قرار الحرب والسلم... هذه هي كل القصّة
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
لم يشهد لبنان في تاريخه قضية يمكن أن تُجمع اللبنانيين، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، كالقضية الفلسطينية، وبالأخصّ اليوم نتيجة ما يتعرّض له فلسطينيو غزّة من حرب إبادة موصوفة. فجميع اللبنانيين يقفون صفًا واحدًا إلى جانب هذه القضية الإنسانية بامتياز في الدرجة الأولى، وهم يتعاطفون معها بشتى الوسائل المتاحة والممكنة، ولكن كلًا منهم على طريقته الخاصة، والتي لا تختلف عن بعضها البعض في المبدأ والجوهر والأهداف.
وعلى هذه النقطة بالذات يختلف اللبنانيون. فمنهم من يؤيد فتح جبهة الجنوب انطلاقًا من مقولة "وحدة الساحات"، ولتخفيف الضغط عن غزة، وما تواجهه من خطر وجودي، ومنهم من يعمل على عدم جرّ لبنان إلى حرب ستكون مدمّرة بكل ما لهذه الكلمة من معانٍ كارثية.
"حزب الله"يعتبر أن كلًا من إسرائيل وأميركا شرّ لا بدّ من مواجهته والقضاء على وجودهما. بالنسبة إلى الشرّ الأول لا خلاف بين اللبنانيين عليه. أمّا بالنسبة إلى "الشرّ" الثاني فإن لبنان الرسمي، ومعه شريحة واسعة من اللبنانيين تؤيده، لم يقطع علاقاته الديبلوماسية مع واشنطن، التي لا تزال، وحتى الأمس القريب، تزّود الجيش بما يلزمه من معدّات عسكرية وذخيرة، فضلًا عن أن معظم ضباطه لا يزالون يخضعون لدورات تدريبية في الكليات الحربية الأميركية.
فبالإضافة إلى هذه النقطة الخلافية بين اللبنانيين تتفرع نقاط خلافية أخرى، ومن بين الأهمّ منها في الوقت الحاضر عدم توافقهم على تحويل لبنان ساحة حرب مرّة جديدة، وذلك استنادًا إلى أن قرار الحرب والسلم لا يزال خارج سلطة الدولة. فإذا قرّر "حزب الله"، الذي لا يزال حتى هذه الساعة ملتزمًا "قواعد الاشتباك"، دخول الحرب الشاملة بقوة وفاعلية أكبر فإن "الاشتباك" السياسي الداخلي سيأخذ منحىً مغايرًا عمّا كان عليه في السابق.
فموقف الدولة اللبنانية ممثلة بالحكومة واضح لجهة العمل على تجنيب لبنان مآسي الحرب، لأن لا قدرة له على الاحتمال في ظل الأزمات الكثيرة، التي يعيشها. وتضاف إلى هذا الموقف مواقف أخرى من بعض القوى اللبنانية، ومن بينها القوى المسيحية، التي ترى أن ليس في إمكان لبنان خوض حرب شاملة كالتي يُحكى عنها. فإذا اندلعت الحرب بقرار يتخذه "حزب الله" تبعًا للتطورات الميدانية في غزة، فستكون تداعياتها كارثية على لبنان استنادًا إلى التهديدات الاسرائيلية، وكذلك بالنسبة إلى إسرائيل، التي ستنهال عليها الصواريخ البعيدة المدى والصواريخ الذكية بمعدلات غير مسبوقة.
في التحليل الموضوعي، وبعيدًا عن الشعارات العاطفية، فإن البنية التحتية في الجانب الآخر مهيأة أكثر مما عليه الوضع في لبنان، على رغم ما تحاول الحكومة القيام به من خلال خطة الطوارئ التي يمكن اعتمادها للتقليل من الأضرار المحتملة. وهي خطة تشمل عمل مختلف الوزارات، التي تعاني في الأساس من أزمات أكبر من الحاجة اليومية المطلوبة، في ضوء الإمكانات المتواضعة المتوافرة.
