صحيفة عاجل:
2025-12-13@09:34:31 GMT

لماذا يصمت السعوديون الآن

تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT

منذ بدأ العدوان الإسرائيلي على غزة عقب اجتياح حركة حماس المستوطنات في غلاف غزة في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م، تعرض المدنيون والعزل لوابل من القصف والقتل العشوائي والذي طال المساجد والمستشفيات، ولم يفرق بين صغير أو كبير، مقاتل أو أعزل، وكعادتها في الملمات فقد استثمرت السعودية ثقلها السياسي للدفاع عن الشعب الفلسطيني الأعزل تجاه هذا العدوان.

منذ اليوم الأول للعدوان، أظهرت السعودية دعمها عبر البيانات الصحفية عن الخارجية السعودية، مستنكرة العمل الإجرامي الإسرائيلي وآخرها قصف مستشفى المعمداني وقتل المئات وأن هذه جريمة شنيعة، هذه التحركات يقودها ولي العهد من خلال توجيهات خادم الحرمين الشريفين حفظهما الله، ويقود الملف السياسي الخارجي وزير الخارجية، واضطلعت القيادة بمهمات جسيمة للضغط على الدول والحكومات من أجل هدنة إنسانية تنقذ ما تبقى من أشلاء غزة المثخنة بالصواريخ والقنابل.

وعلى الصعيد الشعبي فقد تحدث السعوديون لدعم الفلسطينيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشكلوا مجموعات ضغط إلى جانب مستخدمي المنصات الإعلامية حول العالم، غير أن هناك قطاع من السعوديين بدأ يحتفظ بصوته، وخصوصا بعد الربيع العربي، حيث بدأ يدرك أن هناك أدوار خفية وصراعات من تحت الطاولة لا يفهمها وتحتاج لحكمة القادة السياسيين الذين يدركون أبعاد الصراع ويدركون المستفيدين من هذه الحروب العبثية التي أرهقت الشرق الأوسط، فأعطى هؤلاء الأشخاص صوتهم لبيانات وزارة الخارجية السعودية، رغم تعرضهم لموجات تدفعهم لـ "لتعاطف القسري".

لقد فطن قطاع عريض من السعوديين أنه يتم جرهم لمعارك صوتية هدفها جعل المواطن السعودي في مواجهة مع حكومته من خلال تحريض بعض الصوات النشاز مستغلة العاطفة الدينية والعربية، وعندما تنكشف غبار هذه الحروب يظهر للسعوديين أن هناك من استغل أصواتهم، وأن من الفضل لزومهم الصمت، ومنح ألسنتهم وحساباتهم في وسائل التواصل لقيادة وطنهم ولبياناتها الصحفية وهذا ما رأيناه وشاهدناه في الكثير من الأزمات التي ظهرت وطرأت مؤخرا.

يصمت السعوديون ليس خوفا من أحد، ولكن لأن كثيرا منهم يدرك ويثق في حكمة القيادة السياسية للمملكة ويدرك أنه بعد انكشاف غبار الحروب ستظهر أن ما تقوله القيادة والسياسيون هو الصحيح، ولذلك فضلوا دعم قرارات القيادة بدلا من الانسياق وراء الشعارات الرنانة والأصوات الفارغة التي لا يهمها الوطن العربي بقدر همها ما تكسبه من مال ودعم وتأثير.

بقي القول، إن القيادة السياسية السعودية تلقى دعما واسعا من قبل المواطن الذي يثق أنها تبذل ما في وسعها لدعم القضايا العربية والإسلامية وأولها القضية الفلسطينية، وأن كثيرا من الذين يرددون الشعارات ويحرضون المواطن ضد قيادته في الأزمات هم محرضون ويبحثون عن دعم لحركاتهم السياسية وشعاراتهم الثورية ومآرب أخرى.

