جريدة الوطن:
2025-05-31@04:04:04 GMT

خيارات «إسرائيل» ما بعد الحدث الأخير

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

خيارات «إسرائيل» ما بعد الحدث الأخير

كان من المُتوقَّع بعد صدمة العمليَّة الفدائيَّة الفلسطينيَّة الأخيرة التي انطلقت من قِطاع غزَّة في الصَّباح الباكر من يوم السبت السَّابع من تشرين أول/اكتوبر 2023، أن يحاولَ رئيس وزراء حكومة الاحتلال الفاشيَّة ومعه أقطاب حكومته، بنيامين نتنياهو استعادة توازن المؤسَّسة العسكريَّة والسِّياسيَّة، التي مُنِيت بهزيمة نكراء وفق كُلِّ المقاييس فأعطى إشاراته عَبْرَ وزراء (الكابينيت) ووزير الحرب الجنرال (يواف جالانت) للبدء بعمليَّات القصف الجوِّي التي طالت المَدنيِّين والبنى التحتيَّة بشكلٍ رئيس وغير مسبوق من ناحية استخدام الطيران الحرب (اف 35) وإلقاء الحمم التي زادت بمفعولها الانفجاري عن قنبلة هيروشيما التي أطلقتها الولايات المُتَّحدة على المدينة اليابانيَّة إيَّاها نهاية الحرب العالَميَّة الثانية.


فالدَّعوات بدأت داخل تكتُّل نتنياهو الحكومي وداخل حزبه حزب الليكود تحثُّه على القيام بعمليَّة عسكريَّة نَوْعيَّة ضدَّ عموم الفلسطينيِّين بالقِطاع وصولًا إلى أنحاء الضفَّة الغربيَّة، بَيْنَما طالب العدد القليل من الأصوات بالتريُّث والاستعداد جيِّدًا ثمَّ احتلال قِطاع غزَّة، لكنَّ هذا، وحسب مصادر الاحتلال، يتطلَّب حربًا طويلة ترافقها خسائر فادحة، فالمقاومة الفلسطينيَّة محصَّنة ومسلَّحة ومدرَّبة جيِّدًا، إضافة إلى أنَّ الحالة المعنويَّة التي تعيشها المُقاومة والهدف الذي تُقاتل لأجْله، مُختلف تمامًا وبصورة جذريَّة عن الهدف الذي يُقاتل لأجْله «الإسرائيليّون» حكومةً وعامَّة.
من هنا، إنَّ احتمال القيام بعمليَّة اجتياح بريَّة لقِطاع غزَّة واسعة، هو احتمال وارد بحدود لا بأس بها، ولكنَّه ليس مُؤكَّدًا خشية من أسبابٍ مُجتمعة وفي مقدِّمتها أنَّ «إسرائيل» تخشى الدخول إلى «عشِّ الدبابير» في القِطاع ووقوع جنودها بَيْنَ شبَّان مقاتلين أشدَّاء، لا يهابون الموت إطلاقًا. بل توغُّلات محدودة فقط، مع محاولة تقسيم القِطاع إلى ثلاث مناطق عَبْرَ تقطيعه بالنيران.
فالتقديرات السَّائدة «إسرائيليًّا» تُشير إلى أنَّ المقاومة الفلسطينيَّة بكُلِّ تشكيلاتها المقاتلة (كتائب القسام + كتائب شهداء الأقصى + سرايا القدس + ألوية الناصر صلاح الدين + كتائب الشهيد أبو علي مصطفى …) في قِطاع غزَّة، ما كانت لتُقدِم على عمليَّة فدائيَّة كهذه من دُونِ تنسيقٍ مُسبق مع حلفائها. وهو ما قَدْ يضَعُ «إسرائيل» حال اجتياح القِطاع برِّيًّا أمام المرحلة الأصعب بحربٍ مُتعدِّدة الجبهات وتشمل جبهتَيْ غزَّة والضفَّة الغربيَّة، بالإضافة إلى جبهة جنوب لبنان كاحتمال وارد جدًّا.
وعَلَيْه، احتلال القِطاع برًّا يعني خسائر كبيرة في صفوف جنود الاحتلال، ورغم وقوع خسائر متوقَّعة في صفوف المقاومة الفلسطينيَّة وعموم المواطنين المَدنيِّين، إلَّا أنَّ المقاومة الفلسطينيَّة ستكُونُ مستعدَّة ومتوقِّعة ردَّ الفعل الأعنف والأطول، وسوف تُطيل أمَدَ الحرب وتكلفتها البَشَريَّة. وعِندها لَنْ يستطيعَ «الجيش الإسرائيليّ» حسْمَ حرب عصابات بسرعة كما اعتاد وفق فلسفته وعقيدته القتاليَّة بحروبه الخاطفة.
وفي حسابات الاحتلال، فإنَّ «الأسرى الإسرائيليِّين» بِيَدِ قوى المقاومة في القِطاع قَدْ يفرضون قيودًا على أيِّ عمليَّة برِّيَّة، فيما الأسئلة تَدُور الآن داخل (الكابينيت) حَوْلَ نجاعة القيام بعمليَّة برِّيَّة ضدَّ القِطاع، واجتياحه، إلَّا أنَّه مشروط بأهداف قابلة للتنفيذ، وإلَّا سيرتدُّ بنتائجه على كيان الاحتلال.
إنَّ التلويح باجتياح قِطاع غزَّة برِّيًّا ـ إن وقع ـ فسيكُونُ كما أوردنا أعلاه ضِمْن نطاقات ضيِّقة مع تقطيع لجغرافيَّة القِطاع بالنيران، وقَدْ يكُونُ التلويح بالعمليَّة البرِّيَّة الواسعة لترهيب المقاومة الفلسطينيَّة والفلسطينيِّين عمومًا، وقَدْ دفعت قيادة جيش الاحتلال بفِرقِ عسكريَّة أربع إلى المناطق المُحيطة بالقِطاع، ليس من أجْلِ الدِّفاع عن غلاف غزَّة والمستعمرات المُحيطة التي دخل إليها المقاتلون الفلسطينيون، وإنَّما كَيْ تنضمَّ إلى عمليَّة برِّيَّة حال أُعطيَتِ الإشارة بتنفيذها لجيش الاحتلال وفق ما أوردناه من توغُّلات محدودة.

