تقدير سوداني: مصلحة فرنسا في هزيمة الدعم السريع
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
سلط الكاتب السوداني المقيم في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، محمد سليمان، الضوء على موقف فرنسا من الحرب الدائرة في السودان بين الجيش، بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ "حميدتي"، مشيرا إلى أن باريس لا يمكن أن تكون محايدة إزاء تلك الحرب.
وذكر سليمان، في مقال نشره بموقع "بوليتيكس توداي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الحرب التي اندلعت في أبريل/نيسان أدت إلى مقتل وتشريد الآلاف من السودانيين، بالإضافة إلى الدمار الهائل في المباني والبنية التحتية، مع خوف الكثيرين من احتمال انزلاق البلاد بأكملها إلى حرب أهلية واسعة النطاق.
وبينما تختار بعض القوى الدولية البقاء على الحياد، يرى سليمان أنه يجب فرنسا أن تنحاز ضد "الميليشيا" وتدعم إزالتها من المشهد، في إشارة إلى الدعم السريع، التي تشكلت في عام 2013 من خلال إعادة هيكلة ميليشيا الجنجويد، سيئة السمعة، بهدف دعم عمليات مكافحة التمرد في دارفور وجنوب كردفان.
وفي عام 2017، أصدر البرلمان السوداني قانونًا ينظم أنشطة الدعم السريع، ويضفي الشرعية عليها، وكشفت عدة تقارير مستقلة عن جرائم وفظائع لا تعد ولا تحصى، ارتكبتها الميليشيا خلال الحرب المستمرة، بما في ذلك تدمير القرى وقتل المتظاهرين والانتهاكات الجنسية والاغتصاب والاحتجاز غير القانوني، بالإضافة إلى استهداف المستشفيات والكنائس والتطهير العرقي.
اقرأ أيضاً
الإيكونوميست: الخرطوم تواجه مصير دريسدن وستكون أطلال للفائز بالحرب السودانية
الدور الفرنسي في السودان
وينحصر دور فرنسا حتى الآن في إجلاء المواطنين الغربيين من السودان، وتقديم المساعدات الإنسانية للسودانيين واللاجئين في دول الجوار، وإدانة انتهاكات الحرب بشكل عام.
وفي خطوة استباقية لأي انقلاب في الموقف الفرنسي، أطلقت قوات الدعم السريع حملة استهدفت القادة الفرنسيين والمجتمع الفرنسي، وأرسلت مستشارا سياسيا إلى فرنسا لإخفاء جرائمها ضد المدنيين، ورشوة الصحفيين ومنتجي البرامج التلفزيونية لتلميع صورة زعيم الميليشيا كحليف أوروبي ومنقذ السودان من الإسلاميين.
وإضافة لذلك، أفادت التقارير بأن الميليشيا استأجرت شركة علاقات عامة فرنسية للمساعدة في حملتها.
ويرى سليمان أن هناك 4 أسباب عملية وأخلاقية رئيسية، من شأنها أن تدفع فرنسا إلى الخروج عن الحياد وتختار الجانب الذي يسعى إلى هزيمة الدعم السريع، على النحو التالي:
أولاً: يأتي توسع الدعم السريع في الدول الأفريقية المجاورة على حساب المصالح السياسية التاريخية لفرنسا. فعلى سبيل المثال، كشف التقارير الإخبارية، في الآونة الأخيرة، عن حقيقة مفادها أن المليشيا تلقت، قبل الحرب، الدعم العسكري عبر الحدود الشرقية لتشاد.
وفي الوقت نفسه، تفاخر أحد قادة الدعم السريع بتدخله لمنع انقلاب في جمهورية أفريقيا الوسطى، وأفادت تقارير الأمم المتحدة أن قوات الدعم السريع قامت بتهريب الأسلحة إلى البلاد.
