًا وتشجيعًا، لكنها تحمل في داخلها ضغطًا غير مرئي، يلاحق الإنسان حتى في أكثر مساحاته خصوصية وهي مساحات اللعب، والراحة، والهواء الخفيف الذي نتنفسه بعيدًا عن منطق السوق.
لقد تحوّلت الهوايات من ملاذ إلى مشروع، ومن مساحة حرّة إلى خطة عمل، ومن لحظة صدق إلى فرصة تسويق، لم نعد نرسم لنفرِّغ قلوبنا؛ بل لنبيع اللوحة، ولم نعد نكتب لأننا نختنق إن لم نبوح بما يختلج صدورنا، ولكن لنحصد إعجابات وانتشار على المنصات الرقمية، ولم نعد نصوِّر لأن الضوء يُدهشنا وجمال اللقطة تُنعش قلوبنا؛ بل لأن الخوارزمية تحتاج محتوى جديدًا!
إننا في زمن الثقافة التي تُسلِّع كل مُتعة وتحوِّل كل جمال إلى فِعل مادي، وكل شغف إلى أرقام ومؤشرات.
هذه الثقافة لا تكتفي بأن تدفعنا للإنتاج؛ بل تُشعرنا بالذنب إن لم نفعل، تُشعرنا بأننا متأخرون إن لم نحوّل ما نحب إلى إنجاز ملموس، وكأن الحياة باتت سباقًا لا يتوقف، ومن يهدأ قليلًا يُتّهم بالكسل أو الهروب.
المشكلة ليست في العمل، ولا في تحويل الموهبة إلى مشروع؛ بل في الإكراه الخفي الذي يتسلل إلى أرواحنا، أن تشعر بأن متعتك غير شرعية ما لم تُدرّ مالًا، وأن راحتك ترف لا تستحقه، وأن الهواية بلا جمهور هي فرصة ضائعة.
هناك أشياء خُلقت لتُحَب فقط، أشياء لا تقبل أن تُحوَّل إلى منتج، ولا تليق أن تُختزل في أرباح، أشياء نمارسها لأننا نختنق بدونها، لا لأننا نريد أن نبيعها.
أن نطبخ لأن رائحة البيت تحتاج دفئًا، أن نكتب لأن الصدر امتلأ بالكلمات، أن نصوِّر لأن اللحظة خافتة ونخشى أن تضيع، أن نمشي بلا هدف؛ لأن أرواحنا تحتاج مساحة بلا اتجاه.
لست ضد الفائدة ولا ضد الرزق حين يأتي متناغمًا مع رغبة الإنسان واستعداده، لكننا ضد شعور الذنب، وضد مطاردة الإنسان بأسئلة التوسّع والانتشار والسبق، وكأن الهدوء خطيئة، والبساطة فشل، والرضا خسارة.
لقد دفعنا هذا العصر إلى أن نعامل أنفسنا كمشاريع، لا كبشر، أن نقيس أعمارنا بالإنتاجية، وأيامنا بالإنجازات، وقيمتنا بما نعرضه أمام الآخرين، ربما آن الأوان أن نتوقف قليلًا، أن نسأل أنفسنا بصدق متى كانت آخر مرة فعلنا شيئًا لمجرّد أننا نحبه؟ بلا جمهور، وبلا مردود، بلا ضغط.
نحتاج أن نستعيد حقّنا في الأشياء التي لا تُوظَّف، ولا تُحوَّل، ولا تُستثمَر.
نحتاج أن نحمي مساحاتنا الصغيرة من ضجيج السوق، أن نعيد تعريف النجاح، لا ككمية ما نبيع؛ بل كمساحة ما نشعر.
ولعلّ أجمل ما يمكن أن نقاوم به هذه الثقافة، هو أن نحب شيئًا ولا نُعلن عنه، وأن نمارسه في الخفاء، ونحرسه من أن يتحوّل إلى واجب.
ربما لم نُخلق لنكون علامات تجارية، ولا لنحمل أرواحنا إلى السوق.
وربما أخطر ما يحدث لنا اليوم… أننا بدأنا نصدّق ذلك.
فما الذي سنحتفظ به لأنفسنا، قبل أن يُعاد تسعيرنا بالكامل ويصبح لكل فرد فينا "باركود"؟!
رابط مختصر