علاج سرطان الثدي .. تفاعلات دوائية وتحذيرات جديدة للمرضى
تاريخ النشر: 11th, December 2025 GMT
سرطان الثدي .. تشير المعطيات الطبية الحديثة إلى أهمية الانتباه للتداخلات الدوائية التي قد تؤثر على فعالية العلاجات المستخدمة في مكافحة سرطان الثدي، وهو ما دفع المختصين في مجال الصيدلة والطب إلى تحذير المرضى من استخدام بعض الأدوية الشائعة أثناء خضوعهم للعلاج.
ونشر موقع أبونيت.دي، وهو البوابة الرسمية للصيادلة الألمان، تنبيهات جديدة بشأن مخاطر عدد من العقاقير المنتشرة التي قد تؤثر على نتائج علاج سرطان الثدي لدى بعض المريضات، محذرًا من إهمال متابعتها مع الأطباء المختصين.
واقرأ أيضًا:
تأتي هذه التحذيرات في وقت يشهد فيه المجال الطبي اهتماما متزايدا بالمتابعة الدقيقة لحالات السرطان، خاصة تلك التي تتطلب استخدام أدوية ذات حساسية عالية تجاه التفاعلات الكيميائية داخل الجسم.
وأكد الموقع أن بعض الأدوية، وعلى رأسها العقاقير المثبطة لإنتاج حمض المعدة التي تعرف باسم مثبطات مضخة البروتون، قد تُظهر تأثيرات سلبية واضحة على العلاج، ما يستدعي الاستشارة الطبية قبل الاستمرار في تناولها.
يرى الصيادلة والأطباء أن هذه التداخلات ليست بسيطة كما يعتقد البعض، إذ يرجح الخبراء أن السبب وراء تأثير مثبطات حموضة المعدة يكمن في قدرتها على تغيير توازن الميكروبات المعوية. وتتمتع هذه الميكروبات بأهمية بالغة لدعم الجهاز المناعي، وهو ما يجعل الحفاظ على توازنها أمرًا ضروريًا للمريضات خلال فترة العلاج.
وتظهر التقديرات الطبية أن هذه التغيرات قد تقلل من قدرة الجسم على الاستجابة الفعالة لأدوية سرطان الثدي، الأمر الذي قد ينعكس على نتائج العلاج.
ولا يقتصر تأثير مثبطات مضخة البروتون على الميكروبات المعوية فقط، بل تشير التحليلات الطبية إلى احتمال أن تتسبب هذه الأدوية في تقليل مستوى امتصاص بعض أنواع الأدوية المخصصة لعلاج سرطان الثدي.
ويعد هذا الأمر من العوامل التي تستدعي مراقبة دقيقة، لأن انخفاض الامتصاص قد يؤدي إلى ضعف التأثير العلاجي للعقاقير الأساسية التي تعتمد عليها المريضات في مواجهة المرض.
كما امتدت التحذيرات لتشمل مجموعة من الأدوية الأخرى المستخدمة بشكل واسع في علاج ارتفاع ضغط الدم.
وتشمل هذه المجموعة حاصرات بيتا، ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، إلى جانب حاصرات قنوات الكالسيوم، وهي أدوية يصفها الأطباء عادة لملايين المرضى حول العالم.
وأوضح الموقع أن هذه العقاقير قد ترفع من مخاطر بعض الآثار الجانبية الخطيرة التي تنتج عن علاج سرطان الثدي، ما يجعل تناولها من دون استشارة الطبيب خطرا قد لا يكون ظاهرا للمريضات، لكنه مؤثر على المدى القريب والبعيد.
وتشير المصادر الطبية إلى أن حجم التأثيرات الناتجة عن تناول هذه الأدوية يرتبط بعدة عوامل، من بينها طبيعة الخلايا السرطانية نفسها.
وتنعكس الخصائص النوعية لخلايا سرطان الثدي على كيفية تفاعل الجسم مع الأدوية المختلفة، ما يجعل من الضروري الاعتماد على تقييم متخصص قبل اتخاذ أي قرار دوائي.
وتبرز هنا أهمية الدور الذي يلعبه الأطباء والصيادلة في تقديم الاستشارات الدقيقة التي تتماشى مع حالة كل مريضة.
ويشدد الخبراء على ضرورة الامتناع عن تناول أي دواء إضافي أثناء العلاج دون الرجوع إلى الطبيب المعالج، إذ إن التداخلات الدوائية قد لا تظهر أعراضها فورا، لكنها تؤثر على فاعلية العلاج بشكل تدريجي.
