بعد بايدن.. سوناك في زيارة تضامنية لإسرائيل
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
بعد يوم من زيارة مماثلة للرئيس الاميركي جو بايدن، وصل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الى اسرائيل في زيارة "تضامنية".
اقرأ ايضاًومن المقرر ان يلتقي رئيس الوزراء البريطاني مع نظيره الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس اسحق هرسوغ خلال الزيارة التي تاتي في مستهل جولة اقليمية ستشمل عددا من عواصم المنطقة.
وقال مكتب سوناك انه سيقدم تعازيه في قتلى الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على اسرائيل في السابع من الشهر الجاري، كما سيحذر من اتساع الصراع في منطقة الشرق الاوسط.
وايضا، سيحث على تسريع وتسهيل دخول المساعدات الى قطاع غزة الذي تفرض عليه اسرائيل حصارا خانقا، وسبل تمكين مواطنيه العالقين في القطاع من المغادرة عبر معبر رفح الحدودي الذي قالت مصر انها ستعيد فتحه اعتبارا من الخميس.
ونقل موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" عن سوناك قوله لدى وصوله الى مطار تل ابيب، ان زيارته تاتي لتاكيد تضامنه مع اسرائيل عقب الهجوم "الارهابي الفظيع"، والذي قتلت حماس خلاله اكثر من 1400 شخص بعدما اقتحمت قواعد عسكرية ومستوطنات في محيط قطاع غزة.
واضاف انه يريد من الاسرائيليين ان يتاكدوا من انه والشعب البريطاني يقفون الى جانبهم، علما ان لندن كانت اعلنت عزمها ارسال سفينتين حربيتين الى شرق البحر المتوسط قريبا من اسرائيل وبدء طلعات جوية استطلاعية دعما للدولة العبرية.
وتاتي زيارة سوناك بعد يومين من مجزرة ارتكبها الجيش الاسرائيلي في غزة عندما قصف مستشفى الاهلي المعمداني مزهقا ارواح اكثر من 470 فلسطينيا.
وفيما اتهمت حماس اسرائيل بارتكاب المجزرة، لكن الاخيرة انكرت مسؤوليتها عنها وحملتها الى حركة الجهاد الاسلامي قائلة ان الانفجار الذي ضرب المستشفى مساء الثلاثاء، نجم عن عملية اطلاق صاروخ فاشلة من قبل الحركة.
وتطرق سوناك الى هذه المجزرة في بيان صدر عنه قبيل مغادرته لندن متوجها الى اسرائيل، معتبرا انها ينبغي ان تشكل لحظة فاصلة لقادة المنطقة والعالم ودافعا من اجل بذل جهود لتفادي المزيد من التصعيد الخطير الصراع.
واكد رئيس الوزراء البريطاني ان بلاده ستكون في طليعة تلك الجهود.
وبحسب بيان مكتب سوناك، فسوف يوفد الاخير وزير خارجيته جيمس كليفرلي الى تركيا وقطر في الايام المقبلة لبحث سبل التوصل الى حل سلمي للصراع.
وكان كليفرلي زار اسرائيل في الايام الاولى لاندلاع الحرب في غزة.
صراع إقليميفي الاثناء، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس من إن هناك خطرا جديا لتحول حرب غزة الى صراع إقليمي.
وتخشى الولايات المتحدة واسرائيل من احتمال قيام حزب الله المدعوم من ايران بفتح جبهة جديدة ضد اسرائيل من جنوب لبنان.
وتعززت المخاوف من احتمال نشوب حرب جديدة بين اسرائيل وحزب الله في ظل المواجهات وعمليات القصف الحدودية المتبادلة بين الجانبين، والتي تصاعدت منذ بدء الحرب في غزة.
وحركت الولايات المتحدة حاملتي طائرات مع قوتيهما الضاربتين وعززت اساطيلها الجوية في المنطقة في ما قال الرئيس الاميركي جو بايدن انها رسالة تحذير لاي طرف من محاولة توسيع الصراع، في اشارة الى ايران وحزب الله.
اقرأ ايضاًوتوجه اسرائيل اتهامات لايران بدعم هجوم حماس الاخير، لكن بايدن وادارته يؤكدان انه لا توجد دلائل على تورط مباشر لطهران في الهجوم.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن لافروف وصفه محاولات تحميل ايران مسؤولية الازمة في غزة بانه "استفزازات"، مضيفا انه على اتصال مع تركيا من اجل تنسيق الجهود الرامية الى منع التصعيد في المنطقة.
وقال وزير الخارجية الروسي الذي كان يتحدث للصحفيين خلال زيارة الى كوريا الشمالية انه يتوقع مواصلة المشاورات بين الدول المعنية حول الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في الايام المقبلة.
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: التشابه الوصف التاريخ فی غزة
إقرأ أيضاً:
وهل يخدع الإنسان نفسه؟!
