سببان.. لهذا تخشى مصر أن تدفع إسرائيل سكان غزة إلى سيناء
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
تخشى القاهرة من احتمال أن تجبر تل أبيب سكان قطاع غزة الفلسطيني على التدفق إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، في ظل المواجهة الراهنة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفقا لماثيو بيتي، في تقرير بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft) ترجمه "الخليج الجديد".
ووفقا للقناة "12" العبرية، مساء السبت، صدرت موافقة رسمية إسرائيلية على خطط لشن هجوم عسكري بري شامل على غزة.
وقال بيتي إن "الجيش الإسرائيلي أمر، مساء الخميس الماضي، بإخلاء النصف الشمالي من غزة بأكمله، والذي يسكنه حوالي مليون شخص. وقالت الأمم المتحدة إن أمر الإخلاء، الذي أعطى الفلسطينيين 24 ساعة فقط للمغادرة، كان من المستحيل تنفيذه، فيما اعتبر المجلس النرويجي للاجئين أن خطط إسرائيل ترقى إلى مستوى جريمة حرب تتمثل في النقل القسري للمدنيين".
ولليوم الثامن على التوالي، تشن إسرائيل السبت غارات مكثفة على أهداف في غزة؛ ما أدى إلى استشهاد 2215 فلسطينيا معظمهم مدنيون، وبينهم 724 طفلا و458 سيدة، وإصابة 8714 آخرين بجروح، بينهم 2450 طفلا و1536 سيدة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وردا على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته"، تشن "حماس" وفصائل أخرى من غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عملية "طوفان الأقصى"؛ ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 1300 إسرائيلي وإصابة 3626 آخرين، وأسر أكثر من مئة إسرائيلي، وفقا لمصادر رسمية.
ويعيش في غزة نحو 2.2 مليون فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، وتدير الحركة القطاع منذ العام التالي في ظل خلافات مستمرة مع حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، بزعامة الرئيس محمود عباس.
اقرأ أيضاً
"برا وبحرا وجوا".. جيش الاحتلال يعلن الاستعداد لعملية واسعة في غزة
تصفية وسيادة
والخميس الماضي، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ضرورة أن يبقى سكان غزة "على أرضهم"، محذرا من أن خروجهم قد يؤدي إلى "تصفية القضية" الفلسطينية.
وسبق وأن شدد السيسي على أن "مصر لن تسمح بتسوية القضية الفلسطينية على حساب الأطراف الأخرى (يقصد بلاده)".
بيتي أردف أن "إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن تعمل على إنشاء "ممر إنساني" للمدنيين الفلسطينيين في غزة للفرار إلى مصر، لكن القاهرة تقول إنها لن تقبل حلا يجبر الفلسطينيين على مغادرة غزة دون أي أمل في العودة".
وأضاف أنه خلال اليومين الماضيين، صرحت مجموعة من المسؤولين المصريين والشخصيات الإعلامية والسلطات الدينية بأن القاهرة لن تتسامح مع قيام إسرائيل بدفع الفلسطينيين إلى مصر على حساب "السيادة المصرية".
وفي أحاديث لقناة "القاهرة الإخبارية" المحلية (خاصة مقربة من السلطالت)، استنكر مسؤولون رفيعو المستوى، دون الكشف عن هويتهم، "دعوات النزوح الجماعي" من "بعض الأطراف"، التي تهدف إلى "تفريغ غزة من سكانها وتصفية القضية الفلسطينية".
ويبدو أن البيان يستهدف عضو الكنيست الإسرائيلي أرييل كالنر، الذي دعا إلى "تطهير عرقي في غزة"، بحسب بيتي.
والأربعاء الماضي، وجّه الأزهر الشريف في مصر، عبر بيان، تحية لـ"صمود" الفلسطينيين، محذرا إياهم من مغادرة أرضهم، ومشددا على أن ذلك سيكون "زول لقضيتهم إلى الأبد"
اقرأ أيضاً
هنية: لا هجرة من غزة لمصر.. وباقون بوطننا ما بقي الزعتر والزيتون
حملة انتقامية
وردا على مقتل مئات الإسرائيليين على يد مقاتلي "حماس"، بدأت إسرائيل "حملة انتقامية مكثفة ضد غزة، إذ قطع الجيش الإسرائيلي الغذاء والماء والكهرباء عن القطاع، بينما قصف المنطقة بشكل مكثف أكثر من أي وقت مضى"، كما أردف بيتي.
وتابع أن إسرائيل "قتلت مئات الفلسطينيين، ومن المتوقع على نطاق واسع أن يشن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غزوا بريا لغزة".
وأضاف أن "الدعوات الدولية لإنشاء "ممر إنساني" تصاعدت مع نفاد الحصص الغذائية وانخفاض الإمدادات الحيوية في المستشفيات، لكن بينما تطالب منظمة الصحة العالمية بالسماح بدخول الأدوية إلى غزة، يبدو أن إدارة بايدن ركزت على إجلاء المدنيين من القطاع".
