حوار قطر الوطني.. الدوحة تتنقل باستدامة وفرص للريادة في الطيران
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
الدوحة – اختتمت فعاليات النسخة الثالثة من حوار قطر الوطني حول تغير المناخ اليوم الاثنين، والذي استمر ليومين بتنظيم وزارة البيئة والتغير المناخي بالتعاون مع مركز "إرثنا" عضو مؤسسة قطر، وذلك في نقاشات حول مستقبل النقل والطيران المستدامين في الدوحة وتقليل انبعاثات الكربون.
وتتحول قطر نحو النقل المستدام عبر استثمارها في البنية التحتية، وتعزيز استخدام وسائل النقل بالطاقة البديلة، إذ أشار الخبير في السيارات الكهربائية خليفة بن علي آل ثاني -في كلمته خلال الحوار- إلى أن استخدام هذا النوع من وسائل النقل يزداد في الدوحة.
وكانت مبادرة السيارات الصديقة للبيئة انطلقت في قطر عام 2017 بالتعاون بين وزارات الطاقة والمواصلات والبيئة، تحقيقا لروية قطر 2030 بالاستدامة والحفاظ على البيئة.
وقال علي آل ثاني إنه رغم انتشار محطات شحن السيارات الكهربائية في الدوحة، فإن هناك حاجة ماسة لتوسيع استخدام هذا النوع من السيارات بأنحاء قطر كافة وليس العاصمة فحسب، مبينا أن هذا الجهد يجب أن يترافق مع التوعية حول الأثر الإيجابي لهذه السيارات على البيئة ومقدار خفضها انبعاثات الكربون، باعتبار أن عامة الناس لا يعرفون الكثير عنها مما يجعلهم قلقين من استعمالها.
وتحاول قطر تقليل انبعاثات الكربون في قطاع النقل عبر دعم المواصلات العامة، إذ افتتحت عام 2019 شبكة قطارات سريعة (مترو) تربط بعض مدن الدولة ببعضها بعضا، بالإضافة إلى إطلاقها شبكة حافلات عامة مجانية تعمل بالطاقة الهجينة، التي تستخدم البطارية الكهربائية إلى جانب الوقود الأحفوري.
وصرّح مدير المشاريع في شركة مواصلات "كروة" محمد أبو خديجة للجزيرة نت بأن 80% من حافلات النقل العامة لديهم تعمل بالطاقة الكهربائية لخفض انبعاثات الكربون، مضيفا أن 90% من سيارات الأجرة التي يستطيع الأفراد طلبها عبر تطبيقهم تعمل بالطاقة الهجينة.
كما تستخدم شركة "كروة" الوقود الصديق للبيئة "يورو فايف" (Euro 5) الخالي من المادة الكبريتية -التي تسبب الانبعاثات الضارة الناجمة عن عملية الاحتراق- في حافلات نقل طلاب المدارس بغرض التحول نحو نقل أخضر قدر المستطاع، بحسب أبو خديجة.
وشدد أبو خديجة على أنه لا تزال هناك ضرورة لزيادة التوعية باستخدام النقل العام مثل الحافلات والقطارات، مردفا أنهم يعملون مع طلاب المدارس لزيادة التوعية حول خيارات النقل الصديق للبيئة.
تنطلق فعاليات اليوم بجلسة حوارية بعنوان "السماء والطريق: مستقبل النقل" تجمع بين خبير المركبات الكهربائية @kalthani ومحلل الطيران @AlexInAir للحديث عن الطفرة التي تشهدها صناعتا الطيران والسيارات بفضل الاعتماد على الكهرباء. #حوار_قطر_الوطني_حول_تغير_المناخ_2023 pic.twitter.com/F8UVRgJtWY
— Earthna (@earthnaqa) October 16, 2023
طيران نظيفوتطمح قطر في التوسع في النقل الأخضر والمستدام نحو عالم الطيران، إذ قال أليكس ماتشيراس للجزيرة نت -على هامش مشاركته في الحوار الوطني- إن الدوحة تعد محورا رئيسيا في الطيران الدولي متمثلةً بشركتها الوطنية للطيران.