فقرار الحرب والسلم، الذي لا يزال يمسك "حزب الله" بطرفيه، ستكون له مفاعيل على مستوى الوطن كله، ولن تطال فئة محدّدة من اللبنانيين، الذين يعتقد قسم كبير منهم، أنهم دفعوا ثمنًا باهظًا، ولا يزالون، نتيجة تحمّلهم لوحدهم ومن دون أي مساعدة خارجية، نتائج وانعكاسات وقوفهم إلى جانب القضية الفلسطينية المحقّة والعادلة، ونتيجة تحمّلهم أيضًا وزر النزوح السوري أيضًا.
فالحرب إذا اندلعت لن تعيد بالطبع حقوق الشعب الفلسطيني، ولن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء. وهذا ما تحاول لقوى الخارجية، التي لها تأثير نسبي على قرار "حارة حريك"، وذلك من خلال إفهامه بأن مستقبل لبنان يتوقّف على القرار، الذي سيُتخذ. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
مركز القاهرة الدولي يعقد ورشة حول السلم والأمن في سياسة الاتحاد الإفريقي
عقد مركز القاهرة الدولي ورشة عمل حول تفعيل الركيزة الخاصة بالمرأة والسلم والأمن في سياسة الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، وذلك بالتعاون مع مركز الإتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، وبتمويل من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية.
أكد السفير سيف قنديل مدير عام المركز أن انعقاد ورشة العمل يعكس الأولوية التي توليها مصر لملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، وهو الملف الذي يضطلع السيد رئيس الجمهورية بريادته على مستوى القارة الأفريقية، مشيراً إلى أن تحقيق السلام المستدام يتطلب تضمين النساء والفتيات بشكل كامل في جهود التعافي وإعادة الإعمار، وأن مشاركة النساء والفتيات في عمليات صنع القرار تعزز من فرص استدامة اتفاقيات السلام وتسهم في تعافي المجتمعات بشكل أسرع. كما أوضح أن الورشة تأتي للبناء على اعتماد النسخة المُحدثة من سياسة الاتحاد الأفريقي والتي رسّخت محورية الركيزة الخاصة بالمرأة والسلم والأمن، مؤكداً أهمية التركيز على آليات تنفيذية عملية تراعي خصوصية السياقات المحلية وتستجيب لاحتياجات النساء والفتيات على أرض الواقع.
تناولت ورشة العمل العديد من الموضوعات المرتبطة بتفعيل الركيزة الخاصة بالمرأة والسلم والأمن ضمن سياسة الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، وشملت النقاشات سُبل ترجمة الالتزامات السياسية إلى إجراءات عملية على المستويات المؤسسية. كما تم استعراض دور النساء كقائدات فاعلات في إعادة بناء المجتمعات وتعزيز التماسك الاجتماعي، والتحديات التي تواجههن في سياقات النزوح وإعادة الدمج، بما في ذلك محدودية الوصول إلى الموارد والخدمات الأساسية، والحاجة إلى تضمين منظور النوع في السياسات الوطنية والإقليمية.
كما تطرقت النقاشات إلى تعزيز مشاركة النساء في التعافي الاقتصادي بعد النزاعات، من خلال تمكينهن في ريادة الأعمال والاندماج في سوق العمل، والاهتمام بالصحة النفسية والدعم الاجتماعي والنفسي لضمان تعافي شامل ومستدام. وقدمت الورشة نماذج وتجارب عملية محلية وإقليمية تؤكد أن تضمين منظور النوع في جميع مراحل إعادة الإعمار يعزز فاعلية السياسات ويحقق أثراً ملموساً على صعيد المجتمعات المحلية.
شارك في ورشة العمل عدد من الخبراء والمتخصصين في مجالات المرأة والسلم والأمن وإعادة الإعمار والتنمية، مما أتاح تبادل الخبرات والرؤى حول أفضل الممارسات والسياسات المراعية للنوع في سياقات ما بعد النزاعات. ومن بين المشاركين ممثلين عن الشبكة العربية لوسيطات السلام، والمجلس القومي للمرأة، والوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، ومكتب الوكالة الألمانية للتعاون الدولي لدى الاتحاد الأفريقي GIZ، ومركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الاعمار والتنمية ما بعد النزاعات، وعدد من وكالات الأمم المتحدة، فضلاً عن ممثلين عن مراكز أبحاث ومنظمات غير حكومية معنية بموضوعات المرأة والسلم والأمن.