ثانيًا: يعني هذا التوسع أيضًا المزيد من النفوذ لروسيا ومجموعة مرتزقة فاجنر، التي تزود الميليشيا الآن بصواريخ أرض جو مقابل الذهب السوداني المهرب. وتشعر فرنسا بالقلق من التعاون المتزايد بين فاجنر وميليشيا الدعم السريع وتراقبه عن كثب.
وتحتاج فرنسا إلى التفكير بشكل استراتيجي وعدم إعطاء فرصة لرجل بوتين المستقبلي في المنطقة لتحقيق النجاح. وهنا يشير سليمان إلى أن زعيم قوات الدعم السريع زار روسيا ودافع عن غزوها لأوكرانيا.
اقرأ أيضاً
حصيلة ضحايا النزاع في السودان تتجاوز 9 آلاف قتيل
ثالثاً: يُظهر حجم الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والدمار الذي أحدثته، أن قيادة الميليشيا لا تملك سيطرة كاملة على قواتها. وإذا خرجت قوات الدعم السريع منتصرة، فسيصبح السودان دولة هشة.
ومن شأن هذا الوضع الفوضوي أن يؤثر على إمدادات الصمغ العربي، حيث تستورد فرنسا نصف إنتاج السودان منه.
رابعا: يمكن للسودان أن يصبح ملاذا للعديد من الجماعات الإرهابية التي تقاتلها فرنسا في منطقة الساحل، وسيؤدي هذا الوضع إلى تفاقم مشكلة الهجرة على الحدود الأوروبية، إذ سيستخدم حميدتي، الذي سبق أن هدد بتدفق المهاجرين على أوروبا، ذلك كورقة ضغط.
ولذا يرى سليمان أن تفكيك قوات الدعم السريع سيمنع الميليشيا من ارتكاب مجزرتها القادمة في دارفور ويعيد السودان إلى مسار التحول الديمقراطي نحو دولة ذات جيش وطني واحد موحد، مشيرا إلى أن هذا المسار "مطلب عادل لم يرفضه زعيم الدعم السريع فحسب، بل هدد بجر البلاد بأكملها إلى طريق مجهول إذا اضطر إلى ذلك".
وأضاف أن تفكيك الدعم السريع ستكون بمثابة فوز دبلوماسي آخر لفرنسا، التي عقدت المؤتمر الدولي لدعم السودان وساعدته بقرض تجسيري بقيمة 1.5 مليار دولار.
ويرى سليمان أن لفرنسا يمكنها أن تشارك عمليًا في مواجهة الدعم السريع بعدة طرق، مثل الدعوة علنًا إلى أجندات تفكيكها، مضيفا: "يتعين عليها الآن أن تنتقل من الدعوة إلى احترام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على دارفور إلى الضغط على حلفائها، مثل تشاد والإمارات العربية المتحدة، لحملهم على الامتناع عن دعم الميليشيا أو تسهيل نقل الأسلحة والصواريخ إليها".
كما يتعين على فرنسا، بحسب سليمان، تحفيز الدول والمنظمات الأوروبية على التوقف عن التعاون مع الدعم السريع في قضية الهجرة والاستعانة بشركاتها لتقديم الخدمات الأمنية.
اقرأ أيضاً
في مواجهة دعم الإمارات لحميدتي.. مصر تسلم الجيش السوداني طائرات بدون طيار
المصدر | بوليتيكس توداي/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين فرنسا السودان عبدالفتاح البرهان الجنجويد الدعم السريع قوات الدعم السریع سلیمان أن
إقرأ أيضاً:
تدمير المساعدات الغذائية.. السودان يفضح جرائم الدعم السريع
أصدرت وزارة الخارجية السودانية، اليوم الجمعة بيانً فضحت فيه الانتهاكات التي ارتكبتها الدعم السريع ضد المدنيين خلال الساعات الماضية.