وأضاف ماتشيراس أن الخطوط الجوية القطرية استثمرت منذ بداياتها في الطائرات الصديقة للبيئة، لذلك يعد مشهد الاستدامة في الطيران القطري أكثر متانة من غيره، موضحا أن الدوحة لديها فرصة عالية للوصول إلى طيران نظيف في السنوات القادمة باعتبارها تملك الأدوات الكافية لذلك.
ففي حين لم تحدد بعد الدول الأخرى ما إذا كانت الكلفة المرتفعة للطيران النظيف ستُلقى على الحكومات أو شركات الطيران أو شركات الطاقة أو المسافرين، تستطيع قطر بمواردها وتصميمها على أهدافها أن تحقق ما لم يحققه غيرها إلى الآن، لا سيما أنها رائدة في مجال الطيران، وفقا لماتشيراس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: انبعاثات الکربون
إقرأ أيضاً:
عندما يقصى الضحايا.. لا معنى لأي حوار في ليبيا
منذ ما يقارب عقدا من الزمان، وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا ومعها ما يسمى بالمجتمع الدولي يدوران في الحلقة المفرغة نفسها: حوار بعد آخر، و"مسار جديد" يليه "مسار جديد"، يتنطّطون من دولة إلى أخرى، وكأن المشكلة في مكان انعقاد الحوار لا في طبيعة من يتحاورون. نسمع الوعود نفسها عن "بر الأمان" و"الخروج من النفق المظلم"، لكننا لم نر يوما بصيص الضوء الذي يتحدثون عنه. ما نراه فعليا هو إعادة تدوير للإخفاقات، وتلميع للواجهات نفسها التي جرّبناها في السابق.
صوت الضحايا والمجتمعات المتضررة والمجتمع المدني ظل الغائب الأكبر. ليس غيابا عفويا بل إقصاءً متعمدا. في كل ما يطلقون عليه المسارات السياسية، من الصخيرات إلى جنيف إلى تونس وبرلين وصولا إلى ما يسمى اليوم بالحوار المهيكل، يغيب الضحايا عن الطاولة؛ لا كراسي لممثليهم، والأطراف التي يتم إقحامها لا تحمل قضاياهم وهمومهم، بل تحمل قدرتها على فرض نفسها بقوة السلاح أو المال أو النفوذ الجهوي أو القبلي أو حتى الديني.
صوت الضحايا والمجتمعات المتضررة والمجتمع المدني ظل الغائب الأكبر. ليس غيابا عفويا بل إقصاءً متعمدا
البعثة الأممية تتحمل مسؤولية هذا النهج، فهي تعيد تدوير الشخصيات ذاتها في كل مرة، وتتعامل مع قضايا الضحايا ومطالبهم في المحاسبة والعدالة والانتصاف وكأنها زينة تُحشى في ذيل البيان؛ فقرة إنشائية عن حقوق الإنسان، وفقرة عن المساءلة والعدالة الانتقالية، ثم يعود كل شيء إلى أدراج النسيان. كم مرة سقطت حقوق الضحايا من الأولويات؟ كم مرة اختُزلت معاناة آلاف الضحايا في جملة منمقة أو سطر فضفاض لا يساوي شيئا في واقعهم المؤلم؟
كثير ممن قدمتهم البعثة في الحوارات السابقة (وهم قلة) تحت صفات نشطاء أو ممثلين عن المجتمع المدني والحقوقي لا علاقة لهم بالمدنية، ولا يدركون معاناة الضحايا، ولا يعرفون مطالبهم، ومفصولون تماما عن المجتمعات المتضررة. بعضهم طرف في المشكلة أصلا، أو مستفيد من استمرار الوضع، والبقية بلا أي تاريخ أو خبرة حقيقية في العمل المدني أو أساسيات حقوق الإنسان أو تواصل مع الناجين وعائلاتهم. ورأينا في جولات الحوارات السابقة كيف تحوّل بعضهم إلى مستشارين لمتهمين بجرائم حرب، وكيف حركهم الجشع والمصالح الشخصية حتى وصل بهم الحال إلى عقد الصفقات من تحت الطاولات وقبض الرشاوى بالآلاف المؤلفة من الدولارات.
