تصريح صحفي من تجمع الدبلوماسيين المناهضين للحرب
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
يتابع تجمع الدبلوماسيين المناهضين للحرب بإهتمام بالغ الإجتماعات التحضيرية للجبهة المدنية العريضة لإيقاف الحرب و إستعادة المسار الديمقراطي التي تنتظم حاليا باديس ابابا والتي يشارك فيها التجمع بشكل فاعل من خلال ممثله في مداولاتها.
في هذا الإطار، يود التجمع أن يشير إلى الآتي:
*أولا:* التأكيد على دعمنا لكافة الجهود التي تبذل من أجل تحقيق ذات الأهداف التي تنشدها هذه الإجتماعات والوصول لخارطة طريق موحدة لإنهاء الحرب وإعادة المسار المدني الديمقراطي
*ثانيا:* الترحيب بإستعادة مسار منبر جدة، وإنضمام الاتحاد الافريقي والايقاد له من أجل انهاء الحرب، ومعالجة الوضع الانساني كأولوية، كما نأمل أن ينخرط المتفاوضون بروح وطنية وعزم على إنهاء الحرب وعدم إطالة أمدها،
*ثالثا:* التشديد علي ضرورة استئناف العملية السياسية، وتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية لقيادة المرحلة الانتقالية،
*رابعا:* يؤكد تجمع الدبلوماسيين المناهضين للحرب، وضع كل ما تمتلكه عضويته من خبرات وكفاءات وثيقة الصلة ببلوغ أهداف الجبهة تحت تصرف الجبهة المدنية ومن ذلك، مسائل الشئون الإنسانية، مسائل التفاوض والتوفيق بين الأطراف المختلفة وجميع الجهود الوطنية المخلصة لدعم هذا التوجه الوطني، كما يمكن للجبهة أن تستفيد من الكم المتراكم من الخبرات والعلاقات التي تملكها عضوية التجمع بالدول والمنظمات وما يمكن أن يصب في مصلحة عمل الجبهة المدنية وصالح الوطن ووقف هذه الحرب،
*أخيرا:* نؤمن على مفصلية هذه الإجتماعات والمسؤولية الوطنية التاريخية أمام القوى السياسية المدنية في الوصول لجبهة سياسية صلبة هدفها وقف الحرب في السودان.
٢٤ أكتوبر ٢٠٢٣
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
مثّلت الحرب الشاملة التي شُنّت على اليمن في مارس 2015، التدشين العملي والأخطر لمؤامرة دولية مركبة، حيكت خيوطها بعناية فائقة في الغرف المظلمة بين واشنطن وتل أبيب؛ فالموقع الجيوسياسي لليمن، الحاكم على رئة العالم في باب المندب، جعل منه هدفاً دائماً لأطماع قوى الاستكبار التي ترى في استقلال هذا البلد تهديداً وجودياً لمشاريعها في المنطقة، ولعل المتأمل في مسار الأحداث يدرك بيقين أن ما يجري هو عقاب جماعي لشعب قرر الخروج من عباءة الوصاية.
إن القراءة المتأنية للرؤية الأمريكية والإسرائيلية تجاه اليمن تكشف تحولاً جذرياً في التعامل مع هذا الملف، فمنذ نجاح الثورة الشعبية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، أدرك العقل الاستراتيجي في البيت الأبيض والكيان الصهيوني أن اليمن قد غادر مربع التبعية التي كرسها “سفراء الدول العشر” لسنوات طويلة، وأن القرار اليمني لم يعد يصاغ في السفارات الأجنبية. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة زلزال سياسي دفع بنيامين نتنياهو مبكراً للتحذير من أن سيطرة القوى الثورية الوطنية على باب المندب تشكل خطراً يفوق الخطر النووي، وهو ما يفسر الجنون الهستيري الذي طبع العدوان لاحقاً. وقد تجلت هذه الرؤية بوضوح صارخ في المرحلة الحالية، وتحديداً مع انخراط اليمن في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، حيث سقطت الأقنعة تماماً، وانتقلت أمريكا من إدارة الحرب عبر وكلائها الإقليميين إلى المواجهة المباشرة بالأساطيل وحاملات الطائرات، بعد أن أدركت أن أدواتها في المنطقة عجزت عن كبح جماح المارد اليمني الذي بات يهدد شريان الحياة للاقتصاد الصهيوني.
