القاهرة (وام)
شارك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أعمال «قمة القاهرة للسلام» التي افتتحها أمس فخامة عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، بمشاركة قادة عدد من الدول العربية والأجنبية ورؤساء حكوماتها، ومعالي أنطونيو غوتيريش، أمين عام منظمة الأمم المتحدة.

 
تأتي مشاركة سموه في القمة في إطار جهود دولة الإمارات المتواصلة، وحرصها على العمل مع الأشقاء والأصدقاء لدعم جميع المساعي والمبادرات الدبلوماسية الهادفة إلى إرساء سلام عادل وشامل وآمن ومستدام، ينهي حالة العنف في المنطقة، ويعزز الأمن والاستقرار الإقليميين. 

وبحثت القمة التي دعا إليها الرئيس المصري، جهود خفض التصعيد في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، إلى جانب الأولوية المطلقة لحماية المدنيين، والوقف الفوري لإطلاق النار، لتجنب اتساع رقعة النزاع، وتفادي مزيد من الأزمات الإنسانية الخطيرة في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى بحث تطورات القضية الفلسطينية ومستقبلها، والعمل على إيجاد أفق واضح للوصول إلى سلام عادل وشامل وآمن ومستدام في المنطقة. 
 حضر القمة عدد من أعضاء الوفد المرافق لصاحب السمو رئيس الدولة، كل من سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، ومعالي علي بن حماد الشامسي، أمين عام المجلس الأعلى للأمن الوطني، ومعالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، ومعالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي. 

وشارك في القمة، قادة وممثلو المملكة العربية السعودية، ودولة قطر، ومملكة البحرين، ودولة الكويت، وجمهورية العراق، ودولة فلسطين، إضافة إلى الجمهورية التركية، وجمهورية اليونان، وإيطاليا، إلى جانب منظمة الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، بحضور معالي الدكتور أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية. 
وقال فخامة الرئيس المصري في كلمته الافتتاحية: «نحن أمام أزمة غير مسبوقة، تتطلب الانتباه الكامل للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع، بما يهدد استقرار المنطقة والسلم والأمن الدوليين». ودعا فخامته إلى توفير الحماية الدولية للمدنيين الأبرياء، ووقف ترويعهم واستهدافهم، محذراً من أزمة إنسانية خطيرة في قطاع غزة. 

وقال: «نلتقي اليوم في أوقات صعبة تمتحن إنسانيتنا قبل مصالحنا، وتختبر عمق إيماننا بقيمة الإنسان وحقه في الحياة، وتضع المبادئ التي ندعي أننا نعتنقها في موضع التساؤل والفحص.. وتساءل: أين قيم الحضارة الإنسانية التي شيدناها على امتداد الألفيات والقرون؟ وأين المساواة بين أرواح البشر دون تمييز أو تفرقة أو معايير مزدوجة. وأكد أن حل القضية الفلسطينية ليس التهجير وليس إزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى، بل إن حلها الوحيد هو العدل بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة في تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمان في دولة مستقلة على أرضهم مثلهم مثل بقية شعوب الأرض». 

أخبار ذات صلة مصر: نرفض دعاوى تصفية القضية الفلسطينية رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية لـ«الاتحاد»: «خريطة طريق» لإنهاء المأساة الإنسانية وإحياء مسار السلام

كان صاحب السمو رئيس الدولة قد وصل في وقت سابق إلى مقر انعقاد القمة في قاعة المؤتمرات في فندق سانت ريجس الماسة في العاصمة الإدارية، حيث كان في الاستقبال فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ثم التقطت الصور التذكارية الجماعية للمشاركين في القمة. 
وحضر صاحب السمو رئيس الدولة المأدبة التي أقامها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي للقادة والوفود المشاركة في «قمة القاهرة للسلام». 
وأكد صاحب السمو رئيس الدولة في كلمة له بمناسبة انعقاد «قمة القاهرة للسلام»، أن الأولوية القصوى والعاجلة خلال المرحلة الحالية لتقديم الدعم الإنساني للمدنيين في قطاع غزة، وضمان ممرات إنسانية آمنة ومستقرة لمواصلة تقديم المساعدات الإغاثية والطبية، في ظل الوضع الإنساني الخطير في القطاع.