المشكلة أن أحدا لا يعرف كيف تختار البعثة المتحاورين، ولا من يقوم بترشيحهم، ولا ما هي المعايير او تعريفها للتمثيل في ظل غياب أدنى معايير الشفافية. ما نراه هو أن من يملك السلاح يدخل، ومن يملك السلطة أو المال يفرض نفسه، أما من يملك الحق فلا يجد مقعدا.
أي مسار لا يمنح الضحايا والمدافعين عنهم مكانا حقيقيا وصوتا مسموعا سيعيد إنتاج الفشل نفسه، سيعيد تدوير الأزمة وإطالة أمدها وربما تعقيدها بدل حلها. ليبيا لن تخرج من النفق طالما يُدار الحوار بمنطق الصفقات لا بمنطق العدالة
هنا يطرح السؤال نفسه: من يملك حق التحدث باسم الضحايا؟ الجواب بسيط وواضح: الضحايا أنفسهم، والناجون، والمدافعون الذين يناضلون ويعملون يوميا رغم القمع والتهديد، ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة التي تدفع الثمن وتقف إلى جانب المجتمعات المتضررة؛ ليس السياسيون، ولا الوسطاء أصحاب ربطات العنق الحمراء، ولا أي شخصية تُفرض من فوق من أحد الممسكين بخيوط الدمى المتصارعة.
ما يهم الضحايا ليست تقاسم المناصب، ولا توزيع الكعكة بين الشرق والغرب، ولا بين عائلة حفتر والدبيبة، ولا بين الإسلاميين وغيرهم. الضحايا لا يبحثون عن حصص ولا عن نفوذ ولا عن امتيازات؛ مطالبهم واضحة وبسيطة: العدالة، ومحاسبة المجرمين، وضمان ألا يظهر المتورطون في الجرائم داخل أي حوار أو تسويات سياسية، واتخاذ خطوات جدية لمنع تكرار الانتهاكات، وإنهاء عهد الإفلات من العقاب. هذا هو جوهر القضية الذي يُقصى عمدا، لأن حضوره يربك حسابات تجار الصفقات.
من وجهة نظري كمدافع عن حقوق الإنسان وناشط سياسي وسجين رأي سابق ومقيم في المنفى الإجباري منذ عقد من الزمان؛ أن أي حوار جرى أو سيجري في ليبيا يفقد شرعيته حين يغيب عنه الضحايا. على الأقل يجب أن يكونوا موجودين وممثلين كمراقبين، حتى لو لم يكونوا طرفا في الأزمة السياسية أو جزءا من الصراع القائم، من حقهم أن تكون مطالبهم جزءا من الحل. نحن لا نمثل مليشيا ولا كتلة نفوذ ولا سلطة أمر واقع، لكننا نمثل ما تبقى من حق المجتمعات المتضررة في أن تُسمع معاناتهم ومطالبهم قبل صياغة أي تسوية أو اتفاقات جديدة.
لهذا أقول بوضوح: أي مسار لا يمنح الضحايا والمدافعين عنهم مكانا حقيقيا وصوتا مسموعا سيعيد إنتاج الفشل نفسه، سيعيد تدوير الأزمة وإطالة أمدها وربما تعقيدها بدل حلها. ليبيا لن تخرج من النفق طالما يُدار الحوار بمنطق الصفقات لا بمنطق العدالة.