صحيفة الجزيرة:
2025-12-12@18:44:13 GMT

“المنجلي” بين الماضي والحاضر والمستقبل

تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT

“المنجلي” بين الماضي والحاضر والمستقبل

في عام 1904م، وتحديدًا في اليوم التالي للكريسمس، دخل مريض اسمه والتر كليمنت نويل أحد مستشفيات شيكاغو شاكيًا من ضيق في التنفس. وعند فحص فيلم الدم وُجدت “أشكال خلايا تشبه شكل الكمثرى وأخرى ممدودة”؛ فهرع طالب الامتياز والمتدرب إرنست آيرونز إلى مشرفه الدكتور جيمس هيريك، الذي أكد وجود هذه “الخلايا منجلية الشكل”.


وفي عام 1910 نشر هيريك أول ورقة بحثية تتحدث عن حالة والتر كلمنت نويل، وهي حالة أصبحت تعرف فيما بعد باسم “فقر الدم المنجلي”.
هذه الحالة كانت أول حالة في العالم يتم تشخيصها بالأنيميا المنجلية. أما في المملكة فإن أولى الحالات التي تم تشخيصها كانت بين موظفي شركة أرامكو، ولكن يجب أن نذكر أنه قبل عام 1958م لم يتم تشخيص أي حالة لفقر الدم المنجلي في منشآت أرامكو الصحية، ولا بين موظفي أرامكو، سواء السعوديون أو الأجانب. وأول تقرير تم نشره عن فقر الدم المنجلي كان في سنة 1963م، وكان بين موظفي الشركة، وذكر التقرير أن أغلب الموظفين المصابين كانوا من “واحتي” القطيف والأحساء (عندما كانتا واحتين).
وتاريخيًّا، فإن هناك فرضيتَين في تفسير انتشار فقر الدم المنجلي في دول الخليج؛ إذ يعتقد بعض العلماء أن سمة الأنيميا المنجلية ظهرت إما نتيجة طفرة جينية، حدثت بسبب طفيل الملاريا؛ إذ كانت المنطقة موبوءة بالملاريا وقتها، أو بسبب الهجرات التي كانت تحدث بين الهند ودول الخليج، وكذلك هجرات الأفارقة وجنوب المملكة. ويلاحَظ أن النوع المنتشر في المنطقة الشرقية هو النوع نفسه الموجود في شبه القارة الهندية، بينما النوع الموجود في جنوب المملكة هو النوع نفسه الموجود في إفريقيا.
ويلاحظ أن مرضى الشرقية لديهم سمة ثلاسيميا ألفا أكثر من مرضى الجنوب، كما أن مستوى الهيموجلوبين الكلي والهيموجلوبين الجنيني أعلى في مرضى الشرقية ومرضى دول الخليج؛ وهذا ما يجعل شدة المرض تبدو أخف ظاهريًّا، ويتأخر ظهور المضاعفات في مرضى الشرقية -نوعًا ما- مقارنة بمرضى مناطق جنوب الجزيرة العربية.
وعلى أية حال، فإن كلا النوعين يشترك في أغلب الأعراض والمضاعفات، وإن تفاوتت النسب بينهما من حيث الانتشار والشدة.
ومن المعروف أن فقر الدم المنجلي هو مرض يلازم المريض منذ ولادته، ويعيش معه طيلة حياته. وإضافة إلى أعراض الأنيميا، فإن الألم يعتبر السمة البارزة في مرض فقر الدم المنجلي؛ إذ يتأرجح مريض فقر الدم المنجلي بين الآلام المزمنة والآلام الحادة، كما أنه يكون عرضة للالتهابات مما ينتج عنه عدوى وتدهور في حالة المريض، وخصوصًا إذا أصيب بنوبة الصدر الحاد أو بالنوبات الدماغية، وكلتاهما يجب معالجتها على وجه السرعة وإلا تعرضت حياة المريض للخطر.
أما من ناحية العلاجات الجديدة فنبشركم بأن هناك أكثر من 30 علاجًا لا تزال تحت الدراسة، ولكن ينبغي الإشارة إلى أن أفضل العلاجات المتاحة حاليًا هو علاج الهيدروكسي يوريا، وهو علاج فعال جدًّا، وله أكثر من خمسة وعشرين عامًا يستخدم لهذا المرض. كما أن هناك ثلاثة علاجات حديثة ظهرت في السنوات الأخيرة، هي: فوكسلوتور (الاسم التجاري أوكسبيرتا Oxbryta) وإل-غلوتامين (L-gutamine والاسم التجاري إنداري Endari). ومع الأسف فإن علاج كريزنليزوماب (الاسم التجاري أداكفيوadakvio) تم إيقافه في أوروبا وكذلك في المملكة، ولكنه لا يزال يستخدم في أمريكا.
وتجدر الإشارة إلى أن كل هذه العلاجات الهدف منها السيطرة على المرض، وليس الشفاء منه.
وتبقى زراعة الخلايا الجذعية، أو زراعة نخاع العظم، هي العلاج الوحيد المعتمد للشفاء من المرض. ويفضل أن تكون الزراعة قبل عمر ستة عشر عامًا؛ لتكون النتائج أفضل، ولكن قد تتم الزراعة بعد هذا العمر، وبنتائج جيدة جدًّا.
كما أن هناك العلاج الجيني الذي يعتبر أحد العلاجات الواعدة لفقر الدم المنجلي.
وفي الحقيقة، نحن على وشك الوصول للحظة تاريخية لهذا العلاج! فبالتأكيد نحن أقرب إليه بكثير مما كنا عليه في أي وقت مضى؛ إذ كنا نسمع عن العلاج لأكثر من عقدين من السنوات، ولم نصبح أقرب إليه مثل الآن؛ فهناك أمل كبير في أن نتمكن من تقديم علاج شافٍ لـمرضى فقر الدم المنجلي قريبًا، وربما في غضون أقل من ثلاثة أشهر إن شاء الله تعالى. طبعًا إذا صدق حدسي!