ورحب صاحب السمو رئيس الدولة بالخطوة الإيجابية التي بدأت أمس في هذا المسار من خلال فتح معبر رفع لإدخال المساعدات إلى المدنيين، مشيداً بجهود منظمة الأمم المتحدة وجمهورية مصر العربية الشقيقة بهذا الشأن، وأكد سموه أهمية ضمان استدامة هذه العملية للتجاوب الآمن مع الاحتياجات الإنسانية المتفاقمة لسكان القطاع.  وأعرب سموه عن شكره وتقديره لأخيه الرئيس عبد الفتاح السيسي لقيادة جهود عقد هذه القمة المهمة، متمنياً سموه أن تشكل بادرة أمل من أجل التهدئة والسلام في المنطقة. 
وقال سموه: «إن دولة الإمارات تواصل تكثيف جهودها منذ اندلاع الصراع، سواء من خلال الاتصالات الثنائية، أو التحرك داخل مجلس الأمن الدولي من أجل احتواء الموقف، وتأكيد رفض استهداف جميع المدنيين، واحترام القانون الدولي الإنساني في التعامل معهم، وتوفير الدعم الإنساني دون عوائق»، مشدداً سموه على أن الإمارات لن تدخر جهداً خلال الفترة المقبلة من أجل كل ما يدفع الأمور نحو السلام والاستقرار بالتعاون مع أشقائها وأصدقائها في المنطقة والعالم. 

الظروف الحرجة
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تدوينة على حساب سموه الرسمي على «منصة إكس» أمس: «شاركت اليوم في قمة القاهرة للسلام.. في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها المنطقة، تعمل الإمارات مع أشقائها وأصدقائها على الوقف الفوري لإطلاق النار، وتوفير الحماية للمدنيين، وضمان ممرات إنسانية آمنة لدعم قطاع غزة، وتفادي توسع الصراع ما يهدد الاستقرار والأمن الإقليميين، وإيجاد أفق للسلام الشامل».

التجربة الماضية
وأضاف سموه: «إن تجربة العقود الماضية، وصولاً إلى الصراع الحالي، تؤكد أنه في ظل غياب أفق سياسي يقود إلى سلام عادل وشامل وآمن ومستدام .. ستظل المنطقة واستقرارها رهناً لدوامات مستمرة من العنف، ما يستنزف جهودها ويبدد آمال شعوبها في التنمية والرخاء.. فلا تنمية في غياب السلام». 
وشدد صاحب السمو رئيس الدولة على ضرورة التصدي للأصوات التي تحاول استغلال الصراع لبث خطاب الكراهية والترويج لها، لما لذلك من آثار خطيرة على التعايش والسلم ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب وإنما في العالم أجمع. وأكد سموه أن منطقة الشرق الأوسط ذات أهمية دينية واقتصادية واستراتيجية كبرى بالنسبة للعالم أجمع، لذلك فإن استقرارها مصلحة عالمية، والعمل على تعزيز السلام فيها مسؤولية دولية كذلك.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات فلسطين إسرائيل غزة محمد بن زايد عبد الفتاح السيسي مصر صاحب السمو رئیس الدولة قمة القاهرة للسلام عبد الفتاح السیسی الشرق الأوسط فی المنطقة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط بين حربين.. تحوّلات ربع قرن وصدامات تتجدد

على امتداد ربع قرن، شهدت منطقة الشرق الأوسط سلسلة من التحولات العميقة التي أعادت تشكيل خريطته السياسية والأمنية والاجتماعية. اعلان

منذ مطلع الألفية الثالثة، دخلت المنطقة في دوامات متعاقبة من الحروب، والانهيارات، وصعود الفاعلين من دول عدة، وتبدلات في التحالفات الإقليمية والدولية، وصولًا إلى المواجهة المفتوحة الجارية حاليًا بين إسرائيل وإيران، والتي تشكل ذروة جديدة لمسار طويل من التوتر والتصعيد.

 بدأت موجة التحولات الكبرى في المنطقة بغزو العراق عام 2003، بعد اتهام بغداد بامتلاك أسلحة دمار شامل وتهديدها للأمن العالمي وهي اتهامات ثبُت عدم صحتها مع الوقت، وفي التاسع من نيسان 2003، سقطت بغداد ومعها نظام صدام حسين الذي حوكم وأُعدم بعد محاكمته.

وتولت الولايات المتحدة حكم البلاد لفترة من الزمن برئاسة بول بريمير الذي أشرف على صياغة دستور جديد للبلاد. كما تم تبني علم جديد لم تُكتب له الحياة إلا فترة قصيرة من الزمن واعتُمد العلم السابق بعد التخلص من نجمات حزب البعث الذي حكم العراق لعقود، وشهدت هذه الفترة ظهور جماعات رديكالية بأسماء مختلفة كان أبرزها صعود تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، اللذان غيرا الكثير في شكل الصراع الدولي- الدولي، ليتحول كل الاهتمام لمحاربة هذه التنظيمات الإرهابية.

