«الفن المعاصر» تستعيد روّاد الحركة التشكيلية في معرض جامع
تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT
يعود رواد الفن التشكيلي البحريني إلى اجتماعهم مجددًا، بعد سبعة عقود. أولئك الذين خرج بعضهم في تجوال فني ببحرين الخمسينيات والستينيات، يرسمون الشوارع، والمقاهي، ويوثقون بفنهم ملامح بلد البحر، بشطآنه، وسفنه، وقراه، وإنسانه، ويتفرعون في توثيق عادات هذا الإنسان وتقاليده.. في أعمال نُفذت في محترف مفتوح، مساحته بيئات البحرين التي فتنتهم، فصارت منعكسة في اشتغالاتهم، حتى استخلصوا منها ألوانهم، وموتيفاتهم.
يجمع هؤلاء الرواد إرثًا فنيًا، بعد أن رحل أغلبهم عن عالمنا، في معرض عنون بـ«رواد الفن التشكيلي في البحرين» الذي نظمته «جمعية البحرين للفن المعاصر»، وافتتح تحت رعاية الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة رئيس المجلس الوطني للفنون، يوم السبت، الـ7 من أكتوبر 2023، في مقر الجمعية بمنطقة الجفير، إذ يستمر المعرض حتى الـ18 من الشهر الجاري.
مؤسسو البنى التحتية الفنية
قبل عقود، قرر فتية في مقتبل العمر، يحذوهم حماس الاشتغال والرغبة في أن يكونوا فنانين، بعقد ورش مفتوحة للرسم، كان الرسم آنذاك في البحرين فعلاً ممارسًا على مستوىً محدود وبسيط (بدائي)، هذا إلى جانب كونه غير مقبول مجتمعيًا، كونه يتصادم مع بعض التحفظات الدينية التي ترى فيه حرمة. لكنهم عقدوا ورشهم المفتوحة، وراحوا يرسمون، ويرسمون.. ربما لم يخطر ببالهم أنهم سيكونوا يومًا روادًا للحركة التشكيلية، بيد أنهم، وبندفاع محكم، أسسوا البنى التحتية لقيام حركة تشكيلية، فنظموا التجمعات، وشيّدوا الجمعيات، وأقاموا المعارض، وبعضهم انشأ مساحات فنية (جاليريهات)، أو دكاكين للفن، ليتطور كل ذلك مشكلاً بنى قامت عليها الحركة التشكيلية البحرينية، مسجلةً ريادةً آنذاك على مستوى الخليج العربي.
تتقارب سنيّ ميلاد هؤلاء الفتية، لكن سنيّ رحيلهم متباعدة، فالمعرض يحتفي بكل من الفنان يوسف قاسم (1928-2004)، الفنان أحمد السني (1933)، الفنان عبدالكريم العريض (1934)، الفنان حسين السني (1938-1998)، الفنان إسحاق خنجي (1937-2014)، الفنان عبدالعزيز زباري (1937-2015)، الفنان عبدالكريم البوسطة (1940-2011)، الفنان ناصر اليوسف (1940-2006)، الفنان راشد سوار (1940-1986)، الفنان راشد العريفي (1941-2017)، الفنان عباس المحروس (1943-2006)، الفنان عبدالمنعم البوسطة (1944-2001)، الفنان الدكتور أحمد باقر (1946-2008)، بالإضافة الفنان عبدالله المحرقي (1939) الذي اعتذر عن عدم المشاركة في المعرض.
وقد استحضر المعرض هؤلاء، بسيرهم، وإسهاماتهم الفنية، من خلال عدد من اشتغالاتهم، فيما غابت أعمال الفنان يوسف قاسم، وحسين السني، وراشد سوار، والدكتور أحمد باقر. ويجيء المعرض احتفاءً بهؤلاء، الذين لعبت أعمالهم الفنية، وإسهاماتهم على مختلف الأصعدة «دورًا مهمًا في تطوير الحركة التشكيلية، فيما كان لجهدهم المبذول من خلال التجربة، والبحث، ورغبة التعلم، والتجمعات الفنية المتنوعة، وإقامة المعارض الجماعية، ودور العرض الشخصية، والجولات الجماعية للرسم المباشر»، الدور المهم في التطوير الفني، كما يؤكد الشيخ راشد آل خليفة.
