عربي21:
2025-12-11@12:01:09 GMT

عينُ المحتل الثالثة

تاريخ النشر: 11th, December 2025 GMT

(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ).. هذه الآية الكريمة كانت أول ما قفز إلى رأسي عندما سمعت بخبر قتل العميل ياسر أبو شباب على يد أبناء عشيرته، فبقتله شفا الله صدور الفلسطينيين، خاصة من فقدوا أحباء على يديه وأيدي أعوانه وعلى رأسهم الصحفي صالح الجعفراوي، فموته نهاية لمسار غدره، لكنه ليس نهاية لظاهرة الجواسيس والعملاء في فلسطين، والتي تعد أحد أخطر أسلحة الاحتلال في استهداف القيادات الوطنية والعسكرية، وزرع الفتن داخل المجتمع، فموت ياسر أبو شباب فتح الباب أمام أسئلة عن الأسباب وراء سقوط البعض في وحل الخيانة؟، وعن الطريقة التي يدخل من خلالها المحتل لتجنيد عملاء له؟.



فتاريخ الجاسوسية في فلسطين يعود إلى فترة الانتداب البريطاني، حين استخدمت شبكات سرية لمراقبة النشاط الوطني ورصد الشخصيات البارزة في الحركة الفلسطينية، ومع قيام دولة إسرائيل عام 1948، اتخذت هذه الممارسة بعدا منهجيا من خلال شبكة عملاء، تهدف إلى تأجيج الخلافات والفتن بين العائلات الفلسطينية، وتشويه صورة الثوار، إلى جانب عملهم كسماسرة لتسهيل تسريب الأراضي الفلسطينية للبريطانيين واليهود وقت ذاك، فضلا عن كشف مواقع المقاومة واستهداف القيادات الوطنية وإضعاف التضامن الاجتماعي والسياسي.

خلال الانتفاضات الفلسطينية، برزت هذه الظاهرة بشكل واضح، إذ ساعدت المعلومات التي قدمها العملاء للاحتلال على اغتيال قادة بارزين مثل المهندس الشهيد يحيى عياش من أبرز قيادات كتائب عز الدين القسام، وأحمد الجعبري القائد الأعلى لكتائب عز الدين القسام، إلى جانب آخرين من قيادات المقاومة الذين شكلوا العمود الفقري للمواجهة المسلحة والسياسية ضد الاحتلال، ما يؤكد أن الجاسوسية أداة من أدوات المحتل الفعالة المزروعة داخل المجتمع الفلسطيني.

ولكن ما الأسباب التي تقف وراء هذا السقوط -معلوم النهاية- في يد المحتل ؟، حيث ذكر كتاب بعنوان «العملاء والجواسيس الفلسطينيون: عين إسرائيل الثالثة» يسقط بعض الفلسطينيين في بئر الخيانة نتيجة تراكم عوامل متداخلة تراها أجهزة الشاباك الثغرة التي من خلالها تستطيع الدخول منها لإسقاط بعض ضعاف النفوس في وحل الخيانة منها الفقر والحاجة الاقتصادية التي تجعل البعض عرضة للإغراءات المالية، فيظنون أن المال سيحميهم من ضغوط الحياة، بينما يكتشفون لاحقًا أن الثمن أخلاقي ووطنِي كبير، كما أن ضعف الانتماء الوطني أو شعور الفرد بالانعزال عن مجتمعه يجعله أكثر قابلية للانخراط في شبكات التجسس، هناك أيضًا تأثير الضغط النفسي والابتزاز، إذ يستخدم الاحتلال ملفات شخصية أو أخطاء صغيرة للضغط على الأفراد وإجبارهم على التعاون، إضافة إلى ذلك، انعدام الوازع الأخلاقي أو الديني لدى البعض مما يسهل عليهم تجاوز حدود الخيانة، فتغدو الخيانة خيارا ممكنا أسهل من المقاومة الداخلية.

وفي حالة ياسر أبو شباب يضاف إليه دافعا آخر كالحقد والانتقام الشخصي من المجتمع سيما وأنه قبل الحرب كان مسجونا على إثر تجارته للمخدرات والسرقة، وهذا النوع من أخطر أنواع الجواسيس وأكثرهم عمقاً وعنفاً، ويتم تجنيدهم بسهولة، أو لربما يكونون المبادرين بطلب التعامل مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية، مما جعله وأمثاله أداة فعالة ضمن شبكة الجواسيس.

