أمينة الفتوى: عِمارة الأرض وإصلاحها من المقاصد العليا للإسلام
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
قالت زينب محمد السعيد، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن عمارة الأرض وإصلاحها من المقاصد العليا التي جاء بها الإسلام، والتي لا يختلف عليها عاقلان، قال تعالى: {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها} [هود: 61]، والأرض إنما تسلم بسلامة المجتمعات من الفتن والتفرق والاختلاف المذموم، وهنا تكمن أهمية الفتوى المنضبطة، والتي إن تلقتها الأنفس الوجلة اطمأنت، وإن أدركتها العقول الحائرة اهتدت واستقرت.
جاء ذلك خلال كلمتها التي تناولت موضوع "الفتوى المنضبطة، وأثرها في سلامة المجتمع" ضمن فعاليات الجلسة العلمية الثانية لمؤتمر "الفتوى وتحديات الألفية الثالثة" .
وأضافت: ولكن... هل تستطيع الفتوى مواجهة كل هذه المخاطر الفكرية، ومواكبة كل التحديات المعاصرة، والتي هي في تزايد مستمر نتيجة للتقدم العلمي والتكنولوجي، مع استحالة أن نجد بخصوص كل واقعة تقع نصا صريحا يبين حكم الشرع فيها؟! الإجابة: نعم.. وبلا أدنى شك؛ ذلك لأن النص الشرعي وإن كان محدودا في مادته من حيث الألفاظ والحروف، إلا أنه غير محدود في قدرته على التجدد والاستمرار والإنتاج، ومواكبة كل التطورات الزمانية والمكانية، خاصة إذا عكفت على فهمه عقلية مستنيرة متشبعة بالمنهج الإسلامي الفريد الذي خاطب الإنسان بضرورة إعمال العقل منذ اللحظة الأولى.
النص الشرعي مع ثبوته وانحصار مادتهوأوضحت زينب أن النص الشرعي مع ثبوته وانحصار مادته.. متجدد، سيال، وفير النتاج، مستوعب لكل ما يطرأ من فروع، بما أودعه الله تعالى فيه من مقومات المنهج المطرد المحكم، ومصادر القواعد الراسخة المنضبطة، التي يمكن بإعمالها احتواء كل ما لم يشمله النص.
وتابعت قائلة: ولا نعجب أبدا إذا عرفنا أن هذه الحقيقة التي سردناها هي المفتاح الحقيقي لمواجهة كافة التحديات الفكرية والأخلاقية ... والذي هو عنوان هذه الجلسة المباركة ومحورها الرئيس.. ذلك أننا كثيرا ما نصدم في هذا العصر بعدد من الأطروحات الفكرية والأخلاقية ..التي قد لا تتوافق بشكل كامل مع أخلاقنا وأعرافنا وقيمنا، لا كمجتمع إسلامي فقط بل كمجتمع إنساني راق ..
وأشارت إلى أن الإسلام في الأصل لم يأت إلا بما يجعل الإنسان إنسانا بمعناه الأسمى، الموافق لتكريم الله تعالى له وتشريفه إياه؛ فإذا غاب عن ذلك الإنسان الأصول المستقرة والقواعد المنضبطة.. تردد وتحير وتشتت، فكان نتيجة ذلك أنه خلط فغلط.. فخرج لنا بمثل هذه الأطروحات الحائرة، وقديما قالوا: من ضيع الأصول والكليات تلاعبت به الفروع والجزئيات.
وأوضحت أن هذا يحتم علينا كمتخصصين في الفتوى والخطاب الشرعي أن نحسن فهم كل ما يستجد من أطروحات إلى الحد الذي يجعلنا أفهم بها ممن يطرحها أو يتبناها.. وحينئذ فقط نستطيع أن نقبلها إن كانت موافقة للدين والأعراف، أو نرفضها ونبين ما بها من قصور منهجي لا يقبله العقل الصحيح، وبالتالي فلن يرضى بها الدين كذلك، مع ما ستؤول إليه حتما من مفاسد وسلبيات.