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینی ة الفلسطینی الق طاع

إقرأ أيضاً:

حنا: الحرب وصلت لمداها الأقصى ونتنياهو فشل بتحقيق مكاسب سياسية

لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- عاجزا عن تحويل المنجزات العسكرية إلى مكتسبات سياسية في قطاع غزة رغم أن الحرب وصلت لمداها الأقصى، كما يقول الخبير العسكري العميد إلياس حنا.

وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، تحدث نتنياهو أمام الكنيست عما وصفها بالإنجازات الكبيرة التي حققتها حكومته بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وذلك خلال جلسة برلمانية صاخبة، وجه له فيها نواب المعارضة اتهامات واستهجانا.

وزعم نتنياهو بأن إسرائيل غيرت وجه الشرق الأوسط، وحققت إنجازات على عدة جبهات لم تتحقق منذ قيام إسرائيل، سواء على جبهة غزة أو لبنان أو سوريا، أو غيرها من الجبهات.

لكن حنا قال -في تحليل على قناة الجزيرة- إن هذا الكلام غير صحيح، لأن إسرائيل لم تقض على المقاومة في غزة بشكل كامل ولا أجبرتها على تسليم سلاحها فضلا عن أنها لم تغير وجه المنطقة كما يزعم نتنياهو.

كما أن النصر يقاس بتحقيق الأهداف السياسية التي من أجلها قامت الحرب، وهو ما لم يحققه نتنياهو في غزة رغم تدمير القطاع وقتل عشرات آلاف المدنيين.

ولا يمكن لنتنياهو القول إنه قضى على المقاومة الفلسطينية، وفق حنا الذي أكد أن الوضع الجغرافي في غزة مختلف تماما عنه في سوريا ولبنان، وأن إسرائيل استنفدت كافة الطرق العسكرية (إنزال، حسم، درع)، خلال العامين الماضيين.

إعلان

فقد نفذ جيش الاحتلال إنزالا مباشرا في بداية العمليات، ثم مارس ردعا عقابيا للسكان وليس للمقاومة ومع ذلك لم يتمكن من الحسم بعد 20 شهرا من القتال تجاوزت خلالها الحرب لنقطتها القصوى، برأي حنا.

ومع تجاوز الحرب نهايتها تصبح نتائجها سلبية على الجيش المهاجم، وهو ما يتجلى -حسب حنا- في الرفض الشعبي والسياسي الإسرائيلي المتزايد لمواصلة العمليات في غزة بعدما أدركوا أنها تجري لخدمة مصالح نتنياهو السياسية.

وقال الخبير العسكري إن المقاومة في غزة خلقت امتدادا عموديا من خلال بناء الأنفاق تحت الأرض بعضها يستخدم لحماية القادة وبعضها يستخدم لشن هجمات خاطفة، مما يعني أنها مختلفة تماما عن أنفاق فيتنام التي كانت تستخدم للدفاع فقط.

لذلك، فإن حرب الأنفاق التي تخوضها المقاومة في غزة أصبحت تدرس من جانب بعض الدول بما فيها إسرائيل لفهم طبيعة التعامل معها، كما يقول حنا.

عمليات للمقاومة

وبثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم الأربعاء مشاهد من استهداف قوات وآليات إسرائيلية في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة. وأوضحت -في بيان- أنها تأتي ضمن سلسلة عمليات سمتها "حجارة داود".

وتضمنت المشاهد استهداف دبابة من طراز "ميركافا" بقذيفة "الياسين 105" المضادة للدروع، واشتعال النيران داخل الآلية بعد استهدافها. كما أظهرت استهداف قوة إسرائيلية داخل أحد المنازل بقذيفة مضادة للأفراد.

وقبل يومين، أعلنت القسام -في بيان- استهداف دبابتين إسرائيليتين بقذائف "الياسين 105″، مما أدى لاشتعال النيران في إحدى الآليات بمنطقة أصلان في بيت لاهيا في 24 مايو/أيار الجاري.

واستهدف مقاتلو القسام -وفق البيان- قوة إسرائيلية تحصنت داخل أحد المنازل بقذيفة مضادة للأفراد بمنطقة القرعة الخامسة في بيت لاهيا.

مقالات مشابهة

  • مسؤول عسكري إسرائيلي سابق يتهم نتنياهو بتوريط إسرائيل في مأزق غزة
  • ما خيارات حماس والفصائل الفلسطينية أمام مقترح ويتكوف الأخير؟
  • موقع عبري: مقترح ويتكوف الجديد يستجيب لمعظم طلبات إسرائيل ولا يضمن نهاية الحرب 
  • الأردن: إسرائيل تمعن في التعدي على حق الشعب الفلسطيني
  • أولمرت .. غزة أرض فلسطينية و”إسرائيل” ترتكب جرائم حرب
  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • حنا: الحرب وصلت لمداها الأقصى ونتنياهو فشل بتحقيق مكاسب سياسية
  • خبير إسرائيلي: 3 خيارات لمواجهة الحوثيين.. أحدها إيقاف الحرب في غزة
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • كيف يعزّز فشل إسرائيل العسكري في غزة من مكاسب حماس الاستراتيجية والدولية؟