حسن النجراني

باحث في المحتوى والإدارة الإعلامية بجامعة كمبلوتنسي مدريد - إسبانيا

المصدر: صحيفة عاجل

إقرأ أيضاً:

هل هناك موت ثقافي في القدس؟

القدس ليست مدينة عادية، فهي مدينة مركزية للديانات، وتمتد حضارتها لآلاف السنين، تعاقبت عليها حضارات وثقافات متعددة، تمتلك تراثا معماريا متنوعا وهائلا، كما أن كونها محتلة من قبل الصهاينة، هذا يمنحها قداسة وأهمية مضاعفة في عيون العرب والفلسطينيين وأحرار العالم، هذه الأيام بالذات تشتد الهجمات على القدس من قبل محتليها، وتتنوع الهجمات ما بين مداهمات للمكتبات ومصادرة كتب كما حصل مع مكتبة عماد منى، في شارع صلاح الدين، قبل أشهر، وما بين مداهمة حفلات إحياء التراث الفلسطيني كما حدث قبل أسبوعين مع مسرح الحكواتي، حيث منع المحتلون هذا الحفل وطردوا الأطفال والعائلات، وأغلقوا المسرح.

نحن نعرف أن هناك شبه موت اقتصادي في القدس بفعل إجراءات الاحتلال وإغلاق المدينة أمام المدن الفلسطينية الأخرى، لكن هل هناك موت ثقافي؟ ثمة نقاش دائم حول ذلك، هناك من ينفي هذا الموت كالفنان المسرحي حسام أبو عيشة الذي قال لنا: أعتقد حازما أن في ذلك تجن على الحالة الثقافية في القدس، هناك الكثير من الحالات الثقافية المستمرة والمتقدمة رغم ظرف القدس المعروف، قد يكون أنه بعد السابع من أكتوبر حصل سبات ما وليس موتا، إذ لا عودة بعد الموت، على سبيل المثال لا الحصر هناك خمس (إنتاجات مسرحية جديدة في المسرح الوطني الفلسطيني، هناك عملان موسيقيان للمعهد الوطني للموسيقا وفرقة بنات القدس، هناك عروض (سينما فلسطين) كل أول شهر لشباب مخرجين ومصورين من القدس، هناك مؤسسات ثقافية مهمة نفخر فيها جميعا أبرزها: مؤسسة يبوس ومسرح الحكواتي، وغيرها.

رغم تحديات الاحتلال وإجراءاته القمعية وحصاره للثقافة والحياة فإن مسرح الحكواتي استطاع تقديم خدمة ثقافية مهمة للمسرحيين الفلسطينيين ولمتذوقي المسرح وأيضا للكتاب والشعراء الذين يديرون منذ سنوات طويلة ندوة شهرية اسمها (ندوة اليوم السابع)، أما مؤسسة يبوس فتعمل على إحياء البنية التحتية الثقافية في القدس من خلال ترميم وإعادة بناء سينما القدس التاريخية وتحويلها إلى بؤرة ثقافية متكاملة تحوي قاعات للحفلات والعروض والورش.

وقد أطلقت المؤسسة مهرجانات مهمة: مهرجان القدس ومهرجان الحكايات ومهرجان الفنون الشعبية وليالي رمضان، وهي نشاطات تسحر الجمهور وتنهض بالفن الفلسطيني.

كما تنظّم يبوس أمسيات أدبية وحفلات توقيع كتب، وندوات ثقافية اجتماعية وسياسية، ومعارض فنية، مما يساهم في خلق مناخ ثقافي مضيء. وتقدّم ورشات مسرحية وقصصية وفعاليات ترفيهية تخدم الأجيال الصاعدة وتطور الإبداع لديها).

لكن القاص المعروف محمود شقير له رأي آخر: نعم، مقارنة بما كانت عليه أحوال الثقافة في سبعينيات وثمانينيات القرن (العشرين، فإن تجلّيات الثقافة في القدس هذه الأيام ليست على النحو المطلوب، وذلك بسبب عزل المدينة عن محيطها الفلسطيني في محاولات دائبة لتهويدها، وبسبب الحالة الأمنية المتردّية في المدينة، حيث تتضاءل حركة المواطنين عند الغروب أو قبله بقليل.