وشددت على أن الفهم الدقيق والتصور الصحيح هو المرتكز الأول الذي نستطيع به مواجهة التحديات الفكرية في ألفية العالم الثالثة؛ وتتميما لنتائج هذا المرتكز المهم فإنه مما يتحتم علينا أيضا بعد استيعاب وفهم تلك الأطروحات مناقشتها بأسلوب الخطاب اللائق الذي يتناسب مع أدوات العصر وتطوراته، إذ ربما كانت الفكرة صحيحة لكن قصور طريقة توصيلها والتعبير عنها جعلها غامضة أو غير واضحة، فيظن المتلقي أنها لا فائدة فيها، ويتوهم عدم صحتها، فيعرض عنها.
واختتمت أمينة الفتوى كلمتها بالتأكيد على أن دار الإفتاء المصرية مع ما لها من رصيد ضخم في المحافظة على سلامة المجتمع ومواجهة التحديات الفكرية من خلال ما تقدم من فتاوى بأسلوب علمي رصين، فإنه قد كان لها السبق في إطلاق عدد من البرامج الإذاعية التي تهدف من خلالها إلى توصيل الخطاب الشرعي المنضبط للطفل والمرأة والأسرة والمجتمع كله بأسلوب عصري واضح ومدروس.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دار الإفتاء المصرية الإفتاء
إقرأ أيضاً:
ماذا تفعل المرأة إذا جاءها العذر الشرعي أثناء الحج؟.. الإفتاء ترُد
أوضحت وسام الخولي، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، كيفية التصرف في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج، مشيرة إلى أن هناك العديد من التوجيهات الشرعية التي يجب أن تلتزم بها المرأة في مثل هذه الحالات.
وقالت أمينة الفتوى بدار الإفتاء، خلال تصريح اليوم الاثنين: "إذا حدث للمرأة عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج، مثل الحيض، يمكنها إتمام معظم المناسك باستثناء الطواف، وقد ذكر سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه أن المرأة في حال حيضها تقضي جميع المناسك ما عدا الطواف.
وقد قالت السيدة عائشة رضي الله عنها أنها عندما حاضت أثناء أداء الحج، أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بأداء جميع المناسك ما عدا الطواف، ذلك لأن الطواف يشترط فيه الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر".
وأضافت: "الحيض نفسه ليس مانعًا من أداء مناسك الحج، لكن لا يجوز للمرأة في حال الحيض الطواف حول الكعبة لأنه يشترط فيه الطهارة. لذلك يجب عليها الانتظار حتى ينتهي العذر، ثم تغتسل وتطهر وتذهب للطواف، وإذا كان السفر والرحلات لا يمكن تأجيلها، فيجوز في هذه الحالة أن تتخذ المرأة تدابير وقائية، مثل الاغتسال والتحفظ جيدًا لتجنب تلويث المسجد، ثم تذهب للطواف دون أي حرج في ذلك، وفقًا لما قاله الشافعية".
وتابعت: "أما بالنسبة لبعض النساء اللاتي يتناولن أدوية لتأخير العذر الشهري أثناء أداء مناسك الحج، فهذا جائز ولكن بشروط. يجب أن يكون تناول هذه الأدوية تحت إشراف طبيب مختص، وألا يتسبب في أي ضرر صحي، سواء على المدى القصير أو الطويل.
الحيض هو أمر طبيعي قد قدره الله سبحانه وتعالى، والرخص التي منحها لنا في هذه الفترة يجب أن تكون وفقًا لما يرضي الله ولا يتسبب في أي ضرر للمرأة".
وأشارت إلى أنه "من المهم أن تكون المرأة حريصة في تناول الأدوية التي تؤثر في الدورة الشهرية، وأن لا تستخدم أي دواء دون استشارة طبية متخصصة، حفاظًا على صحتها وسلامتها".
وتابعت: "إذا اتبعت المرأة هذه الشروط والتوجيهات الشرعية، فإنها يمكنها إتمام مناسك الحج بشكل صحيح وآمن، دون أن تؤثر عليها أي عقبات صحية أو شرعية".