إرادة وضع الفن البحريني على خريطة الفنون
يؤكد الفنان عبدالكريم العريض الرئيس الفخري للجمعية، وأحد أبرز الرواد، أن الدافع لاشتغال هذه النخبة من الرواد كان «الإيمان الذي يدفع الإنسان نحو العمل؛ الإيمان بحب الوطن أولاً، وبأن الفن هو أبلغ وسيلة، وأسهل لغة مخاطبة، وأجمل طريقة للتعبير»، كان ذلك ما يدفع هؤلاء إلى الاشتغال الفني، ممارسةً وتطويرًا، حاملين على عاتقهم «تطوير الفنون في البحرين، لتكون امتدادًا لتاريخ الفنون منذ الحضارات القديمة، حتى الحرف الشعبية والصناعات التي كانت تميز البحرين»، مبتغين من ذلك «مواكبة حركة الفن العالمي، لتكون البحرين حاضرةً عالميًا في الفن التشكيلي، وذلك بالتركيز على إعادة صياغة الموروثات الشعبية، والهوية البحرينية، في أعمال فنية معاصرة»، كما يؤكد العريض.
من جانبه، يبيّن الفنان خليل المدهون، رئيس الجمعية، أن هذا المعرض «يثبت لنا جميعًا، بعد أكثر من نصف قرن، الدور البارز للتجربة الناضجة، والمستوى الرفيع لدى جيل الرواد. وهي تجربة تستحق الاهتمام والعرض»، ليكشف هذا المعرض، عبر الأعمال المعروضة، مقدار ما خاضه الفنانون الرواد من تجارب فنية، وما استلهموه، وما اجتهدوا في إبداعه، متجهين «نحو آفاق رحبة في عالم التشكيل، بصدق، وإخلاص، وابتكار.. في آن فريد، وفي ظروف وساحة فنية لم يكتمل نموها آنذاك»، كما يبيّن بيان المعرض.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
معرض الدوحة الدولي للكتاب يختتم دورته الـ34 بمشاركة واسعة
اختتمت وزارة الثقافة مساء الجمعة فعاليات الدورة الـ34 من معرض الدوحة الدولي للكتاب، التي أقيمت في مركز الدوحة للمعارض والمؤتمرات خلال الفترة من 8 إلى 17 مايو/أيار الجاري، تحت شعار: "من النقش إلى الكتابة". وقد سجل المعرض في نسخته الحالية حضورًا جماهيريًا كثيفًا، ومشاركة بلغت نحو 522 دار نشر وجهة من 42 دولة، بينها ولأول مرة 11 ناشرًا من دولة فلسطين، إلى جانب مكتبات شارع الحلبوني الشهيرة من سوريا، ودور نشر من الولايات المتحدة وبريطانيا.
وقد بلغ عدد العناوين المدرجة في دليل إصدارات المعرض نحو 166 ألف عنوان، مما يعكس الزخم الكبير في تنوع وتعدد المحتوى المعرفي المشارك. كما شهد المعرض حضورًا فاعلًا لمؤسسات رسمية وخاصة، ووزارات وهيئات دبلوماسية معتمدة في قطر، وكانت دولة فلسطين ضيف شرف هذه الدورة.
من جانبه، عبّر مدير معرض الدوحة الدولي للكتاب جاسم أحمد البوعينين، عن سعادته الكبيرة بما حققته الدورة من إشادة ومشاركة واسعة، مؤكدًا أن أعداد الزوار "فاقت التوقعات وتجاوزت أضعاف أعداد الدورة الماضية، مع تزايد ملحوظ بشكل يومي، لا سيما في الأيام الأخيرة".
