جدوى الهروب من صفقة القرن إلى اتفاقات أبراهام
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
جدوى الهروب من صفقة القرن إلى اتفاقات أبراهام
الهروب من صفقة القرن نحو اتفاقات أبراهام لن يوقف المقاومة، بل سيعززها إحصائيا وجغرافيا.
المقاومة المتصاعدة أنهت احتلال "النجوم الخمس" الذي أنتجته اتفاقية أوسلو وجهود إعادة إنتاجه عبر صفقة القرن واتفاقات أبراهام.
ممارسات الاحتلال الفاشية كافية لإشعال المواجهات وتغذية المقاومة التي أصبحت حالة يومية تؤكدها الإحصاءات والتقديرات الاستراتيجية.
الاحتلال المسكون برغبة فاشية جامحة لإقصاء الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم، عاجز عن المناورة وفاقد للمرونة ما يجعله أكثر قابلية للانكسار والهزيمة.
لا يحتاج الفلسطينيون مبررات لمواجهة الاحتلال ولا دعما كبيرا من دول الجوار، فكل ما يتطلبه الأمر الإرادة لمواجهة المحتل وانتهاكاته وسياسيات القمع والتنكيل والاعتداء على المقدسات والأراضي وإنكار الحقوق.
* * *
لم يجد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أمامه سوى إيران ليلقي عليها اللوم، ويحمّلها مسؤولية الفشل الذي تعانيه أجهزته الأمنية أمام المقاومة الفلسطينية المتصاعدة، التي تمكنت مساء الأربعاء الماضي من إصابة خمسة جنود للاحتلال الإسرائيلي، خلال محاولتهم التسلل واقتحام مخيم للاجئين الفلسطينيين، بالقرب من مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية.
الاتهامات الموجهة لإيران لا تكاد تتوقف، وتمتد إلى دول الجوار العربي وعلى رأسها الأردن بزعم تقصيره في حماية حدوده من عمليات تهريب السلاح إلى الأراضي المحتلة؛ علما أن القنبلة اليدوية التي انفجرت بالقوات الإسرائيلية المهاجمة كانت ولأجل المفارقة إسرائيلية الصنع، ألقتها قوات الاحتلال على الفلسطينيين الذين أعادوها بدورهم إلى مصدرها؛ لتنفجر بالجنود الخمسة المهاجمين.
حادثة القنبلة اليدوية ورد الفعل الإسرائيلي عليها، تلخص المشهد في الأراضي الفلسطينية والإقليم، فالاحتلال الإسرائيلي غارق في مستنقع الإنكار والفشل، فعلى بُعد أمتار قليلة من مدينة طولكرم تنتشر المدن والقرى المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48؛ حيث ينتشر السلاح وتفتك الجريمة بالمجتمعات المحيطة، في المقابل تقف حكومة الاحتلال وجيشها ومؤسساتها الأمنية عاجزة عن وقفها.
فالسلاح يُسرق من القواعد العسكرية الإسرائيلية من قبل مافيات إسرائيلية وجنود ومقاولين؛ كان آخرها سرقة دبابة لتفكيكها وإعادة تدويرها، وهي إشارة أخرى إلى أن الاحتلال والكيان المحتل بأكمله عرضة للتفكيك وإعادة التدوير والتصدير.
لا يحتاج الفلسطينيون إلى مبررات لمواجهة الاحتلال؛ ولا يحتاجون إلى كبير دعم من دول الإقليم ودول الجوار، فكل ما يتطلبه الأمر الإرادة لمواجهة المحتل وانتهاكاته وسياسيات القمع والتنكيل والاعتداء على المقدسات والأراضي وإنكار الحقوق؛ فهي كافية لإشعال المواجهات وتغذية المقاومة التي أصبحت حالة يومية تؤكدها الإحصاءات والتقديرات الاستراتيجية.
فالاحتلال يتحمل المسؤولية دون غيره عن التصيعد؛ ذلك أن المواجهات تغذيها الانتهاكات والمشاريع الاستيطانية والسياسيات والمشاريع الإقليمية التطبيعية لتصفية الوجود الفلسطيني قانونيا وسياسيا. فالإحصاءات تؤكد ارتفاع وتيرة العمل المقاوم في الضفة الغربية إلى معدل عشرة آلاف عملية في العام منذ 2021؛ وهو رقم مستقر كمّا ولكنه متطور نوعا؛ بدءا من رشق للحجارة وصولا إلى إطلاق الصواريخ في العام 2023، وهو العام الذي سجل حتى اللحظة ما يقارب 9705 عملا؛ في وتيرة مستقرة لمنحنى بدأ في الصعود، بدءا منذ اللحظة الأولى لطرح صفقة القرن وصولا إلى "اتفاقات أبراهام" سيّئة الصيت؛ التي تجاهلت الحقوق الفلسطينية واختزلتها بحكم ذاتي أو بلدي، لا يختلف عن مدينة رهط في النقب المحتل عام 48.