وكتب النائب الإسرائيلي كالنر، على وسائل التواصل الاجتماعي، أن إسرائيل يجب أن يكون لها "هدف واحد: النكبة.. نكبة ستطغى على نكبة 48. نكبة غزة ونكبة كل من يجرؤ على الانضمام (إليها)".
وتشير "النكبة" إلى التهجير الجماعي للفلسطينيين خلال مجازر ارتكبتها منظمات صهيونية مسلحة وقادات عام 1948 إلى قيام دولة إسرائيل على أراضٍ فلسطينية محتلة، بعد تهجير حوالي 700 ألف فلسطيني من منازلهم، وقد فر الكثير منهم إلى غزة، التي كانت آنذاك تحت السيطرة المصرية حتى احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ثم انسحبت منها في 2005.
اقرأ أيضاً
السيسي يجدد رفض تهجير أهالي غزة لسيناء ويحذر من تصفية القضية.. والأردن يؤيد
المصدر | ماثيو بيتي/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر غزة فلسطين إسرائيل تهجير سيناء طوفان الأقصى فی غزة
إقرأ أيضاً:
كيف يعيش ويموت سكان غزة خلال المنخفض الجوي؟
فاقم المنخفض الجوي العميق الذي يضرب القطاع من معاناة السكان الشديدة تزامنًا مع تواصل تأثيرات حرب الإبادة الإسرائيلية التي امتدت لأكثر من سنتين، وأتت على معظم المباني السكنية والبنية التحتية والمرافق الأساسية، وعرّضت السكان لفترات طويلة من سوء التغذية والمجاعة.
وارتفعت حصيلة شهداء المنخفض الذي أطلق عليه اسم "بيرون" إلى 14 شخصًا بينهم أطفال ونساء، بفعل تأثيرات الاضطرابات الجوية الشديدة والبرد، وجراء انهيارات جزئية وكلية لمنازل ومبانٍ على رؤوس ساكنيها بسبب الأمطار، إضافة إلى انجراف وتدمّر خيم الإيواء المهترئة.
والمناخ الشتوي في قطاع غزة بارد نسبيًا ورطب، وتتراوح درجات الحرارة عادة بين 7 و16 درجة مئوية خلال شهري كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير، وقد تنخفض ليلًا إلى أقل من 5 درجات في بعض الليالي، إلا أن فترات المنخفضات الجوية قد تشهد درجات حرارة متدنية.
وبدأت معاناة الفلسطينيين في غزة مع النزوح وانعدام المساكن عندما طالب الاحتلال بإخلاء الجزء الشمالي من القطاع في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو الأمر الذي تكرر بشكل شبه أسبوعي لفترات طويلة من حرب الإبادة، بينما عمل الاحتلال على تدمير شبه كامل للمناطق التي ينزح منها السكان.
تفاصيل أكثر عن أوضاع الشتاء في قطاع غزة: كيف يموت الإنسان بردًا وماذا ينتظر سكان غزة في شتاء الحرب الثالث؟
"نجونا"
يقول سليمان (45 عامًا) إنه يسكن في شقة مستأجرة بعدما دمّر الاحتلال بناية عائلته بالكامل ومن ثم بناية أنسابه التي نزح إليها في شهور الحرب الأخيرة، وهو رغم نجاته من ويلات الخيام في الوقت الحالي، إلا أن عائلته تأثرت بشكل كبير من المنخفض الحالي.
ويكشف سليمان لـ"عربي21" أن شدة الرياح والأمطار أدت إلى انخلاع نافذة كبيرة في الشقة التي يستأجرها وسقطت فوق سرير ينام عليه أطفاله، قائلًا: "لطف ربنا أنهم لم يكونوا في الغرفة في ذلك الوقت، النافذة كبيرة ولو سقطت على رجل كبير لقتلته".
ويضيف: "كان الله في عوننا وعون الناس في الخيام، كل ما لدى أي شخص في غزة حاليًا من بطانيات ومفارش هو كل ما يملكه، وشراء حاجيات جديدة صعب جدًا ومكلف جدًا، وبمجرّد ابتلال هذه الأمتعة يعني البرد الشديد، لا توجد وسائل لتجفيف البطانيات حاليًا سوى الشمس، وهي الغائبة بسبب المنخفض والأمطار الغزيرة".
ويؤكد: "الحصول على الدفء حاليًا صعب جدًا، نحن لا نتكلم عن ثمن كهرباء أو غاز أو أي محروقات، نحن نتكلم عن النار والحطب والأخشاب.. وسائل بدائية للتدفئة، لكن من لديه فائض خشب أو حطب يدّخره لإعداد الطعام اليومي، وهذا إذا تمكن أصلًا من إشعال نار في ظل هذه الظروف".