وأشار البوعينين إلى أن المعرض هذا العام شهد إطلاق جائزة معرض الدوحة الدولي للكتاب، والإعلان عن الفائزين بفئاتها المختلفة، منها جائزة أفضل جناح في منطقة الطفل، التي حظيت بتفاعل كبير من العائلات لما قدمته من برامج إبداعية عززت حب القراءة لدى الناشئة.
إعلانكما أشار إلى أن من أبرز مخرجات المعرض، نجاح مبادرة الترجمة التي أطلقتها وزارة الثقافة بالتزامن مع الافتتاح، حيث تم توقيع نحو 100 اتفاقية بين دور نشر قطرية ومؤسسات دولية لترجمة عدد من الكتب القطرية إلى لغات أخرى.
في #معرض_الدوحة_الدولي_للكتاب34
كل كتاب باب، وكل صفحة رحلة، وكل قارئ مسافر نحو ذاته#من_النقش_إلى_الكتابة#وزارة_الثقافة pic.twitter.com/jtiHX9FCju
— وزارة الثقافة (@MOCQatar) May 12, 2025
من النقش إلى الكتابةأوضح البوعينين أن البرنامج الثقافي المصاحب جاء منسجمًا مع شعار المعرض، وقد أثرى حضور فلسطين كضيف شرف البعد الثقافي والإنساني من خلال جناح متميز وبرنامج نوعي يعكس تنوع الثقافة الفلسطينية وعمقها التاريخي.
وشهدت أروقة المعرض تنظيم عدد كبير من الندوات الفكرية، واللقاءات الأدبية، والأمسيات الشعرية، والورش المتنوعة، التي استهدفت تطوير المهارات وتحفيز الإبداع لدى الزوار من مختلف الأعمار.
وفيما يتعلق بمشاركة الأطفال، فقد تحوّلت المساحة المخصصة لهم إلى واحة تفاعلية تجمع بين التعليم والترفيه، وعززت حضور العائلات في أجواء ثقافية دافئة. كما نوّه البوعينين بالدعم اللوجستي الكبير الذي قدمته اللجنة المنظمة للناشرين، بما يشمل الشحن، والتخليص الجمركي، والنقل، وتوفير الخدمات كافة.
وقال البوعينين "المعرض لم يعد مجرد منصة لعرض الكتب، بل مشروع ثقافي متكامل يعكس رؤية دولة قطر في ترسيخ ثقافة القراءة وتعزيز المعرفة، ونحن فخورون بما تحقق، ونتطلع إلى البناء عليه في النسخ المقبلة".
تعبير الأطفال عن فرحتهم بزيارة #معرض_الدوحة_الدولي_للكتاب34 ومشاركتهم بالفعاليات والأنشطة العديدة والمتنوعة #من_النقش_إلى_الكتابة #وزارة_الثقافة pic.twitter.com/Id5hTGVNLg
— وزارة الثقافة (@MOCQatar) May 17, 2025
فعاليات ومعارض للأطفالوتزامنًا مع المعرض، أطلقت وزارة الثقافة جائزة معرض الدوحة الدولي للكتاب التي ضمت عدة فئات: الناشر المتميز (محلي ودولي)، الناشر المتميز في كتب الأطفال (محلي ودولي)، فئة الإبداع للكاتب، فئة الكاتب الشاب القطري، بهدف دعم حركة النشر وتشجيع التأليف والإبداع.
إعلانكما خصصت مساحة كبيرة لإصدارات الأطفال والناشئة، بمشاركة بارزة لدور النشر المعنية بأدب الطفل، ونُظمت مجموعة غنية من الأنشطة التفاعلية التي استهدفت تنمية مواهب الأطفال، وتشجيعهم على حب القراءة والاستكشاف.
وعلى المسرح الرئيس للمعرض أقيمت ندوات فكرية، ومحاضرات ثقافية، وأمسيات شعرية، وعروض مسرحية، بالإضافة إلى ورش متنوعة ثقافيًا واجتماعيًا ومهنيًا، شارك فيها عدد من الأدباء والمفكرين والفنانين والباحثين من داخل وخارج قطر.