المقاومة المتصاعدة خلال السنوات الخمس الفائتة، أنهت احتلال "النجوم الخمس" الذي أنتجته اتفاقية أوسلو عام 1993، وأنهت معه جهود إعادة إنتاجه عبر صفقة القرن واتفاقات أبراهام محدودة الصلاحية والتأثير، خصوصا أن الاحتلال المسكون برغبة يمينية جامحة لإقصاء الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم، عاجز عن المناورة وفاقد للمرونة؛ ما يجعله أكثر قابلية للانكسار والهزيمة، موفرا بذلك قوة دفع أخرى تشجع الفلسطينيين على مواصلة مقاومتهم، وإعادة القنبلة لتنفجر في خاصرته وداخل أحشائه.
ختاما.. الاحتلال الإسرائيلي أنتج صيرورة لن يوقفها توجيه الاتهام لإيران الخصم، ولا إلى الأردن ومصر الشريكين في السلام المزعوم، ولا أوروبا وأمريكا وشيوخها العشرين الحلفاء للكيان المحتل، الذين اشترطوا في رسالتهم الموجهة للرئيس الأمريكي جو بايدن مساء الخميس، ضرورة الالتزام بحل الدولتين كشرط للحصول على دعمهم لأي اتفاق تطبيعي مستقبلي؛ فالهروب من صفقة القرن نحو اتفاقات أبراهام لن يوقف المقاومة، بل سيعززها إحصائيا وجغرافيا.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: التطبيع فلسطين إسرائيل المقاومة نتنياهو الاحتلال اتفاقية أوسلو صفقة القرن اتفاقات أبراهام الضفة الغربية اتفاقات أبراهام من صفقة القرن
إقرأ أيضاً:
قافلة «زاد العزة» الـ91 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة
شرعت قافلة شاحنات المساعدات الإنسانية الـ91 في الدخول إلى الفلسطينيين بقطاع غزة، عبر البوابة الفرعية لميناء رفح البري باتجاه معبري كرم أبو سالم والعوجة، تمهيدا لإدخالها إلى القطاع.
وصرح مصدر مسئول بميناء رفح البري في شمال سيناء، اليوم الأربعاء، بأن الشاحنات اصطفت في ساحة الانتظار ضمن قافلة “زاد العزة.. من مصر إلى غزة”، مشيرا إلى أن الشاحنات تخضع للتفتيش من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة قبل إدخالها إلى القطاع.
وأعلن الهلال الأحمر أن القافلة الـ91 تحمل أكثر من 10 آلاف طن من المساعدات الإنسانية العاجلة، والتي تضمنت: أكثر من 6,200 طن سلال غذائية، وأكثر من 2,600 طن مستلزمات طبية وإغاثية ضرورية يحتاجها القطاع، ونحو 1.200 طن مواد بترولية.
وذكر بيان صادر عن الهلال أنه في إطار الجهود المصرية لتقديم الدعم الإغاثي لأهالي غزة، حملت قافلة «زاد العزة» في يومها الـ91، احتياجات الشتاء الأساسية لتخفيف معاناة الأهالي، والتي شملت: أكثر من 45 ألف بطانية، و25,900 قطعة ملابس شتوية، و10,225 خيمة لإيواء المتضررين.
يذكر أن قافلة "زاد العزة.. من مصر إلى غزة" التي أطلقها الهلال الأحمر، انطلقت في 27 يوليو حاملة آلاف الأطنان من المساعدات تنوعت بين سلاسل الإمداد الغذائية، ودقيق، وألبان أطفال، ومستلزمات طبية، وأدوية علاجية، ومستلزمات عناية شخصية، وأطنان من الوقود.
ويتواجد الهلال الأحمر كآلية وطنية لتنسيق وتفويج المساعدات إلى قطاع غزة منذ بدء الأزمة في أكتوبر 2023.
ولم يتم غلق ميناء رفح البري نهائيا خلال تلك الفترة، ويواصل تأهبه في جميع المراكز اللوجستية وجهوده المتواصلة لإدخال المساعدات بواسطة 35 ألف متطوع.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي أغلقت المنافذ التي تربط قطاع غزة، منذ يوم 2 مارس الماضي، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وعدم التوصل لاتفاق لتثبيت وقف إطلاق النار، واخترقت الهدنة بقصف جوي عنيف يوم 18 مارس الماضي، وأعادت التوغل بريا بمناطق متفرقة بقطاع غزة كانت قد انسحبت منها.
كما منعت سلطات الاحتلال دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والوقود ومستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم بسبب الحرب على غزة؛ ورفضت إدخال المعدات الثقيلة اللازمة لإزالة الركام وإعادة الإعمار إلى قطاع غزة.
وتم استئناف إدخال المساعدات لغزة في مايو الماضي وفق آلية نفذتها سلطات الاحتلال وشركة أمنية أمريكية رغم رفض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمخالفتها للآلية الدولية المستقرة بهذا الشأن.
وأعلن جيش الاحتلال "هدنة مؤقتة" لمدة 10 ساعات (الأحد 27 يوليو 2025)، وعلق العمليات العسكرية بمناطق في قطاع غزة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، فيما واصل الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) بذل الجهود من أجل إعلان اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل إطلاق الأسرى والمحتجزين، حتى تم التوصل فجر يوم 9 أكتوبر 2025، إلى اتفاق ما بين حركة حماس وإسرائيل حول المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشرم الشيخ بوساطة مصرية أمريكية قطرية وجهود تركية.