بعد عشرين عاماً، تعود المنطقة لتدخل في أتون حرب جديدة لكن هذه المرة يطلّ شبح الضربة النووية التي إذا حدثت فستكون لها تداعيات كارثية على الإقليم وما بعده.

فقبل قرابة أسبوع، شنت إسرائيل هجمات غير مسبوقة على إيران واستهدفت قيادات في الصف الأول من الحرس الثوي وعلماء نوويين بارزين. وقد بررت الدولة العبرية ضرباتها المكثفة ضد طهران، بأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية يمثل تهديداً وجودياً مباشراً.

وبين الحالتين، يكمن الكثير من أوجه الشبه: الضربة الاستباقية، وانحسار القنوات الدبلوماسية، مع غياب شبه كلي للأمم المتحدة.

Relatedهل تتجه إسرائيل وإيران إلى حرب شاملة قد تُغير خريطة الشرق الأوسط؟تحركات عسكرية لافتة في الشرق الأوسط وتهديد علني بالاغتيال.. هل بات دخول واشنطن على خط الحرب وشيكًا؟الشرق الأوسط على صفيح ساخن: ويتكوف وعراقجي في مسقط الأحد

 مع تفجّر الانتفاضات الشعبية عام 2011، تفككت أنظمة، وانهارت أخرى، وشهدت بلدان مثل سوريا واليمن وليبيا تحولات دموية ما تزال آثارها قائمة حتى اليوم.

وفي هذه المرحلة تعاظم الدور الإيراني في المنطقة من خلال حلفاء محليين في العراق ولبنان وسوريا واليمن، مقابل ردود فعل خليجية وإسرائيلية، وانكفاء الدور الأميركي التقليدي وتحول واشنطن إلى نهج إدارة الأزمات عن بعد، ما سمح لقوى إقليمية مثل تركيا وإيران وإسرائيل بلعب أدوار أكثر مباشرة.

 في مقابل ذلك، شهدت إسرائيل تحولًا استراتيجيًا في مقاربتها الإقليمية، تمثّل في الانتقال من التعامل مع الدول إلى مواجهة "محور نفوذ" يمتد من إيران إلى لبنان، ومن غزة إلى العراق، في مؤشر أعاد تعريف أولويات الأمن الإقليمي بالنسبة للدولة العبرية، وذلك كله في ظل تراجع مركزية القضية الفلسطينية في بعض العواصم، وتصاعد هواجس التهديد الإيراني لدى دول أخرى.

 أما الحرب الجارية بين إسرائيل وإيران، فقد انتقلت منذ نحو أسبوع من طور الاستهدافات المحدودة إلى تبادل مباشر للقصف بين الطرفين، في سابقة هي الأولى من نوعها، هذا التصعيد، يأتي في لحظة دقيقة من عمر النظام الإقليمي، الذي يبدو هشًّا وعاجزًا عن استيعاب المزيد من الانفجارات.

 في المحصلة، يكشف مسار الشرق الأوسط منذ عام 2000 عن مشهد دائم التحوّل، تتداخل فيه الأبعاد الأمنية والسياسية والاقتصادية، وسط تراجع قدرة المؤسسات الإقليمية والدولية على احتواء الأزمات. وبينما تتكرّر أنماط التصعيد من دون أفق سياسي، يبدو أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة من الصراعات المفتوحة، قد تكون أكثر تعقيدًا من سابقاتها، وأشد تأثيرًا على مستقبل الاستقرار الإقليمي بل وحتى العالمي.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • برلماني : مصر تدير ملف الأمن باحترافية وتصعيد إسرائيل وإيران يهدد استقرار المنطقة
  • رئيس أنغولا يستقبل شخبوط بن نهيان
  • حرب إيران وخطر بلقنة الشرق الأوسط
  • بوغدانوف: نؤكد انعقاد القمة الروسية العربية في موعدها وندعو إلى وقف التصعيد بين طهران وتل أبيب
  • الإمارات صوت الحكمة والعقل.. والحوار خيارها في الأزمات
  • الشرق الأوسط بين حربين.. تحوّلات ربع قرن وصدامات تتجدد
  • أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل جزر فرسان
  • رتيبة النتشة: إسرائيل لا تعلن حقيقة الأهداف التي يتم إصابتها
  • الجمعة 27 يونيو عطلة رأس السنة الهجرية في حكومة دبي
  • محمد بن زايد وبوتين يبحثان هاتفياً سبل احتواء التصعيد في المنطقة