وقد حرصت اللجنة المنظمة للمعرض على تقديم تصاميم جديدة لمساحات العرض، حيث توسطت "المنطقة المركزية" الفعالية، فيما عرض جناح وزارة الثقافة إصدارات متميزة للمؤلفين القطريين إلى جانب كتب الوزارة، كما تم تدشين طابعة رقمية لطباعة الكتب مباشرة أمام الجمهور.
ويؤكد هذا المعرض -وفق بيان وزارة الثقافة- سعي الدولة الدؤوب إلى دعم صناعة النشر، وتوسيع دائرة التأثير الثقافي، وتوفير منصات إبداعية تسلط الضوء على الإنتاج المعرفي الوطني والعربي والدولي.
أُعلن عن الفائزين في مسابقة "قصتي والذكاء الاصطناعي"، بالتعاون بين #وزارة_الثقافة وجامعة لوسيل، وذلك ضمن فعاليات #معرض_الدوحة_الدولي_للكتاب34، بهدف تشجيع الطلاب على ممارسة الكتابة وتنمية مهاراتهم الإبداعية.#من_النقش_إلى_الكتابة pic.twitter.com/lEwHwoZ6P8
— وزارة الثقافة (@MOCQatar) May 17, 2025
قصتي والذكاء الاصطناعيأعلن ملتقى الناشرين والموزعين القطريين، التابع لوزارة الثقافة، أسماء الفائزين في مسابقة "قصتي والذكاء الاصطناعي"، التي نُظّمت بالتعاون مع جامعة لوسيل، احتفاءً باليوم العالمي للكتاب، وتشجيعًا للأقلام الشابة على التجريب والإبداع في فضاء القصة القصيرة.
وبهذه المناسبة، قال السيد جاسم أحمد البوعينين، مدير ملتقى الناشرين والموزعين القطريين، إن المسابقة تمثل مبادرة ملهمة تنبع من إيمان وزارة الثقافة بأهمية دعم الإبداع الأدبي في أوساط الشباب، وتندرج ضمن توجهاتها لتمكين الطلبة من التعبير عن ذواتهم بأساليب حديثة تتماشى مع تحولات العصر.
إعلانوأوضح أن إطلاق المسابقة جاء في إطار اليوم العالمي للكتاب، لتكون جسرًا بين الخيال الأدبي والتقنيات المعاصرة، وتعكس جهود الوزارة المستمرة في تعزيز الإنتاج الأدبي الوطني، خاصة من فئة الشباب، وتمكينهم من توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في إثراء كتاباتهم بأساليب أصيلة ومبتكرة.
من جانبه، وصف الدكتور محمد الشريدة، عميد كلية تكنولوجيا المعلومات بجامعة لوسيل، المسابقة بأنها نموذج فريد لدمج الأدب بالتقنية والخيال، وأكد أن ما قدمه الطلبة من نصوص جسّد وعيًا إبداعيًا عاليًا، وقدرة على التعبير النقدي والوجداني باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أن المبادرة لا تهدف إلى استبدال الإبداع البشري بالتكنولوجيا، وإنما تعزيز التكامل بين العقل والآلة، وتدريب الأجيال الجديدة على استخدام الوسائل الحديثة بشكل واعٍ ومسؤول في خدمة الكتابة والتعبير الثقافي.
وختم الشريدة بالإشادة بالمستوى الفني والتقني للقصص الفائزة، التي أظهرت أن الذكاء الاصطناعي، حين يُستخدم بذكاء بشري، يمكن أن يصبح أداة قوية لتوسيع أفق الخيال، وتجديد أساليب الحكي، وتحفيز التعبير الإنساني في زمن سريع التحوّل.
وتأتي هذه المسابقة ضمن جهود وزارة الثقافة لإشراك المجتمع الأكاديمي في المشاريع الأدبية والثقافية، وتحفيز جيل جديد من الكتّاب الشباب، يجمعون بين الإبداع الكلاسيكي وروح العصر الرقمي.