"سأموت من الخوف"
تقول فاطمة إن فترة الشتاء والأمطار والطقس البارد طالما كانت مفضلة لديها طوال السنوات الماضية، وأنها كانت دائمًا ما تسخر من الأشخاص الذين يحبون فصل الصيف، لكن منذ بدء حرب الإبادة وخسارة الناس لكل شيء أصبح الشتاء بالنسبة لها كابوسًا.
جوانب أخرى عن تبعات الإبادة الإسرائيلية: "إطعام قاتل".. كيف تمنع "إسرائيل" علاج سوء التغذية بعد مجاعة غزة؟
وتوضح فاطمة لـ"عربي21" أنها تعيش في بقايا بيتها الذي تضرر بشكل كبير وبقي أكثر من نصفه بقليل، مشيرة إلى أنها "سعيدة وتحمد الله أنها لم تضطر للعيش في الخيام"، إلا أنها أصبحت قلقة جدًا بعدما سقطت العديد من الشقق والمباني في غزة جراء الأمطار الغزيرة خلال الأيام الماضية.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وتضيف: "أفكر خلال فترات الليل واشتداد الأمطار: هل سيسقط علينا السقف؟ هل سنصبح عالقين تحت ركام المنزل دون وسائل لإنقاذنا مثلما حصل مع عشرات الآلاف من الناس طوال حرب الإبادة؟ هل سنموت من البرد تحت الحجارة ببطء؟ خلال الأيام الماضية تكون هذه أفكاري طوال الليل حتى أسقط في النوم".
من الخيمة
يعتبر وليد أن فكرة البقاء في خيمة خلال مثل حالات المنخفض الشديد الحالية ليست سيئة بشكل تام، بل قد تكون أفضل نظرًا لأوضاع الأبنية الحالية وتصدعها الشديد بفعل القصف الشديد والارتدادات التي حصلت لها دون السنتين الماضيتين".
ويؤكد وليد لـ"عربي21" أن "الفكرة هي الحفاظ على الخيمة دون بلل داخلي أو دخول المياه لها، وهذه أمور يحددها موقع الخيمة وهل هي ضمن منطقة تتجمع فيها الأمطار، أو في مكان جريان المياه من المناطق المرتفعة إلى المناطق المنخفضة. حال الحفاظ على الخيمة جافة من الداخل يمكن الحفاظ على حرارة من يبيت فيها خلال الليل بتركها مغلقة مع استخدام البطانيات الثقيلة".
ويضيف: "طبعًا اختيار المكان المناسب للخيمة ليس متاحًا لمعظم الناس، المناطق في غزة مزدحمة والمخيمات مكتظة ويتم عملها بشكل عشوائي أينما توفرت أراضٍ فارغة أو مرافق قريبة من أسواق أو محطات مياه وغيرها من الأمور الأساسية".
ويذكر أن تحقيق هدف إبقاء الخيمة جافة يواجه صعوبات متعلقة بحالة الخيمة نفسها وهل هي عازلة للمياه أو يتوفر لها أغطية بلاستيكية "شادر" فوق الخيمة لحمايتها من المياه في الشتاء وحتى الشمس الحارقة في الصيف التي تعمل على ضعف نسيجها القماشي.
ويقول وليد: "معظم الناس عمر خيمتها سنتان من الحرب وفك وتركيب الخيمة أكثر من مرة، هذه الخيام تعرضت لحرارة الصيف مرتين، ولمواسم الأمطار والرياح لثلاث مرات.. طبيعي أنها ستغرق، مش طبيعي لو ما غرقت".
ومنذ بدء المنخفض الجوي، ارتفع عدد المباني التي كانت متضررة من قصف الاحتلال الإسرائيلي وانهارت جراء الأمطار الغزيرة، إلى 16 مبنى منذ بدء المنخفض الأربعاء، وفق معطيات رسمية ومصادر أمنية.
وليلة الخميس، عاش مئات آلاف النازحين الفلسطينيين أوقاتًا صعبة داخل خيام مهترئة بمختلف مناطق القطاع، مع استمرار تأثير المنخفض "بيرون" على القطاع، حيث أغرقت مياه الأمطار وجرفت السيول واقتلعت الرياح أكثر من 27 ألف خيمة، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وتعيش نحو 250 ألف أسرة في مخيمات النزوح بقطاع غزة، تواجه البرد والسيول داخل خيام مهترئة، وفق تصريحات سابقة للدفاع المدني. ورغم انتهاء حرب الإبادة، لم يشهد واقع المعيشة لفلسطينيي غزة تحسنًا جراء القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على دخول شاحنات المساعدات، منتهكة بذلك البروتوكول الإنساني للاتفاق.
وخلّفت حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة التي بدأت في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بدعم أمريكي واستمرت لسنتين، أكثر من 70 ألف شهيد وما يفوق 171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.