وتوصي الهيئات الصحية المرضى بضرورة إبلاغ الطبيب بجميع الأدوية التي يتناولونها، سواء كانت وصفية أو دون وصفة، وهو ما يفتح المجال للتقييم السليم ويضمن أكبر قدر ممكن من الأمان خلال فترة العلاج.
ويؤكد المتخصصون أن خطوة الوعي بالتداخلات الدوائية تمثل إحدى أهم الأدوات التي تعزز فرص نجاح علاج سرطان الثدي.
كما يعد الالتزام بتوصيات الأطباء، ومتابعة الحالة بدقة، وتجنب تناول أي دواء دون مراجعة المختصين، من الأسس التي قد تصنع فارقا حقيقيا في رحلة العلاج.
ويرى الأطباء أن التعامل مع سرطان الثدي لم يعد يعتمد فقط على العلاج الدوائي، بل يشمل منظومة شاملة من المتابعة المستمرة والتوازن الدقيق بين جميع الأدوية التي تتناولها المريضة، بما في ذلك العقاقير الشائعة التي قد تبدو غير مؤثرة للوهلة الأولى لكنها تحمل تأثيرات حقيقية على العلاج.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سرطان الثدي علاج سرطان الثدي تفاعلات الأدوية مثبطات مضخة البروتون أدوية ضغط الدم الآثار الجانبية للعلاج الميكروبات المعوية علاج الأورام علاج سرطان الثدی التی قد
إقرأ أيضاً:
علاج جيني للّوكيميا يمنح المرضى أملا في الشفاء
قال الأطباء إن علاجا كان يُنظر إليه في السابق بوصفه ضرباً من الخيال العلمي تمكن من عكس مسار سرطانات دم عدوانية وغير قابلة للشفاء لدى بعض المرضى، بعد أن اعتمد على تعديل الحمض النووي داخل خلايا الدم البيضاء بدقة لتحويلها إلى "دواء حي" قادر على مهاجمة السرطان والقضاء عليه.
وأوضحت شبكة "بي بي سي" في تقرير أن الطفلة التي حصلت على هذا العلاج ونشرت قصتها عام 2022 ما تزال خالية من المرض حتى اليوم، وبدأت تخطط لأن تصبح عالمة في أبحاث السرطان.
وتلقى ثمانية أطفال وشخصان بالغان يعانون ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد من نوع T-cell العلاج ذاته، ودخل نحو 64 في المئة منهم في مرحلة السكون.
وتعد الخلايا التائية الحارس الطبيعي للجسم، إذ تبحث عن التهديدات وتقضي عليها، لكنها في هذا النوع من اللوكيميا تنمو بلا سيطرة.
وفشل العلاج الكيميائي وزراعة نخاع العظم مع جميع المرضى المشاركين في التجربة، ولم يكن هناك خيار طبي آخر سوى محاولة تخفيف معاناتهم قبل الوفاة.
وقالت أليسا تابلي (16 عاما) من ليستر: "كنت أعتقد حقاً أنني سأموت، وأنني لن أحصل على فرصة لأن أكبر وأفعل الأشياء التي يستحق كل طفل أن يفعلها".
وكانت أليسا أول شخص في العالم يتلقى هذا العلاج في مستشفى غريت أورموند ستريت، وهي الآن تستمتع بحياتها. وقد استلزم العلاج الثوري الذي خضعت له قبل ثلاث سنوات القضاء تماما على جهازها المناعي القديم، ثم بناء جهاز مناعي جديد من الصفر، ما أجبرها على قضاء أربعة أشهر في المستشفى ومنعها من رؤية شقيقها خشية انتقال أي عدوى إليها.
وبات السرطان غير قابل للكشف لدى أليسا، ولم تعد تحتاج سوى إلى فحوصات سنوية.
وتواصل دراسة امتحانات A-levels وتشارك في برنامج دوق إدنبرة، وتفكر في أخذ دروس للقيادة وتضع خططاً لمستقبلها. وقالت: "أفكر في الالتحاق بتدريب مهني في العلوم البيوميدانية، وآمل في يوم من الأيام أن أعمل أيضاً في أبحاث سرطان الدم".
واستخدم الفريق في جامعة كلية لندن ومستشفى غريت أورموند ستريت تقنية تُعرف بتحرير القواعد الجينية.