عبدالله آل زايد (استشاري باطنية وأمراض دم ومدير برنامج زمالة أمراض الدم بشبكة القطيف الصحية)

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية کما أن علاج ا

إقرأ أيضاً:

رئيس قسم الأورام بالمعهد القومي: 26 ألف حالة إصابة جديدة بسرطان الرئة في مصر سنويا

أعلنت الدكتورة علا خورشيد أستاذ ورئيس أقسام طب الأورام بالمعهد القومي ورئيسة المؤسسة الدولية لأورام الصدر والرئة، أن سرطان الرئة يظل الأكثر فتكًا على الصعيد العالمي، فإنه يحتل المرتبة الرابعة بين أكثر السرطانات شيوعًا بين الرجال.

وأوضحت خورشيد أن هناك 26 ألف حالة إصابة جديدة سنويا بمصر، كما أنه يظل أكثر أنواع السرطان فتكًا في العالم، مع تسجيل أكثر من 2.4 مليون حالة جديدة في 2022 عالميا.

وأوضحت أن المؤتمر الدولي لأورام الصدر والرئة (ONTiC 2025) شهد حضوراً بارزاً لأهم 42 عالماً وخبيراً في مجال الأورام من واضعي السياسات والبروتوكولات الدوائية والعلاجية في العالم، بالإضافة إلى 1200 من أطباء وجراحي الأورام من كافة الجامعات والمستشفيات الجامعية والصحة في مصر.

وأشارت خورشيد أن المؤتمر والذى أختتمت أعماله بداية هذا الأسبوع جاء بتوصيات مهمة ووضع حجر أساس لعلاج سرطان الرئة في مصر والمنطقة، مشددة على أن التوصيات جاءت واضحة ومباشرة وتعكس مرحلة جديدة في الطب الدقيق وممارسات الرعاية المتقدمة.

مؤكدة أن الكشف المبكر أصبح ضرورة وطنية، حيث أن التصوير منخفض الجرعة قادر على اكتشاف الأورام في مراحلها الأولى وقبل ظهور الأعراض بسنوات، وهذا معناه فرص شفاء أعلى ونسب نجاة أفضل.

وأشارت إلى أن العلاج المناعي والعلاج الموجه ليسا رفاهية، بل أصبحا يمثلان تحولاً حقيقياً في السيطرة على المرض ويجب أن يكونا متاحين لكل مريض يستحقهما، إلى جانب أن التقنيات الجراحية الحديثة والجراحة الروبوتية والعلاج الإشعاعي الدقيق (SBRT) ترتقي بنتائج العلاج وتقلل الألم والمضاعفات وتسرع التعافي.

واعتبرت الخطوة الأهم للمستقبل هي السجل القومي لسرطان الرئة، الذي يمثل قاعدة بيانات وطنية شاملة ومرقمنة بالكامل ستسمح بتخطيط صحي دقيق ورصد فعلي لنتائج العلاج على مستوى الدولة. وأكدت أن هذه التوصيات ليست مجرد نقاط نظرية بل هي معايير إلزامية لبناء منظومة رعاية حديثة تحقق أفضل فرص للشفاء وتعطي المريض ما يستحقه من طب متقدم وعلاج دقيق، مشيرة إلى أن مصر لديها الكفاءات والعلم والإمكانات لتقود هذا التحول.

واختتمت بأن الفحص والكشف المبكر احتل مساحة مهمة في المناقشات بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، حيث تم استعراض الأدلة العالمية لاستخدام الأشعة المقطعية منخفضة الجرعة كأداة فعالة للحد من وفيات سرطان الرئة، بالإضافة إلى دور الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءة الأشعة وإمكانات المؤشرات الحيوية.

مقالات مشابهة

  • حلقة علمية حول المضاعفات العضلية الهيكلية لمرض فقر الدم المنجلي بولاية منح
  • الاحتلال يرفض علاج طفل بأراضي الـ48 لكونه من غزة
  • علاج سرطان الثدي .. تفاعلات دوائية وتحذيرات جديدة للمرضى
  • علاج جيني للّوكيميا يمنح المرضى أملا في الشفاء
  • إسرائيل تمنع طفلا من رام الله من تلقي علاج منقذ للحياة
  • المؤتمر الدولي لأورام الصدر : 26 ألف حالة إصابة جديدة سنويا بمصر بسرطان الرئة
  • سفارة المملكة في واشنطن تحصد جائزة أفضل معرض سفارة في مهرجان “وينترناشونال” 2025
  • رئيس قسم الأورام بالمعهد القومي: 26 ألف حالة إصابة جديدة بسرطان الرئة في مصر سنويا
  • علاج «ألفا» الجديد يُظهر نتائج واعدة لمرضى سرطان الغدة الدرقية المقاوم لليود المشع
  • “يونيسف”: آلاف أطفال غزة يتلقّون علاجًا من سوء التغذية الحاد