وعند النظر إلى الخارطة العملياتية للمؤامرة، نجد أن العدو اعتمد استراتيجية خبيثة تقوم على تقسيم الجغرافيا اليمنية وظيفياً، والتعامل مع كل جزء بأسلوب مختلف يحقق غاية واحدة هي “التدمير والإنهاك”. ففي المناطق والمحافظات الحرة التي رفضت الخضوع، لجأ التحالف الأمريكي إلى استراتيجية “الخنق والتجويع” كبديل عن الحسم العسكري المستحيل؛ فكان قرار نقل وظائف البنك المركزي في سبتمبر 2016 الضربة الاقتصادية الأخطر التي هدفت لضرب العملة الوطنية وتجفيف السيولة، مترافقة مع حصار مطبق على الموانئ والمطارات، في محاولة بائسة لكسر الإرادة الشعبية عبر لقمة العيش، ومؤخراً محاولة عزل البنوك اليمنية عن النظام المالي العالمي، وهي ورقة ضغط أخيرة تم إحراقها بفضل معادلات الردع الصارمة التي فرضتها صنعاء.
أما في الجانب الآخر من المشهد، وتحديداً في المحافظات الجنوبية والمناطق المحتلة، فتتجلى المؤامرة في أبشع صورها عبر استراتيجية “الفوضى والنهب”، حيث يعمل المحتل على هندسة واقع سياسي وعسكري ممزق يمنع قيام أي دولة قوية؛ فمن عسكرة الجزر الاستراتيجية وتحويل “سقطرى” إلى قاعدة استخباراتية متقدمة للموساد وأبو ظبي، وبناء المدارج العسكرية في جزيرة “ميون” للتحكم بمضيق باب المندب، إلى النهب الممنهج لثروات الشعب من النفط والغاز في شبوة وحضرموت، بينما يكتوي المواطن هناك بنار الغلاء وانعدام الخدمات. إنهم يريدون جنوباً مفككاً تتنازعه الميليشيات المتناحرة، ليبقى مسرحاً مفتوحاً للمطامع الاستعمارية دون أي سيادة وطنية.
وأمام هذا الطوفان من التآمر، لم يقف اليمن مكتوف الأيدي، بل اجترح معجزة الصمود وبناء القوة، مستنداً إلى استراتيجية “الحماية والمواجهة” التي رسمتها القيادة الثورية بحكمة واقتدار. لقد تحول اليمن في زمن قياسي من وضع الدفاع وتلقي الضربات إلى موقع الهجوم وصناعة المعادلات، عبر بناء ترسانة عسكرية رادعة من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والطائرات المسيرة التي وصلت إلى عمق عواصم العدوان، بل وتجاوزتها لتدك “أم الرشراش” وتفرض حصاراً بحرياً تاريخياً على الكيان الصهيوني، مسقطة بذلك هيبة الردع الأمريكية في البحر الأحمر. هذا المسار العسكري وازاه مسار اقتصادي يرفع شعار الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو الزراعة لكسر سلاح التجويع، ومسار تحصين الجبهة الداخلية عبر ترسيخ الهوية الإيمانية التي كانت السد المنيع أمام الحرب الناعمة.
خلاصة المشهد، أن اليمن اليوم، وبعد سنوات من العدوان والحصار، لم يعد ذلك “الحديقة الخلفية” لأحد، بل أصبح رقماً صعباً ولاعباً إقليمياً ودولياً يغير موازين القوى، وأن المؤامرة التي أرادت دفن هذا البلد تحت ركام الحرب، هي نفسها التي أحيت فيه روح المجد، ليصبح اليمن اليوم في طليعة محور الجهاد والمقاومة، شاهداً على أن إرادة الشعوب الحرة أقوى من ترسانات الإمبراطوريات.