جرائم الدعم السريعوسلطت الخارجية السودانية الضوء على جرائم وانتهاكات مليشيا الدعم السريع المتمردة، ضد القانون الدولي الإنساني، خلال الساعات الماضية، مشيرة إلى قصفت مستودعات برنامج الغذاء العالمي بمدينة الفاشر أمس، فضلا عن استهداف مستشفى الضمان بمدينة الأبيض اليوم.
وقالت البيان إن مليشيا الجنجويد الإرهابية ارتكبت خلال الساعات الماضية سلسلة جرائم انسانية شنيعة طالت أهداف مدنية خالصة وراح ضحيتها مواطنون أبرياء.
وأوضح البيان أنه في مدينة الفاشر قصفت المليشيا الإرهابية أمس مستودعات برنامج الغذاء العالمي، وأحرقتها تماما بما فيها من مواد غذائية.
وأشار البيان إلى أن الميليشيا الإرهابية استهدفت اليوم مستشفى الضمان بمدينة الأبيض حيث قتلت 16 من المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج، إضافة لإصابة من عدد آخر من بين رواد المستشفى وطاقمها الطبي.
ونوهت الخارجية السودانية إلى أن المليشيا الإجرامية هاجمت أمس الأول الأربعاء سوقا شعبيا بمدينة الخوي بواسطة المسيرات وقتلت ثمانية مدنيين، إلي جانب استهداف حي سكني في مدينة الدبيبات، جنوب كردفان وقتل إثنين من المواطنين.
وأكد البيان أن هذه الجرائم الكبري المتتالية في أقل من 72 ساعة تمثل تجسيدا لنمط الاستهداف المتعمد والممنهج من المليشيا الإرهابية للمدنيين والمؤسسات الإنسانية والمدنية والمرافق الحيوية، بهدف إيقاع أكبر قدر من الخسائر في الأرواح ومنع تقديم الخدمات الضرورية من طعام ومياه وعلاج وكهرباء.
ولفت البيان إلى أن الميليشيا استهدفت جميع المستشفيات العاملة في الفاشر وأخرجت معظمها من الخدمة، وقضت على معسكر زمزم للنازحين بمن فيه بعد أن ظل عرضة للقصف المتواصل بالمدفعية الثقيلة بعيدة المدى طوال عام كامل، لتشن بعدها هجوما بريا علي المخيم واسعا قتلت فيه مئات من النازحين، وأخذت من بقي منهم رهائن.
ونوهت إلى أن تقارير ذكرت أن المليشيا الإرهابية رحلت أكثر من 300 من النساء النازحات بمخيم زمزم رهينات إلي نيالا بينما تواصل حصارها علي المدينة وتمنع وصول الأغذية لها وتحرق مستودعات الأغذية بها، بغرض فرض الموت البطيء على سكانها، كما ظلت تفعل في معسكرات الاعتقال والتعذيب للمدنيين التي كشف عنها بعد تحرير العاصمة.
كذلك ظلت المرافق الحيوية في مدينة الأبيض عرضة لهجوم المليشيا بواسطة المسيرات، إذ شمل ذلك المستشفيات والمدارس والأحياء والأسواق وحتى سجن المدينة الذي قتلت أكثر من 40 من نزلائه في وقت سابق من هذا الشهر.
كما أدت عشرات الهجمات من المليشيا على محطات الكهرباء والمياه في مختلف أنحاء البلاد إلى انتشار الأوبئة بسبب إنعدام مياه الشرب الصالحة في بعض المناطق.
تقع مسؤولية هذه الجرائم علي الراعية الإقليمية للمليشيا الإرهابية، مصدر المسيرات الاستراتيجية التي ترتكب بواسطتها تلك الجرائم وتمويل المرتزقة، الذين يشكلون قوام المليشيا بمن فيهم من يديرون المسيرات . إلا أن القوى الغربية الحليفة لراعية المليشيا تتحمل كذلك نصيبا كبيرا من المسؤولية لما توفره لها من حماية في المنابر الدولية وتساهلها مع جرائم المليشيا.