وتشكل القواعد الأربع في الحمض النووي الأدينين (A) والسيتوسين (C) والغوانين (G) والثايمين (T) لغة الحياة الأساسية، تتكون الكلمات من حروف، تُبنى التعليمات البيولوجية داخل جسم الإنسان من مليارات القواعد في الحمض النووي.
وتسمح تقنية تحرير القواعد للعلماء بالوصول إلى موقع محدد بدقة داخل الشفرة الوراثية وتعديل قاعدة واحدة فقط وتحويلها من نوع إلى آخر، بما يؤدي إلى إعادة كتابة التعليمات داخل الخلية.
وسعى الباحثون إلى الاستفادة من قدرة الخلايا التائية الصحية على البحث عن التهديدات وتدميرها وتوجيه هذه القدرة نحو اللوكيميا الليمفاوية الحادة من نوع الخلايا التائية. وكانت المهمة معقدة للغاية، إذ توجب عليهم هندسة الخلايا التائية الجيدة لتتعرف على الخلايا التائية السرطانية وتقضي عليها من دون أن يُدمّر العلاج ذاته.
وبدأ الباحثون بخلايا تائية سليمة مأخوذة من متبرع، ثم شرعوا في تعديلها وراثيا.
وشمل التعديل الأول تعطيل آلية الاستهداف لدى الخلايا التائية حتى لا تهاجم جسم المريض، بينما اقتضى التعديل الثاني إزالة العلامة الكيميائية CD7 الموجودة على جميع الخلايا التائية لمنع العلاج من مهاجمة نفسه. أما التعديل الثالث فجاء بمثابة "عباءة إخفاء" لحماية الخلايا المعدلة من القتل بواسطة أحد العقاقير الكيميائية.
وفي المرحلة الأخيرة، تمت برمجة الخلايا التائية لتبحث عن أي خلية تحمل علامة CD7 وتهاجمها، ما يسمح لها بتدمير أي خلية تائية سواء كانت سليمة أو سرطانية، مع بقائها محصّنة ضد استهداف ذاتها. ويُعطى العلاج عبر حقنة، وإذا لم يُرصد السرطان بعد أربعة أسابيع يخضع المرضى لزرع نخاع عظمي لإعادة بناء جهازهم المناعي.
وقال البروفيسور وسيم قاسم من جامعة كلية لندن ومستشفى غريت أورموند ستريت إن ما يحدث الآن كان يُعدّ قبل سنوات قليلة "مجرد خيال علمي"، مضيفاً أن العلاج يعتمد على تفكيك الجهاز المناعي بالكامل، وأنه علاج عميق ومكثف ويتطلب الكثير من المرضى، لكنه عندما ينجح تكون نتائجه "مذهلة".
ونُشرت نتائج العلاج في مجلة "نيو إنغلاند" الطبية وشملت أول 11 مريضاً تلقوه في مستشفى غريت أورموند ستريت ومستشفى كينغز كوليدج، وأظهرت أن تسعة منهم وصلوا إلى هدأة عميقة مكّنتهم من الخضوع لزرع نخاع عظمي، ولا يزال سبعة مرضى خالين من المرض منذ ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات بعد العلاج.
وتعد العدوى من أكبر مخاطر العلاج، إذ يُمحى الجهاز المناعي مؤقتاً، وفي حالتين فقد السرطان علامة CD7 ما سمح له بالاختباء والعودة.
وبدوره، قال الدكتور روبرت كييزا من قسم زرع نخاع العظم في غريت أورموند ستريت إن هذه النتائج "لافتة للغاية" بالنظر إلى عدوانية هذا النوع من اللوكيميا، وإنه سعيد بأن المرضى "استعادوا الأمل بعد أن فقدوه".
وقالت الدكتورة ديبورا يالوب من مستشفى كينغز إن الفريق شهد "استجابات مدهشة" في القضاء على لوكيميا كانت تبدو غير قابلة للشفاء، وإن هذا النهج "قوي للغاية".
من جانبها، علقت الدكتورة تانيا ديكستر من مؤسسة "أنثوني نولان" للتبرع بالخلايا الجذعية بأن المرضى كانت فرص بقائهم "منخفضة للغاية" قبل التجربة، وأن النتائج تمنح الأمل في استمرار هذا النوع من العلاجات وتوسيع إتاحته لعدد أكبر من المرضى.