خيارات «إسرائيل» ما بعد الحدث الأخير
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
كان من المُتوقَّع بعد صدمة العمليَّة الفدائيَّة الفلسطينيَّة الأخيرة التي انطلقت من قِطاع غزَّة في الصَّباح الباكر من يوم السبت السَّابع من تشرين أول/اكتوبر 2023، أن يحاولَ رئيس وزراء حكومة الاحتلال الفاشيَّة ومعه أقطاب حكومته، بنيامين نتنياهو استعادة توازن المؤسَّسة العسكريَّة والسِّياسيَّة، التي مُنِيت بهزيمة نكراء وفق كُلِّ المقاييس فأعطى إشاراته عَبْرَ وزراء (الكابينيت) ووزير الحرب الجنرال (يواف جالانت) للبدء بعمليَّات القصف الجوِّي التي طالت المَدنيِّين والبنى التحتيَّة بشكلٍ رئيس وغير مسبوق من ناحية استخدام الطيران الحرب (اف 35) وإلقاء الحمم التي زادت بمفعولها الانفجاري عن قنبلة هيروشيما التي أطلقتها الولايات المُتَّحدة على المدينة اليابانيَّة إيَّاها نهاية الحرب العالَميَّة الثانية.
فالدَّعوات بدأت داخل تكتُّل نتنياهو الحكومي وداخل حزبه حزب الليكود تحثُّه على القيام بعمليَّة عسكريَّة نَوْعيَّة ضدَّ عموم الفلسطينيِّين بالقِطاع وصولًا إلى أنحاء الضفَّة الغربيَّة، بَيْنَما طالب العدد القليل من الأصوات بالتريُّث والاستعداد جيِّدًا ثمَّ احتلال قِطاع غزَّة، لكنَّ هذا، وحسب مصادر الاحتلال، يتطلَّب حربًا طويلة ترافقها خسائر فادحة، فالمقاومة الفلسطينيَّة محصَّنة ومسلَّحة ومدرَّبة جيِّدًا، إضافة إلى أنَّ الحالة المعنويَّة التي تعيشها المُقاومة والهدف الذي تُقاتل لأجْله، مُختلف تمامًا وبصورة جذريَّة عن الهدف الذي يُقاتل لأجْله «الإسرائيليّون» حكومةً وعامَّة.
من هنا، إنَّ احتمال القيام بعمليَّة اجتياح بريَّة لقِطاع غزَّة واسعة، هو احتمال وارد بحدود لا بأس بها، ولكنَّه ليس مُؤكَّدًا خشية من أسبابٍ مُجتمعة وفي مقدِّمتها أنَّ «إسرائيل» تخشى الدخول إلى «عشِّ الدبابير» في القِطاع ووقوع جنودها بَيْنَ شبَّان مقاتلين أشدَّاء، لا يهابون الموت إطلاقًا. بل توغُّلات محدودة فقط، مع محاولة تقسيم القِطاع إلى ثلاث مناطق عَبْرَ تقطيعه بالنيران.
فالتقديرات السَّائدة «إسرائيليًّا» تُشير إلى أنَّ المقاومة الفلسطينيَّة بكُلِّ تشكيلاتها المقاتلة (كتائب القسام + كتائب شهداء الأقصى + سرايا القدس + ألوية الناصر صلاح الدين + كتائب الشهيد أبو علي مصطفى …) في قِطاع غزَّة، ما كانت لتُقدِم على عمليَّة فدائيَّة كهذه من دُونِ تنسيقٍ مُسبق مع حلفائها. وهو ما قَدْ يضَعُ «إسرائيل» حال اجتياح القِطاع برِّيًّا أمام المرحلة الأصعب بحربٍ مُتعدِّدة الجبهات وتشمل جبهتَيْ غزَّة والضفَّة الغربيَّة، بالإضافة إلى جبهة جنوب لبنان كاحتمال وارد جدًّا.