وثمة ضرائب باهظة تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين، فتجعل أحوالهم الاقتصادية صعبة، ما ينعكس سلبًا على الحالة الثقافية. ثم إنّ وباء كورونا ترك أثرًا سلبيًّا على الأنشطة الثقافية واضطر بعض الهيئات الثقافية مثل ندوة اليوم السابع إلى ممارسة نشاطها الأسبوعي إلى يومنا هذا عبر منصّة زووم، فيما يمارس المسرح الوطني الفلسطيني ومركز يبوس ومعهد إدوارد سعيد للموسيقى أنشطة ثقافية لها حضورها النسبي إلى حدٍّ ما).

فجّر الفنان الفلسطيني المقدسي خالد الغول، فكرة الجفاف الثقافي في القدس، عبر اقتراحه الذي كرره أكثر من مرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بإنشاء مكتبة عامة، تخدم الناس والطلاب والباحثين والمثقفين، الفنان المقدسي العاطل عن العمل الآن (ليس عن الحلم والأمل)، بعد سنوات من خدمة الثقافة الفلسطينية عبر مؤسسة يبوس المقدسية الشهيرة، يجيب عن سؤال بداية لمعان الفكرة في قلبه: (لمعت شرارة المبادرة بالصدفة، وفي ظروف اجتماعية محضة.

ففي زيارة اجتماعية لجمعية أهلية تعنى بشؤون الناس الاجتماعية والثقافية في القدس. قال لي أحد العاملين فيها، إن مقر الجمعية المقامة سيتم هدمه ويتحول إلى بناية تجارية. وعرض عليّ أن آخذ الكتب والمخطوطات من المقر قبل هدمه. وبالفعل نقلت الكتب. وفي الأسبوع ذاته، طلب مني صديق بعض الروايات والدواوين الشعرية لابنه اليافع، الذي ما زال معنيًّا بقراءة الكتب المطبوعة ولم تسيطر عليه بعد عقلية التذوق للأعمال الأدبية من خلال التكنولوجيا الحديثة والرقمية.

وبعد أن زودت الفتى بالكتب التي طلبها، نشرت على صفحتي في "فيسبوك" طالبًا التبرّع بكتب تحت عنوان "نحو مكتبة أهلية عامة في القدس"، فلبّى الكثيرون من الأصدقاء الطلب، وانهالت عروض التبرع بالكتب والمساعدة، وما زلت منهمكًا في جمع الكتب والبحث عن مكان مناسب يلبّي الغرض).

القدس المقدسة تحتاج منا جميعا مثقفين ورجال أعمال وأكاديميين، ومؤسسات أهلية ومن السلطة الوطنية الفلسطينية ومن المؤسسات الثقافية العربية واتحادات الكتّاب العرب مزيدًا من الدعم والاهتمام لتعزيز هويتها، ووقف تهويدها.

مقالات مشابهة

  • مصطفى بكري: هناك رموز ستختفي والحكومة ستتغير بعد الانتخابات.. فيديو
  • نيابة عن القيادة.. نائب وزير الخارجية يشارك في المنتدى الدولي للسلام والثقة
  • هبة نيسان.. لماذا الآن؟
  • شاهد الآن: السعودية وفلسطين في ربع نهائي كأس العرب 2025
  • مستشار حكومي: انهيار البنية التعليمية بسبب الحروب يعيق التحول الرقمي
  • نحو 100 قتيل في هجوم الإنتقالي على حضرموت.. ومعلومات تكشف حجم الإنتهاكات التي ارتكبتها مليشياته هناك
  • تناسل الحروب
  • اليمن.. وطن أكلته الحروب وأنهكته الصراعات
  • هل هناك موت ثقافي في القدس؟
  • مدرب السعودية: الآن بدأت المنافسة الحقيقية في كأس العرب