وفي هذا السياق علينا الإشارة إلى أنَّ جهاز الشاباك عادة ما يقوم بكشف هُوية العميل بعد الانتهاء من مهمته، فحسب الباحث أحمد البيتاوي فعند انكشاف الجاسوس، فغالباً ما يتم التعامل معه بإهمال، وقد يتعمد الاحتلال «حرق ورقته» أو تسهيل كشفه بطريقة غير مباشرة، وخصوصاً إذا لم تكن له أهمية كبيرة، ومن يُسمح له بالانتقال للعيش داخل الأراضي المحتلة سنة 1948، فإنه يواجه إكمال باقي حياته منبوذاً حتى لو حصل على الجنسية الإسرائيلية، إلا أنه يواجه بالرفض من قبل المجتمع الإسرائيلي، ومن قبل فلسطينيي 1948.

كما أنَّ التاريخ الفلسطيني والعالمي يوضح أن مصير الخونة مأساوي لا محالة، فلا يترك الاحتلال العملاء أحياء بعد انتهاء فائدتهم، والمجتمع يرفض الخيانة ويحاسبها اجتماعيا وأمنيا رغم أنه قبل ذلك يفتح للعملاء باب التوبة كما قامت حركة المقاومة الإسلامية حماس بفتح باب التوبة للعملاء وأعوان ياسر أبو شباب قبل أن تتخذ أي إجراء ضدهم بسبب خيانتهم وعمالتهم مع إسرائيل، وعبر التاريخ، أعدم العديد من العملاء الذين تعاونوا مع المحتلين مثل ماري لافو في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية أو العملاء الذين أعدموا في أوروبا الشرقية بعد الحرب، هذه الوقائع تثبت أن الخيانة جريمة وطنية تحمل آثارا طويلة المدى على الفرد والمجتمع.

ختاما...
من المهم التأكيد أنَّ استقطاب العملاء في فلسطين ليس بالأمر السهل فبالاستناد إلى رئيس الشاباك الأسبق يعقوب بيري أكد أن الوازع الديني لدى الشباب الفلسطيني أحد أبرز العقبات التي تحول دون تجنيد العملاء، ورغم حديثنا عن هذه الظاهرة إلا أنها تبقى ظاهرة شاذة في المجتمع الفلسطيني، ويواجه العملاء وأسرهم بالإقصاء من المجتمع الفلسطيني، لذا أغلب الأسر الفلسطينية التي تكتشف أن أحد أفرادها يعمل جاسوسا لصالح الاحتلال تعلن تبرؤها منه فوراً كما حدث مع عائلة ياسر أبو شباب التي أعلنت تبرؤها منه قبل قتله.

الشرق القطرية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الاحتلال المقاومة غزة الاحتلال المقاومة ابو شباب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یاسر أبو شباب

إقرأ أيضاً:

الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 70 ألفا و366 شهيدا

أعلنت الصحة الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 70 ألفا و366 شهيدًا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023.

وأوضحت الوزارة في بيان اليوم، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 171.064، منذ بدء العدوان، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم، مشيرة إلى أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية، شهيد جديد، و6 إصابات، فيما بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر الماضي 377 شهيدا، و987 مصابا، وجرى انتشال 626 جثمانا.

اقرأ أيضاًعاجل| قافلة «زاد العزة» الـ89 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة

الاحتلال يقتحم مقر «أونروا» في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة

قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل أسيرا محررا من شمال رام الله

مقالات مشابهة

  • شرطة الاحتلال تقتحم الشيخ جراح وتفرض غرامات على المركبات الفلسطينية
  • الخارجية الفلسطينية: حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتجاهل
  • الجنوب المحتل.. مسرح لتصادم الأطماع الخارجية وضريبة “مصادرة القرار”
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 70 ألفا و369 شهيدا
  • المحافظات المحتلّة.. بين هيمنة السعودية وسطوة الإمارات صراع يهدد بالانهيار
  • في تعطيل المهام الفلسطينية العاجلة
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 70 ألفا و366 شهيدا
  • إعلام عبري: لن يدخل المناطق الخضراء برفح إلا العائلات الفلسطينية التي لا ترتبط بحماس
  • ليبيا تحتل المرتبة الثالثة عربيًا في ترتيب الدول التي يعاني مواطنيها من الاكتئاب