وعَلَيْه، احتلال القِطاع برًّا يعني خسائر كبيرة في صفوف جنود الاحتلال، ورغم وقوع خسائر متوقَّعة في صفوف المقاومة الفلسطينيَّة وعموم المواطنين المَدنيِّين، إلَّا أنَّ المقاومة الفلسطينيَّة ستكُونُ مستعدَّة ومتوقِّعة ردَّ الفعل الأعنف والأطول، وسوف تُطيل أمَدَ الحرب وتكلفتها البَشَريَّة. وعِندها لَنْ يستطيعَ «الجيش الإسرائيليّ» حسْمَ حرب عصابات بسرعة كما اعتاد وفق فلسفته وعقيدته القتاليَّة بحروبه الخاطفة.
وفي حسابات الاحتلال، فإنَّ «الأسرى الإسرائيليِّين» بِيَدِ قوى المقاومة في القِطاع قَدْ يفرضون قيودًا على أيِّ عمليَّة برِّيَّة، فيما الأسئلة تَدُور الآن داخل (الكابينيت) حَوْلَ نجاعة القيام بعمليَّة برِّيَّة ضدَّ القِطاع، واجتياحه، إلَّا أنَّه مشروط بأهداف قابلة للتنفيذ، وإلَّا سيرتدُّ بنتائجه على كيان الاحتلال.
إنَّ التلويح باجتياح قِطاع غزَّة برِّيًّا ـ إن وقع ـ فسيكُونُ كما أوردنا أعلاه ضِمْن نطاقات ضيِّقة مع تقطيع لجغرافيَّة القِطاع بالنيران، وقَدْ يكُونُ التلويح بالعمليَّة البرِّيَّة الواسعة لترهيب المقاومة الفلسطينيَّة والفلسطينيِّين عمومًا، وقَدْ دفعت قيادة جيش الاحتلال بفِرقِ عسكريَّة أربع إلى المناطق المُحيطة بالقِطاع، ليس من أجْلِ الدِّفاع عن غلاف غزَّة والمستعمرات المُحيطة التي دخل إليها المقاتلون الفلسطينيون، وإنَّما كَيْ تنضمَّ إلى عمليَّة برِّيَّة حال أُعطيَتِ الإشارة بتنفيذها لجيش الاحتلال وفق ما أوردناه من توغُّلات محدودة.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینی ة الفلسطینی الق طاع
إقرأ أيضاً:
ضياء رشوان يدعو لعدم الانسياق وراء الحملات التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني
قال الكاتب الصحفي ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات إن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي كان أول من رفض علنا، منذ 10 أكتوبر 2023، أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، معتبرا أن هذا التهجير يعد تصفية للقضية الفلسطينية.
وأكد رشوان - في مداخلة هاتفية مع قناة إكسترا نيوز مساء الإثنين - أن ما قاله الرئيس السيسي اليوم، وما تفعله الدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية، يمثل حائط الصد الحقيقي أمام كل حملات التشويه التي تستهدف دور مصر التاريخي.
وأضاف أن مصر التزمت منذ بدء الحرب بثلاثة أهداف رئيسية، تتمثل في وقف الحرب، وإدخال المساعدات، والإفراج عن الرهائن، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسي بشكل متكرر وعلني.
وأكد أن الأصوات التي تهاجم مصر لا تسعى للوصول إلى الحقيقة، بل تهدف إلى التحريض وخلق وقائع مختلقة لتشويه صورة الدولة المصرية، رغم أن الواقع على الأرض وما تفعله مصر أمام العالم كله يكذب هذه الادعاءات.
كما أكد رشوان أن الدولة المصرية ثابتة في موقفها، وأنها لا تتلقى توجيهات أو تهديدات من أحد، بل تعمل وفقا لمبادئها ومصالحها القومية، داعيا إلى عدم الانسياق وراء الحملات المشبوهة التي تستهدف دور مصر المحوري في دعم الشعب الفلسطيني.
ا د م/ م م ر