يُعّرَفُ عمّن يمارس النفاق على أنه يظهر للآخرين ما لا يخفـيه فـي نفسه. وبهذا المعنى فإن العلاقة بين الإنسان ونفسه علاقة لا يشوبها كدر، أو غبار، فكلا الطرفـين يواجهان بعضهما بعضا بحقيقة ما يبديانه، وما يخفـيانه؛ ولذا فمن المستحيل أن يخدع كلاهما الآخر، وتبقى حالة من المخادعة الظاهرية هي بينهما، وبين الآخرين من حولهما. وأصفها بـ «المخادعة»؛ لانتفاء صفة الصدق فـيها.
ولذلك يعيش الإنسان صراعا ذاتيا قاسيا مع نفسه فـي المواقف التي لا يكون صادقا فـيها، وإن أبدى المرح والسرور مع الآخر. ومن هنا فإن مشاعر القسوة لا يمكن التحايل عليها؛ حيث تتجلى قيمة الصدق فـيها أكثر، فلا خيار متاح فـي تلك اللحظة إلا تجرع الألم بكل حمولته القاسية، بخلاف مشاعر السرور التي قد يناور فـيها الفرد الآخرين، ويبدي عكس ما يضمره كنوع من المجاملة؛ ولذلك قال شاعر العربية الكبير أبو الطيب المتنبي: «لا تحسبوا رقصي بينكم طربا ... فالطير يرقص مذبوحا من الألم».
ومع ذلك فالناس مدمنون على إظهار السرور- كما يشاع -، وإن أظهروا ذلك السرور بتكلف فـي كثير من الأحيان؛ ولذلك تصنف الابتسامات المتكلف فـي إبدائها للآخرين على أنها «ابتسامات صفراء». وهذا التصنيف لم يأت من فراغ، وإنما يأتي عن تقييم حقيقي، فالآخرون - وإن حاول الفرد أن يخدعهم بابتسامة صفراء، أو بوصف مبالغ ليس فـيهم - فهم يدركون حقيقة الأمر، وإن أبدوا مجاملة لفظية. ففي قرارة أنفسهم يدركون حقيقة الطرف الآخر، وما يبديه من تكلف وتصنع؛ ولذلك سريعا ما تنكشف مثل هذه المراوغات، ويقع أصحابها فـي حرج شديد، ويظل تدارك الموقف ليس بالأمر الهين، وعادة ما يحدث مثل ذلك فـي المواقف التي يراد منها تحقيق غاية معينة، وهذه من أشدها خطورة فـي العلاقات القائمة بين الأفراد.
والسؤال هنا: كيف يجازف الفرد بحمولته الإنسانية، فـيبدي للآخرين عكس ما يختلج بين جوانحه؟ كيف يستطيع أن يخاتل نفسه فـي لحظة فارقة فـينفرد بقرار مخادعتها، وهو يدرك أنه غير صادق وغير أمين فـي تلك اللحظة؟ هذه من اللحظات التي يغتال الإنسان فـيها نفسه، وبالتالي فمع استطاعته اغتيال نفسه؛ كيف لا يستطيع أن يغتال من حوله، ولو كان هذا الاغتيال لأقرب الناس إليه! إنها من الحالات التي يمتحن الإنسان ذاته فـيها، وهذا الأمر ليس متاحا للجميع؛ حيث يحتاج إلى كثير من الخبرة والتجربة.
تشدنا بعض المواقف التي نرى فـيها ذلك الصراع المتوهج - ونصفه بالخطير- بين الحيوانات المفترسة، سواء بينها وبين الحيوانات المختلفة عنها، أو بينها وبين بني جلدتها، وهو صراع مادي صرف، تحسم نتيجته قوة الطرف على الطرف الآخر؛ لأن الحيوانات لا تعرف خداع بعضها بعضا، وإنما تبقى القوة هي الحاسمة لنتيجة الصراع القائم بين الطرفـين، بخلاف حقيقة الصراعات التي تدور بين بني البشر بعضهم ببعض؛ حيث لا تظهر الحالة الفـيزيائية الصرفة فـي هذا الصراع، وإنما يسود ذلك الصراع الباطني المبني على الخداع، والتضليل، مع قناعة كل طرف أنه يمارس فعلا شائنا لا يرتضيه مع نفسه، ويرتضيه مع الآخر من حوله؛ لتحقيق غاية ما.
ففـي الصراع الإنساني لا يتوقف الأمر على القوة المادية لكسب الرهان؛ حيث تميل جل الصراعات القائمة بين بني البشر إلى اختيار القوى الناعمة، وما أكثرها! ولكن أشدها خطرا تلك القوة التي يخادع فـيها الإنسان نفسه فـي لحظة ما، مع يقينه أنه يقع فـي مغالطة شعورية كبيرة، وذلك عكس ما ينادي به أبو الفتح السبتي:
« أقبل على النفس واستكمل فضائلها
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسانُ».